المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإنسان ابن البيئة ورأس الهرم فيها


nadiazou
02-07-2015, 18:57
الإنسان ابن البيئة ورأس الهرم فيها

بقلم .. عـماد سعـد


لقد ترك الإنسان بصماته على الكرة الأرضية التي نعيش عليها عبر مختلف الأنشطة والأعمال التي قام بها، منها ما كان إيجابي ومنها ما كان سلبي. لذا تجد البشرية نفسها الآن في منعطف تاريخي هام من حيث علاقتها بالعالم الطبيعي المحيط بها من ماء وهواء وبحار وغابات.
وخلال القرن المنصرم أحدثت النشاطات البشرية تأثيراً بالغاً على العمليات الطبيعية بما في ذلك الغلاف الجوي الذي عليه الحياة. وإذا كان تدخل الإنسان في العمليات الطبيعية أمراً واقعاً لابد منه، فينبغي عليه دراسة هذا التدخل دراسة عميقة و ثاقبة لتحديد الأساليب السليمة لاستمرار العلاقة الجيدة بين البشرية والعالم الطبيعي المحيط بها بما يحقق التنمية المستدامة للجميع.
ونحن كمسلمين نمثل حوالي 20% من سكان العالم بالتالي نحن معنيون بدراسة الأمور المتعلقة بالاستمرارية البيئية دراسة متأنية وذلك لأن التطورات المستقبلية سوف تتضمن تأثيرات بيئية بالغة الأهمية. ونظراً لأن معظم الدول الإسلامية تعتبر دولاً نامية فهي تسعى جاهدة لتحقيق توسع اقتصادي يفي بالمتطلبات الأساسية لمواطنيها ولكن على حساب ماذا؟ مما أدى إلى ضرورة البحث لبلورة سياسة بيئية جيدة وجديدة تعتمد على التنمية المستدامة، باعتبار أن التنمية تطرح باستمرار عدداً من التساؤلات الجديدة التي تستلزم البحث والاستقصاء. ويتيح الدين الإسلامي أرضية صلبة لتحقيق المحافظة على البيئة وحماية مواردها والوصول إلى تنمية مستدامة حيث انه مصدر لشريعة وقيم حضارية وثقافية للمجتمع المسلم يمكن دمجها بكل سرور مع السياسات البيئية الفعالة مع إمكانية التنفيذ في نفس الوقت كما يقدم لنا ديننا الإسلامي كل ما من شأنه أن يحث على إرساء دعائم سياسات التنمية المستدامة والتنظيم والتأثير على التوجهات العامة وتحقيق علاقة مستمرة بين الإنسان والعالم الطبيعي الذي أبدع الله خلقه.
إن حق الاستثمار والانتفاع والتسخير الذي شرعه الله للإنسان يقابله بالضرورة واجب يقتضي المحافظة على كل الموارد الطبيعية كماً وكيفاً، فلقد خلق الله جميع أسباب الحياة للإنسان وموارده لتحقيق العديد من الأهداف كالتفكير والعبادة والسكن والتعمير والانتفاع والاستثمار الحافظ. والمتعة والتذوق والجمال فلا يجوز للإنسان إفساد البيئة لاخراجها عن طبيعتها الملائمة لحياة الإنسان ورقيه فيها كما لا يجوز استثمار كل الموارد أو الانتفاع بها بشكل غير رشيد يفسد أقواتها ومواردها أو يعرضها للفساد والتشويه.
وكما تقوم نظرة الإسلام للبيئة وموارد الحياة وأسبابها على الحماية ومنع الفساد فإنها تقوم أيضا على البناء والعمارة والتنمية. وهذا التداخل بين المحافظة على الموارد الطبيعية وتعميرها يتجلى في إحياء وعمارة الأرض بالزراعة والغراس والبناء حيث قال الله تعالى في محكم تنزيله (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها). وقال أيضاً (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات ومافي الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة). وفي نفس الوقت أمرنا الله بالمحافظة على هذه الموارد الطبيعية حيث قال (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ) لذا كان موقف الإسلام من البيئة راقٍ جداً حيث جعل الالتزام بالمحافظة على البيئة من قبل الفرد والدولة عبادة يثاب عليها.
ولقد كان للجانب الروحي والديني الدور الأكبر في المساعدة على حماية البيئة، لأن الرقابة الوحيدة التي يمكن أن يلتزم بها الإنسان في كل زمان ومكان هي الرقابة الذاتية أي رقابة الضمير، كذلك الأمر فان القانون الوحيد الذي نضمن له الاحترام والتطبيق هو القانون الإلهي.


