المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التعليم بين الرغبة والرهبة!


Mr saad
24-07-2007, 12:37
http://img.aljasr.com/icon.aspx?m=blank
http://img137.imageshack.us/img137/3840/36910601pt0.gif
في الماضي تناول الناس في مجالسهم المقولة التي نصها "يتعلم الإنسان راغب أو راهب" واعتقد الكثير منهم بصحتها من دون مناقشتها، ويقصد بذلك أن الطالب سيتعلم برغبته شخصياً، أو برغبة غيره، كما اعتقد المعلمون في تلك الفترة بصحتها وتركوا عملية التعلم للرغبة أو للرهبة بدون بذل أي جهد لكي يكسب الطلاب اتجاهات إيجابية نحو التعليم والتعلم، والمقصود هنا بالرهبة هو أن يتعلم الطالب من خلال الخوف من العقاب بنوعيه المعنوي والبدني من المعلم، أو من مدير المدرسة، أو من ولي الأمر، مع أن العقاب المعنوي في الماضي كان أشد قسوة وتأثيرا على الشباب منه في وقتنا الحاضر، حيث يغلب على الشباب في الوقت الحاضر حالة اللامبالاة، وعدم الاكتراث بما حولهم أو بما يمرون به. وفي بداية التعليم بالمملكة كان أغلب المعلمين ـ إن لم يكن جميعهم ـ من غير السعوديين وقادمين من دول عربية مجاورة. فكان تدريسهم متأثرا بالمناهج وبأساليب تعلمهم، وتدريسهم في بلادهم التي قدموا منها، بل نقلوها لنا كما هي في كثير من الأحيان. وما زادهم قوة وإصرارا على تصديق المقولة السابقة هو أن كثيرا من أولياء الأمور يزورون المدارس التي يدرس بها أبناؤهم ويقولون للمعلم "اللحم لك والعظم لنا" وهذه عبارة تعطي المعلم الصلاحيات كاملة في مجال الضرب، حيث كان الضرب وقتها في المدارس مسموحا به، بل كل يضرب في المدرسة حتى الحارس والفراش لديهما الصلاحية بالضرب، والضحية هو الطالب، أما في وقتنا الحاضر فقد صدر قرار منع الضرب، وانقلبت الموازين وأصبح الضحية في كثير من الأوقات هو المعلم.

ونتيجة هذه الصلاحيات المفتوحة في الضرب في المدارس هي أن الطالب يخاف من المعلم خوفاً شديداً لدرجة أن الطالب لا يستطيع أن ينظر في وجه معلمه، أو حتى يقابله في الشارع، بل إذا رأى الطالب معلمه في ناصية الشارع الجنوبية وهو في الطرف الآخر للشارع، غير اتجاهه كي لا يراه المعلم ويعاقبه في اليوم الثاني، هذا واقع تعامل معظم المعلمين مع طلابه في ذلك الوقت.
وفيما يتعلق بالتعلم بالرهبة وتصديق ذلك سواء من المعلمين، أو المتعلمين، أو أولياء الأمور فإنه عاش لفترات طويلة في أحلام وخداع نفسي، أما الجانب الأول من المقولة الذي يركز على التعلم بالرغبة فهذا صحيح لأن من ليس لديه الرغبة في التعلم لن يتعلم، وهذا ما أثبتته العديد من الأبحاث والدراسات التربوية الحديثة، ولذلك تم تطوير مقاييس الاتجاهات والميول للتعرف على ميول ورغبات المتعلمين والاستفادة منها في توجيههم نحو المجالات التي يميلون إليها بدرجة عالية، أما الجانب الآخر الذي يركز على أن عملية التعليم والتعلم تتم نتيجة للرهبة أو الخوف من العقاب بأنواعه من المعلم أو من ولي الأمر، أو من نظرة المجتمع بشكل عام. هذا الاتجاه غير صحيح ولم يثبت تربوياً من خلال الدراسات التي أنجزت في هذا المجال. وهناك مثال سأورده ليتضح للقارئ أن للرغبة دوراً كبيراً في حدوث عملية التعلم وأن الرهبة ليس لها أثر أو دور إيجابي في عملية التعلم. فلقد التحقت مع سبعة من الزملاء من نفس القرية بالصف الأول الابتدائي ولم يحصل منهم على شهادة المرحلة الابتدائية إلا اثنان، والباقي تسرب لعدة عوامل منها: عدم وجود الرغبة في التعلم ومواصلة التعليم، وثاني هذه الأسباب هو المعاملة القاسية التي واجهوها من المعلمين في المدرسة مثل الضرب وزرع الخوف في أنفسهم، والسبب الآخر هو حاجة أسرهم لعملهم كي يكونوا مصدر دخل، ولتوافر فرص العمل لهم في ذلك الوقت وبشكل أفضل. فالطالب في ذلك الوقت دوره سلبي في عملية التعلم، ولا يتعدى دوره التلقي أو الاستقبال للمعلومات من المعلم أو حفظها من المناهج المقررة من دون السؤال كيف تم التوصل إليها، أو ما الفائدة من تعلمها، ولا توجد طريقة تدريسية سوى الإلقاء، ولا حوار ولا نقاش ولا أساليب تدريسية تشجع الطالب على النقاش أو الحوار، أو التعلم الذاتي، وبهذا فالطالب يحفظ، وفي الاختبار يقوم بنقل ما حفظه في ورقة الإجابة، وبذلك كانت أغلب الأجيال التي تخرجت في ظل تلك الظروف المدرسية السابقة يفتقرون إلى مهارات التفكير العلمي الذي يركز على توظيف عمليات العلم المختلفة في التعلم، ويحقق التعلم بصورة وظيفية.

