ماذا عن أزمة الحركة الانتقالية برسم 2017: قراءة في الموضوع
وجهة نظر:بقلم كمال الزبدي
كنت قد أخذت عهدا على نفسي أن لا أضيع وقتي الثمين في نقاش مواضيع من هذه الطينة، لأنه بحكم تجربتي الطويلة في مجال التدريس،لي اليقين المطلق أن المدرسة المغربية أو تحديدا المؤسسة التربوية المغربية لن تتقدم أبدا،و النقاشات التي نخوضها اليوم هي من تحصيل الحاصل، لأن جميع المشاريع التي قررها المجلس الأعلى للتربية و التكوين، ناهيك عن المخطط الارتكاسي المسمى الجهوية الموسعة، الذي سيحول المغرب لما يشبه جنوب إفريقا إبان حكم نظام بوطا العنصري، كل هذه النقط ما كنت لأثيرها لولا مأزق ما صاحب الحركة الانتقالية في مجمل تفاصيل تدبيرها، فالوزارة لها مخطط معين أنزلته وستنزله بالقوة ،و لو على حساب نفسية واستقرار الأغلبية العظمى من الأساتذة،لأن الوزارة لا يهمها المردودية، على اعتبار ان العالم القروي عندها غير مفكر فيه أو منسي تحديدا،وكل المشاريع التي تنفذها على أرض الواقع تتجه نحو المدن فقط،وعلى اعتبار أن المدن شهدت نسبة كبيرة من المتقاعدين،فقد فكرت الوزارة في التخلص من قدماء المحاربين بطرق مختلفة (تقاعد نسبي/ مغادرة إجبارية و ليست طوعية)لأن نفس الأشخاص عادوا للعمل من جديد أو تفرغوا لمشاريعهم، فأين نحن من المغادرة الطوعية ؟؟المهم ان الوزارة واعية بكل خطوة تخطوها، بل نفكر في كل إصلاح تنوي القيام به قبل تنفيذه، فهل تعتقد أن خلية الأزمة الموجودة في وزارة التربية الوطنية لم تدرس تداعيات ما ستعرفه الحركة الانتقالية من احتجاجات ؟؟من العبث أن تجيبني بالسلب.هم يعرفون جيدا كل التفاصيل،ودعك من الأساتذة العاملين في المجال القروي، فهم لا علاقة لهم بالواقع بحكم بعدهم عن مصادر القرار،و لأن لهم مشاغل أخرى غير حاضرة أثناء فترات الأزمات، ربما أن الوزارة بتنقيلهم للمدن قد قربتهم من الجامعات، لتسهل عليهم المأمورية الخاصة بتدبير الغياب السنوي بالشهور و المنظم بقوانين خاصة باستكمال الدراسة على حساب الزمن المدرسي للمتعلم المغربي،ما يهمنا هو أن الوزارة ماضية في كل مخططاتها التي ستقضي على المدرسة المغربية، أو ستحيلها على التقاعد المبكر، مع استحضار مسألة المردودية ، إذا أذعنت الوزارة لقراراتها الظالمة و استمرت في هذه السياسية الكارثية بكل المقاييس، فاشهد أن المدرسة المغربية ستنقرض قبل تاريخ2035 الذي أقرت به اليونيسيف في إحدى توصياتها.الوزارة قضت على ما كان يسمى سابقا بالمدرسة المغربية،وهي الان في طريق القضاء على ما تبقى مما تراكم من مؤشرات تدعو لاقتلاع جذور المدرسة المغربية،كل هذا يخطط له و يحدث من أجل توسيع الطاقة الاستيعابية للقطاع الخاص على حساب شعب بكامله عدد سكانه 40 مليون من خلال التخلص من جميع المدارس العمومية التي أفقلت أبوابها و بيعت أراضيها للخواص، فمرحبا بالجهوية الموسعة التي تخدم تراكم الرأسمال العالمي الجشع على حساب فقر غالية الشعب المغربي،ومرحبا بتأبيد الانتقال في الحركة الانتقالية الوطنية، لأنه بعد 2021، لن نسمع عما يسمى بالحركة الانتقالية الوطنية.سيتم التخلص نهائيا من الوظيفة العمومية و استبدالها بالتشغيل بالتعاقد المحدد بفترة زمنية قابلة للتجديد حسب متطلبات السوق الراسمالية مع التخلص من مراكز التكوين و إحاق أساتذتها بالجامعات،أما المتعلم المغربي فهو آخر من يفكر فيه،و الوزارة لا تضعه نصب تفكيرها مطلقا لأن المتعلم المغربي لا يحتاج فقط للتعلم إنما للتربية و التثقيف و التسلية و الترفيه، حتى المخيمات الصيفية لا يستفيد منها ،فالوزارة قضت نهائيا على قطاع التعليم، ومن المستحيل و أسطر على المستحيل أن يتقدم التعليم المغربي ليصبح مثل التعليم الفلندي، أقول و أعيد من المستحيل و أنا أتحمل مسؤوليتي فيما أقول، لأن الأرقام هي التي تبين الحقائق و ليس العكس، فالنقاش الدائر حاليا يمس الهوامش،و لا يتوغل في الجوهر،انتقال/ عدم تلبية انتقال، هذه أمور جانبية ، المهم هو ما ينتظر المؤسسة التعليمية المغربية من خطط ستدق أخر مسمار في نعشها، هذا هو المهم، فأي مدرسة نريد لسنة 2030؟؟؟مدرسة عائمة فوق سطح البحر تهددها العواصف في كل وقت و حين ... أم مدرسة ثابتة في مكانها و يا جبل ما يهزك ريح ؟؟؟لأن أزمة المدرسة المغربية لا تتلخص فقط في كارثة الحركة الانتقالية بل تتجاوزها لقضايا أخرى شائكة أهمها مشكل طبيعة المنهاج المغربي و علاقته بطبيعة المدخلات و المخرجات، و ظروف العمل الكارثية و افتقاد كل المؤسسات للمختبرات العلمية المناسبة، وفشل مشروع المدارس الجماعاتية و فشل مشاريع أخرى صرفت عليها الملايير على رأسها مشروع أو هندسة الإدماج،فالحركة الانتقالية هي عبارة عن الأييسبورغ/ جبل الثلج العائم الذي يخفي وراءه الأكمة،لأن المغرب لا يتوفر على سياسة تعليمية واضحة في الأمد القريب أو المتوسط أو البعيد.