المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الارتقاء بمنظومة التوجيه والتخطيط التربويين


التربوية
19-02-2008, 05:40
الارتقاء بمنظومة التوجيه والتخطيط التربويين
محور التوجيه التربوي
تقديم
تقع إشكالية التوجيه التربوي في نقطة تلاقي: دينامية تطور العالم السوسيو-اقتصادي ودينامية النمو الشخصي للفرد. إنها نقطة تشابك عدة عوامل سيكولوجية، عائلية، مؤسساتية، اجتماعية واقتصادية. ويتعقد الأمر عند محاولة الربط بين ميولات وقدرات الأفراد من جهة، وإمكانية الإدماج في التنظيمات الجماعية التي تكون المهن من جهة أخرى. إن هذا التعقيد يزداد حاليا مع تقلب الوضعية الاقتصادية والتطور التكنولوجي السريع، الذي قلب أساليب الإنتاج، وبالتالي عالم الشغل.
وهكذا، لم تعد غايات التربية تنحصر في تحصيل المعارف أو التعلم الذاتي، بل تتسع إلى اكتساب مهارات تساعد التلميذ على التنبؤ والتموقع والتكيف، وتمكنه من تنمية قدراته على التغيير والتحيين، وبعبارة أدق، تساعده على التحكم في مصيره. ويتطلب ذلك معرفة الشخص لذاته ومحيطه في أفق تحديد حاجياته لكي تصبح أهدافا، وبالتالي مشاريع قابلة للتحقيق والإنجاز.
ففي إطار هذه الغايات التربوية الجديدة وفي صلبها ، تتعدد غايات وأهداف التوجيه التربوي التي ترمي أساسا إلى مساعدة الفرد على إجراء اختيارات وبالتالي اتخاذ قرارات ملائمة تتعلق بمستقبله الدراسي على المدى القريب ومستقبله المهني على المدى البعيد.
التوجيه التربوي وآفاق الميثاق
وعيا بهذا الدور البالغ الأهمية للتوجيه التربوي في إطار تجسيد هذه المهام الجديدة الموكولة لنظام التربية والتكوين، أولى الميثاق الوطني للتربية والتكوين عناية خاصة للتوجيه التربوي بتخصيص الدعامة السادسة منه لهذا المجال، وذلك من خلال تسطير الأهداف المتوخاة من عملية التوجيه وإبراز معالم تطويره والرقي بخدماته.
وهكذا، فقد ركز الميثاق الوطني للتربية والتكوين في المادة 6 من غايته الكبرى على "جعل المتعلم بوجه عام، والطفل على الأخص، في قلب الاهتمام والتفكير والفعل خلال العملية التربوية التكوينية"...، وأضاف في نفس المادة بأن "بلوغ هذه الغايات ليقتضي الوعي بتطلعات الأطفال وحاجاتهم البدنية والوجدانية والنفسية والمعرفية والفنية والاجتماعية..."
كما أن الميثاق سعى في المادة 9 إلى أن تكون " المدرسة المغربية الوطنية الجديدة ... مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة، والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن، مما يتطلب نسج علاقات جديدة بين المدرسة وفضائها البيئي والمجتمعي والثقافي والاقتصادي...".
إن هذه الاعتبارات التي طبعت وتطبع منظومتنا التربوية يجب إذن تجاوزها كما أكدت مقتضيات وبنود الميثاق على ذلك، خصوصا في مادته 100 التي استبعدت العمل بنسب النجاح، وأعطت الأولوية في تدرج المتعلمين إلى استحقاقاتهم فقط بناء على تقويم مضبوط وعلى اختياراتهم التربوية والمهنية.
والتوجيه التربوي، باعتباره تخصصا يهتم أساسا بالفرد وبتطلعاته وبمساعدته على اكتساب مهارات تمكنه من التنبؤ والتموقع والتكيف وبالتالي التحكم في مصيره من خلال بلورة أهدافه ومشروعه المهني، وباعتبار كذلك أن مجال اشتغال التوجيه التربوي يهتم في عمقه بتلك الحلقة الفاصلة بين المدرسة وعالمي الشغل والإنتاج وبمساعدة التلميذ على تدبيرها، فإنه يعد ولا شك رقما أساسيا في تحسين المردوديتين الداخلية والخارجية للنظام التعليمي ويدخل في صلب الغايات المتوخاة من نظام التربية والتكوين كما جاء بها الميثاق الوطني، خصوصا في المادة 10 منه، الذي اعتبر على أن " الجامعة ورشة لتعلم المهن... وقاطرة للتنمية... تزود كل القطاعات بالأطر المؤهلة والقادرة ليس فقط على الاندماج فيها، ولكن أيضا على الرقي بمستويات إنتاجيتها وجودتها...".
متطلبات تنفيذ مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين الخاصة بالتوجيه التربوي
إن أجرأة وتفعيل بنود ومقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين المتعلقة بالتوجيه التربوي، تستدعي توضيح بعض الشروط والمستلزمات التي لا مناص منها حتى يبلغ نظام التربية والتكوين الغايات الكبرى والتي سطرها الميثاق بشكل عام والأهداف المنتظرة من التوجيه التربوي بشكل خاص، وذلك من خلال الارتقاء بخدماته وإخراجه من طابع الظرفية وإضفاء طابع الاستمرارية عليه و " جعله وظيفة للمواكبة وتيسير النضج والميول وملكات المتعلمين واختياراتهم التربوية والمهنية" كما نصت على ذلك المادة 99 من الميثاق.
وتكمن هذه الشروط والمتطلبات أساسا في الإجراءات والوسائل والأدوات التي تتطلبها العملية المصيرية المعقدة ألا وهي عملية اختيار التخصص الدراسي واختيار المهنة وتدبير مرحلة ما بعد الدراسة. ومن بين هذه الشروط والمستلزمات، نورد ما يلي:

