المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نحو إستراتيجية جديدة للتعامل مع المواد الدراسية


abo fatima
04-06-2013, 22:17
نحو إستراتيجية جديدة للتعامل مع المواد الدراسية






http://www.almassae.press.ma/sites/default/files/imagecache/image_article_large/article_image/-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%83%D8%A7%D9%84%D9%88%D 8%B1%D9%8A%D8%A72.jpg



كلما أوشك الموسم الدراسي على الانتهاء انتشرت بين صفوف الطلبة والتلاميذ ظاهرة الاستعداد للامتحان لتتويج مجهوداتهم بالنجاح، في
أسلاك التدريس الأساسي والثانوي والجامعي، في المغرب وغيره من البلدان.. إلا أنه يلاحظ -بشكل عامّ- من خلال الحوار بين التلاميذ وطريقة إجاباتهم في الواجبات والفروض والامتحانات أنهم لا يستعدون بمنهجية سليمة تمكـّنهم من التغلب على طول المقرّر وتنوع المواد والتمكن منها استيعابا وفهما وتوظيفا..
ولمواجهة هذه المعضلة، وللحد من ظاهرة التخبط في التعامل مع المواد والمقررات والمعارف المختلفة، لا بد من اتباع خطوات واضحة، ومنهجية محددة لتحقيق الهدف الذي ينشده كل طالب أو تلميذ وهو النجاح والرّقي في سلم التحصيل المعرفي لتحقق المبتغى المنشود في مشوارهم الدراسية.
إن المنهجية أو الطريقة العامة المساعدة للامتحانات هي إطار عامّ يضمّ خطوات إجرائية وعملية تصلح لمختلف المواد والتخصّصات المختلفة، وتختفي بعض الخطوات التفصيلية حسب طبيعة المادة، من جهة، ومن جهة ثانية، حسب نوع العلاقة الرابطة بين الطالب أو التلميذ والمادة أو الموضوع محلّ الاستعداد، سواء تعلق الأمر برغبة محبّ لها راغبٍ فيها، أو كاره لها، راغب عنها، أو بالمستوى المعرفي له، ضعيف، متوسط، متفوق.. والحالة الاجتماعية والصحية والنفسية، ثم فضاء المذاكرة والمراجعة، مناسب أم غير مناسب..
إنّ المراحل المساعدة في التعامل مع المعارف والمعلومات والاستعداد الجيد للامتحان تنحصر في ثلاث وهي الاستيعاب والفهم في المرحلة الأولى.
ونعني بهذه المرحلة تمكن الطالب أو التلميذ من فهم واستيعاب الدروس والمواد والمحاضرات المقدَّمة له، ويتم ذلك بالخطوات الآتية:
-الحرص على الحضور الدائم للمحاضرات والدروس والاستماع مباشرة من الأستاذ، الذي يعتبر الواسطة المثلى بينك وبين مضامين المقرر؛
-التركيز والانتباه والمتابعة أثناء شرح الدرس، وتدوين الملاحظات والصّعوبات؛
- طرح السؤال حول الأمور الغامضة وغير الواضحة والتي تحتاج إلى توضيح وبيان؛
-استدراك ما فاتك من مواد المقرر من زملائك ومناقشتهم لشرح الأستاذ؛
-تنظيم المادة الدراسية في دفترك أو سجلك تنظيما جيدا يُسهّل عملية الاستيعاب والفهم، والحرص على إبراز العناوين الرئيسة والفرعية بألوان بارزة وملونة بألوان مغايرة؛
-قراءة الدّرس في البداية قراءة إجمالية وسريعة، بالتركيز على العناوين البارزة والمهمّة والتي تشكل هيكل الدرس وبناء الموضوع؛
-الاهتمام بالمصطلحات والمفاهيم الخاصة بالموضوع، فهما وضبطا وكذا الخرائط والرسومات التوضيحية والقوانين والمعادلات؛
-قراءة الدرس قراءة متأنية ومركـَّزة ومستوعبة؛