ونتيجة للتعامل القاسي من ولي الأمر في البيت، والمعلم، والمدير في المدرسة، فإن كثيراً من الطلاب تكونت لديهم اتجاهات سلبية نحو المدرسة بل نحو التعلم بشكل عام، وهذا بخلاف الدور المتوقع من البيئة المدرسية بكافة مكوناتها.

وبعد التوسع الكبير في المجال التعليمي وافتتاح العديد من المدارس وتطوير المناهج، والتوسع في برامج إعداد المعلمين وتطويرها، حدثت هناك نقلة نوعية في التعليم في المملكة العربية السعودية، وهذه النقلة صاحبتها بعض المنغصات والمعوقات، ومع ذلك تم التعامل معها فمن هذه المشكلات ما تم حله بشكل نهائي مثل سعودة الوظائف التعليمية في المرحلة الابتدائية، والمتوسطة، والثانوية إلى حد كبير، ومنها ما تم حله بشكل جزئي ولكن زيادة عدد السكان أسهمت في استمرار هذه المشكلة مثل المباني المدرسية وما صاحبها من توسع في أعداد المدارس في مختلف المراحل. وهناك بعض الصعوبات التي وضعت لها خطط زمنية محددة مثل تطوير المناهج، وبرامج إعداد المعلم وتدريبه.

وبعد ملاحظة وزارة التربية والتعليم أن هناك عزوفاً بين معلمي المرحلة الابتدائية فيما يتعلق بتدريس الصفوف الأولية (الأول، والثاني، والثالث الابتدائي) وتهرب المعلمون من تدريس هذه الصفوف، ومن يقوم بتدريسها فعلاً هم المعلمون المنقولون من مدارس أخرى حيث يقحمون في تدريسها بدون رغبة حقيقية منهم، ويقوم بتدريسها المعلمون الذين ليس لديهم خبرة في التدريس (حديثو التخرج)، وخبراتهم قصيرة في التعامل مع الطلاب في هذه السن. ونتج عن ذلك مشكلات عديدة بين المعلمين في كثير من المدارس في عملية تحديد أو اختيار من يقوم بتدريس هذه الصفوف. ولذلك بدأت الوزارة في إيجاد حوافز معنوية للمعلمين الذين يقومون بتدريس الصفوف الأولية وفق ضوابط معينة، وهذه الحوافز تتمثل في التمتع بإجازات قبل زملائهم معلمي الصفوف الأخرى، وإعفائهم من بعض الأعمال الأخرى، وبعد صدور مثل هذا التنظيم أصبح هناك إقبال على تدريس هذه الصفوف، وهذا له تبريرات عديدة سأتركها للمعلمين أنفسهم خاصة المنتمين لمهنة التدريس، ولن أتعرض لها هنا. وهنا أرى أنه في مقابل هذه الامتيازات لمعلمي الصفوف الدنيا يجب اختيار من يقوم بتدريس هذه الصوف وفق شروط محددة من أهمها الخبرة المناسبة في تدريس المرحلة الابتدائية، كما يشترط فيمن يقوم بتدريس هذه الصفوف أن يكون أبا أو أما (أي لديه أطفال) لأن التعامل مع الطلاب في هذه الصفوف يحتاج إلى عناية خاصة مثل معاملة الأب أو الأم لأطفالهما، وأن يدرك حاجات الطلاب في هذا العمر، ويراعي قدراتهم، ويخاطبهم بالأسلوب الذي يتناسب وقدراتهم، وهناك حاجة لمتابعة وتقويم إنجاز أو أداء هؤلاء المعلمين بصفة مستمرة لأن تدريس الصفوف الأولية من قبل معلم منتم لمهنته، وخبير، وماهر، ومتمكن من مادته وأسلوب التعامل مع الطلاب في هذا العمر سيؤدي إلى تعلم الطلاب بفعالية ونجاح، وهو الأساس في عملية التعلم، فإذا كان الأساس قوياً فإن الطالب سيكون كذلك حتى يتم تخرجه في المرحلة الثانوية أو الجامعية.

وفي وقتنا الحاضر تختلف متطلبات التعليم عنها سابقاً، فالإمكانات اختلفت، والمناهج تطورت نتيجة للانفجار المعرفي في المعلومات، وللتطور التقني الذي يعيشه العالم، ونتيجة لما توصلت إليه الأبحاث في مختلف المجالات التي أبرزت الحاجة إلى التطوير، ومعايشة الواقع، ومسايرته بما يخدم ويحقق الأهداف التربوية المخطط لها. ولذلك يتطلب أن يكون إعداد المعلم وتدريبه مصاحباً لذلك التطور لأنه هو المنفذ الحقيقي للعملية التعليمية بكافة جوانبها.

منقول

nabil04
24-07-2007, 20:26
السلام عليكم
موضوع قيم يستحق التشجيع، نأمل أن يلقى المدرس في بلدنا الدعم و التشجيع على غرار نظيره في المملكة السعودية،كما جاء في المقال، لأن التدريس بالأقسام الدنيا في حاجة للتحفيز لننهض به.
ننتظر منك مشاركات أخرى، و شكرا لك جزيلا.