تعـريف البيـئة:

هي كل ما يحيط بالإنسان من أشياء وعوامل منظورة وغير منظورة مثل الهواء والماء والتربة والكائنات الحية من نبات وحيوان وبكتريا وفطريات وجماد وحيث أن هذه العوامل من الكثرة بمكان، لكن توجد (هارموني) أو انسجام وتوافق كبير جداً فيما بينها بما يكفل استمرار الحياة لكل الأجناس والأصناف بشكل متوازن.


الحكمة من خلقه تعالى للبيئة:

إن الله لم يخلق شيئاً في هذا الكون عبثاً بدون حكمة أو غاية أو أهمية. والناظر إلى البيئة يجد هذا النظام الكوني الدقيق المحكم الذي له قوانينه المنسجمة والمتناهية في الإتقان. ولكل شيء فيه نظامه الخاص به، ولهذا فان البيئة نعمة من نعم الله تستحق الشكر. يقول الله تعالى ( وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين*ما خلقناهما إلا بالحق0000*) سورة الدخان38 - 39 وتلخص بالتالي:

1- أن السموات والأرض مخلوقة لبني آدم ومسخرة له. من أجل أن تستقر حياته ويستطيع أن يعيش على سطح الأرض، قال تعالى (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ) سورة نعمان 20.

2- أنها آيات دالة على قدرة الله تعالى وعظمته ووجدانيته. قال تعالى (أمن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أءله مع الله بل هم قوم يعدلون ) سورة النمل 60.

3- مجال خصب للتذكير بالله والتفكير في عظيم صنعه. فالذي يرى هذا الكون يجد عظمة الخالق وقدرته في الشمس الساطعة والنجوم اللامعة تجدها في الخمائل والجداول... في الحقول والسنابل... في الساقية والغدير... في الماء النمير... في الضياء والسناء... في الهواء والظلماء... في الورقة واليرقة.
وجعل الله الشمس سراجاً والقمر نوراً والنجوم هداية والليل سباتاً والنهار معاشاً والسماء سقفاً محفوظاً والأرض قراراً والجبال أوتاداً, وأنزل من المعصرات ماءً ثجاجاً. وصدق الله إذ يقول (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) سورة آل عمران188.

4- إن كل ما خلق الله في هذا الكون خلقه كماً وكيفاً. يقول الله تعالى (إنا كل شيء خلقناه بقدر) ويقول (كل شيء عنده بمقدار) ويعتبر الإنسان جزءاً من هذا الكون الذي تكمل عناصره بعضها بعضاً. ولكنه جزء متميز وله موقع خاص بين أجزاء الكون. وصلة الإنسان بالكون كما يصفها القرآن الكريم هي:


صلة الاستثمار والانتفاع والتعمير والتسخير لمنافعه ومصالحه.



صلة الاعتبار والتأمل والتفكير في الكون وما فيه.


5- وقد قضت حكمة الله أن يستخلف الإنسان في الأرض، وبالإضافة إلى كونه جزء منها ومن الكون، منفذ لأوامر الله الكونية فهو إذن مدير لهذه الأرض ومالك لها، ومنتفع بها لامتصرف، انه مستخلف على إدارتها واستثمارها وهو لذلك أمين عليها فيجب أن يتصرف فيها تصرف الأمين في حدود أمانته.

