المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أتدري لماذا يبتليك الله ...؟


نائلة
15-03-2008, 16:04
الناظر في آي الكتاب الحكيم والاحاديث الشريفة، والمتدبر نصوصهما، والذي يدرس حال المجتمعات البشرية في الحقب الزمنية المختلفة، ليعلم ان الله ما خلق البشر عبثا، انما خلقهم ليبتليهم ويختبرهم ويمتحنهم قال تعالى { الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا}.



فدنيانا التي نحيا بها انما هي دار ابتلاء واختبار، هذا الابتلاء انما هو التكليف الايماني { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.
المفلح باختياره يسعد يوم القيامة بشفاعة الحبيب صلى الله عليه وسلم حيث يجيب سائلا سأله عن اسعد الناس بشفاعته يوم القيامة فقال :" اسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا اله الا الله خالصا من قلبه او من نفسه".
* الذي يختار هذا الطريق هو المؤمن به، لكن لا يقف ايمانه عند حدود لفظه ولو كان الايمان كذلك لكثر ادعياؤه، فالايمان ليس مجرد دعوى انما هو اقرار قلبي، ونطق لساني وعمل جسماني.
ثم لكشف حقيقته لا بد ان يمر من على محك اسمه الابتلاء لأنه اي الابتلاء يكشف في عالم الواقع ما هو مكشوف في عالم الله المغيب عن البشر حتى يميز الله الطيب من الخبيث، والمؤمن من الكافر، والصادق من المرائي. لذا يبرز واضحا في ديننا تلازما بين الدعوة الى الله والشدائد التي تنزل بحملتها قال صلى الله عليه وسلم:" المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على اذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على اذاهم)
يقول عبد الكريم زيدان في كتابه ( اصول الدعوة) :" الابتلاء سنة الهية يبتلي الله من يشاء من عباده، بمن يشاء ، متى يشاء ، كيفما شاء".
قد يكون الابتلاء بالشر او الخير وذلك اما بسلب نعمه او اغداق نعمه، قال تعالى { ونبلوكم بالشر والخير فتنة}.
لذا، قد يبتلي الله عبده بفقدان عزيز عليه كوالده او والدته او ولده ليمتحن مدى صبره ورضاه. وقد يبتليه بفقدان شيء من جسمه كذهاب بصره او سمعه او يده او رجله لينظر ماذا يصنع. وقد يبتليه بمرض عضال، وقد يبتليه بمفارقة وطن، واهل، وولد ... وقد ... وقد ... وقد ...
وقد يبتليه بعداوة اولياء الشيطان له لإبعاده عن دينه بكل الوسائل المتاحة لهم كالأذى الجسدي او التشهير او السجن او النفي والتشريد او مصادرة الأموال ...
او في المقابل قد يضفي على العبد الخير الكثير كالمال والجاه والملك والحسب والنسب لينظر الينا كيف نتصرف وماذا نفعل.
ونحن نعايش قدر الله " الابتلاء" يجب ان نوقن ان وقوع الابتلاء ما كان الا لمحبة الله لعبده، فرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول :" اشدكم بلاء الانبياء فالامثل فالامثل" بمعنى كلما زاد الانسان قربا من الله زاد ابتلاء الله له، ففي الحديث القدسي :" يا دنيا اشتدي على اوليائي واحبائي حتى يشتاقوا الى لقائي".
فالابتلاء اما تكفير للسيئات او رفع للدرجات:
- ولنعلم ان الابتلاء بنوعيه الخير والشر قدر من اقدار الله نقابله بقدر من الله لأنه لا يعين على القدر الا القدر، فإذا ما اضفى الله علينا من نعمه لا بد لنا من ان نشكر الله على نعمائه لأنه من شكر الله على نعمة زاده منها.
واذا كانت نازلة فعلينا ان نثبت ونصبر ونحتسب. لذلك نجد التوجيه الالهي بالصبر عند حلول النازلة والابتلاء.
اسمع الى قول الله وخطابه الى حبيبه صلى الله عليه وسلم موجها { واصبر وما صبرك الا بالله} { فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل} { واستعينوا بالصبر والصلاة}. لذا كان الصبر من ابرز الفضائل التي عني بها القرآن الكريم، بل اكثر الفضائل تكرارا. فهو ضرورة لازمة للانسان ليرقى حيث لا ينتصر دين ولا ينهض الا بالصبر.
قال الشاعر:
وقل من جد في امر يحاوله
واستصحب الصبر الا فاز بالظفر
وقال آخر :
لا تحسب المجد تمرا انت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصـــــــبرا
- فطريق الدعوة ليست مفروشة ورودا، انما الدعاة هم اشد الناس تعرضا للأذى والمحنة في انفسهم واموالهم وكل عزيز. فكان لآدم ابليس ولإبراهيم النمرود ولموسى فرعون ولمحمد عليه وعلى الرسل الكرام الصلاة والسلام ابا جهل وزمرته كما للدعوة واتباعها من يعاديهم من فراعنة اليوم وشياطين الارض.
قال تعالى { الم ، احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ...}
هذا القدر الا وهو الصبر ينجم عن التزامه خيرا كثيرا على اهل الابتلاء معرفته حتى يتحقق فيهم الصبر.
الم يكتب لهم الله معيته { ان الله مع الصابرين}
الم ينشر لهم محبته { والله يحب الصابرين}
الم يطلق البشرى لهم { وبشر الصابرين}
