شكل صدور المذكرة الوزارية رقم 04 بتاريخ 12 يناير 2009 في شأن تطبيق شبكات التقييم الجديدة الحدث البارز لهذه السنة ، حيث تباينت الآراء والمواقف بين من ثمنها واعتبرها خطوة نحو ضمان موضوعية ومصداقية ونزاهة التقييم، وبين من رأى فيها اجهازا على المكتسبات واقبارا للرصيد المهني للموظفين.
وبعد مخاض عسير استجابت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر خلال اجتماع عقد بمقر الوزارة يوم الخميس 5 مارس 2009 لمطلب سحب دليل تقييم أداء موظفي قطاع التعليم الى حين التوافق عليه .
وبما أن الوزارة علقت العمل بالنظام الجديد للتنقيط والتقييم خلال هذا الموسم، فهذا لا يمنع من أخذ فكرة موجزة عن هذا النظام من حيث السياق والمرجعية والمرتكزات و أهم ردود الفعل التي خلفتها صدور المذكرة الوزارية رقم 04 .
النظام الجديد للتنقيط والتقييم : السياق والمرجعية :
ان السياق الذي استلزم العمل على وضع شبكات جديدة لتقييم أداء الموظفين وتنقيطهم هو سياق الإصلاح ، فتقييم أداء الموظفين هو جانب من الجوانب المتصلة بتدبير الموارد البشرية وبالتالي يعد أحد المداخل الرئيسية للإصلاح ، وهذا السياق يحتكم الى مرجعيتين اساسيتين :
المرجعية الإستراتيجية :
وتنطلق أساسا من الميثاق الوطني للتربية والتكوين من خلال دعوته في الدعامة 13 الى اقرار نظام حقيقي للحفز والترقية يعتمد معايير دقيقة وشفافة و ذات مصداقية .
ثم التقرير الأول للمجلس الأعلى للتعليم والذي ركز على هيأة التدريس معتبرا ان تقويم أداء المدرسين من المراحل الأساسية في مقاربة الجودة التي ينبغي اعتمادها في العملية التعليمية .
وأخيرا البرنامج الإستعجالي الذي أكد على ضرورة تعزيز آليات التأطير والتتبع والتقويم ووضع الإجراءات العملية لقياس فعالية مختلف المتدخلين في منظومة التربية والتكوين .
المرجعية القانونية :
ان تقييم أداء الموظفين يستند الى مجموعة من النصوص الصادرة في شأن تأطير موظفي الدولة في هذا المجال وذلك بدءا من ظهير 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ومرورا بالمرسوم الملكي الصادر في 1968 المتعلق بتحديد مسطرة التنقيط وترقي موظفي الإدارات العمومية ووصولا الى المرسوم الصادر في دجنبر 2005 المحدد للمسطرة الجديدة للتنقيط والتقييم .
النظام الجديد للتنقيط والتقييم : المبادئ والمرتكزات :
يرتكز النظام الجديد للتنقيط والتقييم على مجموعة من المبادئ أبرزها :
مبدأ الإنصاف – مبدأ الإستحقاق – مبدأ تحقيق النتائج – مبدأ الإشراك – مبدأ الملاءمة بين المهام والكفايات – مبدأ الشفافية – مبدأ
التعاقد ومبدأ التراكم في التنقيط والتقييم حيث يجعل من التقييم عملية دورية متواصلة ومترابطة وغير مقتصرة على سنة الترقي فقط.
أهم المبررات الداعية الى ضرورة اعتماد النظام الجديد للتنقيط والتقييم :
- الوزارة ترى أن النظام الجديد طفرة نوعية في تقييم المردودية .
- مسؤول بمديرية الموارد البشرية يرى أن النظام الجديد يحاول تجاوز الإختلالات التي ظهرت في الميدان على امتداد سنوات عديدة، كما أنه يرسخ ثقافة التقييم باعتبارها ثقافة جديدة تجعل من تقييم الأداء آلية مندرجة ضمن باقي المساطر التدبيرية التي تؤطر الحياة الإدارية و التربوية لمختلف فئات موظفي قطاع التعليم المدرسي .
- النظام الجديد يضع لأول مرة شبكات مفصلة للتقييم والتنقيط .
