bifadden
10-03-2008, 22:29
لعل أكثر ما يمكن أن يعاقب به معلم بالوسط القروي هو تكليفه بالتدريس بالمستوى الأول ، فهنا بالوسط القروي تختلف الأمور تماما عما هي في المدينة ، حيث التلاميذ عادة ما يدخلون المدرسة وهم على علم واف بالحروف و الكلام ، لكن هنا ، تنقلب الآية ، و قد كلفت فعلا هذه السنة بتدريس هذا المستوى ، ولا أدري ماذا اقترفت لأعاقب هكذا .
كانت بدايتي (بداية مشاكلي) منذ اليوم الأول لملاقاتي لهاته الكتاكيت ، بحيث أن المدرسة كان فيها 3 معلمين مع احتسابي بالطبع ، و كلفت أنا بالمستوى I و II ، في حيث كلف المعلمان الآخران بباقي المستويات ، واحد يدرس العربية …. و الثاني اللغة الأجنبية …
و قد جرت الأمور عادية جدا بالنسبة للمعلمان الزميلان ، و دخل التلاميذ حجرات الدراسة ، بينما بقيت أنا ، أجري وراء تلاميذي الذين رفضوا الدخول و هرولوا إلى ديارهم . وقد "ألقيت القبض" بالفعل على بعضهم ، و فر البعض ، في حين دخل قسط قليل بإرادتهم هم و تلاميذ المستوى الثاني.
و ما أن دخل الجميع القسم حتى بدأت موجات من الصياح و العويل و البكاء اللامتناهي:icon1366: تهز أرجاء القسم ، و لم أعرف كيف أسكتهم ، و قد خرجت واضعا يداي في أذناي ، فسكتوا ، و زدت انتظر فإذا بهم يهربون من جديد ، فأسرعت بإغلاق بوابة المدرسة ، و بدأت" أجمعهم" و "أضعهم" في القسم و أغلقه ، و أسرعت أستنجد بخبرة الزميلين اللذين قضيا فترة طويلة في الميدان .
اقترح علي الأول أن أتركهم يهربون ، و أكد أنهم سيرجعون فور ما يتعودون على المدرسة و حيطانها ، و قال أن ما جعلهم يفرون هكذا يرجع بالأساس إلى المعلم الذي كان يدرس هذين المستويين في العام السابق ـ حيث كان يبدأ دائما "بسلخ" و ضرب التلاميذ الصغار الجدد ليبث في نفوسهم الخوف و الانضباط منذ البداية. في حين اقترح علي الثاني أن أزيد تخويفهم و أن أعاقب من يصيح ، و قال أن النار بالنار تخمد.
هكذا وضعت بين أمرين وحلين متناقضين تماما وعلي أنا أن أتصرف باعتبارهما:confused:. فكرت مليا ، خاصة في الفكرة الثانية ، فكرة الزميل الذي شبه صياح الأطفال بالنار ثم واتتني الفكرة:1aa: . دخلت القسم وبدأت موجة العويل من جديد ، فقمت يعزل العناصر الهادئة ، و جمعت بصعوبة مصادر العويل في ركن ، و أحطتهم بمقاعد جعلتها في شكل سياج خشبي ، ثم أخذت دلوا و ملأته ماء و بدأت برش مصادر العويل و الصياح ، وقد ارتفع صياحها بشكل مثير في الأول لكنه ، تحت استغراب الجميع انخفض ، ثم هدأ تماما بعد أن أفرغت ما يقارب الخمسة أسطل من الماء عليها . وقد صفق الجميع على فكرتي ، لكن لا أحد يدري ما كان سيحصل في اليوم الموالي .
بدأ اليوم الموالي صباحا كالعادة ، حيث أدخل المعلمان تلاميذهم في حين بدأت أنا أطارد الفارين و المهرولين ، الذين يبدأون هرولتهم فورما ينصرف آباؤهم ، و كالأمس بدأوا العويل و الصياح ، فصنعت السياج من جديد و بدأت أرش و ما إن بدأت أفكر في سبب قلة عددهم حتى فوجئت بمجموعة من الأباء مصحوبين ببعض" مصادر العويل" ينهرون و يشتمون خارجا ، وخرجت ووجدت الجميع مزكوما ، وطالبوا بسبب بلل أولادهم يوم أمس ، فأعطيتهم بعض التفاسير الغوغائية و انصرفوا يحاولون فهمها في حين أدخلت مصادر العويل المزكومين حجرة الدراسة و العويل ووجدت بالمناسبة المحاطين بالسياج قد أوشكوا على الهدوء ، و كان قد بقي لحسن حظهم دلو مملوء بالماء ، كان كفيلا بإسكاتهم . في حين جلس المزكومون كل منشغل بزكامه ، بحيث لم تكن لديهم الفرصة للصياح و العويل هذه المرة . و كلما حاول أحدهم فاجئه السعال و قضى على كمية الهواء التي ادخرها ليضخها في أحباله الصوتية .وهذا كان أهم ما ميز اليوم . أما اليوم الثالث فقد ارتحت تماما ، ذلك أن الجميع الآن أصيب بالزكام ، و عَوًٌَُضَ السعال الصياح و العويل . وكان طبعا أرحم علي بكثير.