6- إن جميع موارد الحياة قد خلقها الله لنا، وبالتالي فإن الانتفاع بها يعتبر في الإسلام حقاً للجميع لذلك يجب أن يراعى في التصرف فيها مصلحة الناس اللذين لهم فيها شراكه وعلاقة، كما يجب أن لا ينظر لهذه الملكية وهذا الانتفاع على أنهما منحصران في جيل معين دون غيره من الأجيال، بل هي ملكية مشتركة بينهم جميعاً، ينتفع بها كل جيل بحسب حاجته دون إخلال بمصالح الأجيال القادمة وهذا ما يطلق عليه حديثاً بالتنمية المستدامة.

7- إن حق الاستثمار والانتفاع والتسخير الذي شرعه الله للإنسان يتضمن بالضرورة التزاماً منه بالمحافظة على كل الموارد الطبيعية كماً وكيفاً. فلقد خلق الله جميع أسباب الحياة للإنسان ومواردها لتحقيق الأهداف التالية: ( السكن والتعمير – الانتفاع والاستثمار – المتعة وتذوق الجمال ).
فلا يجوز للإنسان إفساد البيئة بإخراجها عن طبيعتها الملائمة لحياة الإنسان وقراره فيه كما لا يجوز استثمار تلك الموارد أو الانتفاع بها بشكل غير رشيد يفسد أو يعرض مواردها للفساد والتشويه.

8- وموقف الإسلام من البيئة وموارد الحياة وأسبابها هو موقف إيجابي، فكما يقوم على الحماية ومنع الإفساد يقوم أيضاً على البناء والعمارة والتنمية، وهذا يتجلى في فكرة إعمار الأرض بالزراعة والغراس والبناء. قال تعالى (هو أنشأكم في الأرض واستعمركم فيها) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسيلة فليغرسها).

واجب الإنسان اتجاه البيئة:

إن المنهج الإسلامي الإيماني في التعايش السلمي مع البيئة منهج شامل فهو كل لا يتجزأ. ووحدة متماسكة لا تنقض عراها. والمسؤولية تجاه البيئة تنطلق من منطلق عقائدي وخلقي، فقد ربط الإسلام الجزاء والعقاب برباط السببية وأوقع الجزاء والعقاب على من يفسد في الأرض. وهذا الجانب الروحي والديني هو من أهم الأسباب والوسائل التي تساعد على حماية البيئة لأن الرقابة الوحيدة التي يمكن أن يلتزم بها الإنسان في كل زمان ومكان هي الرقابة الذاتية أي رقابة الضمير وكذا القانون الوحيد الذي نضمن له الاحترام والتطبيق هو القانون الإلهي.
وقضت حكمة الله تعالى أن يوظف بعض المخلوقات لخدمة بعضها الآخر بحيث تلحظ في الكون كله العناية الإلهية بالأشياء والحكمة السارية في عناصر الكون كدليل على الصانع الحكيم، كما قضت حكمته تعالى أن تكون جميع المخلوقات مسخرة لخدمة الإنسان بالإضافة إلى تسخير بعضها لخدمة بعض. ووضح القرآن الكريم أن كل كائن في هذا العالم له وظيفتان: وظيفة اجتماعية لخدمة الإنسان ووظيفة دينية هي كونه آية على وجود صانعه وحكمته وعلمه وإتقانه.


لماذا فسدت البيئة؟

إن المشكلات التي تعاني منها البيئة اليوم هي مشكلات جسام. وما من مشكلة إلا هي اكبر من أختها. وكل مشكلة تؤدي إلى مساوئ كبيرة في المجتمع. ولعل الأسباب الحقيقية وراء تلك المشكلات هو ظلم الإنسان وجوره وفساده وإفساده. وفسوقه عن أمر ربه وإسرافه وتبذيره.. والقرآن الكريم يعطينا التوصيف الحقيقي لهذه المشاكل. يقول الله تعالى: ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) سورة الروم41. ويقول أيضاً (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها. ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين) سورة الاعراف85.

