المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس بالباوربوانت: الافعال الخمسة


المعلم
05-08-2007, 22:34
درس بالباوربوانت: الافعال الخمسة

مرة اخرى و مع جديد المعلم اليكم هذا الدرس للافعال الخمسة تفضلوا

http://www.u11p.com/folder3/U11P_2hbneuXkaQ.gif (http://www.zshare.net/download/30024765b39746/)
ارجوكم لا تنسوا الردود و تقييم الموضوع اذا كان مفيدا ويستحق التقييم
http://img215.imageshack.us/img215/6683/86a9490e30gl3.gif

EL MANSOUR
05-08-2007, 22:41
لاأعرف كيف اشكرك أخي المعلم على ماتقدمه الى هذا الدفتر جزاك الله بألف خير

wafae
05-08-2007, 23:09
جزاك الله خيرا أخي و استخدمك دائما فيما فيه النفع و الرشاد

صانع الاجيال2
06-08-2007, 10:33
شكرا على المجهود المبذول

المعلم
06-08-2007, 13:38
لاأعرف كيف اشكرك أخي المعلم على ماتقدمه الى هذا الدفتر جزاك الله بألف خير

العفو اخي هذا واجبي

المعلم
06-08-2007, 13:40
جزاك الله خيرا أخي و استخدمك دائما فيما فيه النفع و الرشاد

العفو اختيwafae وبارك الله فيك و تحية عطرة الى كل الفاسيين .

المعلم
06-08-2007, 13:42
شكرا على المجهود المبذول

تشرفت بك في موضوعي اخي tassa74 حفظك الله.

الأستاذ:يحيى
08-10-2007, 12:54
مشككككككككككككككككككككور

الأستاذ:يحيى
08-10-2007, 13:02
كنوز الإعجاز العلمي
في القرآن الكريم

عبد الدائم الكحيل
www.kaheel7.com

بسم الله الرحمن الرحيم
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ



كتيب مجاني
(حقوق الطبع لكل مسلم)
مقدمــة
الحمد لله الذي جعل هذا القرآن مليئاً بالمعجزات، وصلى الله على من كان القرآن خلقَه ومنهجه وإمامه، وعلى آله وأصحابه وسلّم تسليماً كثيراً.
في هذا البحث تتجلّى أمامنا كنوز ودُرر ولآلئ من بحر إعجاز القرآن الكريم الذي لا تنقضي عجائبه ولا تفنى معجزاته.
فقد ثبُت علمياً وبما لا يقبل الجدل أن القرآن العظيم تحدّث عن العديد من الحقائق العلمية والكونية قبل أن يكتشفها العلم الحديث بأربعة عشر قرناً!
وسوف نعيش من خلال الفقرات القادمة مع بعض الحقائق التي أخبر عنها القرآن الكريم في علوم البحار والجبال والفلك والأرض والسحاب والرياح والطب والنبات.
وسوف نرى بأن القرآن تحدث عن هذه الحقائق بلغة علمية دقيقة وتعابير لغوية محكمة تدل على أن هذا القرآن كلام الله الحقّ، وأن محمّداً عليه صلوات الله وسلامه لاينطق عن الهوى، بل هو رسول الله إلى الناس كافة.
ويجب أن نتذكر دائماً أن الإعجاز العلمي ليس هدفاً بحدّ ذاته، إنما الهدف هو زيادة التثبيت اليقيني بالله عزّ وجلّ، وزيادة الخوف والخشوع أمام عَظَمَة كتاب الله تعالى، الذي قال عنه: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الحشر: 21].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

المؤلف






إعجــاز القـرآن
في علـم البحـار

(وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً) [الفرقان:53]

منذ 1400 سنة لم يكن أحد على وجه الأرض يعلم شيئاً عن الحاجز بين النهر والبحر. وقد قام حديثا علماء بدراسة المنطقة حيث يصبّ النهر العذب في البحر المالح. وكانت النتيجة أن هذه المنطقة لها خصائص مختلفة كلياً عن الخصائص الموجودة في أيّ من ماء النهر أو ماء البحر.
حتى إننا نجد أحدث الأبحاث العلمية تؤكد أن منطقة المصبّ يحدث فيها مزج مضطرب، وسبحان الله العظيم يأتي البيان الإلهي ليعبر عن هذه الحقيقة العلمية الدقيقة بكلمة واحدة زهي (مَرَجَ)!
وهذا النوع من الحواجز تحدث عنه القرآن، يقول تعالى: (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً) [الفرقان:53].
لقد نشأ علم حديث اسمه ميكانيك السوائل يبحث في القوانين التي وضعها الله تعالى لتحكم أي سائل في الكون.
ومن أهم السوائل بالنسبة لنا هو الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي فقال: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء:30].
ومن أهم القوانين التي تحكم هذا الماء قانون التوتر السطحي الذي بواسطته تحافظ كل قطرة ماء على شكلها و وجودها.
ولولا هذا القانون لتبخر الماء ولم يتماسك أبداً. وبواسطة هذا القانون الذي يشد جزئيات الماء إلى بعضها البعض تبقى البحار متماسكة أيضاً. لأن قوة التوتر السطحي هذه وهي القوة التي تشد جزيئات الماء تتغير مع كثافة الماء ودرجة حرارته ونسبة الملوحة فيه وغير ذلك من العوامل. فتجد أن النهر العذب له خصائص تختلف تماماً عن البحر المالح، وبالتالي هنالك اختلاف كبير بين قوة التوتر السطحي للماء العذب وتلك الخاصة بالماء المالح. هذه القوى تلتقي عند التقاء مصب النهر مع البحر. فتعمل كل قوة ضد الأخرى!
فتجد أن منطقة البرزخ أو منطقة الالتقاء للنهر مع البحر هي منطقة تدافع وتجاذب وحركة واضطراب وهذا ما عبَّر القرآن عنه بكلمة واحدة وهي (مَرَجَ). يقول عز وجل: (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً) [الفرقان:53].
وتأمل معي كلمة (حِجْراً مَّحْجُوراً) في الآية كيف تعبر عن جدار منيع وقوي وهذا ما نجده فعلاً، فهذه القوى الناشئة بين النهر والبحر في منطقة البرزخ هي جدار لا يمكن اختراقه. ومن علم ميكانيك السوائل نعلم بأن أي جدار يتم بناؤه يقوم على أساس دراسة القوى التي ستقع على هذا الجدار.لذلك نجد أن التعبير القرآني عن الحاجز بين النهر والبحر بأنه (حِجْر) تعبير دقيق من الناحية العلمية.
كما أن هنالك فارقاً في قوى الضغط التي يسببها النهر على البحر والقوة المعاكسة التي يسببها البحر على النهر، وتكون النتيجة أن هنالك منطقة متوسطة هي البرزخ وعلى جانبيه ضغوط مختلفة يتحملها وكأنه جدار محصَّن وقوي. لذلك قال تعالى في آية أخرى:
(أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [النمل:61].

إن الغوص في الماء ومعرفة أسرار البحار كان من رغبات الإنسان منذ وجوده على الأرض. ولكن الإنسان في الحالة الطبيعية لا يمكنه الغوص لأكثر من أمتار معدودة وذلك بسبب الضغط الكبير المتولد من وزن الماء فوقه.
وعندما اخترع الإنسان الغواصة تمكن من الوصول لأعماق كبيرة تقدر بمئات الأمتار أو آلاف الأمتار. وعندها تم اكتشاف عالم قائم بذاته في أعماق المحيطات، ولعل الشيء الملفت للانتباه هو اكتشاف أمواج عميقة أشدّ عنفاً من الأمواج التي على سطح البحر.
فكما نرى أمواجاً متلاطمة على سطح البحر، أيضاً هنالك أمواج في عمق البحر.هذه الأمواج تحدث عنها القرآن في قول الحق تبارك وتعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) [النور:40].
ونلاحظ كيف تتحدث الآية بوضوح عن البحر العميق الذي تغشاه الأمواج ثم من فوقه أمواج أخرى.
وهنا ندرك دقة القرآن حتى في تشبيهاته، فالله تعالى يقول لنا بأن الكافر بربه والذي ضلَّ عن سبيل الهدى مثله كمثل رجل يعيش تحت هذه الأمواج العميقة، قمة الظلام والضيق، فالله تعالى يشبه الضلال بهذه الظلمات ويتحدث عن أمواج في عمق البحر (اللجي هو العميق). إن هذا النوع من المعرفة لا يمتلكه حتى أدباء عصرنا هذا، فكيف بالنبي الأمي الذي جاء في عصر عبادة الحجارة والأوثان، في ذلك العصر لم يكن هنالك إلا الأساطير. بينما القرآن نجده يحاكي كل العصور فهو كتاب الله عزّ وجلّ.
إن الذي ينظر إلى الكرة الأرضية من الفضاء الخارجي يشاهد البحار تغطيها السحب بشكل كبير. وهذا ما تظهره صور الأقمار الاصطناعية. هذه السحب الكثيفة تحجب جزءاً كبيراً من نور الشمس ويبقى جزء صغير ليخترق أمواج البحر السطحية وبعد ألف متر تقريباً ينعدم الضوء تماماً عند مستوى الأمواج العميقة. لذلك يقول تعالى: (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ)،
فالأمواج تساهم في حجب قسم كبير من الأشعة الضوئية أيضاً. فيكون لدينا ظلام في قاع البحر، ومن فوقه طبقة من الأمواج الداخلية التي تضيف طبقة ثانية من الظلام، ثم يأتي الماء الموجود فوق هذه الأمواج والذي يضيف طبقة ثالثة من الظلام، ثم تأتي الأمواج على سطح البحر والتي تضيف طبقة رابعة من الظلام ثم تأتي طبقة الغلاف الجوي فوق سطح البحر لتشكل طبقة خامسة من الظلام ثم السحاب والغيوم الركامية التي تشكل طبقة سادسة وهكذا (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ)، فهل يمكن لإنسان يعيش تحت هذه الظلمات أن يرى يده؟ كذلك الذي ضل عن سبيل الله ونسي لقاءه أنَّى له أن يرى نور الإيمان!
إذا كان الإنسان قبل مجيء القرن العشرين لا يستطيع الغوص في الماء إلا لعدد من الأمتار، كيف علم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلّم بهذه الأمواج في أعماق البحار؟
هل درس رسول الله عليه الصلاة والسلام قوانين انكسار الضوء، وكيف يفقد الضوء جزءاً من طاقته عندما يخترق الماء أو الأمواج؟
إن الضوء الذي يخترق ماء البحر على عمق مائة متر لا يبقى منه إلا أقل من واحد بالمئة على مثل هذا العمق، فكيف على أعماق آلاف الأمتار؟
إن الأمواج العمقية في البحر لم يتم كشفها إلا منذ أقل من مائة سنة، ولم يتم دراستها وتصويرها إلا منذ سنوات قليلة فقط.
إن الإنسان لا يمكنه الغوص إلى هذه الأعماق إلا باستخدام غواصة ذات جدران شديدة الصلابة والتحمل لتتحمل الضغط الكبير جداً الذي تسببه طبقة الماء فوقها.
إذن الحياة مستحيلة تحت هذه الأعماق، فكيف تحدث القرآن عن إنسان يعيش على هذا العمق الكبير من الماء؟
إنها معجزة جديدة، فالقرآن يتحدث عن زمن سيخترع الإنسان فيه الغواصة وسينْزل إلى أعماق البحر وسوف يتحقق قول الحق تعالى: (إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا)، وهذا ما يحدث فعلاً مع الغواصين في غواصاتهم حيث تنعدم الرؤيا بشكل شبه كامل عند عمق البحر
إذن في هذه الآية الكريمة عدة إعجازات: الحديث عن الظلمات في أعماق البحار. الحديث عن الأمواج العمقية في البحر. والحديث عن تحقق هذه الآية في المستقبل وقد تحققت فعلاً باختراع الغواصات.
نعيد كتابة النص القرآني ونترك للقارئ التفكر والتأمل في عظمة آيات الله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) [النور: 39-40].
ومن الكشوفات المهمة في علم البحار أن هنالك مسافة تفصل بين أي بحرين، فلا يطغى هذا على ذاك أو العكس.
عندما يلتقي البحران عند مضيق ما يحافظ كل بحرٍ على خصائصه. فعلى سبيل المثال يلتقي البحر الأحمر مع المحيط الهندي في منطقة تسمى مضيق باب المندب.هذه المنطقة نجد لها خصائص متوسطة بين البحرين.
فالبحر الأحمر له كثافة ودرجة حرارة ولزوجة تختلف عن المحيط الهندي، والأسماك التي تعيش هنا غير التي تعيش هناك. هذه المنطقة الفاصلة تسمى بالحاجز أو البرزخ.
هذا البرزخ يشبه الجدار المتين الذي يفصل بين البحرين، وهو يسمح لماء هذا البحر بالمرور عبره لذلك البحر ولكن بعد أن يغير خصائصه بما يتناسب مع البحر الثاني. وبالتالي رغم اختلاط البحرين وامتزاجهما يبقى كل منهما مستقلاً عن الآخر في مواصفاته.
هذا البرزخ الذي لم تتم رؤيته إلا بواسطة الأقمار الاصطناعية في نهاية القرن العشرين تحدث عنه القرآن قبل أربعة عشر قرناً. لنستمع إلى قول الله تعالى: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ) [الرحمن:19-20].
إن هذا البرزخ يوجد أيضاً بين البحر المالح والنهر العذب عند التقائهما. فنجد أن الأنهار العذبة تصب في البحار المالحة، ورغم ضخامة البحر المالح لا يطغى على النهر العذب ولا يختلط به أبداً.
ويمكن رؤية المنطقة التي تفصل بين الماء العذب والماء المالح بالأقمار الاصطناعية وهي تمتد عادة لعدة كيلومترات.
القشرة الأرضية ليست متصلة تماماً بل تتركب من مجموعة من الألواح. هذا ما كشفت عنه الأبحاث الجيولوجية حديثاً.
حركة الألواح هذه تؤدي إلى تصادمات مستمرة فيما بينها ينتج عنها تصدع للقشور الأرضية. وهذا ما تحدث عنه القرآن بقوله تعالى: (والأرض ذات لصدع)[الطارق:12].
هذه التصدعات تكثر في قاع البحار والمحيطات وينتج عنها انطلاق كميات من الحمم المنصهرة من باطن الأرض على شكل براكين. فالنيران تشتعل في قاع البحر بشكل دائم وعلى الرغم من حجم الماء الكبير فوقها لا يستطيع إخمادها.
لقد تحدث القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرناً عن هذه الحقيقة العلمية بقوله تعالى: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) [الطور:6]. وكلمة (سَجَرَ) في اللغة تعني أشعل وأحرق، و لم يكن أحد على وجه الأرض يتخيل هذا الأمر.

