المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تلاميذ «مقرقبين» يزرعون الرعب داخل فصول الدراسة


nasim111
14-01-2013, 20:13
تلاميذ «مقرقبين» يزرعون الرعب داخل فصول الدراسة


08:58


تلاميذ «مقرقبين» يزرعون الرعب داخل فصول الدراسة

محمد كريم كفال


«القرقوبي» داخل فصول الدراسة.. «القرقوبي» يُوزع داخل المؤسسات التعليمية. تبدأ العبارات وتنتهي دون أن تخلف الصدى الحقيقي لمآسي حقيقية بين صفوف تلاميذ وطلاب عجزوا عن مقاومة غزو «البزناسة» لمحيط المؤسسات التربوية. بعضهم انخرط مغامرته طمعا في تكسير رتابة «القِسم»، ليجدوا أنفسهن رهائن المعاناة من «الإدمان». آخرون انتهى بهم المطاف إلى عقد «شراكات» مع المروجين أنفسهم.

تقدم الأستاذ الخمسيني نحو «الشرع»، مستنكرا دندنته بكلمات أغنيته المفضلة، لينتصب الأخير واقفا داخل الفصل، «شوف والله يا دين..»، ثم استمات في سرد أقذغ الشتائم وأقذر السباب على مسامع الكل. انتهت فصول المشهد الساخن بتدخل باقي الطلاب اللذين نجحوا في ثني زميلهم «المقرقب» عن تعنيف أستاذه. لم يستوعب الطالب الملقب بـ«الشرع»، قرار طرده من قاعة الدرس، لينصرف مرغدا مزبدا ومتوعدا معلمه المسالم بشر العواقب.





متعة «القرقوبي» عند الطالب «الشرع»


«الشرع كان ديما بخير. هاذي عامين ولى بنادم آخر. كتلقاه صباح عشية مقرقب. كيفاش تعلم وتبلى بهاذ الشي .. الله أعلم»، يقول أحد أقرانه بالثانوية الإعدادية والحي الصفيحي الذي يسكناه معا بالعاصمة الاقتصادية. صديق آخر للطالب «المبلي»، قدم رواية مغايرة عن رواية الطرف الأول، «شوف راه هذاك خاينا لتكلم معاك هو أصلا كيبيع ويشري في القرقوبي وداير راسو ما عارف والو على الشرع!»، ثم يستطرد قائلا : «ليس فقط الشرع هو الضحية الوحيد. هناك مجموعة من الطلاب والتلاميذ الذين يعيشون في ضياع حقيقي بسبب الإدمان على حبوب الهلوسة. كلهم بدون استثناء بدأت مغامراتهم بشكل برىء. اليوم يتجرعون تبعات تجربة غير محسوبة العواقب»، يقول عبدالرحيم عن زملائه الذي أضحى استهلاك «القرقوبي» طقسا اعتياديا في سلوكياتهم اليومية.


البعض منهم تلمس خطواته الأولى من باب التجربة والفضول، لكنهم اليوم يعيشون أوضاعا نفسية واجتماعية متدهورة، من بينهم «الشرع» الذي جر عليه «القرقوبي» مشاكل عديدة. لجأ في بداية مراهقته إلي التدخين. أقبل عليه بنهم شديد. كان يقتني علبة السجائر كل صباح من «مول الديطاي» القريب من مسكنه. بعد شهور على إدمان التدخين، استسلم لـ«جاذبية» الحشيش، غير أنه وجد راحته النفسية في استهلاك «القرقوبي».
يقول «الشرع» بابتسامة خجولة «هاذ الشي لعطاه الله .. الله يعفو». رغم علمه بأضرار الإدمان وأثاره السلبية على سلامة قواه العقلية، لا يجد حرجا في الاستسلام بهدوء لحبوب الهلوسة. خلال «ملله» من استهلاك «القرقوبي»، يُجرب «المعجون»، لكنه حسب قوله «سرعان ما يعود إلى رحاب البولا الحمرا».


يقول «الشرع» بنبرة متذمرة، بأنه يتعاطى حبوب الهلوسة من أجل نسيان واقعه المزري. «ساكن في كريان. خويا بزناس وحباس. الوالد والوالدة مطلقين.. هاذ شي لعطا الله». يتعاطى «الشرع» أنواع عدة من «القرقوبي»، لكنه يقتني الأرخص ثمنا. وعن طريقه حصوله على المال الكافي لشراء حبوب الهلوسة، أجاب «أن الحباب كيدبروا عليه». من هؤلاء «الحباب». سؤال ظل بدون جواب، بسبب رفض «الشرع» الإفصاح عن الجهات المُزودة.