وما شرط الله لاستدامة هذه الأرزاق بعد الإيمان به وشكره على جزيل عطائه سوى اتباع منهج الاعتدال في استخدام الموارد المتاحة. فضلاً عن البعد عن الفساد. قال تعالى: (كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين) سورة البقرة 60.

إن الإنسان لم يحسن استخدام هذه النعم، فضلاً عن تقصيره في واجب الشكر عليها. فظن أن هذا الرزق ماله من نفاذ، فاندفع ذات اليمين وذات الشمال يحقق طموحاته غير المحدودة. فشرع لنفسه مالم يأذن به الله متخذاً من بلوغ الهدف مبرراً لاتخاذ الوسيلة محدثاً من جراء ذلك في النظام البيئي من الخلل والاضطراب ما وصل بالإنسانية في الآونة الأخيرة إلى حد الكوارث نتيجة الممارسات الخاطئة وسلوك السبل المعوجة.

ومهما يكن من أمر فإن لكل الناس بل لجميع البهائم والحيوانات أيضاً الحق في الانتفاع المشترك بموارد الأرض. فحرم على الناس إفساد أي من هذه الموارد ووجب عليهم حسن استعمالها كلها سواء كانت من عنصر الأحياء أو الأموات.


الخــاتــمة:

إن قضية حماية البيئة والمحافظة عليها هي قضية إنسانية بالدرجة الأولى وبالتالي فهي قضية إسلامية لأن الإنسان هو موضوعها وهو غايتها ووسيلتها في نفس الوقت. وإذا كانت المشكلة فيما مضى هي حماية الإنسان من البيئة الطبيعية وعناصرها فقد أصبحت اليوم حماية البيئة وعناصرها الطبيعية والحيوية من الإنسان ولكن من اجل الإنسان نفسه.
من هنا فإن الإسلام يرحب بكل مسعى محلي وإقليمي ودولي في هذا المجال، ويدعو الجميع إلى تضافر الجهود في جميع الميادين لإقامة نظام دولي متوازن لحماية الإنسان وبيئته والمحافظة على حياة صالحة ومزدهرة للأجيال الحاضرة والمقبلة

abdoutazi
02-07-2015, 19:39
http://www.shy22.com/upfiljpg/0s152088.jpg

http://www.air.flyingway.com/up/dec/4c36517ea5.gif

nadiazou
03-07-2015, 03:02
http://i20.servimg.com/u/f20/11/21/19/15/446-th10.gif (http://www.google.co.ma/url?sa=i&rct=j&q=&esrc=s&source=images&cd=&cad=rja&uact=8&ved=0CAcQjRw&url=http%3A%2F%2Fwww.lakhdaria.net%2Fvb%2Fshowthre ad.php%3Ft%3D314&ei=bvqVVYixFITXUa_1idgJ&bvm=bv.96952980,d.d24&psig=AFQjCNHozDvchDbH7RuM0Pe0JNq05Q_E9Q&ust=1435978687982267)

nasser
03-07-2015, 07:52
http://img.el-wlid.com/imgcache/2014/03/811295.gif

nadiazou
03-07-2015, 12:38
http://i20.servimg.com/u/f20/11/21/19/15/446-th10.gif (http://www.google.co.ma/url?sa=i&rct=j&q=&esrc=s&source=images&cd=&cad=rja&uact=8&ved=0CAcQjRw&url=http%3A%2F%2Fwww.lakhdaria.net%2Fvb%2Fshowthre ad.php%3Ft%3D314&ei=bvqVVYixFITXUa_1idgJ&bvm=bv.96952980,d.d24&psig=AFQjCNHozDvchDbH7RuM0Pe0JNq05Q_E9Q&ust=1435978687982267)

خادم المنتدى
26-02-2016, 21:28
http://up.support-ar.com/do.php?img=1551
http://sorayalni.s.o.pic.centerblog.net/su9r7v2v.gif
http://nslawservices.org/wp/wp-content/uploads/2013/10/thankyou.gif