وزارة التعليم العالي ومرسوم إحداث الكليات متعددة التخصصات بين الواقع والمستقبل

[التربوية]

وزارة التعليم العالي ومرسوم إحداث الكليات متعددة التخصصات بين الواقع والمستقبل

تازا سيتي
تازا سيتي : 21 - 06 - 2012

محمد البركة *
ماذا أعدت الوزارة من جواب لسؤال الكليات متعددة التخصصات؟، سؤال كان قائما في السابق ولم تجب عنه الوزارة الوصية السابقة، وهو قائم اليوم يستدعي جوابا، وسيظل قائما بقيام نموذج من المؤسسات الجامعية، نموذج أعطيت انطلاقته بموجب مرسوم رقم 2-04-89 الصادر بتاريخ 18 ربيع الثاني 1425ه الموافق ل7 يونيو 2004م، إنه المرسوم الذي أحدث كليات هي عبارة عن جامعات بشروط أقل من قليلة، شروط ليست ذات معيار جهوي، ولكن ذات معيار محلي، حسب ما أملته المقاربة الأمنية لا التعليمية البيداغوجية أو العلمية، والنتيجة نموذج ثلاثي الأبعاد التكوينية، أي كليات ثلاث في كلية واحدة، بطاقة استيعابية تجاوزت في بعضها الممكن والمتاح إلى ثلاثة أضعاف، فتحولت إلى جامعات، بطاقم تربوي محدود للغاية، وطاقم إداري قليل، وموارد مالية ضئيلة، وأفق علمي مسدود، لكن بطاقات شابة منتجة وواعدة...

وإذا كانت الكليات متعددة التخصصات قد أريد لها قانونيا أن تظل فقط مؤسسات للتكوين دون البحث، نظرا لأن مرسوم الإحداث حرمها من إمكانية منح شواهد أخرى غير شهادة الإجازة، فهذا يعني أن سقف الولادة التي أحدثت به هذه المؤسسات، أراد أن يجعلها دون الكليات الأخرى، وبالتالي فرض حصار علمي عليها وعلى أطرها التربوية والعلمية استنادا للقانون.

لقد أحدث مرسوم 7 يونيو 2004م فجوة بين كليات المغرب، بين الكليات العتيدة التخصصات، والكليات متعددة التخصصات، وأصبحنا أمام نوعين من المؤسسات، لا تصدر عنهن نفس الشواهد الجامعية، وليس لهن نفس الآفاق العلمية، وكأننا أمام كليات جنينية بطاقات واعدة، وكليات عتيدة بآفاق علمية واعدة، مما بات يهدد الرؤية الموحدة للمؤسسات الجامعية، ويحدث تمايزا بينها عند الطالب والأستاذ والباحث والسياسي والمتتبع والمهتم...، ليس في القيمة التنافسية العلمية، بل في القوانين المنظمة والمراسيم المحدثة الصادرة عن الوزارة الوصية.
إن تجاوز حالة البكاء والرثاء على جامعتنا المغربية، لن يتم إلا عبر الاهتمام ب:
الإطار البشري والكفاءات الجامعية بتوفير كل الشروط المادية والمعنوية للأستاذ الباحث،
الإطار التشريعي بإصدار وتسريع إصدار القوانين المنظمة للمؤسسات والهياكل وتحفيز الكفاءات...،
الإطار المؤسساتي بتوحيد معايير التعامل مع المؤسسات الجامعية على المستوى الوطني،
الإطار البيداغوجي والعلمي بوضع رؤية جامعة موحدة معممة وموجهة،

على أن غياب الجامعة عن الاستجابة للطموح العلمي أو التنموي الذي يحتاجه الوطن، يرجع في جزء كبير منه إلى عدم النظر بين المؤسسات الجامعية على قدم المساواة، برؤية جامعة موحدة معممة موجهة، وما التفاوت الحاصل بين الكليات متعددة التخصصات وغيرها من كليات المغرب، وبين الأطر التربوية ما قبل 97 وما بعدها، إلا صورة من هذا الخلل الضارب في الرؤية.
إن السبيل إلى تشجيع الطاقات والابتكارات بالمؤسسات الجامعية التي منها الكليات متعددة التخصصات، لا يمكن أن يتحقق إلا بتوفير المداخل الأربع السالفة الذكر، مداخل يمكن اعتبارها مسلكا للإشعاع الفعلي للكفاءات الوطنية في مجال البحث العلمي والتقني والتنموي، ومن ثم استثمار النتائج المحصل عليها من البحث العلمي لتكون قاطرة لخدمة المحيط السوسيواقتصادي، كي يعانق ركب التنمية الوطنية المنشودة. فالجامعة إذا أريد لها حقا أن تكون قاطرة للتنمية، وجب توفير كل الشروط اللازمة للبحث العلمي، سواء على المستوى القانوني أو الموارد البشرية والمادية أو المؤسساتية، فكيف بكليات متعددة التخصصات لا تتوفر على الحد الأدنى لهذه الشروط.

إن الغرض الرئيس من هذا المقال سيظل هو فتح باب التواصل والتعريف بالحالة التي تعيشها الكليات متعددة التخصصات، والسعي نحو تقديم مقترحات للخروج بها من حالة الركود والوضع الاستثنائي الذي تعيشه لمدة تزيد عن الثماني سنوات، وذلك بالإجابة عن سؤال مرسوم إحداث الكليات متعددة التخصصات عبر رصد الواقع الذي تعيشه، وتحديد الآفاق الممكنة لها في ظل ظرف وطني وجهوي ومحلي واضحة معالمه.
فهل سيكون مدخل الوزارة الوصية للإجابة عن سؤال الكليات متعددة التخصصات هو إصدار مرسوم جديد معدل لمرسوم 7 يونيو 2004م؟ أم ستبقى دار لقمان على ما هي عليه؟..


* أستاذ جامعي بالكلية متعددة التخصصات تازة