- النظام الجديد يقترح الأخذ بعين الإعتبار التغيبات والتأخرات المتكررة ، كما يضع مسطرة لأخذ التشجيعات والتنويهات .
- النظام الجديد يعمل على التقليل من الذاتية واقرار الموضوعية والشفافية والمصداقية .
- دليل تقييم الأداء المهني لموظفي قطاع التعليم المدرسي اداة اجرائية متقدمة تقطع مع الوسائل التقليدية السابقة المتسمة في جزء كبير منها بالمزاجية والذاتية في تقويم العمل التربوي للممارسين .
- يرى الدكتور محمد عزيز الوكيلي أن المعايير المأخوذ بها في السابق في مجال تقييم المردودية المهنية تعتمد على اعتبارات غير دقيقة وغير سليمة كالأقدمية على سبيل المثال ... الأمر الذي جعل مطلب مراجعة معايير تقييم الأداء شرطا ملحا واجراء تصحيحيا لا مفر منه ...
أهم الأسباب الداعية الى رفض النظام الجديد للتنقيط والتقييم :
- النظام الجديد اجتهاد انفرادي يتناقض مع مبدأ الشراكة والإشراك
- الشبكة الجديدة لن تساهم في تحسين أداء الموظفين مادام المعنيون بالتقييم يجهلون مكونات الشبكة ( الشبكة تتضمن 5 معايير موزعة على 13 عنصرا ، كل عنصر يحمل عددا من المؤشرات بلغت في مجموعها 53 مؤشرا )
- تقييم اداء الموظفين بالشبكة الجديدة جزائي وليس تكوينيا .
- البطاقة الجديدة لم توضح كيف سيتم التعامل مع شبكتي المدير والمفتش وهل ستعتبران بطاقة واحدة ام سيتم التعامل معهما معا .
- المعايير الجديدة لا تتماشى مع مبدأ تكافؤ الفرص بين نساء ورجال التعليم .
- شبكة التقييم الجديدة لا تتناسب مع واقع التعليم في بلادنا وخاصة في العالم القروي .
- تطبيق الشبكة يتطلب العمل بنظام الوحدات في التعليم الإبتدائي لتسهيل عملية التقييم واستثمار النتائج .
- شبكة التقييم وضعت معايير محددة وعممتها على جميع المواد التعليمية دون مراعاة خصوصيات كل مادةعلى حدة ، اضافة الى الغموض الذي اعترى صياغة بعض المؤشرات منها مثلا استمتاع المتعلم بالتعلم .
- بعض المعايير التي تتضمنها الشيكة ذات طبيعة تراكمية تقتضي تتبعا وفق تسلسل زمني لمدة طويلة .
- الطريقة الجديدة لتقويم المدرس يتحكم فيها الهاجس المالي عوض الهاجس البيداغوجي والتربوي لأن الهدف من هذه العملية هو التحكم في صبيب الترقية .
- هذه العملية من شأنها أن تنتج نوعا من الحزازات والتوترات بين الإدارة واطر التدريس ( المذكرة تنص على ان يطلع المعني بالأمر على النقطة الإدارية الممنوحة والتعليق عليها )
- .....الخ
وهناك من يرى أن شبكات تقييم الأداء المهني لموظفي التعليم تعتبر خطوة الى الأمام إلا أنها خطوة لم تكتمل تحتاج الى التعديل والتقوبم ووضعها على محك التجريب .
والسؤال الذي يثور بعد عرض هذه المواقف هو :هل بمقدور شبكة التقييم الجديدة ( في حالة اعتمادها مستقبلا) أن تقيم علاقة جديدة بين هيأة التأطير والمراقبة وهيأة التدريس أكثر شفافية وموضوعية بخلاف ما كان عليه الأمر في السابق ؟ أم أنها ستزيد العلاقة بين الطرفين غموضا والجو توترا؟؟
اعداد :جمال الدين أبوالـعـباس.
المراجع المعتمدة :
-النظام الجديد للتنقيط والتقييم أداة لتحديث تدبير الموارد البشرية / عزيز التجيتي طبعة يناير 2008
- الصباح التربوي /25 فبراير 2009
- الجريدة التربوية العدد 23 / مارس 2009