-وضع خطاطة خاصة لكل درس على حدة في صفحة واحدة تتضمن موضوع الدرس ومحاوره، وعناوينه الرئيسة والثانوية والفرعية، مع الحرص على الكتابة بخط واضح واستعمال ألوان مغايرة..
وفي المرحلة الثانية هناك التمكن والتحكم، وهذه المرحلة متداخلة مع المرحلة السابقة ومكملة لها، ونعني بها التمكن والتحكم في ما تم استيعابه وفهمه حتى لا يضيع الجهد، وتصيرَ المعارف والمعلومات ملكا لنا نتحكم فيها ونوظفها أنى شئنا ومتى شئنا، وتتحقق هذه المرحلة بالخطوات الآتية:
-استعداد نفسي ورغبة في المذاكرة والتمكن والتحكم؛
-البدء باستثمار الخطاطة التي تم التوصل إليها في المرحلة الأولى (الاستيعاب والفهم) والتمكن من العناوين الرئيسة والفرعية لكل مادة أو لكل محور من محاور الموضوع، إما بالحفظ والاستظهار أو بالتسميع أو التحرير كتابة أو المناقشة بين الزّملاء؛
-ملء العناوين الفرعية والرئيسة بمحتواها ومضمونها بشكل تدريجيّ حتى يتم الانتهاء من الموضوع أو المحور حسب طبيعة المادة والمستوى الدراسي؛
-وعند الانتهاء من الموضوع أو المحور ينبغي وضع أسئلة ثم الإجابة عنها، إما شفهيا أو كتابة.. أو مناقشتها مع الزّملاء؛
-صياغة خلاصة مركزة للموضوع أو الدرس، تكون موازية للخطاطة التي تم التوصل إليها في المرحلة الأولى..
-عند الخلود إلى النوم أو الراحة على التلميذ أن يحاول تذكر واستظهار ما تم فهمه واستيعابه وحفظه من معلومات عامة ومصطلحات وتعاريف وقوانين ومعادلات ورسومات ومعطيات.. لأنّ النوم يساعد على تثبيت ما سبق ذكره..
وتـُتـَّبع الطريقة نفسُها مع باقي مكونات المقرر الدراسي، وتبقى التفاصيل الإجرائية التنزيلية خاضعة لطبيعة المادة والاستعداد النفسي والبدني للتلميذ أو الطالب.
في المرحلة الثالثة، الاسترجاع والتوظيف، وهذه المرحلة هي المحكّ الحقيقي للتلميذ أو الطالب عن مدى تمكنه من المعارف والمعلومات التي قدّمت له، وبذل مجهودا لفهمها واستيعابها.. وهي المحطة التي تكون موضوع الاختبارات والامتحانات والمقابلات، والمرور منها بسلام يؤهّل التلميذ أو الطالب إلى الانتقال إلى مستوى آخر في سلـّم الدرجات العلمية، ونيل شهادات متنوعة. وهذه المرحلة مرتبطة بما سبق لأنها ستتعامل مع حصيلة المرحلتين السابقتين الممثلتين في «الخطاطة والخلاصة المركزة»، ويمكن تحقيقها على النحو الآتي:
أولها، التعامل فقط مع شبكة الخطاطات العامة لعناوين الدروس والموضوعات ومكوناتها من خلال المحاور الرئيسة والنقط الجزئية والفرعية لكل مادة على حدة؛
وقراءة الملخصات المركزة والمستخلصة في المرحلة الثانية، بتركيز وتمعن وتثبيت وتمكن، ومحاولة الحسم في الصّعوبات وتجاوزها، ويكون هذا موازيا للنظر في شبكة الخطاطات العامة أيضا.
واختيار واحدة من طرق المراجعة والمذاكرة لتحقيق المرحلة الأخيرة في التعامل مع المقرر والمعلومات بصفة عامة، أو دمجها في الآن نفسه، أو نهج سبيل التدرج والتسلسل الهادف المفضي إلى تحقيق المبتغى، وهذا الأمر متوقف، بصفة عامة، على طبيعة المادة، والموضوع محلّ المذاكرة والمراجعة، وعلى الظروف المحيطة بهذه العملية، وهذه الطرق، بإيجاز، هي:
