طالبت فعاليات حقوقية بالمغرب بإجراء أول تعديل لمدونة الأسرة في مادتها 16 من خلال تمديد العمل بها، وهي التي تنص على أن وثيقة عقد الزواج تعتبر الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج، وأن توثيق عقود الزواج يجب أن يتم في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات.
وسينتهي أجل خمس سنوات في 5 فبراير/ شباط المقبل، الأمر الذي يطرح، بحسب تلك الفعاليات، مشاكل جمة بالنسبة للحالات الكثيرة التي لم يتم العمل على توثيقها في الكثير من القرى يتم الزواج فيها بقراءة "الفاتحة" فقط أي الزواج العرفي.
وقال محامي وناشط حقوقي إن المادة 16 يتم الالتفاف عليها وتوظيفها أحيانا بشكل سيء بالنسبة لحالات العلاقات غير الشرعية التي يتم توثيقها كزواج خاصة عندما يقع اغتصاب وينتج عنه حمل، في حين أكد عالم دين مغربي أن التوثيق ليس ضروريا، وأن زواج من لم يوثق زواجه يعتبر زواجا صحيحا.
التحايل في حالات "الزنا"
المادة 16 يتم الالتفاف عليها وتوظيفها أحيانا بشكل سيء بالنسبة لحالات العلاقات غير الشرعية التي يتم توثيقها كزواج خاصة عندما يقع اغتصاب وينتج عنه حمل
وباقتراب موعد الخامس من فبراير القادم، تنتهي مدة الخمس سنوات التي حددتها مدونة الأسرة الجديدة للأزواج المغاربة الذين لم يوثقوا عقود الزواج، وهو ما يعني ـ في حالة عدم إجراء أي تعديل لتمديد الأجل ـ أن الأزواج الذين لم يوثقوا عقودهم قبل هذا الأجل يصيرون خارج إطار القانون ويُحرمون تبعا لذلك من الحقوق القانونية الناتجة عن عقد الزواج مثل الإرث ونسب الأبناء.
وقال المحامي والناشط الحقوقي، عبد المالك زعزاع، في حديث لـ"العربية.نت"
إنه ـ وثلة من الحقوقيين ـ لفتوا الانتباه منذ البداية إلى كون فترة 5 سنوات التي حددتها المدونة غير كافية لتوثيق عقود الزواج بالنسبة لمن لم يوثقوها بعد.
وعزا زعزاع وجود حالات عديدة لأزواج لم يوثقوا زواجهم إلى نقص واضح في عملية التذكير الإعلامي بأهمية توثيق عقود الزواج، وإلى عاملي الأمية والجهل المتفشيين بكثرة في البوادي والقرى.
وكشف نائب رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان أنه يتم أحيانا استغلال المادة 16 من مدونة الأسرة وتوظيفها بشكل سيء، حيث إن العلاقات غير الشرعية التي ينتج عنها حمل أو حالات الاغتصاب مثلا يتم توثيقها زواجا قانونيا باللجوء إلى المادة 16 وذلك بفرض "سياسة الأمر الواقع".
وزاد المتحدث أنه أيضا يتم التحايل بهذه المادة من مدونة الأسرة على مسألة تعدد الزوجات الواردة في المدونة التي تشددت في الإذن بتعدد الزوجات، سيما عندما يربط الزوج علاقة غير شرعية بامرأة ثانية فينتج حمل مثلا، حينها ـ يردف زعزاع ـ يتم توثيق علاقتهما بأنها زواج اعتمادا على المادة 16.
الزواج بالفاتحة
وقالت بشرى عبده، عضو المكتب الوطني للرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، إنهم في الجمعية قاموا بحملة للتذكير بأهمية ثبوت الزوجية قبل تاريخ 5 فبراير، مبدية أسفها بسبب وجود الكثير من المواطنين المغاربة "ليس لهم علم بهذه المشكلة".
وأكدت بشرى لـ"العربية.نت" أن هناك قرى كثيرة لا تعقد زواج سكانها، ويكون الزواج بقراءة "الفاتحة" فقط، مضيفة أن هناك حالات عدة يكون فيها الأب والأم لا يملكان عقد زواج فينجبوا أطفالا يكبرون ويتزوجون بدورهم، ولأنهم لا يتوفرون على سجل الحالة المدنية فإنهم لا يثبتون عقود زواجهم أيضا".
وأشارت المتحدثة إلى أن جمعيات نسائية حاولت قدر الإمكان تذكير سكان القرى بالخصوص لتحفيزهم على توثيق عقود زواجهم وتقديم طلباتهم إلى المحكمة من أجل استصدار أحكام ثبوت الزوجية، وبالتالي تسوية أوضاع الأطفال وحماية حقوقهم وضمانها من نفقة وحضانة وإرث.
زواج صحيح
التوثيق ليس ضروريا، لكن الإشهاد أي وجوب وجود الشاهدين في عقد النكاح هو الضروري في أي زواج
الشيخ الدكتور محمد التاويل
غير أن الشيخ الدكتور محمد التاويل، عضو اللجنة الاستشارية الملكية لمراجعة مدونة الأسرة، قال إن التوثيق ليس ضروريا، لكن الإشهاد أي وجوب وجود الشاهدين في عقد النكاح هو الضروري في أي زواج.
وأوضح عالم المذهب المالكي في حديثه لـ"العربية.نت" بأن كتابة وتوثيق الزواج إنما هو من أجل عدم تعرض الزوجة لأي مس أو انتهاك في حقوقها أو ضياع لها.
وأبرز التاويل أنه تحفظ برفقة علماء آخرين على المادة 16 من المدونة عند مناقشة صياغة فصولها لمعرفته بمآلاتها وحدود تطبيقها، مضيفا بالقول: "تحفظنا على تلك المادة المتعلقة بثبوت الزوجية، لكن أطرافا أخرى أصرت على إدراجها والعمل بها، فليتحملوا مسؤولياتهم".
يذكر أن المادة 16 من مدونة الأسرة تنص على ما يلي: "تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج. وإذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات و كذا الخبرة.
وتأخذ المحكمة بعين الاعتبار وهي تنظر في دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية، وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين. ويعمل بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات.."
نقلا عن العربية نت