ولكن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم الذي لا ينطق عن الهوى إنما بلغنا القرآن كما أنزله عليه ربه دون زيادة ولا نقصان، لم يستغرب هذه الحقيقة بل هو مؤمن بكل ما أوحي إليه.

فقد بلغنا قول الله تعالى (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) وكلمة (الْمَسْجُورِ) تفيد الاستمرار. فالبحر لا يزال منذ ملايين السنين يشتعل قاعه بنار تصل حرارتها لآلاف الدرجات المئوية وعلى الرغم من ذلك لا يتبخر الماء ولا تنطفئ النيران!



إعجـاز الـقرآن
في علـم الجبـال

(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) [لقمان: 10]

يخبرنا علماء الجيولوجيا عن أسرار تشكل الجبال على الأرض. فمنذ أكثر من ثلاثة آلاف مليون سنة كان سطح الأرض يلتهب بحركة شديدة لأجزائه، البراكين والهزات الأرضية، وما تطلقه الأرض من باطنها من حمم منصهرة وغير ذلك.
وخلال ملايين السنين تبردت هذه القشرة الخارجية لسطح الأرض وشكلت ألواحاً تغطي الكرة الأرضية، هذه الألواح تسمى القشرة الأرضية. وتتحرك بشكل مستمر بحركة بطيئة جداً. وعند اصطدامها مع بعضها فإنها تشكل ضغطاً رهيباً يتجه للخارج بشكل عامودي على سطح الأرض، يؤدي هذا الضغط إلى إلقاء أطراف هذه الألواح للأعلى وبروزها. وبمرور الملايين من السنوات تشكلت الجبال التي نراها اليوم.
وهنا نجد أن كلمة (أَلْقَى) هي الكلمة المثالية للتعبير عن آلية تشكل الجبال. لذلك نجد البيان القرآني يؤكد هذه الحقيقة العلميـة بقـوله تـعالى: (وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [النحل:15].
ثم تأمل معي هذه الآية الكريمة التي تحدثت عن مدّ الأرض وحركتها وكيف أُلقيت الجبال نتيجة حركة الألواح، يقول تعالى: (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ) [ق: 7].
فالآية تتحدث عن مدّ الأرض أي حركتها وهذا ما حدث فعلاً، والرجل عندما يمدّ يده يعني أنه يحركها لتمتد، إذن معنى قوله تعالى (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا) أي حركناها حركة بطيئة. وكان من نتائج هذه الحركة لقشرة أو لقشور الأرض هو اصطدام هذه القشور وإلقاء ما بداخل الأرض للأعلى لتتشكل الجبال، لذلك يقول تعالى: (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ).
لقد كشفت البحوث الجيولوجية الحديثة أن الجبال هي كالوتد المغروس في الأرض. والذي قاد هذا الكشف هو وجود جذر للجبل داخل الأرض. فعند رسم مخطط لهذا الجبل نراه كالوتد منه جزء بارز على الأرض هو الجبل، والجزء الأكبر في عمق الأرض.

وقد درس الباحثون سرّ تكون الجبال والهدف منها وما هي فائدتها، فتبين أن الجبال تمثل مثبتات للأرض خلال رحلة دورانها. فالأرض تدور بسرعة كبيرة تتجاوز الـ 1600 كيلومتراً في الساعة. وعند هذه السرعة يختل توازن الأرض لولا هذه الجبال التي هي بمثابة موازنات لهذه الكرة الدوارة!
ثم إن دراسة سطح الأرض وتوزع الجبال والمحيطات فيه يبين نوعاً من التوازن في الهيكل العام للأرض. وهنا يأتي البيان القرآني ليقول لنا: (والجبالَ أوْتاداً) [النبأ: 7].
إذن الجبال عبارة عن أوتاد أليس هذا وصفاً دقيقاً للجبل؟
وهنا نسأل: من الذي جاء بهذه الحقائق العلمية قبل أربعة عشر قرناً؟ أليست دليلاً على صدق كتاب الله تعالى؟
إن القشرة الأرضية تقوم على الألواح التي تتحرك باستمرار، وبما أن الجبال لها جذور تمتد لأكثر من خمسين كيلو متراً في الأرض، فهذا يعني مزيداً من التثبيت والإحكام لهذه الطبقات. والألواح بدورها ترتكز على طبقة أعمق أثقل من الألواح وهكذا يزداد الثقل كلما اتجهنا نحو المركز الأرضي. لذلك فإن الله تعالى قد أرسى هذه الجبال لنستمتع باستقرار الأرض، يقول الحق تبارك وتعالى: (والجِبَالَ أَرْسَاهَا) [النازعات: 33].
هنالك شيء آخر وهو أن الألواح الأرضية التي نعيش عليها تتحرك حركة بطيئة جداً لاتمكن رؤيتها ولكن يمكن قياسها بالأرقام. إن وجود كتل الجبال الضخمة التي تخترق هذه الألواح يساعد على تنظيم حركتها وتبطيئها. ولولا هذه الجبال لتحركت هذه الألواح بسرعة مما يؤدي إلى ميلانها، وذلك لأن هذه الألواح أخف من الطبقات التي تحتها.فكما نعلم تزداد كثافة طبقات الأرض كلما اتجهنا لداخلها تماماً كأننا نطفو داخل سفينة على سطح البحر، هذه السفينة لها كتلة ذات وزن كبير لتثبيت حركتها، فإذا ما أفلتت هذه الكتلة مالت السفينة مباشرة وفقدت استقرارها.
وهنا يتجلى قول الحق سبحانه وتعالى: (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) [الأنبياء:31].
ونتساءل: قبل 1400 سنة من كان يتخيل أن للجبال جذوراً منغرسة في عمق الأرض، ومن كان يعلم أن هذه الجبال تحفظ توازن الأرض وتمنعها من الميلان؟
عندما نقف أمام سلسلة من الجبال الشاهقة وننظر إليها ونتأمل عظمة الخالق وبديع صنعه، نحسّ بأن هذه الجبال شديدة الثبات والجمود. ولم يكن أحد على وجه الأرض قبل (1400) سنة يتخيل حركة الجبال المعقدة.
لقد اكتشف العلماء حديثاً أن الجبال تتحرك حركة خفيفة جداً بحدود بضع ميليمترات كل سنة، وهذه الحركة لا يمكن ملاحظتها أبدأً ولكن لغة الأرقام والقياسات لعمر الأرض وشكلها قبل ملايين السنين، كل هذه معطيات تؤكد وجود الحركة للجبال مع الألواح التي تقوم عليها.
فالألواح الأرضية كما قلنا تتحرك وبما أن الجبال تقوم على هذه الألواح فهي تتحرك معها.
هذه هي الحركة الأولى للجبال والتي لم يتأكد وجودها إلا حديثاً جداً. ولكن هنالك حركة ثانية، فعندما تدور الأرض حول محورها تدور معها الجبال، وهذه الحركة يمكن رؤيتها مباشرة من الفضاء الخارجي.
الآن نأتي إلى البيان الإلهي حول حركة الجبال في قول الله تعالى: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل: 88].
إن الله تعالى الخبير بحركة الألواح في باطن الأرض لهو خبير بأفعالنا خيرها وشرها، وعندما ندرك أن الله تعالى يعلم كل شيء في هذا الكون فلا بد أنه مطلع عليم ويعلم كل شيء عنَّا.
وهنا تتجلى عظمة الإعجاز العلمي حيث انه يتخذ الحقيقة العلمية سبيلاً لمعرفة الله ومعرفة صفاته وقدرته والإيمان بأنه على كل شيء قدير. ولكن السؤال: لماذا شبه الله تعالى حركة الجبال بمرور السحاب؟
والجواب هو أن هذا التشبيه دقيق جداً، فالغيوم في السماء تتحرك حركة شبيهة بحركة الجبال فهي تتحرك بفعل الرياح حركة بطيئة وخفيفة، وتتحرك أيضاً مع الأرض ومع الغلاف الجوي أثناء دوران الأرض حول محورها.
فالغيوم تتحرك بفعل قوى الضغط التي تولدها الرياح، والجبال تتحرك بفعل قوى الضغط التي تولدها حرارة باطن الأرض.

