فلاديمير بروب و نظرية القصة الوظائف

[nasser]

فلاديمير بروب و نظرية القصة

خطة البحــــــــــــــث :
ـ مدخل
ـ دراسة بروب للقصـــــــــــة
ـ نظرية بروب
ـ نتائج دراسة بروب للقصـــة
ـ القيمة الأدبية لنظرية بروب
ـ خاتمة







مدخــــــــــــل :
في بداية عشرينيات القرن الماضي ، استقطبت عدة كتب ودراسات اهتمام الدارسين للحقل الأدبي كان محور اهتمامها يشتغل على فن القصة و التنظير له تنظيرا علميا له قواعده و تطبيقاته في محاولة منها لقراء الأدب قراءة مغايرة ، و من بين هذه الدراسات نجد نظرية القصة عند فلاديمير بروب وقبل أن نتناول هذه الدراسة بالعرض ، جدير بنا أن نشير إلى ما يعنيه مفهوم مصطلح القصة لتقريب وجهات النظر حول هذا الموضوع .
يذهب الكثير من الدارسين إلى أن مفهوم الظاهرة القصصية يرتبط في جوهره بأنماط سردية مختلفة ، فهو لا يتعلق بنمط قصصي معين و واحد ، بل بكل نمط تتواجد فيه ظاهرة القص كالرواية و الأقصوصة و الحكاية الشعبية العجيبةLE CONTE POPULAIRE MERVEILLEUX و الحكاية الملحمية le récit épique و كذا الحكاية الأسطورية le récit mythologique، فهذه الأشكال و الأنماط القصصية المتعددة هي التي تشتغل عليها نظرية القصة و تتناولها بالتحليل و الدراسة .
كما تطلق لفظة " القصة " عادة في اللغة العربية على النمط الأدبي الروائي le roman كما يستعمل كذلك للعبير عن تسلسل الأحداث في مختلف الأنماط الأدبية .
ـ 1 : دراسة بروب للقصة :
يمثـل البحـث الـذي قــام بـه فلاديمـير بـروب خطـوة في وضـع منهجية جديدة لتحليل النصوص القصصية ، و باعتباره ينتمي إلى مدرسة الشكلانيين الروس التي بنت نظريتها على إبعاد المعنى و الاشتغال على القالب ( الشكل ) باعتبار أن فكرة النص هيكل منسجم العناصر و الأجزاء بعيدا عن القراءة الإرتسامية و الذاتية ،لذلك نجد بروب قد صبَّ اهتمامه على دراسة مجموعة من الحكايات الشعبية العجيبة الروسية ( contes merveilleux) في محاولة منه لفهم العلامات الصغرى و الكبرى التي يقوم عليها بناء أي قصة من القصص مهما اختلفت بيئتها و مشاربها .
ـ 2 :نظرية بروب :
تعتمد دراسة بروب أساسا على النظرة الهيكلية الوصفية باعتبار أن الحكاية هيكل ، أي بنية مركبة ، معقدة ، يمكن تفكيكها و استنباط العلاقات التي تربط بين مختلف وظائفها في مسار قصصي معين إذ وصل بروب بفضل دراسته لعدد من الحكايات ما يقارب (المائة حكاية) إلى استنتاج ما أسماه بالمثال الوظائفي و يعني به البنية الشكلية الواحدة التي تولد هذا العدد غير المحدود من الحكايات ذات التراكيب و الأشكال المختلفة (1 ).
ويعني بروب بلفظة وظيفة بأنها ذلك " العمل الفاعل معرفا من حيث معناه في سير الحكاية "(2 ) أي أن الحدث يعتبر وظيفة ما دام رهين سلسلة من الأحداث السابقة التي تبرره و من الأحداث اللاحقة التي تنتج عنه ، و الغاية المنشودة من بناء المثال الوظائفي عند بروب هـــي تجنب ما أسمته النظرة الكلاسيكية ب : ( المبررات النفسانية ) التي ينتج عنها الفعل و حصر بروب عدد الوظائف التي تتكون منها الحكاية في 31 وظيفة و هي على النحو التالي :
1 ـ وظيفة الرحيل ( ELOIGNEMENT) .
2 ـ وظيفة منع (iterdiction) و كثيرا ما تذكر الحكايات وظيفة الرحيل أولا ثم المنع بعد ذلك و قد يكون المنع غير مرتبط بالمرة بوظيفة الرحيل .
3 ـ وظيفة خرق المنع C:\DOCUME~1\bouba\LOCALS~1\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image001TRANSGRESSION9) . بحيث تدخل هنا شخصية جديدة تسمى المعتدي على البطل او شخصية الشرير ( غول ، ساحرة ، قاطع طريق ) بحيث تتنوع أشكال المعتدي حسب الحضارات و النصوص .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
ـ 1 : ابراهيم الخطيب ، نظرية المنهج الشكلي ـ نصوص الشكلانيين الروس ـ الشركة المغربية للناشرين المتحدين و مؤسسة الأبحاث العربية بلبنان ، ط 1 سنة 1982 ص 28
ـ 2 : المرجع السابق نفسه ص 40 .