-الطريقة الأولى، تفرض المراجعة والمذاكرة بالحفظ والاستظهار والتسميع لمضمون الخطاطات والملخصات، فالتلميذ والطالب عليه أن يسمع نفسه، ويستظهر كل ما يتعلق بالموضوع محلّ المذاكرة والمراجعة انطلاقا من وضع أسئلة ومحاولة الإجابة عنها، أو ينتدب من يضع عليه السؤال، ثم يجيب عنه..
والطريقة الثانية تحتاج إلى المراجعة والمذاكرة بالتحرير الكتابي، بأن يقوم التلميذ أو الطالب بتحرير ما استوعبه وفهمَه، وتمكـّن منه في كرّاسة المذاكرة والمراجعة، مع تسجيل الملاحظات والصعوبات والإشكالات التي تعترض سبيله في جزئية أو نقطة أو محور من محاور الموضوع، في الهامش، ليتم العودة إليها مجددا للحسم فيها وتجاوز الصعوبة في ضبطها..
أما الطريقة الثالثة فتتمثل في المراجعة والمذاكرة بالمناقشة، وتكون بين اثنين إلى ثلاثة أشخاص على ألا تتجاوز العدد خمسة أشخاص، عند الضرورة. على أن تنظم حلقة النقاش، بتعيين مسير للحلقة، وموثق يدون الملاحظات العامة لسير حلقة النقاش، وخاصة التعثرات والصّعوبات، مع ضرورة تحديد الحيّز الزمني لكل مادة، أو موضوع ما، وفي هذه الطريقة يمكن كذلك تمرير الطريقتين السابقتين، وتبقى خصوصية المادة، أو الموضوع، والأطراف المعنية بالأمر، والظروف المحيط بهم كفيلة بالتعامل مع الطرق سالفة الذكر كلها مدمجة، أو منفصلة زمنيا عن بعضها، أو بطريقة متناوبة..
إن تنظيم فترات المراجعة والمذاكرة أثناء توقف الدراسة استعدادا للامتحان أساسية، لأنّ هذه المدة قبل الدخول في غمار الامتحانات والاختبارات تكون مهمّة وحاسمة، وينبغي أن تكون فيها أربعُ فترات للمذاكرة والمراجعة من خلال مرحلتين، هما مرحلة الصباح، وفيها فترتان لا تزيد مدة كل فترة على ساعتين، تتخللهما ساعة للراحة، ثم مرحلة ما بعد الزوال، وفيها أيضا فترتان مدة لا تزيد كل فترة على ساعتين، تتخللهما كذلك ساعة للراحة، وتبقى بداية كل مرحلة ونهايتها من تنظيم المعنيّ بالأمر، وهذه المدد الزمنية تعتبر المعدلَ المتوسط لامتلاك إستراتيجية محددة وواضحة للتعامل الجيد والمفيد مع المواد والمقررات الدراسية، بمختلف تخصصاتها وتشعّباتها، ويمكن أن تزيد عن هذا التحديد بشرطين: الأول تحقيق الهدف المنشود من هذه الإستراتيجية، والثاني عدم الإ**** والإضرار بالصحة والتأثير عليها.
من فوائد هذه الإستراتيجية أنها تساعد على التخلص من شبح وفيروس الغشّ، الذي أصبح ينتشر كنار في الهشيم بين بعض الأوساط المتعلمة، والذي له نتائج سلبية على شخصية المتعلم ونمائها المعرفيّ والعلمي.. وكسب الثقة في النفس وإثبات الذات من خلال القدرة على استرجاع المعارف والمعلومات وتوظيفها التوظيفَ الحسن في الدراسة وفي الحياة العملية..
كما أنها دليل معرفة وصمّام أمان على التمكن من المواد ومحتويات المقرر، إذ أنها أصبحت ملكا للتلميذ أو الطالب ومتحكـَّماً فيها، يستدعيها متى شاء وكيف شاء. كما تخلص منفذها من غول الامتحان والضغط النفسيّ، ومن تم يمر الامتحان في أجواء عادية، وتكون النتائج إيجابية..
لكنّ هذه الإستراتيجية لن تتحقق، ومن ثم لن تحقق الأهداف المرجوة منها بمساعدة التلميذ أو الطالب على النجاح الدائم والمستمر في حياته الدراسية إلا بمراعاة الشروط الآتية، الهدف المحدد، والتخطيط المحكم، والمعمل المتواصل، والإرادة القوية.


عبد الحي العيوني





المساء التربوي