المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أوراق نائم إقليمي


عبد العالي
26-03-2008, 17:56
أوراق نائم إقليمي

انتهت فترة نيابته منذ أسبوع. لم يشعر بهذه الراحة و الرضا عن عمله من قبل. جالسا أمام حاسوبه المتواضع شكلا و أداء،راح يتذكر كل ما مر من أحداث و وقائع.
كانت البداية بتكليف إجباري للقيام بمهام نائب إقليمي، و لم يكن له سبيل للتملص من هذه المسؤولية. مباشرة بعد تعيينه بثلاثة أيام، صار يعرف جميع موظفي نيابته؛ معاناتهم، مشاكلهم، حيلهم، أسلوب تعاملهم، بل حتى المجد منهم و المتقاعس عن عمله. تعرف إلى دور النيابة في المنظومة التربوية و في المجتمع، بالإضافة لعلاقاتها المتنوعة بالإقليم. ثلاثة أيام أخرى كانت كافية له لإعداد خطة عمل هدفها العمل على تحسين مرد ودية الموظفين و إعطاء القدوة لمختلف النيابات في تدبير الشؤون النيابية، مع جعل النيابة مركز إشعاع ثقافي و تربوي مميز. وانطلقت الخطة.
كان الدخول المدرسي كالمعتاد يعرف مشاكل تعيق الأطر التعليمية، و كان على نائبنا تحمل كل الشكاوي المقدمة و التعليقات الجارحة بامتعاض من جهة، و تطبيق خطته السرية دون علم الآخرين من جهة ثانية. مواقف عصيبة مر بها قبل أن تنجح مقومات خطته نجاحا تجاوز المتوقع. و انطلقت بعد ذلك الخطوة التالية؛ التغيير.
في أحد الاجتماعات، كشف للموظفين ما ينوي فعله بالنيابة، فكان رد فعلهم السخرية و الرفض، إلا أنهم غيروا رأيهم مباشرة بعد أن قدم لهم أحد أوراقه للضغط عليهم.
تحول العمل إلى عبادة لدى بعضهم بعد الاجتماع، و صارت النيابة تقدم الخدمات الإدارية بشكل مبهر للأساتذة و المديرين، فتحقق بذلك الشطر الأول من مهمة النائب.
بعد ترتيب البيت النيابي، توجه نائبنا إلى مشكل التعليم و جودته في خضم الإضرابات المتتالية التي تقودها النقابات التعليمية، و استطاع بحنكة تحويل توجه النقابات إلى تكوين الشغيلة التعليمية.
أما فيما يخص الأساتذة، فقد كان تعزيزه للعلاقات المباشرة مع جمعيات آباء و أولياء التلاميذ دور كبير في تقويم سلوكات المدرسين و فرض الرقابة عليهم بشكل دائم و مستمر، و تحسين مردود يتهم، كما أنه كان يزودهم بالوسائل التربوية الكفيلة بتقديم النفع للمدرس و التلميذ كليهما.
كان الشطر الأخير و الحساس متعلقا بعلاقة النيابة مع فعاليات المجتمع المدني و السلطة، حيث كان تأثير الضغوط الخارجية على السير العادي للتربية و التعليم بالإقليم كبيرا و قويا، نظرا لتفشي ظواهر الرشوة و المحسوبية و الوساطة... إلا أن النجاح في بداية الخطة ساعده لتجاوز بعض هذه الضغوط، و الاصطدام مع غيرها.
كان إيمانه قويا للوصول إلى غايته؛ تنظيم ندوة بمشاركة فعاليات تربوية مرموقة على الصعيدين المحلي و الوطني، و كان له ذلك في ختام فترته النيابية.
لن ينسى ذلك اليوم، حين قدم للملإ كل أسرار خطته، و كشف كل أوراقه التي كان يلعب بها بشكل دبلوماسي لا يمكن معه إفشال النتائج و المكتسبات التي حققها بالنيابة سابقا في فترة لاحقة بعده.
شكلت هذه التجربة التي شهدها ذكريات صعبة النسيان. أطفأ شاشة الحاسوب، و استلقى على فراشه، ثم نام.
كان نائبا و الآن أصبح نائما ! نوما هنيئا و أحلاما وردية سيدي النائم ! نعاس الرحمة و العفو!

ommo ilyas
27-03-2008, 10:24
كان نائبا و الآن أصبح نائما ! نوما هنيئا و أحلاما وردية سيدي النائم ! نعاس الرحمة و العفو!

maestro
29-03-2008, 16:25
بارك الله فيك.
مجهود متميز وموضوع مفيد.
مزيدا من الاختيارات الموفقة..
ننتظر ابداعاتك القادمة.
شكرالك.

عبد العالي
30-03-2008, 16:01
الشكر للمشرفين على هذا المنتدى، و على تشجيعاتهم المتواصلة!

tijani
31-03-2008, 11:13
اخي أحسنت ..ليتك كنت نائبا حتى تحقق هذه الأهداف التي رسمتها في هذا السرد القصصي
أخمن ان تكون قاصا ناجحا لانك تملك الافكار والاسلوب
احيي فيك هذا الانتاج الشخصي ..فلأن يبدع الشخص مهما كان ابداعه متواضعا خير من النسخ واللصق ..
تحياتي

أبو المعاني
31-03-2008, 11:27
شتان بين الواقع والأحلام الوردية التي جاءت في إبداعك
تحياتي الصادقة لك أخي الكريم ولمشاركتك الجميلة

mahdar
04-04-2008, 21:09
موضوع جميل تمتعت بقراءته

عبد العالي
17-10-2008, 21:57
كان الله في عون النائبين ان لم يكونوا نائمين في نياباتهم... فالمسؤولية الملقاة عليهم ليست بالهينة

abousoufiane2005
24-11-2008, 20:48
ننتظر ابداعاتك القصصية المقبلة