الم يوجب الجزاء لهم بأحسن اعمالهم { ولنجزين الذين صبروا اجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}
الم يوفهم اجورهم بغير حساب { انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب}
الم يضمن الله لهم المدد والنصر { وتمت كلمة ربك الحسنى على بني اسرائيل بما صبروا}
الم يجعلهم ائمة في الدين { وجعلناهم ائمة يهدون بأمرنا لما صبروا}
يقول ابن تيمية :" بالصبر واليقين تنال الامامة في الدين "
الم يستحقوا الجنة بصبرهم { وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا}
قال صلى الله عليه وسلم :" ما لعبدي المؤمن عندي جزاء اذا قبضت صفيه من اهل الدنيا ثم احتسبه الا الجنة".
وقال ايضا صلى الله عليه وسلم :" اذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته عنهما الجنة". الحبيبتان=العينان
الم يثن عليهم بأنهم اهل العزائم { وان تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الامور}
الم يأمرنا الله به، الم ينهنا عن ضده ، الم ... الم .. الم ..!!!؟
* هذا التوجيه الالهي الكريم نجد ان اول الالتزام به انبياؤه واصفياؤه، فهذا نبي الله يعقوب يفارقه ابنه اربعين عاما فقال { فصبر جميل} وهذا نبي الله اسماعيل يهمّ والده بذبحه فقال {ستجدني ان شاء الله من الصابرين}
وهذا نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم يؤذى ويعذب فيقول :" والله لأصبرن ولأحتسبن" وقال اللهم ان لم يكن بك غضب علي فلا ابالي" يموت ولده فيقول :" ولا نقول الا ما يرضي الله".
* وحتى نتحلى بفضيلة الصبر عند وقوع النازلة لا بد للمبتلى ان يعلم ان الدنيا دار بلاء لا دار خلود ممزوجة لذائذها بآلامها، وصحتها بكدر سقمها، وسرورها ينغصه الأحزان، ولا تكون بها راحة الا بتعب وفي ذلك قال من قال:
فينا نسوس الناس والأمر امرنا اذا نحن فيهم سوقه نتصف
فأف لدنيا لا يدوم نعيـــــــــــــــــــــمها تقلب تارات بنا وتصـــــــــرف
كذلك لا بد للمبتلى حتى يستطيع تجرع مرارة كأس الصبر ان يعلم انه كله ملك لله، هو الذي منحه الحياة، وهو الذي اسبغ عليه عظيم النعم {وما بكم من نعمة فمن الله} كذلك هو الذي يسترجعها متى شاء.
قال الشاعر:
وما المال والأهلون الا ودائع
ولا بد يوما ان ترد الودائع
فلا تأسف على ما فات
- كذلك ليعلم المبتلى موقنا ان مع الصبر نصر، ومع الكرب الفرج، ومع العسر اليسر.
ما الذي اعان يعقوب على الصبر ، اليس ثقته وأمله بالله وثقته بالمستقبل، والله لا يضيع اجر من احسن عملا فجزاه الله على صبره فقال { عسى الله ان يأتيني بهم جميعا}.
لذا، قد تشتد المحن، وتتعاظم الفتن، وتقبل علينا هادرة كموج البحر، وقد تزيغ منها الأبصار، وتبلغ القلوب الحناجر، ويظن البعض بالله الظنونا. يبتلى المؤمنون، ويزلزلون زلزالا شديدا، قد تهدم بيوتهم، وتنتهك عوراتهم، وترمل نساؤهم، وييتم اطفالهم، وتعلو اصواتهم، وتسخو بالدمع عيونهم ... يقولون متى نصر الله وفرجه اين وعده ، اين سعته، اين حسن عاقبته عندها يكون فرج ونصر الله
قال تعالى { سيجعل الله بعد عسر يسرا } وقال تعالى لأهل الصبر { استعينوا بالله واصبروا، ان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين}.
الم يبشر الله تعالى عند الرعد والبرق والعاصفة بغيث
الم يبشر الله تعالى ساعات الليل الحالكة بفجر ساطع
الم يبشر الله تعالى بالمخاض الشديد وآلامه بمولود
اشتدي ازمة تنفرجي قد آذن ليلك بالبلج
وقال آخر:
ولرب نازلة يضيق لها الفـــــــتى ذرعها وعند الله المخــــــــــــــرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت اظنها لا تفرج
* هذا كله بحاجة الى:
- الحذر من كل ما يعيق الفرج من الاستعجال، والغضب، والحزن الشديد، واليأس والذنب
لأنه اذا لم يكن ما اصابنا اختبارا يكون نتيجة ذنوبنا لا قدر الله
- الاستعانة بالله، والوقوف على بابه، والتضرع اليه، والعمل في جنبه لأن ايماننا بأن المستقبل لهذا الدين يمنحنا امل يدفعنا الى عمل جاد يوصل الى الفرج والنصر الأكيدين
- لذا فالدعاة اليوم والسائرون الى الله هم طلائع النور والأمل للعالم فالنصر تحقيقه ليس بالبكاء فالكل يبكي ولكن بالتزام المنهج القويم عملا.
فلنعمل والأمل يدفعنا، واليقين الى النصر رائدنا، والله سبحانه يأخذ بأيدينا ويتحقق فينا وعد الله تعالى.



http://www.eshraka.com/ar/images/012.gif

salma2010
15-03-2008, 16:43
جزاكي اله خير أختي الفاضلة نائلة
وجعله فى ميزان حسناتكي
لا تحزني لأنه من يبتليكي فهو يحبك ويريد أن يخلص ذنوبكي في الدنيا

نائلة
15-03-2008, 16:47
جزاك الله خيرا أختي سلمى على تجابك مع الموضوع

the teacher
15-03-2008, 17:21
شكرا على الموضوع القيم..و جعله في ميزان حسناتك..