كذلك الجبال تلعب دوراً أساسياً في تشكل السحب والأمطار، فكما نعلم أن قِمم الجبال العالية دائمة الثلوج، فهي مغطاة بطبقة جليدية تنخفض حرارتها دون الصفر.
وعندما يرتفع بخار الماء المحمول من البحار إلى الجو بواسطة الرياح يؤدي إلى تبرد هذا البخار لدى ملامسته لقمم هذه الجبال. ثم عندما يبدأ المطر بالتساقط، يهطل بغزارة حول الجبال وعليها وتتشكل السيول وينفذ جزء من ماء المطر إلى داخل الجبل حيث يتم تنقيته وتصفيته عبر طبقات الجبال.
إذن أعذب الينابيع هي الموجودة في الجبال أو أسفلها، لأن الماء المخزَّن في الأرض يُصَفَّى لدى مروره عبر ذرات التراب والصخر وغير ذلك من مكونات الأرض، وانظر معي إلى قطرة الماء التي تسقط على قمة الجبل ثم تتسلَّل عبر طبقاته (آلاف الأمتار) كم تُنَقى و تُصَفَّى؟
وهنا تتراءى أمامنا عظمة القرآن حين يتحدث بدقة عن دور الجبال في المطر وتصفية الماء ليصبح ماءً فراتاً، يقول تعالى: (وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتاً) [المرسلات: 27].
إذن الرواسي الشامخات وهي الجبال المرتفعة هي من صنع الله تبارك وتعالى، سخَّرها لتصفي لنا الماء فنشربه سائغاً فراتاً. أليست هذه رحمة الله التي وسعت كل شيء؟
بل كيف علم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم قبل 14 قرناً بدور الجبال في تشكل الغيوم والمطر وتصفية الماء؟ ومن الذي أخبره؟
إنه عالم الغيب والشهادة الواحد الأحد سبحانه وتعالى عما يشركون. ثم إن الجبال تشكل عاملاًَ مهمَّاً في نزول المطر من السماء. فالرياح تحمل معها ذرات الماء من على سطح البحار والأنهار ثم تسير بها وتسوقها حتى تصطدم بالجبل حيث تغير مسارها للأعلى، فتتجه الذرات المائية مسرعة باتجاه الأعلى لتصل إلى طبقات الجو العليا وتتبرَّد ثم تتكثف. عملية التكثف هذه تساهم فيها الغبار الموجودة في الجو والناتجة من عمليات الحتّ المستمرة للجبال.ولولا ذرات الغبار لما تشكلت الغيوم!
يخبرنا علماء الجيولوجيا أيضاً عن عمر هذه الجبال الذي يبلغ آلاف الملايين من السنين! فالله تعالى بعظيم حكمته ركب الأرض (القشور الأرضية) من مجموعة ألواح. هذه الألواح منذ خلقها الله وهي تتحرك وتصطدم ببعضها وينتج عن هذا التصادم بروز الجبال.
فمثلاً نحن نعلم بسلسلة جبال الهملايا الضخمة ويقول العلماء إنها قد انتصبت بفعل التصادم المستمر بين اللوح الهندي واللوح الآسيوي.
وانتصاب الجبال لا يزال مستمرا ًولكن ببطء شديد. لذلك يطلب القرآن من كل مؤمن تدبّر آيات الله تعالى في هذه الجبال فيقول: (وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ) [الغاشية: 19].









إعجاز القرآن
في علم الأرض


وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ
[الذاريات: 20]

عندما ننظر لكرتنا الأرضية من الخارج نراها كرة زرقاء بديعة تسبح في هذا الكون الواسع بكل هدوء، ولكن عندما ندخل لأعماق هذه الكرة الوادعة نرى التصدعات والتشققات والاهتزازات ونرى تفاعلات كيميائية، ونرى عالماً يعجُّ بالحركة والحياة الحرارة...
وقد كان يُظن في الماضي أن الزلازل تقتصر على أجزاء معينة من الأرض، ولكن بعد تطور أجهزة القياس تبين أن جميع أجزاء الأرض تعاني من اهتزازات وتصدعات تنتج عن هذه الهزات، وقد تحدث الهزات ولا نحسُّ بها إلا إذا تجاوزت قوة معينة تحددها مقاييس الهزات الأرضية.
إذن يقرر العلم الحديث أن جميع أجزاء الكرة الأرضية تعاني من هزَّات باستمرار ينتج عنها تصدع مستمر.
وهذا ما نجد عنه حديثاً في كتاب الله تعالى حيث يقسم بهذه الأرض فيقول: (وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ) [الطارق: 12].
وانظر معي إلى هذه الصياغة وهذه الصفة للأرض، إنها حقيقة ثابتة يعرفها علماء الأرض وقد تحدث عنها القرآن قبل 14 قرناً، أليس هذا إعجازاً علمياً واضحاً؟
ويجب أن نتذكر بأن نظرية تصدع القشرة الأرضية بدأت منذ مطلع القرن العشرين أي بعد نزول القرآن بثلاثة عشر قرناً. ولم تصبح حقيقة علمية تؤيدها القياسات والتجارب والأبحاث إلا منذ عدة سنوات فقط.
ولو نظرنا إلى مقياس للهزات الأرضية نجد أنه يسجل مئات الهزات يومياً ولكن لا نكاد نحسُ بها، ولا نحس بالهزة إلا إذا بلغت حداً قوياً.
التصدعات والشقوق والاهتزازات موجودة في كل نقطة من نقاط الأرض، بل إن القشرة الأرضية بأكملها عبارة عن مجموعة من الألواح تقترب وتبتعد عن بعضها. هنالك تصدعات في أعماق البحار، في قاع المحيطات، وفي معظم مناطق العالم.
والآن وفي كل لحظة هنالك تصدع مستمر في ألواح الأرض التي تتحرك باستمرار، وانظر معي إلى دقة البيان الإلهي: (وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ) [الطارق: 12].
فمن الذي أخبر سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلّم وهو النبي الأمي بهذه الحقائق الدقيقة؟

منذ زمن بعيد يحاول الإنسان وضع مخططات وخرائط للعالم الذي يعيش فيه. وحديثاً تم صنع خرائط للكرة الأرضية تعطي حدود اليابسة والبحار وارتفاع الجبال وانخفاض قاع المحيطات.
والذي يتأمل خريطة كهذه يجد أن ارتفاعات الجبال تزيد على ثمانية كيلو مترات وانخفاض قاع البحر يزيد على اثنا عشر كيلومتراً أيضاً.
ولكن على اليابسة هنـالك ارتفاعات وانخفاضات مختلفة. وجرت عادة العلماء على اعتبار مستوى سطح البحر هو خط الصفر، فهنالك جبال مثل الهملايا يزيد ارتفاعها على (8880) متراً فوق مستوى سطح البحر. وهنالك أعماق في المحيطات مثل المحيط الهادي تزيد هذه الأعماق على (12000) متراً تحت سطح البحر.
ولكن لو نظرنا إلى أخفض نقطة على سطح اليابسة، لوجدناها تلك المنطقة في فلسطين قرب البحر الميت. حيث تنخفض بحدود (392) متراً تحت سطح البحر وهي على اليابسة.
هذه النتيجة لم يتم إثباتها إلا حديثاً بواسطة الأقمار الاصطناعية. وهذه المنطقة الأدنى من سطح الأرض لها قصة. فقد دارت فيها معركة مشهورة قبل أربعة عشر قرناً،في عام (619) للميلاد قامت معركة بين الفرس والروم وكانت النتيجة انهزام الروم.
وبعد هذه المعركة نزلت سورة الروم وفي مطلعها قول الحق تبارك وتعالى: (غُلِبَتْ الرُّومُ * في أَدْنَى الأَرْضِ) [الروم: 2-3]. فكانت كلمة (أدْنى) دقيقة جداً من الناحية الجغرافية، فالمعركة التي غلبت فيها الروم كانت في أدنى وأخفض منطقة في الأرض.
وسبحان الله! تأمل معي هذه الكلمة، لم يقل تعالى (أخفض الأرض) لأن أخفض منطقة على الأرض تقع في أعماق البحار. بينما كلمة (أدْنى) فيها تعبير دقيق عن اليابسة حصراً. وهكذا نجد الدقة في مصطلحات القرآن العلمية، كيف لا تكون دقيقة وهي صادرة من رب السماوات والأرض عز وجل؟
ثم يتابع البيان الإلهي في سورة الروم: (وهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) [الروم: 3].
وهذا إعجاز غيبيّ تحدث عنه القرآن وقد تحققت هذه الغلَبَة للروم بعد سبع سنوات من المعركة التي دارت في أدنى الأرض.
فمن الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن معركة قد حدثت في أدنى نقطة من سطح الكرة الأرضية؟ ومن الذي أخبره بأن الروم المهزومين سيغلبون الفرس ويقهرونهم في بضع سنين؟
وكلمة (بِضْعِ) في اللغة تعني من الثلاثة وحتى العشرة وقد تحقق ذلك بعد سبع سنوات بما يتوافق مع النص القرآني.