كانت بدايتي (بداية مشاكلي) منذ اليوم الأول لملاقاتي لهاته الكتاكيت ، بحيث أن المدرسة كان فيها 3 معلمين مع احتسابي بالطبع ، و كلفت أنا بالمستوى I و II ، في حيث كلف المعلمان الآخران بباقي المستويات ، واحد يدرس العربية …. و الثاني اللغة الأجنبية …
و قد جرت الأمور عادية جدا بالنسبة للمعلمان الزميلان ، و دخل التلاميذ حجرات الدراسة ، بينما بقيت أنا ، أجري وراء تلاميذي الذين رفضوا الدخول و هرولوا إلى ديارهم . وقد "ألقيت القبض" بالفعل على بعضهم ، و فر البعض ، في حين دخل قسط قليل بإرادتهم هم و تلاميذ المستوى الثاني.
و ما أن دخل الجميع القسم حتى بدأت موجات من الصياح و العويل و البكاء اللامتناهي:icon1366: تهز أرجاء القسم ، و لم أعرف كيف أسكتهم ، و قد خرجت واضعا يداي في أذناي ، فسكتوا ، و زدت انتظر فإذا بهم يهربون من جديد ، فأسرعت بإغلاق بوابة المدرسة ، و بدأت" أجمعهم" و "أضعهم" في القسم و أغلقه ، و أسرعت أستنجد بخبرة الزميلين اللذين قضيا فترة طويلة في الميدان .
اقترح علي الأول أن أتركهم يهربون ، و أكد أنهم سيرجعون فور ما يتعودون على المدرسة و حيطانها ، و قال أن ما جعلهم يفرون هكذا يرجع بالأساس إلى المعلم الذي كان يدرس هذين المستويين في العام السابق ـ حيث كان يبدأ دائما "بسلخ" و ضرب التلاميذ الصغار الجدد ليبث في نفوسهم الخوف و الانضباط منذ البداية. في حين اقترح علي الثاني أن أزيد تخويفهم و أن أعاقب من يصيح ، و قال أن النار بالنار تخمد.
هكذا وضعت بين أمرين وحلين متناقضين تماما وعلي أنا أن أتصرف باعتبارهما:confused:. فكرت مليا ، خاصة في الفكرة الثانية ، فكرة الزميل الذي شبه صياح الأطفال بالنار ثم واتتني الفكرة:1aa: . دخلت القسم وبدأت موجة العويل من جديد ، فقمت يعزل العناصر الهادئة ، و جمعت بصعوبة مصادر العويل في ركن ، و أحطتهم بمقاعد جعلتها في شكل سياج خشبي ، ثم أخذت دلوا و ملأته ماء و بدأت برش مصادر العويل و الصياح ، وقد ارتفع صياحها بشكل مثير في الأول لكنه ، تحت استغراب الجميع انخفض ، ثم هدأ تماما بعد أن أفرغت ما يقارب الخمسة أسطل من الماء عليها . وقد صفق الجميع على فكرتي ، لكن لا أحد يدري ما كان سيحصل في اليوم الموالي .
بدأ اليوم الموالي صباحا كالعادة ، حيث أدخل المعلمان تلاميذهم في حين بدأت أنا أطارد الفارين و المهرولين ، الذين يبدأون هرولتهم فورما ينصرف آباؤهم ، و كالأمس بدأوا العويل و الصياح ، فصنعت السياج من جديد و بدأت أرش و ما إن بدأت أفكر في سبب قلة عددهم حتى فوجئت بمجموعة من الأباء مصحوبين ببعض" مصادر العويل" ينهرون و يشتمون خارجا ، وخرجت ووجدت الجميع مزكوما ، وطالبوا بسبب بلل أولادهم يوم أمس ، فأعطيتهم بعض التفاسير الغوغائية و انصرفوا يحاولون فهمها في حين أدخلت مصادر العويل المزكومين حجرة الدراسة و العويل ووجدت بالمناسبة المحاطين بالسياج قد أوشكوا على الهدوء ، و كان قد بقي لحسن حظهم دلو مملوء بالماء ، كان كفيلا بإسكاتهم . في حين جلس المزكومون كل منشغل بزكامه ، بحيث لم تكن لديهم الفرصة للصياح و العويل هذه المرة . و كلما حاول أحدهم فاجئه السعال و قضى على كمية الهواء التي ادخرها ليضخها في أحباله الصوتية .وهذا كان أهم ما ميز اليوم . أما اليوم الثالث فقد ارتحت تماما ، ذلك أن الجميع الآن أصيب بالزكام ، و عَوًٌَُضَ السعال الصياح و العويل . وكان طبعا أرحم علي بكثير.