المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قانون الإضراب : قيود إضافية من اجل تنفيذ مزيد من السياسات المعادية للكادحين


ziriab12
19-03-2008, 15:14
قانون الإضراب : قيود إضافية من اجل تنفيذ مزيد من السياسات المعادية للكادحين

مصطفى البحري (http://www.almounadil-a.info/auteur5.html)

تقدمت الحكومة في فبراير 2004 بمشروع جديد لفرض مزيد من القيود على حق الإضراب. وقد ظل التهديد بتقنين الإضراب يشتد ويفتر، طيلة العقود الثلاثة الأخيرة، حسب مدى استعمال العمال لهذا السلاح. ففي خريف 1981، أي على اثر أول إضراب عام بعد فترة جمود طويلة، صرح الوزير المعطي بوعبيد، في مقابلة بمجلة جون افريك، ان الحكومة أعدت مشروع قانون تنظيمي للإضراب سيعرض على البرلمان. وكانت تلك أول مرة ُيعبر فيها عن العزم على تفعيل الفقرة الثانية من الفصل 14 من الدستور التي تنص على إصدار قانون تنظيمي يبين شروط وإجراءات ممارسة حق الإضراب. كما كان ثمة مشروع لتقنين الإضراب سنة 1983 ( حسب ايكونوميست 12 فبراير 99) ولما هز إضراب شغيلة السكك الحديدية الوحدوي سنة 1995 حكومة الفيلالي، فسارعت هذه إلى وضع مشروع قانون للإضراب. وفي فاتح مايو الثاني بعد تشكيل حكومة اليوسفي أعلن خالد عليوة، وزير الشغل آنذاك، أن لديه مشروعا متكاملا وجديدا لتقنين الإضراب سيعلن قريبا. وبادرت نقابة أرباب العمل، المدافعة فعلا عن مصالح أعضائها وطبقتها، إلى اقتراح مشروع قانون لتنظيم الإضراب. و في أكتوبر 2001 وضعت الحكومة مشروعا كان أول صيغة معروضة على العموم عبر الصحافة (نشرته العلم) ويتناول الإضراب بالقطاعين الخاص والعام. و الآن بات صدور هذا القانون وشيكا بعد إلحاح الملك عليه في خطاب العرش في يوليوز 2004 . حيث دعا إلى « ايجاد عقد اجتماعي جديد ينبثق عن تشاور واتفاق بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين. وينبغي أن يأخذ هذا العقد صيغة ميثاق يرتكز على مجموعة تدابير شمولية ومتكاملة تتضمن الالتزام بسلم اجتماعية وتعزيز إصلاح مدونة الشغل بتنظيم حق الإضراب، لوضع حد لممارسته غير المقننة التي تزج بالاقتصاد الوطني في دوامة الإضراب العشوائي، الذي يفضي الى الإضراب المضاد عن الاستثمار والنفور منه.» وبالطبع فالظرف السياسي مناسب لاخراج هذا القانون بعد ان اصبح القسم الأكبر من المعارضة التاريخية يدا في تطبيق السياسات المعادية للكادحين على كل المستويات، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وبعد ما وصلت اليه الحركة النقابية ، والجماهيرية بوجه عام، من تشتت وضعف.