إعجاز القرآن
في علم الفلك

قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ
[يونس: 101]

كل إنسان يحبّ أن يسأل: كيف نشأ هذا الكون؟وكيف كانت بدايته؟وإلى أين يسير؟ هذه أسئلة شغلت بال الإنسان منذ القدم، حتى جاء العصر الحديث فاستطاع العلماء اكتشاف أسرار الكواكب والنجوم والمجرات، حتى إننا نجد آلاف العلماء يجلسون على مراصدهم يرصدون حركة النجوم ويحلّلون ضوءها ويضعون تصوراتهم عن تركيبها ومنشئها وحركتها.
وفي السنوات الماضية بدأ الباحثون يلاحظون شيئاً غريباً، وهو ابتعاد هذه المجرات عنَّا بسرعات عالية! فجميع أجزاء هذا الكون تتباعد منطلقة إلى مصير مجهول! هذا ما أثبتته أجهزة القياس المتطورة في القرن العشرين.
إذن الحقيقة الثابتة اليوم في جميع الأبحاث العلمية حول الكون هي: (توسع الكون) وإن مثَل من ينكر هذا التوسع كمثل من يُنكر كروية الأرض! إن هذه الحقيقة عن توسع السماء استغرقت آلاف الأبحاث العلمية وآلاف الباحثين والعلماء، عملوا بنشاط طيلة القرن العشرين وحتى يومنا هذا ليثبتوا هذه الحقيقة الكونية.
الآن نأتي إلى كتاب الله عزَّ وجلَّ: كتاب العجائب والأسرار، ماذا يخبرنا البيان الإلهي عن هذه الحقيقة؟
يقول سبحانه وتعالى عن السماء وبنائها وتوسعها:
(وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) [ الذاريات: 47].
إذن هنالك تطابق بين ما وصل إليه العلم الحديث وبين النص القرآني، بل هنالك تفوق للقرآن، كيف لا وهو كتاب الله عزَّ وجلَّ.
وانظر معي إلى كلمة (بَنَيْنَاهَا) فهي تدل على أن السماء مبنيَّة، وهذا ما كشفت عنه آخر الأبحاث أن الكون متماسك ومترابط لا وجود فيه للخلل، ولا وجود للفراغ كما كان يُظن في الماضي، بل هو بناء مُحكم.ثم تأمل معي كلمة (وإنَّا لَمُوسِعُونَ)، التي تعطي معنى الاستمرار، فالكون كان يتوسع في الماضي، وهو اليوم يتوسع، وسيستمر هذا التوسع في المستقبل حتى تأتي لحظة التقلُّص! والعودة من حيث بدأ الكون.
ومن ميزات كتاب الله أن تفسيره يستوعب كل العصور، ففي الماضي قبل اكتشاف هذا التوسع الحقيقي للكون، فَسَّر بعض علماء المسلمين هذه الآية، وبالتحديد كلمة (لموسعون) على أن السماء واسعة الأطراف، وهذا التفسير صحيح فعلماء الفلك اليوم يخبروننا عن أرقام خيالية لسعة هذا الكون!
وعلى سبيل المثال فإن المجرات البعيدة جداً عنا تبعد مسافات اكثر من عشرين ألف مليون سنة ضوئية! والسنة الضوئية هي المسافة التي يحتاج الضوء سنة كاملة لقطعها!
وهكذا تتجلى عظمة الإعجاز الفلكي لكتاب الله، فتجد الآية مناسبة لكل زمان ومكان ولكل عصر من العصور. وهذا مالا نجده في العلم الحديث، فإنك تجد النظرية العلمية اليوم لها شكل، وبعد سنة مثلاً يأتي من يطورها ثم بعد فترة تجد من ينتقدها ويعِّدل فيها... وهكذا.
وانظر معي إلى هذا البيان القرآني وهذه الدعوة للتأمل في بناء السماء وزينتها بالنجوم: (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ) [ق: 6]. ولكن ماذا عن بداية هذا الكون وكيف نشأ، وهل للقرآن حديث عن ذلك؟
بعد ما درس العلماء توسع الكون، بدأت رحلة العودة إلى الماضي، فكيف كان شكل هذا الكون في الماضي؟
بما أن أجزاء هذا الكون تتباعد باستمرار فلا بُدَّ أنها كانت أقرب إلى بعضها في الماضي وهكذا عندما نعكس صورة التوسع هذه نجد أن أجزاء هذا الكون كانت كتلة واحدة متجمعة!
هذه كانت بداية النظرية الجديدة التي تفسِّر نشوء الكون. ولكن الأمر يحتاج إلى أبحاث علمية وبراهين رقمية على ذلك. لقد كانت التجارب شاقة ومضنية في مختبرات أبحاث الفضاء في العالم، حتى إنك تجد العالم قد يفني عمره في البحث للحصول على برهان علمي وقد لا يجد هذا البرهان!
وفي النهاية تمكن أحد الباحثين من وضع نظرية مقبولة عن سرّ بداية الكون وسماها بالانفجار العظيم. وملخص هذه النظرية أن أجزاء الكون كانت متجمعة في كتلة واحدة شديدة الكثافة ثم انفجرت وتبعثرت أجزاؤها ونحن اليوم نعيش هذا الانفجار!
إذن الانفجار بدأ منذ آلاف الملايين من السنين بتقدير العلماء ولازال مستمراً، فالمجرات تتباعد بسرعات كبيرة جداً.
الآن سوف نرى التفوق القرآني على العلم الحديث دائماً وأبداً، فالعلم الحديث يحاول اكتشاف بعض أسرار الكون، ولكن خالق الكون سبحانه وتعالى هو الذي يخبرنا بالحقائق الدقيقة.
يوجِّه الخطاب القرآني الحديث للكفار فيخاطبهم: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء: 30].
وسبحان الله الذي يعلم مسبقاً بأن اكتشاف هذه الحقيقة سيتم على يد غير المؤمنين لذلك جاءت بداية الآية: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا)! ولكن أين يظهر التفوق القرآني على العلم؟
إن القرآن يسمي بداية نشوء الكون بالرتق، (رَتْقاً)، وهذه الكلمة فيها النظام والدقة، والرتق هو تركيب جزء على جزء ليصبحا جزءاً واحداً، وبالفعل أجزاء الكون كانت متراكبة على بعضها وبكثافة عالية! فلا وجود للفراغ، لذلك كلمة (الرَّتْق) هي الكلمة الأنسب لوصف بداية الكون من الناحية اللغوية والعلمية.
أي أن أجزاء الكون كانت ملتحمة ببعضها وتشكل مادة متجانسة ثقيلة جداً جداً.
ثم إن العلم يسمِّي لحظة انفصال هذه الأجزاء بالانفجار. وهذه تسمية خاطئة! فلا يمكن للانفجار أن يكون منظماً أبداً. بينما انفصال أجزاء الكون وتباعدها عن بعضها يتم بنظام شديد الدقة. حتى إننا نجد أن النجم في السماء لو انحرف عن مساره قليلاً لأدى ذلك إلى انهيار البناء الكوني، فهل هذا انفجار؟ أم نظام؟ لذلك نجد القرآن يسمي هذه العملية بالفتق: (فَفَتَقْنَاهُمَا)، ونحن نعلم أن كلمة (فَتَقَ) تحمل معنى النظام والدقة، فالكتلة الابتدائية في الكون كانت منظَّمة وليست عشوائية كما يصفها العلماء.
بقي أن نذكر بأن علماء الفلك اليوم يتحدثون عن البنية النسيجية للكون، وانظر معي إلى كلمتي (رَتَقَ، فَتَقَ) والمتعاكسين، ألا توحي كل منهما بالبنية النسيجية لهذا الكون؟
إن السؤال عن بداية الكون يقود إلى السؤال عن نهاية هذا الكون، وإلى أين يتوسع، وماذا بعد؟
لقد بُذلت جهود كبيرة من قبل العلماء لمعرفة أسرار مستقبل الكون. وهذه نظرية تكاد ترقى لمستوى الحقيقة العلمية.يصرِّح بها العلماء اليوم، وهي نهاية الكون الحتمية. إن توسع الكون لن يستمر للأبد!بل له حدود وهذا الكلام منطقي وعلمي.
فإذا نظرنا إلى البناء الكوني نجد أن له حجماً محدداً و وزناً محدداً لأجزائه وقوة جذب محددة بين هذه الأجزاء. فالمجرات التي يبلغ عددها آلاف الملايين تترابط مع بعضها بقوى جاذبية، وعندما تبتعد هذه المجرات عن بعضها إلى مسافة محددة فإن قوى الجاذبية هذه سيصبح لها حدوداً حرجة لن تسمح بالتمدد والتوسع، بل سوف تنكمش أجزاء هذا الكون على بعضها ويعود من حيث بدأ.

وبالطبع هذه النظريات مدعومة بلغة الأرقام وبالنتائج الرقمية، فقد تمَّ قياس أبعاد الكون، وحجمه ومقدار قوى التجاذب الكوني، و وزن أجزائه وكثافتها وغير ذلك.
والآن نأتي إلى أعظم كتاب على الإطلاق، كتاب رب العالمين خالق الكون، ماذا يقول عن مستقبل الكون؟
يقول عز وجل:
(يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) [الأنبياء: 104].
ما أروع كلمات الله عندما تنطق بالحق! فالله عز وجل يخبرنا بأنه سيطوي السماء كما تُطوى صفحة الكتاب! والعجيب أن أحدث النظريات العلمية تؤكد أنه لا خطوط مستقيمة في الكون بل كله منحن!وتأمل معي كلمة(نَطْوِي) أليست هي الأنسب من كلمة (ينكمش) كما يقول العلماء؟
إن مصطلح (الطيّ) يعطي معنى الانحناء، إذن السماء لها شكل منحنٍ مغلق، بل إن بعض العلماء يميل إلى تسميتها بصفحة السماء. إذن الكون كله يشبه الورقة وسوف يطوي الله تعالى هذه الورقة يوم القيامة، ويعود الخلق كما بدأ، فسبحان القائل عن نفسه: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الروم: 27].
منذ 14 قرناً كانت الأساطير والخرافات تخيم على علم الفلك. ولكن يتميز العصر الحديث بالكشوفات العلمية والكونية التي جاءت مدعومة بالأبحاث الرقمية التي تثبت صدق هذه النتائج.
وكثير من علماء الفلك كان يكتشف وجود كوكب باستخدام لغة الأرقام. لأن قانون التجاذب الكوني الذي يحكم حركة أجزاء الكون هو قانون واضح ومحدد.
ومنذ فترة قريبة بدأ الفلكيون يلاحظون أن في الكون أجساماً لا تُرى! هذه الأجسام منتشرة في أرجاء الكون الواسع وبكميات كبيرة، وهي تؤثر على حركة الضوء القادم إلينا من المجرات.وبدأت الفرضيات، وبدأت رحلة الخيال العلمي حول هذه الأجسام الضخمة. وبدأ العلماء يتصورون رحلة حياة النجوم. فالنجم ليس كائناً ثابتاً أو جامداً، بل هو متغير ومتبدل ويتطور فله فترة ولادة ثم يكبر ثم يموت!!
فعندما يكبُر حجم النجم كثيراً تصبح جاذبيته عظيمة جداً لدرجة أنه ينضغط على نفسه وينفجر ولكن أجزاءه لا يُسمح لها بالمغادرة بل تنكمش على بعضها وتزداد قوة الجذب في هذا النجم لدرجة أنه لا يسمح للضوء بمغادرته.
إذن يبدأ هذا النجم بالاختفاء، فالأشعة الضوئية تنجذب إليه بشدة ولا يسمح لها بالإفلات أبداً، بل إنه يشفط ويجذب إليه بقوة كل ما يصادفه في طريقه، لذلك لا نراه أبداً!
هذه الأجسام المختفية سمَّاها العلماء بالثقوب السوداء. فالثقب الأسود هو نجم له وزن كبير وجاذبية كبيرة ولا تمكن رؤيته فهو مُظلم.
من هنا بدأ علماء الفلك يهتمون بهذه الثقوب وتجري المحاولات لرصدها ومعرفة خصائصها ومصيرها. وبما أن كل شيء يسبح في الكون إذن هذه الثقوب السوداء تجري بسرعة في مدارات وأفلاك محددة.
إذن تمَّ تعريف هذه الثقوب وفق الكشوفات العلمية الحديثة على أنها: أجسام شديدة الاختفاء. أجسام تجري بسرعات عالية. وتجذب كل ما تصادفه وتبتلعه.
هذه هي الصفات الثلاث الرئيسية للثقب الأسود، حسب معطيات العلم الحديث، فماذا يقول كتاب الله عن هذه النجوم قبل (1400) سنة؟
هذه الثقوب السوداء التي لم يتم رصدها وكشفها بالبرهان العلمي إلا في أواخر القرن العشرين، جاء البيان الإلهي ليتحدث عنها بدقة تامة بل يتفوق على العلم الحديث. يقول تعالى مقسماً بأن القرآن حق:
(فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الجَوَارِ الكُنَّسْ) [التكوير: 15ـ16].
(الخُنَّس): لا ترى فهي شديدة الاختفاء.
(الجَوَارِ): فهي تجري بسرعة كبيرة.
(الكُنَّسْ): فهي تكنُس وتشفط ما تصادفه
أليس هذا مطابقاً للتعريف العلمي الدقيق؟
ولكن كيف يتفوق القرآن على العلم الحديث؟ لقد سمى علماء الفلك هذه الأجسام بالثقوب السوداء، وهذه التسمية خاطئة من وجهة النظر العلمية.

