المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا هذا الملف؟! واش المغاربة كذابة


التربوية
31-01-2008, 06:41
لماذا هذا الملف؟! واش المغاربة كذابة

لحسن العسبي

؟!! هل نعيش عصر الكذب بالمغرب؟!•• سؤال مستفز، وكبير!! والمقلق هنا ليس السؤال نفسه، بل الواقع الذي يدفع إليه• ذلك أن الكذب، يكاد يشكل قيمة عند أغلب المغاربة اليوم، ويؤطر سلوكاتهم وعلاقاتهم فيما بينهم كأفراد وجماعات• بل إن المقلق، هو هذا الإستسهال المغربي في إنتاج وتعميم قيم بعينها، التي أغلبها سالب، ضمنها الكذب• إلى الحد الذي يجعل المرء يتساءل ( بالمعنى التاريخي لذلك )، إن لم نكن مغربيا نعيش - أقله، منذ ثلاثة عقود - عصرنا الفيكتوري للكذب؟!• ومعنى العصر الفيكتوري، كما يفهم ذلك كل دارس لتاريخ الأفكار وتاريخ علم السياسة وعلم الإجتماع، يحيلنا على تلك الأسئلة الهائلة التي طرحت حول عهد الملكة فيكتوريا الإنجليزية، التي كان النفاق قيمة مرغوبة في عهدها، وكان أداة تأطير وإنتاج قيم في المجتمع البريطاني، الذي كان يعيش مخاض الصراع بين قوى التحرر العمالية الناهضة في أواخر القرن التاسع عشر، وقوى الإستبداد والمحافظة المتحكمة في الرأسمال الصناعي الإنجليزي• ولقد أنتج ذلك ركاما هائلا من الأدبيات السياسية والإبداعات الأدبية، والأطاريح الفكرية، كانت كلها تتفاعل مع ما كان ينجز ماديا على أرض الواقع، من صراع بين الحركات النقابية والرأسمال الإنجليزي• مثلما أفضى إلى اجتهادات قانونية وفقهية دستورية، صنعت قوة بريطانيا ( مجتمعا وتاجا ) إلى اليوم• مغربيا، نحن نعيش تحولات قيمية هائلة، سببها أننا تجمع بشري ناهض، يسعى للتصالح مع شروط المدنية الحديثة، أقله منذ قرن من الزمان• وأننا مجتمع ينتقل من مجتمع بداوة إلى مجتمع مديني، بما يستتبعه ذلك من انتظارات على مستوى الخدمات العمومية ( التعليم، الصحة، التنقل، الإتصال، الإعلام، أسباب الرفاه المتعددة، ثم الأمن )• وبالتالي، تمة تنازع هائل بين استراتيجيتين، واحدة تجر نحو المحافظة، أو تحاول تكييف المحافظة كي تتصالح مع مظاهر الحداثة، على مستوى الدولة• وأخرى تدفع نحو ربح الزمن الضائع من أجل جعل الحداثة ليست شعارا سياسيا في الخطب، بل أمرا ملموسا في الواقع اليومي للناس، يستشعرونه في أمور تدبيرهم اليومية لأسباب الحياة• وعلى هذا المستوى الثاني، يكاد الأمر يفلت عن أي تأطير نخبوي واضح المعالم اليوم• وهنا خطورته، لأنه يفتح الباب أمام كل احتمالات الخطر• إن التفكير في الكذب مغربيا، اليوم، مندرج في باب السؤال القلق حول واقع القيم ببلادنا اليوم، وأنه ليس ترفا أو مقاربة للتفكه أو الإستفزاز من أجل الإستفزاز• والسؤال الذي يفرض نفسه هو: هل اختار المغاربة الكذب أم أنه هو الذي اختارهم؟!• بمعنى آخر، هل الواقع هو الذي فرض على المغاربة الإحتماء بالكذب، أم أن غياب سقف أخلاقي جماعي، هو الذي عمم هذا الإستسهال لتحويل الكذب إلى قيمة إجتماعية مغربية؟!• فالكذب كامن، في أغلب العلاقات الجماعية للمغاربة بشكل مثير• فهو كامن في العلاقة بين الذكر والأنثى، وكامن في اللحظة العظمى لممارسة السيادة العامة للمواطنة ( الإنتخابات )، وكامن في كل تمظهرات الحياة اليومية العمومية: في المستشفيات، في المدارس، في العلاقة بين الشرطي والمواطن، في العلاقة بين العامل ورب العمل، بل إنه يطال حتى أقدس المجالات الروحية الدينية، التي يستثمرها البعض لأغراض سياسية محضة• أليس الثمن الذي نؤديه جميعا كمغاربة، على مستوى القيم، كارثي بكل المقاييس، من خلال نوعية الفرد الذي نربيه ونكونه وندفعه لمواجهة الحياة، الذي يرى في الكذب والنفاق، سبيلا عاديا للفوز بمكان تحت الشمس؟!• هل نستطيع الثقة في مستقبل الديمقراطية، وفي حلم دولة المؤسسات، وفي إنتاج الثروة وتوزيعها العادل بين الأفراد والجهات، إذا كنا تجمعا بشريا يرسخ للقيم الهادمة لهذه الأحلام التاريخية المشروعة، والتي ضمنها الكذب؟!• ومقاربة ملف مثل هذا الملف الشديد الحساسية، يمكن أن تتم من خلال واجهات عدة، يكفي تأمل بعضها من قبيل الكذب في الصحافة، والكذب في السياسة، والكذب في التسيير العمومي والخاص، والكذب في مواجهة أعطاب الطريق المصيرية ( فرديا وجماعيا )، لندرك أن الأمر إنما يعمم من مخاطر التعمية التي تقود رأسا إلى أشكال عدة للإستبداد والعمى والتطرف• مع التأشير أن اختيارنا لهذا الملف، كي نقاربه معرفيا وسوسيولوجيا وثقافيا، يستحضر بشكل واضح المسافة القائمة بين الكذب كاختيار فردي ( غريزي في الكائن البشري )، وبين الكذب كإكراه جماعي، يختاره الناس من أجل الفوز بمكان تحت الشمس، ولأجل حماية حقوقهم المشروعة في الحياة الكريمة• ونستحضر أيضا أن الكذب رفيق للنفاق وجار للغش ومتحالف مع تبليد الذكاء والفطنة البانية للمعنى الجميل في أيام الجماعة ( المغاربة )• هو سؤال نطلقه في أنفسنا جميعا كمغاربة ( ضمن أسئلة مصيرية أخرى كثيرة قائمة )، نريده لحظة للتأمل، فقط للتأمل، من أجل أن نجيب أنفسنا: من نكون وماذا نريد؟!•
2008/1/25
عن جريدة الاتحاد الاشتراكيالإتحاد الإشتراكي 2004

يحي
31-01-2008, 06:53
داءما حضور متميز
وفقك الله
http://www.0sss0.com/up/uploader_gif1/p9L46131.gif (http://www.0sss0.com/up/)

yogarten
31-01-2008, 10:35
http://www.0sss0.com/up/uploader_gif1/p9L46131.gif (http://www.0sss0.com/up/)

the teacher
31-01-2008, 17:15
مشكورة على الموضوع..