حملة برجوازية شعواء على حق العمال في الإضراب
شهدت السنوات الأخيرة ، بوجه خاص ، هجوما إعلاميا منهجيا على حق الإضراب، يوازي اشتداد القمع البوليسي في الميدان. فقد قادت الصحافة البرجوازية، مستعينة بخدامها من رجال القانون والمختصين في «تدبير الموارد البشرية»، حملة تحقير وحقد على الإضرابات والاعتصامات العمالية واصفة إياها بحالة «السيبة» ( الفوضى) والهمجية. في مطلع سنوات 1990 ركزت الحملة المعادية للإضرابات العمالية على اتهامها بالطابع السياسي، «طغيان الإضراب السياسي على المهني في استراتيجيات النقابات بالمغرب» حسب احمد العوني مدير المجلة المغربية للقانون الاجتماعي . وذلك عين ما عبر عنه خبير قانون الشغل، محمد الفكاك لجريدة العلم -13 يوليوز 1995- :« تضييق حق الإضراب بالنسبة لي شيء معقول، لأنه لا بد أن يكون الإضراب مبررا بوضعية تتعلق بالعمل وظروفه. أما القيام به لسبب سياسي مكتم في غطاء مطالب عمالية، فهذا لا يخدم مصلحة الاقتصاد ولا مصلحة المؤسسة التي تشن الإضراب، ثم كذلك تنظيم الإضراب بطريقة منطقية ومتسلسلة قبل الوصول إلى شن الإضراب أمر ضروري » جرى اتهام الإضرابات العمالية بالسياسة لان الإضراب العام سنة 1990، وإضرابات القطاعات العامة في النصف الأول من العقد كانت بحفز من المعارضة البرجوازية (الاستقلال والاتحاد أساسا ) الساعية الى تحسين موقعها في النظام السياسي. لم تكن لتلك الإضرابات مطالب سياسية لكنها كانت استعمالا لحاجات نقابية لدى الشغيلة للضغط، على نحو لا يهدد بالانفلات ، في سياقات سياسية بعينها، انها استعمال سياسي لإضرابات غير سياسية ولاغراض غير عمالية. لكن منذ 1998، سنة دخول المعارضة السابقة الى الحكومة ، تحول الهجوم على الاضراب العمالي الى التركيز على ما يسببه، حسب زعمهم، من خسائر للاقتصاد: تنفير المستثمرين الأجانب، إغلاق المنشآت وضياع فرص العمل لدرجة اعتبار الإضرابات سببا من أسباب البطالة. وجرت محاولات لتأليب الرأي العام على العمال المضربين ، خلال إضرابات ضاغطة، أو إبراز تراكم الازبال أثناء إضرابات عمال البلديات. واعتبرت صحافة أرباب العمل ومنظماتهم ومنتدياتهم الإضراب العمالي مسؤولا عن كل المصائب، ونادت بتدخل السلطات لتقنين الإضراب وتفعيل باقي القوانين القمعية وتعزيزها. ووضعت القيادات النقابية في قفص الاتهام بجرم عدم تحكمها في قواعدها ودعت الى تعليمها التفاوض. وتم الخوض بجد في ما سيكون عليه القانون المنظم للإضراب بتناول ما قام به الاجتهاد القضائي في المضمار، مع استهداف خاص لاعتصامات الشغيلة بأماكن العمل. وفي صيف 2002 نظمت احدى صحف أرباب العمل –إكونوميست- بتعاون مع الغرفة التجارية الألمانية ندوة بعنوان «النزاعات الاجتماعية ككابح للاستثمار» وذلك لاجل إثارة انتباه السلطة السياسية الى «خطر ترك أوضاع غير قابلة للفهم (استشراء الإضرابات والاعتصامات بأماكن العمل ) تتطور في العلاقات الاجتماعية». ولتعزيز مزاعمها قدرت الخسارة الناتجة عن إضرابات العمال سنة 2001 بـ 1.5 % من النتاج الداخلي الإجمالي (لكن لم تقارنها بما يسببه نهب المال العام والفساد المستشري في الدولة ونزيف الديون الخارجية وتدمير قوة العمل بفرط الاستغلال ) . وتلقى البرجوازية المحلية دعم حلفائها الإمبرياليين، إذ رصدت الولايات المتحدة الأمريكية مبلغ 250 ألف دولار [زهاء 2.5 مليون درهم] لتمويل مشروع يهدف إلى «تعزيز العلاقات المهنية بالمغرب» و«تدعيم وترسيخ ثقافة الحوار الاجتماعي وتدبير النزاعات بين مختلف الفرقاء الاجتماعيين» أي بلغة واضحة تفادي الإضرابات وتوريط النقابات العمالية في تدبير نزاعات الشغل لصالح أرباب العمل والدولة .