فكلمة (ثقب) تعني "فراغ"، وهذا غير صحيح، بل هذه الأجسام ذات أوزان عظيمة جداً ولا ينطبق عليها اسم (ثقب)!
ثم إن كلمة (أسود) غير صحيحة علمياً أيضاً، لأن هذه الأجسام موجودة وليس لها لون فهي لا تسمح للضوء بمغادرتها ولا يمكن رؤيتها، فكيف نسمِّيها (سوداء)؟ إذن هذه الأجسام المختفية ذات السرعات الكبيرة وذات الجاذبية الفائقة، ليس ثقوباً وليست سوداء، بل هي (خُنَّس) شديدة الاختفاء.
أما البيان القرآني فعندما يسمى هذه الأجسام بالخُنَّس (من فعل خَنَسَ أي اختفى)، فهي تسمية مطابقة تماماً للواقع، وعندما يصفها القرآن بأنها (جَوَارٍ) أي تجري، فهي فعلاً تسير بسرعة عالية، وعندما يصفها القرآن بأنها (كُنَّس) أي تكنُس ما تصادفه أثناء جريانها، فهي فعلاً تفعل هذا.
والآن هل يمكن لإنسانٍ عاقل أن يصدق بأن هذا الوصف العلمي الدقيق للثقوب السوداء التي لم تنكشف إلا في نهاية القرن العشرين قد جاء في القرآن بالمصادفة؟ إن هذا الوصف الدقيق لا يمكن أن يكون من صنع بشر بل هو من عند رب البشر سبحانه وتعالى.
لقد استطاع الإنسان أخيراً الصعود إلى القمر، والوصول إلى المريخ، واستطاع تحريك المراكب الفضائية لتصل إلى جميع كواكب المجموعة الشمسية بل وتخرج خارج هذه المجموعة.
يقوم المهندسون بوضع التصاميم اللازمة للمركبة الفضائية، ونجد أن جميع هذه المراكب سوف تسلك مسارات منحنية ومتعرجة، ومن منافذ محددة على الغلاف الجوي، لأن المركبة الفضائية سوف تخضع لحقول جاذبية لذلك هنالك طرق محددة ومسارات متعرجة.
هذه الحقيقة العلمية لم تُكشف إلا في القرن العشرين، وملخصها أن الحركة المستقيمة في الفضاء الخارجي مستحيلة بل إن جميع الأجسام تتحرك حركة دورانية متعرجة.
وللقرآن الكريم حديث عن هذه الحركة وعن المسار المحدد وعن النقاط المحددة للخروج من الأرض باتجاه السماء. يقول تعالى:
(وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ) [الحجر:14].
تأمل معي كلمة (بَاباً) والتي تشير إلى نقطة محددة للخروج خارج الغلاف الجوي، ثم تأمل كلمة (يَعْرُجُونَ) ولم يقل يسيرون، لأن الله تعالى يعلم بأن الحركة في الفضاء الخارجي لا تكون إلا عروجاً. ولكن الشيء الذي يكتشفه رواد الفضاء فور مغادرتهم للغلاف الجوي هو حالة الظلام الدامس، بل إن الشمس سوف تَظهر في الفضاء على أنها نجم عادي بعيد جداً. ولذلك يحسُّ رائد الفضاء وكأن بصره قد أُغلق وسُكِّر، وهذا ما يخبرنا عنه القرآن في الآية التالية للآية السابقة، يقول تعالى: (لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ) [الحجر: 15].
إذن في السماء طرق محددة تتحرك فيها الأجسام، طبيعة هذه الحركة متعرجة، وتسبح في ظلام دامس، هذا ما تخبرنا به آيات الله عن حقائق لم يكتشفها العلم إلا حديثاً. وهنا نتذكر قَسَم الله تعالى بهذه الطرق في السماء والتي يسميها القرآن بالحُبُك، يقول تعالى: (والسَّمَاءِ ذَاتِ الحُبُكِ) [الذاريات:7].
وفي هذه الآية إعجاز علمي، فكلمة (الحُبُك) تشير إلى النسيج، وأحدث النظريات التي تفسر نشوء الكون وتطوره تؤكد البنية النسيجية لهذا الكون، فالمجرات تتوزع بنظام وليس عشوائياً،وكأننا أمام نسيج رائع من النجوم والمجرات والغبار الكوني وغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله، لذلك يقسم الله تعالى بهذه السماء وبنيتها النسيجية، فمن الذي أخبر النبي الكريم صلى الله عليه وسلّم بهذه البنية النسيجية للكون؟

منذ فجر التاريخ نُسِجَت الأساطير حول الشمس والقمر، فكان كثير من الناس الذين أضلَّهم الشيطان يسجدون لهذين المخلوقين.
وفي ذلك الزمن لم يكن الإنسان ليدرك ما هي الشمس أو القمر، وما الفرق بينهما. كل ما أدركه هو أن الشمس تشرق في النهار ثم تغيب ليظهر القمر ثم يغيب وتعقبه الشمس وهكذا.
وفي العصر الحديث تم اختراع أجهزة التحليل الطيفي التي تحلل أطياف النجوم وتبين تركيبها فقد تبين أن الشمس هي كتلة ملتهبة تتفاعل ذراتها تفاعلاً نووياً لتندمج وتعطي كميات ضخمة من الطاقة والحرارة.
أما القمر فهو جسم بارد كالأرض يتلقى أشعة الشمس الحارقة ليعكسها إلى الأرض من جديد إذن الشمس هي مصدر الضياء، وهذه حقيقة علمية، بينما القمر لا يضيءُ بل يعكس النور.
لذلك يمكن القول بأن الشمس هي مصدر الضوء والقمر هو مصدر النور أو العاكس لهذا الضوء.
وهنا نجد للقرآن بياناً وإعجازاً وتفصيلاً، يقول تعالى:
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [يونس: 5].
فهل هناك أبلغ من هذا التصوير للحقائق العلمية؟
وفي آية أخرى يؤكد الله تعالى بأن الشمس هي السراج المضيء للدلالة على الاحتراق. فكما نعلم السراج هو الوعاء الذي يوضع فيه الزيت كوقود ليحترق بتفاعل كيميائي مُصْدِراً الطاقة الضوئية.
وهذه هي الوسيلة التي استخدمها الإنسان حتى مطلع القرن العشرين عندما بدأ باستخدام المصباح الكهربائي.
إذن ما يحدث داخل السراج هو عملية احتراق والوقود في السراج هو الزيت الذي يتفاعل مع الأكسجين في الهواء ليعطي الضوء والحرارة
وهذا ما يحدث أيضاً في الشمس، فلو دخلنا لمركز الشمس نجد احتراقاً نووياً، الوقود هنا هو الهيدروجين الذي يتفاعل مع بعضه لينتج الضوء والحرارة أيضاً.
تأمل معي قول الحق جل وعلا: (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً) [نوح:16].
وهنا نلاحظ كيف يميز القرآن بين عمل القمر (نُوراً)، وعمل الشمس (سِرَاجاً).
هذه الدقة في المصطلحات العلمية القرآنية لم تأتِ عن طريق المصادفة العمياء، بل جاءت بتقدير العزيز العليم، يقول عز و جل: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً) [الفرقان: 61].
طالما استفاد الإنسان من الخصائص التي أودعها الله في ثنايا هذا الكون. وربما يكون من أهم خصائص القرن الواحد والعشرين الذي نعيشه اليوم هو ما يسمى بالاتصالات الرقمية والتي تشهد تطوراً عظيماً كل يوم.
ولكن السؤال: كيف يتم نقل المعلومات على سطح الكرة الأرضية بحيث تغطي كل أجزائها؟ إنها صفة مميزة للغلاف الجوي، وهي عكس وإرجاع الأمواج الكهرطيسية، وهذا ما يتيح التواصل والبث بين قارات هذا الكوكب بلا استثناء.
يوجد في الغلاف الجوي طبقات متأيِّنة كهربائياً (مكهربة) ميزتها أننا عندما نرسل موجة لاسلكية باتجاهها فإنها تنعكس وترتد تماماً كما يرتد الشعاع الضوئي إذا اصطدم بالمرآة العاكسة، إذن هذه الطبقات تعمل عمل المرايا العاكسة لهذه الأمواج.
وكما نعلم من قوانين انكسار الضوء، أن الموجة القادمة إلى سطح عاكس ترتد بنفس زاوية ورودها ولكن باتجاه آخر وهذه الخاصية جعلت نقل الرسائل من قارة لأخرى ممكناً بواسطة انعكاس الأمواج هذه.
ولكن فوق هذه الطبقات هنالك طبقات مغنطيسية تحيط بالأرض من كل جانب مهمة هذه الطبقات عكس وإرجاع الأشعة الكونية القاتلة والقادمة من الفضاء باتجاه الأرض، فتعكسها وتبددها في الفضاء.
أما أقرب طبقات الغلاف الجوي إلى الأرض فإن لها خصائص مهمة جداً، فهي تعكس حرارة الأرض ولا تتركها تتبدد في الفضاء. وهذا يحافظ على معدل ثابت لدرجات الحرارة على الكرة الأرضية.
إذن الصفة المميزة للسماء هي إرجاع أو عكس الأمواج على اختلاف أنواعها. وهذه الميزة لم تكتشف إلا حديثاً، بل في كل يوم يكشف العلم جديداً يتعلق بهذه الخاصية، وهي خاصية الانعكاس والتي سماها القرآن بالرَّجع.
والعجيب أننا نجد في القرآن العظيم حديثاً عن هذه الصفة وأنها صفة مميزة للسماء يقول تعالى: (والسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ) [الطارق:11].
وهنا نكرر سؤالنا التقليدي في هذا البحث: من أين جاءت هذه الحقيقة الكونية في كتاب أُنزل قبل أكثر من أربعة عشر قرناً؟ إن الله تعالى الذي خلق السماء هو أعلم بصفاتها وقد أخبرنا عن هذه الصفات لتكون برهاناً لنا على أن كل كلمة في هذا القرآن هي حقٌّ من عند الله عزَّ وجلَّ.
لا يخفى على أحد منا أهمية الغلاف الجوي الأرضي بالنسبة للحياة على ظهر هذا الكوكب. وكلما تقدم العلم كلما اكتشف خصائص ومزايا لهذا الغلاف العجيب الذي لولاه لما ظهرت الحياة على الأرض.
يمتد الغلاف الجوي لعدة مئات من الكيلومترات فوق سطح الأرض، وسماكته ضئيلة جداً مقارنة بحجم الأرض التي يبلغ قطرها أكثر من اثني عشر ألفاً من الكيلومترات. ماذا اكتشف العلماء حول الغلاف الأزرق؟
إن أحدث شيء يقرره العلماء وآخر وصف يصفون به هذا الغلاف هو أنه كالسقف الذي يحمينا في وسط هذا الكون المظلم والبارد فهو يقوم بما يلي:
من أهم خصائص الغلاف الجوي أنه يحفظ حياة الكائنات على ظهر الأرض، ففيه الأكسجين اللازم لاستمرار الحياة.
يقوم الغلاف الجوي بحفظ وتخزين الحرارة القادمة من الشمس، والمحافظة على حرارة معتدلة ومناسبة للحياة. ولولا هذه الميزة لأصبح كوكب الأرض كالقمر، درجة الحرارة على أحد وجهيه أكثر من مئة درجة، وعلى الوجه الآخر أقل من مئة درجة تحت الصفر.

