المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنشطة الحياة المدرسية... شعار للاستهلاك .


التربوية
03-02-2012, 13:58
أنشطة الحياة المدرسية... شعار للاستهلاك (http://www.dafatir.net/index.php?option=com_content&view=article&id=21968:2012-02-02-11-05-46&catid=71:2010-10-14-17-23-02&Itemid=687)

الخميس, 02 فبراير 2012 11:05
الصباح (http://www.dafatir.net/index.php?option=com_mailto&tmpl=component&link=6b613c3388f2ba864deff22bb312cde37c2d1c35) التربوي

فرق شاسع بين الشعارات والواقع وتساؤلات عن جدوى البرامج في غياب وسائل تنفيذها
تبدو أنشطة الحياة المدرسية، شعارا للاستهلاك كغيره من برامج تعليمية أطلقت في فترات مختلفة من خلف المقاعد الوثيرة، ولم تفعل واقعا لإكراهات موضوعية تفرمل محاولات الإقلاع بالمنظومة التعليمية رغم أهميتها، خاصة في غياب دراسة أي مشروع وآليات تتبعه ونية ووسائل إنجاحه.
وتبقى المؤسسات التعليمية خاصة العمومية، "حقل تجارب" تزرع فيه نباتات دون أي دراسة لدرجة خصوبة التربة وأهليتها لضمان حسن الإنتاج وجودته، ما يجعل كل "زراعة تربوية"، مضيعة للوقت وهدرا للطاقات والإمكانيات إن توفرت، في غياب إرادة وعزيمة حقيقتين لدى مسؤولي القطاع وفاعليه.
"أش عندك يا العطار.. كلشي على ظهر الحمار".. مثل عامي استدل به رجل تعليم يدري جيدا معنى العمل في مؤسسات تفتقد كل شيء، اللهم إلا بنايات بعضها مهترئ، وطاولات تحن إلى الزمن الجميل، وأطفالا مواظبين على ملء فراغها، تلبية لرغبات آبائهم، ومعلم "لا حول ولا قوة له".
ضحك محمد الدغمي، المعلم بدائرة تيسة بتاونات، طويلا حين استفسرته "الصباح" عن إمكانية تحويل المدرسة إلى مشتل صغير للحياة الاجتماعية العامة، يجد فيه التلميذ بديلا عن منزل والديه، أو نسخة طبق الأصل عنه.
وتساءل عن أي مؤسسة وحياة مدرسية يمكن أن نخلقها أو نخلق فيها والمنتسبين إليها، روحا وهي "الجسد بلا روح"، مؤكدا أن مثل هذه البرامج "لا تعدو تحصيل حاصل" ولا يعرفها إلا من خلال المذكرات كإجراء روتيني دأبت عليه الإدارة، وقد لا يطلع على فحواها شركاؤها في العملية التعليمية.
انطلق الدغمي في إطلاق هذا الحكم الذي قد يبدو سوداويا، من تجربة جولانه وعيشه مضاضة التدريس بعدة مراكز بغفساي وتيسة بتاونات، مؤكدا أن ما ينقص مدارسنا ليس المذكرات ومثل هذه البرامج، بل الانكباب على حل المشاكل التي تعانيها وتعرقل انطلاق الدراسة وسيرها العادي، أولا.
وهو لا ينكر أهمية مثل هذه البرامج التي حفل بها الميثاق الوطني للتربية والتكوين والبرنامج الاستعجالي وما جاورهما، خاصة في تفعيل الأدوار الثقافية والاجتماعية والتربوية المنوطة بالمدرسة، باعتبارها لبنة أساسية في تكوين شخصية التلميذ المعلقة عليه آمال غد أفضل.
شتان بين الشعارات والواقع حيث لا تعدو مثل تلك المذكرات المنظمة لبرامج من هذا القبيل، أدوات لتأثيث خزانة الإدارة، للعودة إليها عند الحاجة وكل حديث عن الارتقاء بالمنظومة التربوية، دون أن يلمس المتعلم أي شيء منها أو يكون له بصيص أمل معانقتها، إلا في نسب قليلة جدا.
يقول العارفون بخبايا قطاع "التعليم دون تربية" كما أسماها أستاذ بالثانوي، إن المذكرتين 87 و88 الصادرتين قبل نحو عقد، تضمنتا خطوطا عريقة واقتراحات لتفعيل أدوار الحياة المدرسية واستغلال فضاء المؤسسة التعليمية، فيما يعود بالنفع على التلميذ وتنمية قدراته ومواهبه.
لكنهم يؤكدون أن نسبة كبيرة من المؤسسات، لم تعلم ذلك أو لم تحظ بمبادرات من هذا القبيل، في غياب الإمكانيات الضرورية لإنجاز المشروع، لأن العبرة "ليس بإمطار رفوف المؤسسات التعليمية، بالمذكرات، بل بمعرفة نسبة تطبيقها وتتبع سير الدراسة وخلق أنشطة مختلفة".
وتساءل الدغمي "كيف الحديث عن حياة مدرسية في أقسام ومدارس مهترئة تفتقد إلى النوافذ والمراحيض ومحرومة من الربط بشبكتي الماء والكهرباء، رغم وقوعها بدواوير قد تكون محظوظة بإنارة منازلها؟"، مؤكدا أنه "إن كانت هناك حياة مدرسية، فهي محصورة في المراكز".
وتاونات كنموذج مصغر لما يعيشه التعليم بعدة مناطق مغربية، بعيدة كثيرا عن تطبيق مثل هذه البرامج الطامحة لتربية النشء على الإبداع والمواطنة والسلوك المدني، وإتاحة الفرصة له لتفجير طاقاته ومواهبه ومهاراته، وإنقاذه من نفق الانغراس في عوالم الانحراف والضياع والتيه في البحث عن الذات.
ويحكي الفاعلون في القطاع، على سبيل التنكيت، سؤال نائب سابق لرجل تعليم، عن المستوى الذي يدرسه، قبل أن يثير استغرابه قوله "أدرس الابتدائي"، لكن حيرته سرعان ما تلاشت بمجرد علمه بإشرافه على تعليم وتربية تلاميذ الفرعية من مستواها الأول إلى السادس.
هذه الحقيقة قائمة واقعا في إقليم "يحطم كل الأرقام القياسية في الأقسام المشتركة"، بشكل يصعب على المدرسين، إيجاد الحيز الزمني الضروري لإتمام الحصص والجدول المبرمج، ليكون ناجحا في عمله، إن حافظ على هدوء القسم، فبالأحرى الحديث عن مباشرته أنشطة موازية مختلفة.
ف"أي حياة مدرسية يمكن الحديث عنها، في ظل هذا الواقع وغياب حجرات دراسية صالحة للتدريس، وهي التي تعاني آثار "القطرة" ونوافذها مفتوحة على كل الاتجاهات، وفي غياب وسائل تعليمية للتدريس من مجسمات ولويحات وصويرات تسهل الفهم" يقول رجل تعليم لا يحب الظهور.
وباستثناء أنشطة الدعم والتثبيت، فأي حديث عن أنشطة موازية يكون "مغيبا" في انتظار غودو يفعل البرامج واقعا، لكنه "قد يأتي أو لن يأتي"، ل"يظل الفرق شاسعا بين الشعارات المرفوعة والواقع الذي قد لا يرحم" بتعبير الدغمي وغيره من رجال ونساء التعليم غير الراضين عن حاله ومآله.
حميد الأبيض (فاس)