حزب الاستقلال وإضرابات العمال
تميز هذا الحزب، الذي يحظى تقليديا بدعم قسم من رجال الأعمال، وبالتحكم في قسم من الحركة النقابية، بمعاداة صريحة لإضرابات العمال ودعوة لجوج الى تقييدها : فبالعودة الى عشر سنوات الأخيرة تُلاحظ مواظبة في الضغط على الحكومة بقصد الإسراع بإصدار القانون التنظيمي للإضراب . فقد ُخصصت لذلك افتتاحية جريدة العلم يوم 25 أكتوبر 1995 وجاء فيها:«القانون التنظيمي للإضراب له اثر كبير في التنمية والاستثمار لان المستثمر لا يمكن ان يقدم على إنشاء معمل وهو لا يعرف من مشاكل الإضراب إلا انه مضمون بنص الدستور» .وعادت في فاتح ماي 1999 في مقال بعنوان «الإضراب مشكلة لا تحل المشاكل» لتؤاخذ الحكومة على تخلفها عن إصدار قانون الإضراب . و أعادت الكرة يوم 6 ديسمبر 1999 بدعوى ان الإضراب « يضر بكثير من المصالح والحقوق والواجبات». ويوم 12 ابريل 2000:« الإضراب دائما يشل النشاط الاقتصادي ويحدث بلبلة في الأسواق ويشجع العمال على مزيد من الإهمال ما داموا يشعرون ان مصالحهم مهملة ويعطي صورة غير مشجعة للمستثمرين المغاربة والأجانب». و في 25 ابريل 2000 نشرت العلم مقالا بقلم "فقيه دستوري" يستاء من إضراب شغيلة ميناء الدار البيضاء والإضراب العام الذي دعت اليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين. الاستياء مصدره ان الإضراب يرعب المستثمرين الأجانب:« الإضراب مضر بالاقتصاد حاليا ومستقبلا، وبمستقبل الثقة التي يسعى المغرب ليضعها فيه أرباب المال والأعمال». و يحمل الحكومة المسؤولية ويدعو الوزير الأول الى ممارسة اختصاصاته في إصدار قانون تنظيمي بعد انتظار أربعين سنة . وبعد تراجع النقابة عن الإضراب تدخل عبد الكريم غلاب في عموده «مع الشعب» مبتهجا و مهاجما الإضراب العمالي، منذرا انه كان سيفوت على المغرب تنظيم كأس العالم سنة 2006 ، وانه يسيء الى سمعة المغرب و سيحرمه من حلم مليون سائح ويطرد المستثمرين.
" التقدميون" : الموقف البورجوازي الآخر
في الذكرى الرابعة للإضراب العام لديسمبر 1990 صدرت بجريدة الاتحاد الاشتراكي دراسة بقلم خبيرها في قانون الشغل عبد العزيز العتيقي حول تقنين الإضراب ، وكالعادة كانت مفعمة بروح التوفيق بين مصالح العمال والرأسماليين . والنتيجة ان العتيقي يقبل نزع سلاح العمال ويشرطه بإعطائهم حقا عجيبا يسميه "حق الحوار" وبالالتزام بتطبيق قانون الشغل.انه موقف أرباب العمل الأذكياء ، قسمهم الأكثر وعيا. وتعرض الإضراب العمالي لهجوم من جانب يسار الصف «الوطني الديمقراطي»، لا سيما يونس دافقير من جريدة «المنظمة» الذي أهدى الشغيلة يوم فاتح ماي 2000 طعنة بعنوان « القانون التنظيمي للإضراب متغيب مطلوب فورا » وفيه دعوة الى إصدار القانون بدعوى تطابق ارادات كافة الأطراف ( وان اختلفت خلفياتها)، ودافع عن إصدار القانون بناء على «التوفيق بين مصلحة الفاعلين والمصلحة العامة» ، معتبرا أن الإضراب غير المنظم ينهك الاقتصاد ويشوش على مساعي جلب الاستثمار الأجنبي.
قصور الموقف النقابي
رغم ان تضييق الحرية النقابية شكل على الدوام إحدى ثوابت سياسة الدولة ، لم يكن للحركة النقابية سعي منهجي للنضال لرفع مختلف القيود عن تلك الحرية . واسطع مثال على ذلك الفصل 288 من القانون الجنائي الذي لم يكن إلغاؤه يوما موضوع نضالات على صعيد وطني. وتأكد الأمر بقبول إجبارية المصالحة والتحكيم التي نصت عليها مدونة الشغل ، انها ليست اقل من عرقلة خطيرة لحق الإضراب. نفس الخمول أبانت عنه النقابات منذ اشتداد حملة البرجوازية ودولتها على الإضراب العمالي. وإذا لم تتعبأ القاعدة العمالية، ستكتفي أجهزة النقابات بإعلان الرفض ( في بيان او مقابلة صحفية) وترك