ملايين الأحجار النيزكية تهوي على الأرض كل يوم، جميعها يتصدى لها الغلاف الجوي فتحترق بسبب احتكاكها معه قبل أن تصل إلى الأرض إلا القليل منها.
يتصدى هذا السقف الرائع لجميع الإشعاعات الضارة التي لو وصلت إلى سطح الأرض لأحرقت من عليها. منها الأشعة فوق البنفسجية الخطيرة، الأشعة الكونية الأخطر. فلا يصل من هذه الإشعاعات للأرض إلا الجزء الضروري واللازم لاستمرار الحياة.
كما أن الأرض تتمتع بحزام مغنطيسي قوي لأكثر من ألفي كيلو متر فوق سطحها، هذا الحزام يقي الأرض من كثير من الجسيمات الأولية السابحة في الفضاء.
وبعد هذه الحقائق التي تؤكد أن السماء التي فوقنا تحمينا من كثير من الأضرار، أليست هذه السماء هي سقف محفوظ بعناية الله يحفظنا ويحافظ على حياتنا؟
إن هذا الوصف موجود في كتاب الله منذ أربعة عشر قرناً، يقول تعالى: (وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) [الأنبياء: 32].
لنتأمل هذا التعبير العلمي: (السّقف المحفوظ) كيف جاء هذا التعبير الدقيق في كتاب أُنزل في عصرٍ لم يكن فيه من العلوم إلا الأساطير؟ في ذلك الوقت لم يكن أحد يعلم بوجود غلاف جوي للأرض. فمن الذي أخبر النبي الكريم عليه الصلاة والسلام بهذا السقف المحفوظ؟؟


إعجاز القرآن
في الرياح والسحاب

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [البقرة: 164]

بعد تطور علم الأرصاد وتطور أجهزة قياس الحرارة والضغط والكثافة والرطوبة، أصبح بالإمكان إجراء دراسات دقيقة على الغيوم لمعرفة أسرار المطر.ومن الحقائق المهمة اكتشاف الغيوم التراكمية. فقد تبين أن الغيوم تبدأ على شكل ذرات من البخار تتكثف وتتجمع بفعل الشحنات الكهربائية والغبار الموجود في الهواء ثم تشكل غيوماً صغيرة.
هذه الغيوم تتراكم فوق بعضها حتى تصبح كالجبال!
العجيب أن القرآن الكريم تحدث بدقة تامة عن مراحل تشكل السُّحُب. فيقول تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) [النور: 43].
فرحلة تشكل الغيوم تبدأ بدفع ذرات بخار الماء من البحار باتجاه الأعلى بواسطة الرياح. ثم يتم التأليف بين هذه الذرات من البخار لتشكل غيوماً.ثم تتراكم هذه الغيوم فوق بعضها حتى تصبح جاهزة لإنزال الماء منها، يتابع البيان الإلهي: (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ) والودق هو المطر الذي يخرج من خلال هذه السُّحُبْ.
ثم يأتي تصوير شكل هذه السُّحُب على أنها جبال، يقول تعالى: (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ) فالبَرَد الذي نراه هو في الحقيقة من الغيوم العظيمة كالجبال ولا يمكن أن ينْزل البرد من غيوم صغيرة. لذلك نجد أن البيان الإلهي دقيق جداً، فجاء الحديث عن البَرَد وقبله حديث عن جبال من الغيوم للدلالة على أن البَرَد لا يتشكل إلى في حالةٍ خاصة من حالات تشكل الغيوم وهي الغيوم على شكل الجبال (التراكمية) والباردة جداً.
إن هذا التطابق العجيب بين ما هو مقرر في كتاب الله وبين العلم الحديث، إن دل على شيء فإنما يدل على وحدانية الخالق عز وجل، فهو مُنَزِّل القرآن وهو خالق الكون بما فيه من أسرار وعجائب.
إن دراسة حركة الرياح ونشوئها وتأثيراتها استهوت كثيراً من الباحثين، دفعهم الفضول لمعرفة أسرار الرياح وكيف تعمل.
وكان من نتائج الأبحاث الحديثة أن الرياح هي العامل الأساسي في تشكل السحاب والمطر. ولولاها انعدمت الأمطار. فما هي آلية عمل هذه الرياح؟
إن اختلاف الحرارة على سطح الأرض من نقطة لأخرى يؤدي إلى اختلاف في كثافة الهواء (وزنه)، وبالتالي هذا الاختلاف يؤدي إلى حركة الهواء بتيارات تتناسب مع درجات الحرارة على سطح الأرض.
الهواء الساخن سوف يرتفع للأعلى حاملاً معه بخار الماء من البحار والأنهار والمحيطات. وعندما يرتفع هذا البخار إلى طبقات الجو العليا حيث درجات الحرارة المنخفضة (تحت الصفر) فإنه يبدأ بالتجمع والتكثف. وهنا يأتي دور الرياح في حمل الغبار إلى طبقات الجوّ والتي تشكل مراكز لتجمع ذرات بخار الماء حولها ثم تكبُر حتى تشكل قطرة ثم مجموعة من القطرات الدقيقة ثم يتشكل السحاب.
وكأن الرياح تلقِّح السحاب من خلال حمل ذرات الغبار و إدخالها عبر ذرات البخار المائي لتكون بمثابة نواة تتجمع حولها ذرات الماء.
ولو أن حركة الرياح سكنت لانعدمت الأمطار لأن السُّحُب لن تتشكل ولن يكون هنالك أمطار ولن يكون هنالك بحار على الإطلاق.
البيان القرآني يخبرنا عن هذه العملية الدقيقة بقوله تعالى: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) [الحِجر: 22].
وهنا نتساءل: من الذي أخبر محمداً صلى الله عليه وسلّم بأن الرياح هي لواقح؟
فكلنا يعلم بأن العلم الحديث اكتشف في البداية دور الرياح في تلقيح النبات من خلال حمله لذرات غبار الطلع من زهرة لأخرى. ثم اكتشف العلم دور الرياح في تلقيح السحاب. لذلك ربط القرآن بين الرياح والماء.

وفي هذه الآية أيضاً حديث عن خزانات الماء الضخمة الموجودة في باطن الأرض، وهذه الخزانات لم يتم الكشف عنها إلا حديثاً، ولكن القرآن تحدث عنها وأخبرنا بأن قدرة الله تعالى ورحمته بعباده هي التي أنزلت الماء وخزنته في باطن الأرض ليتفجر فيما بعد على شكل ينابيع وأنهار.
لقد قام علماء الأرصاد الجوية بحساب كميات المطر الهاطلة على الأرض فكانت الأرقام ضخمة من مرتبة آلاف البلايين من الأطنان!!
كل هذه الأمطار كانت على شكل سُحب محمولة في السماء! لذلك يمكن القول بأن وزن هذه السحب ثقيل جداً! هذه الحقيقة العلمية لم تتوفر إلا حديثاً، ولكن هذه الحقيقة ليست بجديدة على كتاب الله تعالى، فهو يقول:
(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ) [الرعد: 12].
فمن الذي حمل هذه الكميات الضخمة من الماء في الهواء؟ ومن الذي سيَّرها إلى المناطق الجافة والقاحلة لتبدأ بها رحلة الحياة؟
لولا الأكسجين لم توجد الحياة أبداً. وفي بداية النهضة العلمية درس العلماء قوانين الهواء والجو. وكان من بين النتائج المهمة إن نسبة الأكسجين تتناقص كلما صِعِد الإنسان في الجو حتى تنعدم هذه النسبة تماماً على حدود الغلاف الجوي.
إذن الإنسان الذي يرتفع في الجو سوف يعاني تدريجياً من ضيق في التنفس، حتى إن صدره يصبح ضيقاً بسبب انخفاض كمية الأكسجين فيه وبسبب انخفاض ضغط الهواء مما يؤدي إلى انقباض الصدر.
هذه الحقيقة نجدها بدقة تامة في كتاب الله عز وجل في قـوله تعـالى: (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) [الأنعام: 125].
وانظر معي إلى هذا التشبيه البليغ، فالكافر الذي ضَلَّ عن سبيل ربه صدرُه ضيِّق، وهو على وشك الهلاك إذا لم يرجع إلى طريق الله تعالى. ونسأل من جديد، هل صعد الرسول صلى الله عليه وسلّم إلى السماء ليرى نسبة الأكسجين وتناقصها ومدى تأثيرها على الجهاز التنفسي للإنسان؟ هل كان يمتلك أجهزة قياس وتحليل حديثة؟ إنه الله عز وجل الذي يعلم أسرار السماوات والأرض، وهو القائل: (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً) [الفرقان: 6].











