:: مراقب عام ::
تاريخ التسجيل: 26 - 1 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 73,256
|
نشاط [ nasser ]
معدل تقييم المستوى:
7549
|
|
ظاهرة التخلي عن الأطفال الرضع بين دعاة التحرر وغياب الوازع الديني
04-05-2015, 17:24
المشاركة 4
ظاهرة التخلي عن الأطفال الرضع بين دعاة التحرر وغياب الوازع الديني ===== محمد منفلوطي_هبة بريس : الاثنين 4 ماي 2015
لا يكاد يمر يوم من الأيام دون أن يسمع المرء او يستيقظ على خبر العثور على رضع حديثي الولادة يئنون تحت وطأة البرد القارس والجوع الهالك، تجدهم بالقرب من حاوية أزبال، أو بالقرب من غابة كثيفة الأشجار، ملفوفين في قماش أبيض أو أكياس بلاستيكية، وبجابنهم مستلزمات الولادة وأدوات الرضاعة، منهم من يلقي حتفه جوعا أو خنقا أو افتراسا من طرف الكلاب التائهة…ومنهم من تكتب لهم الحياة من جديد، ليتحولوا إلى أطفال متخلى عنهم تحت رعاية جمعية أو خيرية أو ملجأ، كما يمكن أن يتحولوا إلى أطفال مشردين مأواهم الشوارع والسجون.....
ما الذي يجري، وأين غاب حنان الأم وعطفها والسماح لنفسها بترك فلذه كبدها عرضة ل"نهش الكلاب الضالة"، غير آبهة لمصيره المحتوم؟
أين غاب الحس الإنساني، وأين نحن من تعاليم ديننا الحنيف الذي يدعو المرأة إلى التعفف والإحترام وصيانة كرامتها من غدر الغادرين واطماع الطامعين؟
فمن خلال تفحصنا لهذه الظاهرة التي باتت تشكل خطرا يحدق بقيمنا وهويتنا، نجد أن الأطفال المتخلى عنهم ليسوا أطفالا يتامى، بقدر ما هم أطفال ضحايا العلاقات الغير الشرعية، التي غدتها مواقف دعاة التحرر " ممن يدعون الدفاع عن حقوق المرأة وصيانة حقوقها اسوة بشقيقها الرجل"،
في نظر الكثيرين، فإن الطفل المتخلى عنه، هو كائن بشري يُعاقبُ بجريمة أب طبيعي يرفض الاعتراف به، وأم غير مؤهلة اجتماعيا ونفسيا للتكفل به لوحدها.
كما يراها البعض الآخر نتيجة طبيعية للمجهوذات الحثيثة التي تقوم به بعض الفعاليات الجمعوية والحقوقية لترويج أفكارها تحت مسميات عدة أبرزها "الأمهات العازبات"، يعني أمهات بدون زوج، وهن اللواتي يشكلن نماذج من النساء المهمشات، المقهورات، المغتصبات، الفقيرات، المجنونات، القاصرات، خادمات البيوت، عاملات، تلميذات وأحيانا طالبات، هن ضحايا الطلاق والنسيان، أو وعد كاذب بالزواج، هن طفلات ونساء حملن بدون رغبتهن أو إرادتهن وأثناء فترة حملهن وضعن مولودا دون أن تكون لديهن أية رغبة في حمله أو الإتيان به لهذا الوجود، ولا أي استعداد للتكفل به، هن نساء وجدن أنفسهن قهرا حاملات.. قهرا "أمهات".
وبالتالي يكون التخلي عن الرضيع هو الخيار الأنسب لديها، عبر التفكير في طرق للتخلص منه عبر تسليمه لإحدى الجمعيات التي تهتم بهذه الفئة من الأطفال، وفي حالات أخرى تمنحه لأسرة ترغب في التبني ولا تريد مرور من محنة الإجراءات الإدارية والقانونية المعقدة للكفالة، وإذا تعذر الأمر تعمل على البحث عن حلول أخرى للتخلي وعدم كشف هويتها كوضعه في كيس بلاستيكي وتركه على قارعة الطريق، قرب مسجد، إلقائه في أمكنة مهجورة أو حتى في القمامات..
النموذج هنا سقناه لقرائنا الأوفياء من مدينة سطات، حيث لاحت هذه الآفة الأخيرة في الأفق في الآونة الأخيرة، عنوانها الأبزر التخلي عن الرضع حديثي الولادة.
ففي هذا اليوم "الإثنين 04 ماي 2015، عاشت ساكنة حي الكمال بمحاداة مسجد بدر بمدينة سطات، مشهدا مقززا لرضيع حديثي الولادة ذكر ظل يبكي وسط حشود من المواطنين الذين تابعوا هذا المشهد المؤلم، حيث تم ربط الاتصال بالعناصر الامنية وطبيب مكتب الصحة بالبلدية الدكتور ابو الهدى الذي عاين الرضيع واشرف على نقله الى مصلحة رعاية الاطفال المتخلى عنهم بمستشفى سطات. فيما تم فتح تحقيق في الموضوع واخذ عينات من الحمض النووي فيما تم حجز علبة من الحليب الاصطناعي ورضاعة بلاستيكية، ومن قبله تم العثور على طفل آخر بالغابة المجاورة للثانوية التأهيلية ابن عباد، وقبلهما تم العثور على رضيعين آخرين بمطرح النفايات بالقرب من المدخل الغربي للمدينة....وقس على ذلك بباقي مدننا.....
ظاهرة لا محالة ستخلف استياءا وتذمرا بين مختلف مكونات المجتمع، للمطالبة بتشخيصها والعمل على الحد منها، علما أنها تؤثر بشكل كبير على شخصية الطفل المتخلى عنه، الذي سيقضي بقية حياته محكوما عليه بحمله جرحا عميقا من الصعب جدا التخلص منه، سقوط هويته الحقيقية في الضياع والنسيان والبحث طيلة الحياة عن جواب لسؤاله" من أنا ومن أكون؟
فإلى متى سيتم التغاضي والسكوت عن هذه الظاهرة المخيفة التي باتت تدب يوما بعد يوم داخل مجتمعنا المحافظ؟
وهل يمكن اختزالها في البعد الأخلاقي والديني؟ أو يمكن تجاهلها و السكوت عنها وعن مختلف أشكال الانحرافات الاجتماعية والنفسية والسياسية التي تنتج عنها؟
أم على الجميع "سياسيون مفكرون جمعويون اعلاميون...." رفع الأصوات عالية ليطلقوا الصرخات المدوية ايذانا بالخطر القادم الذي يهدد هويتنا وقيمنا الاسلامية السمحة؟
وماهو دور الجمعيات المختصة التي من المفروض أن تلعب دورا تحسيسيا ووقائيا للحد من الظاهرة، من خلال الاستماع والدعم القانوني والاجتماعي، والدعم النفسي، وكذا مساعدات من قبيل التكامل الأسري، والمصالحة مع الأب الطبيعي والتأهيل المهني والبحث عن عمل، عوض نشر أفكارها ودعواتها المستمرة لتكريس مفهوم "الأمهات العازبات" لدى عموم المواطنين للاستئناس به وتقبله وبالتالي الانخراط ضمن مشروعها الذي يتنافى والقيم الإسلامية السمحة لديننا الإسلامي مصداقا لقوله تعالى "ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله".
الحمد لله رب العالمين
|