التقاعد الملف الشائك.
ما نتفق عليه جميعا هو أن صندوق التقاعد أوشك على الإفلاس ، ولابد من إيجاد حل عاجل قبل أن يصل حمار الشيخ إلى قمة العقبة فينفق قبل أن يتوقف.نتفق جميعا على أن عدد المتقاعدين يزداد سنة بعد أخرى ليصل في قطاع التعليم وحده سنة 2016 إلى أزيد من 14000 متقاعد ، يزداد بعد ذلك كل سنة ليتجاوز هذا العدد.
مهما انتقدنا خطوة الحكومة للإصلاح فلا يلغي ذلك المشكلة و لا يحلها؛ صحيح أن هذا الصندوق تم استنزافه و استغلاله أيما استغلال من أجل أغراض شخصية قد يصعب معها المتابعة القضائية إذا لم نتوفر على أدلة دامغة، إضافة إلى أن المتابعة القضائية لن تحل مشكلة جفاف الصندوق و قد لا ترجع إليه ما اغتصب منه.و ما زال الصندوق يُحلب من فئات لا تدعمه بشيء ، و أقصد هنا البرلمانين و الوزراء و من لا نعرف غيرهم.
تحتاج منا القضية إلى أيام دراسية و ندوات جماعية و ربما ملتقيات وظيفية لدراسة حيثياتها و إيجاد حلول ناجعة لها.
و نظرا لارتباط ملف التقاعد بالرواتب ارتباطا مباشرا ، يجب إعادة النظر كذلك في سقف الأجور في جميع القطاعات العمومية و الشبه عمومية و الخاصة، فلا يعقل أن يتلقى رئيس مؤسسة 300.000 درهم شهريا بغض النظر عن مهمته أو اكتفائه بالجلوس في مكتبه و توقيع بعض الأوراق ، و لا يعقل أن يتلقى وزير أزيد من 50.000 درهم شهريا ، و سيارة مدفوعة الوقود، و سكنا لا يصرف عليه إلا الفتات؛ يا ترى ماذا يفعلون بكل تلك الأموال التي ستُؤخرهم عن الجمع يوم الحساب؟
ألا يستطيع نواب الأمة أن يتفقوا ولو لشهر واحد التبرع براتبهم البرلماني لهذا الصندوق الذي يمول تقاعدهم ؟ السؤال الذي ربما يجب أن يطرح في الحقيقة لماذا هذا التقاعد أصلا للبرلمانيين و الوزراء بعد أن تنتهي ولايتهم و مدة انتدابهم؟
و في إطار التفكير في أن نكون جزءا من الحل لا جزءا من المشكلة ،أقدم للنقاش و التعديل و المقارنة مجموعة من المقترحات ، و يمكن بعد تعميق النقاش فيها أن ترفع إلى رئيس الحكومة خصوصا إذا كانت مرضية للجميع.
1. تحديد سن التقاعد :
- أقترح أن يتم تحديد عدد سنوات العمل في 40 سنة ، مع شرط أن يكون أدنى سن للتقاعد هو 60 و أقصى سن للتقاعد النهائي 62 و التقاعد الاختياري 65 .
منطلق هذا المقترح هو أن يساهم جميع المقبلين على التقاعد بنفس عدد سنوات العمل ما أمكن.
2. التقاعد النسبي :
- أقترح أن يكون التقاعد النسبي بعد أن يعمل الموظف نصف عدد السنوات التي يمكن له أن يزاول فيها العمل إلى حدود سن التقاعد النهائي 62 سنة ، فإذا كان موظف سيعمل 40 سنة ،فيحق له التقاعد النسبي بعد سنة العشرين من عمله. بمعنى أنه يحق له طلب هذا التقاعد بعد سن الـ 42.
3. أم كيفية احتساب القيمة المالية للتقاعد فأعتقد أن الطريقة القديمة لا تختلف عن الطريقة الجديدة المقترحة إلا في النزر القليل ، ذلك أن السنوات العشر الأخير التي سيؤخذ معدل أجرها في الحسبان ، لن يكون هنالك فرق كبير بين أجرة السنة الأولى منها و السنة الأخيرة إلا فرق القيمة بين ثلاثة رتب أو أربعة في سلم واحد، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الموظف قضى أزيد من 30 سنة في العمل فسيكون مرتبا في الرتبة العاشرة ، و طريقة احتساب معدل السنوات العشر ربما ستكون أفضل في عائدها المادي على فئات من الموظفين خصوصا التوظيف المباشرة بالاجازة أو التربية غير النظامية أو خريجي المراكز الجهوية لمهن التربية التكوين الذين تتجاوز أعمارهم 40 سنة لحظة تعيينهم.
أعود لأقول بأن النقد وحده لا يكفي لإيجاد حل للمعضلة و إذا بقينا كذلك ربما سيأتي يوم نغادر فيه هذه الوظيفة و يقال لنا ليس لدى الدولة ميزانية لتدفع لك تقاعدك، و منا من قد يغادر الوظيفة بطيب خاطر إذا كانت نهاية الخروج بلا معاش أو تقاعد.