إعجاز القرآن
في علم الطب

(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: 12ـ14]

أساطير وخرافات كثيرة نُسجت حول عملية خلق الجنين في بطن أمه منذ آلاف السنين وحتى بداية القرن العشرين عندما جاء علم الأجنة ليضع القواعد والأسس الصحيحة لمراحل تطور الجنين والعمليات التي تحدث منذ دخول النطفة إلى البويضة وحتى خروجه مخلوقاً كاملاً. تبدأ الرحلة مع دخول النطفة الذكرية واختراقها جدار البويضة الأنثوية. وهكذا تبدأ مرحلة الحياة ورحلة التكاثر والانقسامات وتشكل المخلوق.
عندما تجتمع نطفة الرجل مع بويضة المرأة تبدآن بالتكاثر لتشكلان مجموعة ضخمة من الخلايا بعد أيام قليلة. هذه الخلايا تعلقُ في جدار الرحم وهذه هي المرحلة الثانية "مرحلة العلقة " وتبدأ هذه العلقة بالتغذي من جدار الرحم ليزداد حجمها ويكبر. ثم يزداد تكاثر هذه العلقة بشدة وبشكل متسارع حتى تشكل كتلة من الخلايا. بالتصوير الملوَّن لهذه الكتلة تظهر وكأنها قطعة لحم ممضوغة وعليها آثار مضغ الطعام! وهذه هي المرحلة الثالثة وهي "مرحلة المضغة ". وهذا الاسم هو الأدق علمياً.
الآن وبعد اكتمال هذه المضغة تبدأ العظام بالتخلُّق من داخل هذه المضغة وهنا بدايات تخلق الهيكل العظمي للجنين. وهذه هي المرحلة الرابعة " مرحلة العظام ".
ثم تأتي المرحلة الخامسة وهي "مرحلة اللحم" حيث يكسو الله تعالى بقدرته هذه العظام باللحم ويغلفها تغليفاً. إذن العظام تُخلق أولاً ثم تُكسى باللحم ثانياً.
والآن تأتي المرحلة السادسة والأخيرة وهي المرحلة التي يتميز بها الجنين ويأخذ معالمه الأساسية، وهي مرحلة "الخلق الآخر "، أي تشكل الملامح الخارجية للجنين.
هذه المراحل الستة يقررها علم الأجنة، بل إن هذا التقسيم لمراحل تطور الجنين متوافق تماماً مع العلم الحديث. وهو من افضل التقسيمات لمراحل خلق الإنسان في بطن أمه.
والآن نأتي إلى بلاغة وبيان القرآن وإعجازه الطبي، كيف يتحدث عن هذه المراحل؟
القرآن العظيم يضيف مرحلة سابعة هي ما قبل النطفة، وهي عندما كان الإنسان طيناً!
هذه المرحلة يهملها الطب الحديث ولكن عالم الغيب والشهادة‍‍‍ سبحانه وتعالى لا يغيب عنه شيء. لنقرأ هذه الآيات العظيمة عن مراحل خلق الإنسان كما يصورها لنا الله تبارك وتعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: 12ـ14].
لقد ساد الاعتقاد لدى الأطباء حتى وقت ليس ببعيد، بأن اللحم يُخلق أولاً ثم تُخلق العظام. ولكن بعد أن تمكن العلماء من تصوير مراحل تشكل الجنين في بطن أمه وتسريع هذه العمليات بواسطة الكمبيوتر. لاحظوا شيئاً مهماً وهو أن العظام هي التي تُخلق ثم تكسى باللحم!
وفي هذا المقام نجد أن القرآن قد سبق العلماء قبل 14 قرناً للحديث عن هذا التسلسل لعملية الخلق، يقول تعالى: (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً) [المؤمنون: 14].

إذن العظام أولاً ثم اللحم، وهذا الترتيب في مراحل الخلق هو ما تم إثباته حديثاً. وقد تم التقاط صور ملونة للجنين في مرحلة العظام وبدايات تشكل اللحم حولها. لذلك أصبحت هذه الحقيقة ثابتة علمياً.
إن هذه الصورة لم تُلتقط إلا منذ سنوات قليلة فقط، واستمر العلماء وقتاً طويلاً وتكبدوا نفقات باهظة حتى تمكنوا من التقاط صورة للجنين كهذه وهو في مرحلة العظام وبدايات تشكل اللحم حولها.
ولو لا أجهزة التصوير الحديثة ووسائل الجراحة المتطورة والكمبيوتر لم يتمكن العلماء من معرفة حقيقة الأمر، ونسأل كل من يشك بهذا القرآن: من الذي أخبر النبي الأمي صلى الله عليه وسلّم بسرٍ من أسرار الخلق منذ 1400 سنة؟
كما نعلم جميعاً تتم عملية إلقاح البويضة في جسم المرأة بواسطة مَنِيّ الرجل،وأثناء عملية الجماع يقذف الرجل كمية من السائل المنوي تحتوي بداخلها مئات الملايين من النطف. نطفة واحدة فقط هي التي تخترق جدار البويضة وتنفذ لداخلها، أما بقية الملايين من النطف فتموت، سبحان الله!
كل نطفة من هذه النطاف هي بمثابة حيوان منوي قادر على الولوج إلى داخل البويضة الأنثوية لتشكيل مخلوق بشري، ولكن قدرة الله تعالى تقتضي أن يكون هنالك نطفة واحدة فقط هي التي ستؤدي إلى إنجاب الطفل.
وتأمل معي هذا البيان الإلهي الرائع عندما يحدد تبارك وتعالى خلق الإنسان من نطفة وليس كل المني. يقول الله تعالى: (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى) [القيامة:37].
قبل اختراع المجهر وتكبير السائل المنوي ورؤية ما بداخله من ملايين النطاف، لم يكن بالإمكان تخيل أن الإنسان يأتي من نطفة متناهية في الصِّغر، بل كان الاعتقاد السائد قديماً أن الجنين يتشكل من كل المني المقذوف.
ولكن القرآن كتاب الله يعطينا الحقائق بدقة تامة فقد قرَّر أن الإنسان مخلوق من نطفة واحدة، وليس أكثر: (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى)؟
إن دقة التعابير الطبية القرآنية وتوافقها مع أحدث مكتشفات العلم ليدل دلالة قاطعة على أن الله تعالى هو الذي نزل القرآن وجعل فيه من المعجزات ما يزيد المؤمن إيماناً وتسليماً، وأما الذي لايؤمن بهذا الخالق العظيم، فعسى أن تكون هذه الحقائق العلمية وسيلة له يرى ويبصر من خلالها نور الحق والحقيقة.
والآن إلى إحدى الحقائق الطبية الحديثة التي تؤكد بأن تحديد نوع الذكر أو الأنثى يكون في نطفة الرجل وليس في بويضة المرأة.
يحتوي الحيوان المنوي (النطفة) على (23) من الصبغيات الوراثية في قلب نواته. الشيء نفسه ينطبق على بويضة المرأة التي تحوي(23) صبغياً.
الصبغي الذي يحدد نوع الجنين عند المرأة دائماً مؤنث، بينما الصبغي الذي يحدد نوع الجنين عند الرجل هو مذكر أو مؤنث أي يحتوي على الصفتين: الذكورة و الأنوثة. ماذا يعني هذا الأمر؟
إذا كانت المرأة لا تحمل إلا صفات الأنوثة، إذن الرجل الذي يحمل كلتا الصفتين هو الذي يحدد نوع الجنين ذكراً أم أنثى. فعندما تجتمع الصفة المؤنثة من بويضة المرأة مع الصفة المؤنثة من نطفة الرجل يكون المخلوق أنثى، لأن الأنثى لا تحمل إلا الصفة المؤنثة. بينما عندما تجتمع الصفة المذكرة من نطفة الرجل مع الصفة المؤنثة من بويضة المرأة فالناتج هو ذكر، لأن الذكر يحتوي على الصفتين الذكورة والأنوثة.

إذن نطفة الرجل هي المسؤولة عن تحديد نوع الجنين. وهنا يتجلى معنى قول الله عز وجل مخاطباً الإنسان: (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى) [القيامة: 39]. وتأمل معي كلمة (مِنْهُ) العائدة للرجل ولم يقل (منها)! إذن القرآن سبق علم الطب منذ أربعة عشر قرناً بكشف الحقائق العلمية،ألا تخشع قلوبنا أمام معجزة خلق الإنسان؟
لقد درس الطب الحديث خصائص جلد الإنسان وطبقاته وتطوره وعلاقة خلايا الجلد بمراكز الإحساس في الجسم.وقد بينت البحوث الحديثة أن مراكز الإحساس بالألم موجودة في الجلد وليس داخل الجسم! وإن أعظم أنواع الألم هو ألم الحروق، وهذا معروف طبياً. لأن حروق الجلد تعني استمرار تنبيه مراكز الإحساس بالألم بشكل دائم.
لذلك نجد القرآن العظيم عندما يتحدث عن عذاب الله يوم القيامة، يصور لنا شدة ألم هؤلاء الذين كفروا بآيات الله ولم يؤمنوا بها، فسوف يكون جزاؤهم نار جهنم. يقول عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً) [النساء: 56].
وانظر معي إلى كلمة (لِيَذُوقُواْ) التي قررت أن مراكز الإحساس بالعذاب متوضعة في جلد الانسان. وأن هذا الجلد كلما نضج أبدله الله جلداً آخر. كما بينت البحوث أن الجلد المحترق تماماً يفقد صاحبه الإحساس بالألم لأنه يكون قد بدأ بمرحلة الموت، بينما إذا استمر نضوج الجلد وتبديله بجلدٍ آخر استمر العذاب وهذا أقسى أنواع العذاب يوم القيامة.
وهنا نوجه سؤالاً لكل من لا يقتنع بكتاب الله عز وجل: إذا كان القرآن كتاباً من صنع البشر فمن الذي أخبر محمداً صلى الله عليه وسلّم بهذه الحقائق الطبية الدقيقة؟
يعكف الباحثون حالياً على تصنيع جهاز لكشف الكذب عند الإنسان! ولكن كيف بدأت هذه الفكرة؟
حتى وقت قريب كان العلماء يظنون أن كشف الكذب عملية مستحيلة عند الإنسان، ولكن بعد الدراسة التي قام بها فريق من الأطباء تبين لهم أن مركز الكذب عند الإنسان يقع في ناصية الرأس (أي مقدمة الرأس). هذه المنطقة من الدماغ خلف الجبين تتركز فيها مجموعة من الخلايا مهمتها توجيه الإنسان نحو الصواب أو الخطأ. هذا المركز أشبه بالبوصلة في السفينة والتي تقوم بتوجيه السفينة بالاتجاه الصحيح أو الخاطئ حسب ظروف العمل.
إن ناصية الإنسان أو مقدمة رأسه تتركز فيها أية عملية كذب. لذلك من هنا جاء سعي العلماء إلى اختراع جهاز يمكن أن يستقبل الإشارات الواردة من هذا الجزء من الدماغ ويعالجها بواسطة الكمبيوتر والبرامج الخاصة، ويحدد نوع هذه الإشارات ومستوى الكذب في حديث الشخص.وقد يكون جهاز كهذا وسيلة ودليل يقام به الحجة على المجرمين كوسيلة جديدة في التحقيق معهم.
إن القرآن العظيم حدثنا عن مركز الكذب عند الإنسان بدقة تامة، يقول تعالى: (نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ) [العلق:16]. وهنا نتذكر حيرة العلماء في تفسير سرّ توجه الحيوانات والطيور وهجرتهم إلى أماكن بعيدة، وكيف يمكنهم معرفة الطريق.
إن هؤلاء العلماء لو قرءوا هذه الآية لوجدوا إجابات شافية عن تساؤلاتهم، لأن الله تعالى أودع في نواصي الحيوانات أجهزة دقيقة من ملايين الخلايا تعمل جميعها باستمرار لتوازن هذه الحيوانات وتوجهها لضمان استمرار حياتها.