الأمور تسير كما يريد أعداء العمال، مثلما حدث بشأن قضايا مصيرية عديدة ( مدونة الشغل – الخوصصة – ميثاق التعليم - مرسوم 30 مارس 1999 الذي ألغى مجانية خدمات الصحة ، الى غير ذلك ) . وحتى ما تعبر عنه الأجهزة من رفض او تحفظ بشان تقنين الإضراب، يمثل استسلاما حتى قبل أي مواجهة . فهي تقبل مبدأ التقنين وتناقش التفاصيل. وهي زلة لم يسلم منها المناضل عبد الحميد امين في وجهة نظر بجريدة التضامن العمالي في مارس 2002 . إذ يقول : «ان النقابة لا يمكن ان تكون من حيث المبدأ ضد وضع قانون تنظيمي لممارسة حق الإضراب لكن شريطة خلق بعض الشروط المناسبة لممارسة هذا الحق وأن يؤدي هذا القانون الى ضمان ممارسة هذا الحق الإنساني والدستوري بعيدا عن الانحياز الطبقي المعهود لصف الباترونا». و عاد الى تأكيد الأمر حرفيا بعد صدور الصيغة الحالية لقانون الإضراب -العدد 81 من جريدة «النهج الديمقراطي». فهل يخفى على ممارس في الميدان أن شرط عدم الانحياز الطبقي من رابع المستحيلات . ان قبول التقنين فخ يراد جر المناضلين اليه باعتبارات قانونية لا تمت بصلة لمصلحة الشغيلة ، بل مجرد قناع لمصلحة طبقية برجوازية. ان الموقف النقابي الذي يقبل مبدأ التقنين ليدخل في نقاش تفاصيل قانون الإضراب متخلف حتى عن موقف بعض أساتذة القانون أنفسهم الذين يبدون تفهما لخصوصية الإضراب في إطار العلاقة الاجتماعية بين الرأسمال والعمل ، ومن ثمة لا يعتبرون تخصيص قانون للإضراب معالجة للمسألة . ليس الإضراب سوى الوسيلة المتبقية للعامل في دفاعه عن النفس ضد وحشية الرأسمال الذي لا يأبه بغير الربح وتراكم الربح. والعامل يلجأ الى الإضراب اضطرارا فهو يضحي بأجرته ويعرض نفسه للعقوبات والطرد وحتى للسجن (الفصل 288 من القانون الجنائي) والاغتيال( ادريس الفريزي –محمد النعيمي – 3 عمال بشركة رستم للنقل الحضري بالبيضاء … كلهم اغتيلوا أثناء الإضراب ). ان السياسات البرجوازية المعادية لحق الكادحين في حياة لائقة هي التي لا تترك للعمال خيارا غير الدفاع عن النفس بالإضراب. الكادحون مجردون من كل السلطات ويراد ان تنتزع منهم السلطة الوحيدة المتبقية ، سلطة التمرد على الاستغلال والاضطهاد.
واجبات المناضلين العماليين
ان حاجة البرجوازية ودولتها الى قانون يمنع عمليا الإضرابات العمالية نابع من الطور النوعي الذي بلغه الهجوم على كادحي المغرب. فالدولة مصممة على الإغارة على مستخدميها بقصد خفض نفقات الوظيفة العمومية من 11 إلى 8 % من النتاج الداخلي الإجمالي كما تدعو المؤسسات الإمبريالية ، وعلى النيل من المكاسب الطفيفة في أنظمة التقاعد (سناريوهات ما سمي بالمناظرة الوطنية حول التقاعد في ديسمبر 2003 )، وسائرة في خصخصة كل شيء ( سكك الحديد والموانئ وشركة الطيران ، الماء والكهرباء والصحة والتعليم وخدمات البلديات الى غير ذلك) . وتجر البلد بإصرار الى تخريب قسم كبير من النسيج الاقتصادي انصياعا للسياسات الإمبريالية ( التبادل الحر مع الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية) ، مما ينذر بمستويات بطالة لم يشهدها المغرب ابدا .ومع سياسة الأجور المطبقة والخفض المرتقب لقيمة الدرهم والالغاء التام لصندوق الموازنة ، ستشهد القدرة الشرائية للعمال وعموم الكادحين انهيارا غير مسبوق . انه باختصار برميل البارود الاجتماعي الذي تعتقد الحكومة انها ستنزع فتيله بمنع الإضرابات. لقد أضعفت الدولة دفاع العمال عن أنفسهم بفعل حجم البطالة وتوريط النقابات في « معالجة الملف الاجتماعي» وتنوي الإقدام خطوة إضافية في ذلك الإضعاف بمنع الإضراب وتجريم الاحتجاج و النضال بوجه عام. ان ما يشجع الدولة على السعي الى تجريد العمال من سلاح الإضراب