مرات عديدة تلقى «الشرع» التوبيخات والإنذارات، لكنه هذه المرة يُواجه شبح الفصل عن الدراسة، «أحسن نيت.. آش كنديروا هنا.. غير كنضيعوا في الوقت وخلاص!» يُعلق على واقعة شتمه لأستاذه.


مصدر آخر تطوع للكشف عن طبيعة الأمر حيث وضح الصورة بشكل أدق، «هناك البزناسة ثم الوسطاء الذين تجد غالبيتهم طلاب وتلاميذ، يحصلون على حصتهم من القرقوبي بعد جلب ضحايا آخرين، أو بيع كميات لحساب المروجين الرئيسين» يقول المصدر السابق.


تتنوع العقارات المُهلوسة التي تجتاح محيط المؤسسات التربوية ببعض المدن المغربية ومنها الدارالبيضاء ومراكش وسلا إلى مجموعة من العقارات، من بينها «الأوبتاليدون» الذي يترتب على تعاطيه منح متعاطيه القدرة على الثرثرة، ثم هناك عقار«لورينتال» و«الريبلوم»، إضافة إلى «التريبل» الذي يتم جلبه من دول أروبية، وهو عبارة عن أقراص دقيقة في حجم حبة عدس، ويبقى تأثيره على القوي العقلي لمستهلكه قويا جدا. كما نجد هناك «القرقوبي» الأشهر المعروف بـ«الريفوتريل 2 ملغم» التي تضم «خريشيشة»، وهي أقراص مهلوسة انتهت صلاحيتها وتم ترويجها للمستهلكين البسطاء. تتفاوت أثمان هذه الحبوب المهلوسة مابين يتفاوت من 20 إلى 50 درهما. أما عقار «ليكستازي»، والذي يتميز بمفعوله القوي، فيصل ثمن الحبة الواحدة إلى 90 درهما.




أكبر «بزناس» دراسي في ضيافة الأمن


فجأة يباغثه شعور بعدم الإطمئنان، أو بالأحرى عينين ترقبانه هما ما يدفعه للإحساس بوجودِ شخصٍ آخر على يمينه تماماً. يستدير ببطء وقد شل الخوف أركانه، وسط صخب الطلاب الذين خرجوا لتوهم من فترة الدوام الصباحي. يقع نظره عليه، وينتابه الهلع من ظهوره، هكذا فجأة دون مقدمات.
يتفرَّس به عله يتذكر ملامحه الحادة. تتخدر حواسه الخمس شيئا فشيئا أمام طلعة الزبون المفترض، ليبادره بالتحية اللائقة، «مرحبا البوليس في خدمتكم!» بعد لحظات كانت الأصفاد الباردة تُطوق معصميه.‪


بعد جهد حثيث، وعلى مدى أيام، كانت رحلة ضباط الشرطة القضائية التابعين لابن امسيك، بلغت مراحلها النهائية شهورا قليلة قبل نهاية السنة الماضية.
كانت المهمة، تقضي بتوقيف أحد الأشخاص الضالعين في تكوين شبكة مختصة في ترويج السموم المخدرة بمحيط المؤسسات التعليمية. سموم على رأسها حبوب الهلوسة بكل أنواعها، ومنها «خريشيشة» التي أدمن عليها «الشرع».


مضى الكمين حسب الخطوات المرسومة. “ألو (فلان) بغينا شي حاجة ديال ميتسو.. دابا حدا الجامع.. راه لفقيه مكاينش”. ملخص مكالمة هاتفية مشفرة بكلمة «السر» الرائجة خلال ذلك الأسبوع. لم يكن المخاطب غير ضابط الشرطة الذي وضع على عاتقه تفكيك الشبكة التي أحالت حياة أولياء الطلاب الضحايا إلى جحيم.


مهمة القبض على أكبر «بزناس» بمحيط المؤسسات التعليمية بالدارالبيضاء، كشفت لرجال الأمن، أن الأمر يتعلق بشبكة من الوسطاء، يتخذون من بعض المقاهي المصنفة مسرحا لترويج بضاعتهم المحظورة. تعدد الشكايات حتم على عناصر الشرطة القضائية القيام بحملة تمشيطية لاعتقال المروجين، لكن دون فائدة، إلا أن قاد أحد الخيوط العناصرالأمنية إلى تكثيف المراقبة على محيط المؤسسات التربوية، مما أدى إلى ترصد خطوات أحد المشتبه فيهم وتوقيفه في حالة تلبس بحيازة كمية من حبات «القرقوبي» ومبلغ مالي مهم، ليكشف خلال البحث التمهيدي الذي بوشر معه عن مصدر بضاعته الذي لم يكن غير الجارة الشرقية ومعابر الشمال.


الاحداث المغربية