عجبت لمن...
عجبت لمن يعرف أن هناك إلاها واحدا ولا يعبده ؟ يرفل في نعمائه ..يأكل ويشرب وينام بصحة وعافية ثم لا يتفكر في هذا الطعام والشراب ولا في صحته التي وهبه الله إياها ..ما أخس العبد الذي يحسن إليه سيده ..يجعله يعيش في أحسن الأحوال بحيث لا ينقصه شيء، ثم إذا به لا يحترمه .. يعرف أياديه البيضاء عليه ثم لا يقدره ..وقديما قال الشاعر ما معناه :
إن الكريم إذا أكرمته ملكته ..واللئيم إذا أكرمته تمردا
وعجبت لمن عرف الله فقام يعبده ، لكن عبادة الكسول المتخاذل .. يبدأ
نهاره بطلب دنياه ..حتى إذا فرغ التفت إلى السجادة ليصلي صلاة الفجر في عز النهار ..أو كان يستلذ الجلسات مع الأهل والأحباب ..أو جلسات العمل حيث الصفقات والأموال
..أو جلسات الهوى فيسكر نفسه بما لذ وطاب .. حتى إذا أقبل الليل تذكر الله أخيرا وتذكر الصلوات الفائتة ، فإذا به يقوم يصلي على عجلة من أمره ، وربما لم يتوضأ إراحة لجسده المنهك طوال النهار .. واكتفى بلمسة حجرة صماء بضربة أو ضربتين ..
وعجبت لمن يعبد الله موفيا بالشروط ..بوضوء وحضور في المساجد ، لكن له جلبة كجلبة " حيوان " : يصرخ في كل مكان .. يتنازع لأتفه الأسباب .. يغضب لأقل الأشياء .. يخوض في القيل والقال .. يغدر أخاه الإنسان ما وسعه الغدر .. ويظلم الضعيف المستضعف ما أمكنه الظلم .. حتى إذا حانت صلاة الجمعة ، لبس جلبابه الأبيض الناصع وهدأ واستكان كملائكة الرحمان ..صلوات وتسبيح وقراءة للقرآن .. وما هو إلا عبد مأمور من عبدة الشيطان ، وثعلب خبيث في صورة إنسان ..
وعجبت لمن يعبد الله بقلبه ويخشع في صلاته.. ويتقيه قدر المستطاع .. ثم لا يكثر من الخيرات ، ولا يسلك سبل الحسنات ..فتجده لا يقرأ القرآن إلا نادرا مع أن كل حرف بعشر حسنات ..ولا يكثر الخطو إلى المساجد ، مع أن كل خطوة ترفعه درجة وتحط عنه سيئة وتهديه حسنة .. يسارع إلى صلاة الفرد ويغفل عن صلاة الجماعة التي ثمنها سبع وعشرون درجة .. ولا يكثر من الصدقات وهو يعلم أن الصدقة تطفئ غضب الرب .. وتكون سببا للشفاء .. فضلا عن أجرها الذي يبلغ الأضعاف المضاعفة ..
عجبت لمن يوثر دنيا فانية على آخرة باقية دائمة
عجبت لمن يوثر حياة ناقصة على حياة كاملة خالدة
وعجبت أكثر لمن يسمع القول فلا يتبع أحسنه
أخطأت أخي ؟ لا بأس فقط استغفر !
ارتكبت ذنبا ؟ لا تيأس.. فنحن مجرد بشر لا ملائكة ، فقط أتبعْ الحسنة السيئة تمحها ..
التجاني