هو حالة التشتت التي آلت اليها الحركة النقابية والضعف النوعي لكل من مكوناتها بفعل حجم البطالة وتهشيش أوضاع العاملين (العمل المؤقت وبالعقد محدد المدة وعبر شركات السمسرة في اليد العاملة ) ، وبفعل الهزائم والاخفاقات الناتجة عن اعطاب أدوات النضال ( التبقرط والافتقاد الى استراتيجية نضال ملائمة لمستجدات عالم الشغل) . ان خطر الهزيمة دون معركة خطر داهم لان الدولة ستقتاد النقابات بسهولة إلى اللقاءات الفوقية ودهاليز مجلس المستشارين، والمساومات غير الوفية لمصالح الطبقة العاملة ، كما حدث بشأن مدونة الشغل. ستهدف الدولة الى إشراك القيادات النقابية نفسها في الحد من حق الإضراب . ان ضعف الحركة النقابية ضعف سياسي أيضا ، فقسم منها تجره قوى سياسية منخرطة جسدا وروحا في تطبيق السياسات اللاشعبية وقسم آخر تائه ، عديم الإستراتيجية الكفاحية ، ان لم نقل انه مساير لسياسة الحاكمين بالاستنكاف عن تنظيم الرد العمالي . واسطع ما يدل على ذلك ان الحركة النقابية بالمغرب ، بعد نصف قرن من مغربتها، عديمة اللسان ، فما من أداة إعلامية منتظمة. يضاف الى ذلك ضعف تحالفات الحركة النقابية، فأواصر تعاونها مع حركة الدفاع عن حقوق الإنسان شبه منعدمة ، علاوة على ضمور الجمعيات الحقوقية نفسها ونخبويتها ، بل ان بعضها سار بعيدا في التحول الى برج مراقبة يصدر بيانات وتقارير لا يقرؤها سوى كاتبوها. ومما يضعف موقف نقابات العمال أنها أهملت حليفا أساسيا ووازنا ، ما فتئ يدعو الى جبهة موحدة لاجل صد الهجمات البرجوازية المتتالية . انها جمعية الخريجين المعطلين . فقد سعت هذه الجمعية المكافحة الى عمل موحد في العديد من المحطات ، ليس اقلها التصدي لمشروع مدونة الشغل ، لكن النقابات لم تكترث رغم ان جمعية المعطلين أبدعت في أشكال النضال و أبانت عن قدرات تعبوية كفاحية ونظمت مسيرات وطنية للشباب بالعاصمة لم يشهد تاريخ المغرب مثيلها. ان مشروع قانون الإضراب يضع المنظمات النقابية ، وجمعيات حقوق الإنسان ، امام مسؤوليات تاريخية: اما ان تتحمل مسؤولية صد العدوان او تلقى مصير الخارجين عن صف الكادحين، لا بل مصير المتواطئين. ان كان من القيادات من يبدي استعدادا لبيع حق الإضراب لاجل مصالحه هو، فعلى العمال ان يدافعوا عن ملكهم الخاص أي حقهم في الإضراب . لذا فأول واجباتنا كمناضلين عماليين تقتضي ان نعمل ، داخل النقابات وخارجها من اجل : * الشروع فورا في حملة تنوير موحدة بين النقابات ،وجمعيات حقوق الإنسان، وجمعية المعطلين، وكل الهيئات الشعبية، والقوى السياسية التقدمية، لدحض المبررات التي يستند اليها مشروع تكبيل الإضراب. حملة تستعمل الصحافة والمناشير والتجمعات العمومية . * تأسيس لجان الدفاع عن حق الإضراب ، مشتركة بين النقابات في كل أماكن العمل ، وتجنيد القوى بالقطاع العام لإحباط مناورة عزل القطاع الخاص، والمطالبة بسحب مشروع قانون الإضراب، و إلغاء كل القوانين المقيدة لحق الإضراب، وعلى رأسها الفصل 288 من القانون الجنائي والفصل 5 من مرسوم 5 فبراير 1958 ، كل ذلك في افق توحيد الرد في شكل إضراب عام دفاعا عن حق الإضراب . ان معركة الدفاع عن حق الإضراب تبرز بجلاء الحاجة الى قوة سياسية تضعها في إطارها الشمولي: النضال من اجل الحريات الديمقراطية، ومن اجل نظام ديمقراطي حقيقي، في ارتباط وثيق مع مطالب تلبية الحاجات الاجتماعية الأساسية للكادحين، بالمدن والقرى ، والتحرر من نير الاستغلال والاضطهاد ، أي حزبا عماليا اشتراكيا يعبئ القوة الشعبية القادرة على صد هجمات البرجوازية ودولتها ، والتقدم نحو التغيير الجذري .
ــ منقول من جريدة (( المناضلة))

أبوطارق
19-03-2008, 16:53
شكرا على نقل الموضوع الهام