4 ـ وظيفة الاستخبار : ( INTERROGATION ) يحاول المعتدي الحصول على إرشادات .
5 ـ وظيفة إطلاع (INFORMATION) : يتحصل المعتدي على إرشادات حول ضحيته .
6 ـ وظيفة خداع (TROMPERIE) : يحاول المعتدي خداع ضحيته للتمكن منها أو من أملاكها بحيث في غالب الأحيان يتقدم المعتدي بمظهر يخالف مظهره العادي ( تنكر في شكل وحش عنزة ذهبية أو الساحرة في شكل عجوز طيبة تقلد صوت الأم ) .
7 ـ وظيفة تواطىء عفوي ( COMPLICITE INVOLONTAIRE) :تخدع الضحية بحيث أنها تقوم بإعانة عدوها رغما عنها و بعفوية و اقتناع .
8 ـ وظيفة إساءة (MEFAIT) : يضر المعتدي بأحد أفراد العائلة أو يلحق به أذى و قد أشار بروب إلى الدور الذي تلعبه هذه الوظيفة بحيث أنها هي التي تكسب الحكاية حركيتها باعتبار أن الوظائف السابقة ليست سوى تمهيدا لهذه الوظيفة و قد ترد الإساءة في أشكال متعددة ( خطف ، سرقة ، نهب ، إلحاق ضرر اختفاء مفاجىء …) ، و عن حدوث هذه الوظيفة يؤدي إلى حدوث حالة افتقار (MANQUE) .
9 ـ وظيفة وساطة (MEDIATION) :تمثل هذه الوظيفة أهمية بالغة في انتقال الحكاية بحيث يتم هنا إدراج البطل في السياق القصصي بعدما تفشى خبر الإساءة ، بحيث يتجه إلى البطل بأمر أو طلب .
و نشير هنا إلى كون البطل في تصنيف بروب نوعان مختلفان (1 ):
ـ أبطال فاعلون ( HEROS- SUJETS )
ـ أبطال ضحايا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
ـ 1 : فلاديمير بروب ، بنية الحكايــة الشعبيــة morphologie du conte . poits .n2 ص 63 .


و على أساس هذا التصنيف فإن معنى البطولة لا ينحصر في القيام بأفعال خارقة للعادة بل إن البطل حسب تحليل بروب الوظائفي هو الشخصية التي لها مساس رئيسي بوظيفة حدوث الإساءة أو تقويمها.
10 ـ وظيفة بداية الفعل المضاد : (DEBUT DE L ACTION CONTRAIRE) بمعنى قبول البطل الفاعل القيام بالبحث أو يعزم على فعل ذلك .
11 ـ وظيفة انطلاق (DEPART) : يحدث هنا مغادرة البطل لمسكنه و هذه الوظيفة بعكس وظيفة الرحيل ، باعتبار أن تقويم الافتقار الحاصل ينجر عن الانطلاق بعكس الرحيل الذي يمكن شخصية المعتدي من ارتكاب الإساءة و هذه الوظيفة لا تقتصر على صنف معين من الأبطال ( بطل فاعل و بطل ضحية ) .
12 ـ وظيفة المنح : تتمحور هذه الوظيفة حول امتحان البطل عن طريق اختبار وهذا لكسبه الكفاءة التي يفتقر إليها أي القدرة المادية على الإنجاز مثل ( اكتساب البطل بعض الأسرار أو اطلاعه على بعض الخفايا و هي المعرفة التي تمكنه من التخلص من العقبات ) .
13 ـ وظيفة رد فعل البطل (REACTION DU HEROS) : هذه الوظيفة يرد فيها البطل على المانح سواء كان رد الفعل إيجابيا أو سلبيا .
14 ـ وظيفة تسلم الأداة السحرية (RECEPTION DE L AUXILIAIRE MAGIQUE ): و ترد الأدوات السحرية في الأشكال التالية ( حيوانات ، أدوات ، صفات يكتسبها البطل بطريقة مباشرة ، قوة بدنية ، القدرة على التحول في شكل حيوان ) ، و نسمي أدوات سحرية كل ما يمنح للبطل أثناء الاختبار التشريحي .
15 ـ وظيفة انتقال بين مملكتين ( DEPLACEMENT DANS L ESPACZ ENTRE DEUX ROYAUMES) : يقاد فيه البطل قرب المكان الذي توجد فيه ضالته و هذه الوظيفة تشكل رحلة بين مملكتين يقتفي فيها البطل أثر دليل و هذي الوظيفة تعتبر مدخلا للاختبار الرئيسي أو الفعل الحاسم المصلح لحالة الافتقار الحاصل في بداية الحكاية .
16 ـ وظيفة صراع (COMBAT) : و يشير بروب إلى الفرق بين هذا الصراع و الصراع مع المانح و الفرق يتجلى في النتيجة ، إذ أن الصراع الأول يترتب عنه حصول البطل على أداة أو صفة تمكن البطل من تقويم افتقاره لمثل هذه الأدوات و الصفات عند قبوله وظيفة الانطلاق بينما الصراع مع المعتدي في حالة انتصار البطل تفضي إلى إصلاح الضرر الحاصل و تحقيق الغاية من وظيفة الانطلاق .
17 ـ وظيفة علامة (MARQUE ) : كأن يتلقى البطل خاتما أو منديلا أو علامة (جرح على كتفه ) .
18 ـ وظيفة انتصار (VICTOIRE ) ينتصر البطل على المعتدي كان يصرع المعتدي في معركة أو يغلب في سباق .
19 ـ وظيفة تقويم الإساءة (REPARATION) : يقوِّم البطل إساءة البداية و يصلح الافتقار الحاصل عند الإساءة و يكون نتيجة مباشرة و بديهية للأفعال السابقة التي قام بها البطل .
20 ـ وظيفة العودة (RETOUR) : يرجع البطل إلى مكان الانطلاق و تقع العودة غالبا على نفس الصورة التي تم بها الانطلاق ، و هنا تعني تحكم البطل في المكان المقصود غير ذلك وقت الانطلاق ، بحيث يكون فيه البطل معززا بالكفاءة و الطاقة اللازمة للإنجاز أي فعل في طريق عودته بالإضافة إلى العلامات التي في حوزته .