التعريف بكل المعطيات المتعلقة بالتخصصات الدراسية والتكوينية المتاحة وبمختلف المؤسسات التي تحتضن هذه



التخصصات ، مما يستدعي تغطية إعلامية متنوعة وشاملة ووجود برنامج إعلامي بسيكوبيداغوجي يرتكز على زيارات استكشافية لعالم الشغل وللمؤسسات التعليمية والتكوينية، وعلى صياغة وتنظيم تمارين لتنشيط الميولات المهنية لدى التلاميذ، وعرض أشرطة تهتم بالتوجيه، واستغلال الإمكانيات التي توفرها وسائل الإعلام والاتصال الحديثة في هذا المجال


التعريف بكل المعطيات المرتبطة بالمهنة المرغوب فيها، من متطلباتها الجسيمة والفكرية، وظروف ممارستها،





وإيجابيتها وسلبياتها، وآفاقها، وإمكانية الترقي داخلها، ومكانتها في سوق الشغل، مما يستوجب توفير صنافة للمهن تتضمن مجموع المهن المتداولة ومختلف المعطيات حولها، وأيضا توفير دورية تعني بمعطيات سوق الشغل وتقلباته


تعريف التلميذ بذاته وبقدراته ومؤهلاته، مما يستدعي توفير روائز وأدوات بسيكوتقنية وبرمجيات المساعدات





الإعلاميائية التي يجب تكييفها مع الواقع المغربي وخصوصياته


تزويد خلايا إنتاج وثائق الإعلام ومراكز الاستشارة والتوجيه بالوسائل والأدوات السالفة الذكر لتمكينها من





أداء وظائفها على الوجه الأمثل


العمل على تطبيق المادة 103 من الميثاق والمتعلقة بإحداث الوكالة الوطنية للتقويم والتوجيه نظرا لأهمية هذين





المجالين في تطوير العملية التعليمية التعلمية من جهة، وأهميتها في اتخاذ القرارات الحاسمة في حق المتعلمين من جهة أخرى


توثيق الصلة ما بين أطر التوجيه التربوي والأطر التربوية من أساتذة ومفتشين الذين لهم دور أساسي في عملية





التوجيه والاستشارة، وذلك من خلال برمجة أنشطة مشتركة، في إطار ما يصطلح عليه بتربية الاختيارات، والتي تستهدف تخصيص مواضيع نتطرق إلى كيفية الاختيار وصعوباته، وكيفية البحث عن المعلومات، ووصف ومناقشة مختلف الجوانب المتعلقة بأصناف مهنية معينة، مما سيمكن لا محالة في إشراك الجميع في صيرورة التوجيه، وسيضفي عليه طابع الاستمرارية



وفي الختام، لا بد من الإشارة إلى التضحيات والمجهودات التي يبذلها أطر التوجيه التربوي فيما يخص الإعلام المدرسي والمهني، سواء في إطار المهام الموكولة إليهم رسميا، أو في إطار الأنشطة التي تنظمها فروع الجمعية المغربية لأطر التوجيه والتخطيط التربوي بشراكة مع جهات أخرى، من أجل سد الفراغ والنقص الحاصلين على مختلف الأصعدة. ويتجلى ذلك من خلال البحث الدائم عن المادة الإعلامية، مع العمل على تحيينها باستمرار، وتنظيم قوافل إعلامية تنتقل من مؤسسة لأخرى، وأبواب مفتوحة سواء على صعيد المؤسسات، أو على صعيد الإقليم.

ومن أجل الارتقاء بعمليات التوجيه التربوي لتكون في مستوى تطلعات مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، فإننا نأمل أن تتضافر جهود كل الفاعلين في حقل التربية والتكوين قصد توفير كل الشروط الضرورية لذلك

romariotechno
15-10-2008, 21:58
merci bcp mon professeur sujet important.