إن الله تعالى قد وصف ناصية الكافر بأنها (كاذبة خاطئة)، فالكذب يؤدي إلى الخطأ وقد ثبت أيضاً أن مقدمة الدماغ يكمن فيها مركز اتخاذ القرارات ويكون المريض عندها غير قادر على حل أي مشكلة تعترضه.

إعجاز القرآن
في علم النبات

(وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [الأنعام: 99]

إن الذي يتأمل في مخلوقات الله وخصوصاً النباتات التي تمدُّنا بالغذاء يتعجب كيف نشأت كل هذه النباتات وممَّ نشأت. ويعجب أكثر عندما يعلم بأن المادة الأساسية لجميع نباتات الأرض هي الماء.
فعندما ينْزل المطر على الأرض يختلط مع التراب وتنشأ قوى تدافع وتجاذب بين ذرات الماء وذرات التراب، وينتج عن ذلك ازدياد في حجم التراب.
إذن قوى التجاذب والتدافع تتسبب باهتزاز ذرات التراب وزيادة حجمها. وهذه حقيقة علمية نراها اليوم واضحة جلية. ولكن زمن نزول القرآن لم يكن أحد يعلم شيئاً عن هذا الأمر.
إلا أن القرآن كتاب العجائب يحدثنا بدقة عن هذه المراحل بالتسلسل العلمي، يقول تعالى:
(وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) [الحج: 22/5].
وانظر إلى التعبير الدقيق (هَامِدَةً)، فالأرض الجافة لا تتوقف فيها الحركة نهائياً بل هنالك حركة لذرات التراب ولكنها هامدة أي ضعيفة جداً. فإذا ما نزل عليها الماء وهذا يحدث أولاً ثم وهذا يحدث ثانياً، وبعد ذلك يختزن التراب الماء في داخله لفترة طويلة مما يؤمن الغذاء باستمرار لهذه النباتات.
لقد أودع الله تعالى خاصية التمدد واختزان الماء في جزيئات التراب ولولا هذه الصفة لم تستمر الحياة أبداً. فقد اكتشف العلماء أن التراب يتميز بتخزينه كميات ضخمة من الماء يمكن أن تبقى لسنوات طويلة.
كما أن الآية الكريمة تحدثت بدقة علمية تامة عن مراحل الإنبات، فالرحلة تبدأ بإنزال الماء على هذه الأرض حيث يمتزج هذا الماء بذرات التراب، لتبدأ هذه الذرات بالاهتزاز المستمر مما ينتج عنه زيادة في حجم التراب وتمدده.
وبعد ذلك تبدأ الحبوب الموجودة في التراب بامتصاص هذا الماء وتبدأ بالتمدد أيضاً والنموّ وتبدأ عملية الإنبات ومن عظمة القرآن أنه لخَّص كل هذه المراحل بثلاث كلمات فقط: (اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ)!!!

وفي الأيام الأخيرة كثُر الاهتمام بشؤون البيئة، وأدرك العلماء أهمية التوازن البيئي وأثره على حياة الكائنات من نبات وحيوان وإنسان، وبشكل خاص بعد الكميات الضخمة من الملوثات والتي أفرزتها حضارة القرن العشرين.
قبل عدة عقود لم يكن هنالك تلوث يُذكر، ولكن في السنوات الماضية زاد عدد المصانع في العالم وزاد عدد وسائل النقل وهذه تنتج كميات ضخمة من المواد الملوثة والتي تسبب أمراضاً خطيرة أهمها السرطان.
هذا التلوث أثر بشكل كبير على الكائنات المائية كالأسماك، وكذلك على الحيوانات وكذلك على النباتات. ولكن من فضل الله تعالى ورحمته بخلقه أنه أودع في هذه النباتات وسائل لتنقية الهواء من المواد السامة.
فكما نعلم تستهلك النباتات لصنع غذائها وثمارها غاز الكربون من الهواء، وتجري في داخلها عملية تسمى بالتركيب الضوئي تركب من خلالها المادة الخضراء والتي يركب منها النبات الحبّ والثمار.
بنتيجة هذه العملية يطلق النبات الأكسجين الذي يستفيد منه الإنسان في عملية التنفُّس. والعجيب أن كمية النباتات على وجه الأرض مناسبة لحجم الغلاف الجوي.
هنالك توازن دقيق بين ما يأخذه الإنسان وبين ما يطلقه النبات من الأكسجين. وتوازن آخر بين ما يطلقه الإنسان من غاز الكربون وبين ما يأحذه النبات من هذا الغاز. وسبحان الله! هذا التوازن الدقيق تحدث عنه القرآن في عصرٍ لم يكن هنالك أي علم عن توازن البيئة. يقول تعالى: (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ) [الحجر: 15/19].
وانظر معي إلى دقة ألفاظ القرآن وتعابيره العلمية، وهذا يدل على أن هنالك ميزاناً لنسب النباتات على الأرض، ونسبة ما تمتصه من الكربون ونسبة ما تطلقه من الأكسجين.
وهذه النسب قاسها العلماء حديثاً بكل دقة. وعلى سبيل المثال فإن نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي هي (21) بالمئة تقريباً. ولو زادت هذه النسبة لاحترقت الأرض مع أول شرارة، ولو نقصت هذه النسبة قليلاً لماتت الكائنات اختناقاً!
أما نسبة غاز الكربون في الغلاف الجوي فهي أقل من (1) بالمئة. ولو زادت هذه النسبة لتسمَّمَ البشر وماتوا جميعاً، ولو نقصت لماتت النباتات وتوقفت الحياة. لذلك هنالك توازن دقيق في هذه النباتات وهذا ما تحدث عنه القرآن: ولكن عندما ندخل إلى كل خلية من خلايا أي نبات أخضر على وجه الأرض، ماذا نشاهد؟
إننا نشاهد تركيباً مستمراً للمادة الخضراء. ومن هذه المادة تخرج الحبوب والثمار وهنا نجد للقرآن العظيم حديثاً أيضاً عن هذه العمليات الدقيقة:
(وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [الأنعام: 6/99].
فقد أكد القرآن أن تشكل المادة الخضراء يتم أولاً ثم يتم إخراج الثمار والحبوب منها. وهذا ما أثبتته الأبحاث الحديثة.
ونتساءل: هل قام محمد صلى الله عليه وسلم وهو النبي الأمي بدراسة تركيب النبات وفحصه بالمجاهر الإلكترونية؟ وما الذي يدعو هذا الرسول الكريم للدخول في هذه القضايا العلمية التخصصية الدقيقة؟
إن المصدر الذي تلقى منه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه العلوم هو الله تعالى الذي خاطب البشر جميعاً وأكد لهم أنه هو الذي علَّمه هذا العلم.
إن القرآن تحدث عن علم النبات في العديد من آياته، ويكفي أن نعلم بأن القرآن هو أول كتاب قرر وجود الأزواج في عالم النبات قبل العلم الحديث بقرون طويلة. يقول سبحانه وتعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ) [يس: 36/36].







خــاتمـة
يتميَّز كتاب الله تعالى بأنه يخاطب العقل والروح معاً، فيتحدث عن الحقائق العلمية وبالوقت نفسه يدعم هذه الحقائق بالهدف منها، وهو الوصول إلى الله تعالى، أي يتخذ من الحقيقة العلمية وسيلة للتقرب من الخالق جلَّ شأنه.
وكلما اكتشف العلماء حقائق علمية جديدة كان للقرآن السَّبق في ذلك، فنحن في كتاب الله أمام معجزة متجددة تناسب كل زمان ومكان، فالقرآن كتاب مُعجزٌ للبشر جميعاً كلٌّ حسب اختصاصه.
فمن أحبَّ أن يعرف نبأ السابقين فليقرأ القرآن، ومن أحبَّ أن يدرك الحقيقة الحاضرة فسيجدها في هذا القرآن، ومن أراد أن يُبحر إلى عالم المستقبل فعليه أن يفتح قلبه أمام هذا القرآن. والميزة التي تميزت بها معجزة سيد البشر عليه الصلاة والسلام، أنها معجزة مستمرة ومتجددة تأتي في كل عصر بإعجاز جديد يناسب لغة هذا العصر.
فجميع المعجزات السابقة لرسالة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كانت محددة في زمان ومكان، بينما المعجزة القرآنية تجاوزت حدود الزمان والمكان وحتى حدود اللغة. إن الذي يتأمل مخلوقات هذا الكون والنظام المحكم الذي قدره الله تعالى لكل نجم وكل مجرة وحتى كل ذرة، يدرك عظمة الخالق سبحانه وتعالى، ويدرك أن الله أكبر وأعظم من أي شيء.
وهذا هو هدف التفكر في خلق الله تبارك شأنه، فالمؤمن الذي أحبَّ الله ورضي به ربّاً لا بد أن يكون في شوق لمعرفة المزيد عن هذا الإله العظيم، والتفكر في خلق الله هو وسيلة لمعرفة من هو الله!
ـــــــــــــــ
ملاحظة: يمكن لمن أحب طباعة هذا الكتيب وتوزيعه مجاناً، وأرجو ألا تنسونا من دعاء صالح.

صمدي عبده
09-10-2007, 15:28
شكرا جزيلا و رمضان مبارك سعيد.

abdoujeni
09-10-2007, 17:43
lمجهود طيب جزاك الله خيرا

صفاء
09-10-2007, 19:41
مجهودك يا اخي المعلم دائما متميز شكرا لكن للاسف رغم اني ادرس القسم الخامس فان المدير اغلق الباب على حاسوب قديم في المدرسة و لا يمكن ان اقدمه للتلاميد:icon1366:

rss58
31-10-2007, 20:45
جزاك الله خيرا

hamada071
11-11-2007, 13:43
شكرا أخي على هدا الشرح و الطرقة المبتكرة في تقديم الدروس.ننتظر المزيد.وفقك الله

ادريس
12-11-2007, 10:24
شكرا أخي
جزاك الله خيرا

أبو رضى
12-11-2007, 22:13
نشرك بالغ الشكر

abdelmajid56
03-01-2008, 17:26
شكر ا جزيلا على المعلومات المقدمة مزيد من التالق

friend13
04-01-2008, 12:15
جميل اخي
جزاك الله خيرا
و اعانك

hamid22
04-01-2008, 15:00
bon travail

masix
08-05-2009, 09:51
لعفو اختيwafae وبارك الله فيك و تحية عطرة

domerline
11-06-2009, 12:45
بارك الله فيك على هاته المجهودات الجبارة ولك مني كل الإحترام والfile:///C:/Documents%20and%20Settings/souag%20kamel/Mes%20documents/chardonneret_a1_foua.jpgتقدير.

hatim asmari
26-03-2012, 00:14
شكرا لك اخوي على الموضوع

hatim asmari
26-03-2012, 00:15
شككرويااااااا لك اخ

النهاري
04-06-2012, 07:12
شكرا أخي الكريم على المجهودات الجبارة

احترامي