المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تقنيات تحليل نص


التربوية
30-03-2008, 23:19
تقنيات تحليل نص
1- مقدمة:
اعتبارا للطابع المهني الذي يسم هذا الامتحان ، توخينا التخفيف ما أمكن من الحمولة الأكاديمية للتقنيات المقترحة بصدد تحليل نص ، و توجيه المترشح بالتالي نحو استثمار تجربته المهنية و معطيات الواقع المعيش في قراءته للنصوص و التعامل النقدي معها في ذات الآن .
و بما أن تحليل النص يخضع لمقاربات متعددة تعدد الخلفيات الفكرية و العلمية المنطلق منها في إنتاجه ، فإن المراحل و التقنيات المقترحة هنا ما هي إلا دليل عمل ، فهي قابلة للإضافة و التعديل ؛ إذ المقصود منها ليس وضع المترشح ضمن نمط تحليلي محدد ، بل مده بجملة من المؤشرات القمينة بحفزه على البحث و إعمال الجهد الذاتي و التعامل المرن مع الأفكار .
2 – القدرات المستهدفة :
حرصا على وضوح الرؤية و مساعدة المترشح على التقويم الذاتي ، يكفيه أن يبرهن من خلال التحليل على القدرات التالية :
1.2– أن يتمكن من طرح الإشكالية التي يتمحور حولها النص .
2.2– أن يحلل النص تفكيكا و تفسيرا ( تحديد مكوناته الأساسية ، تفسير مضامينها دلالة على فهم ما تهدف إليه .).
3.2– أن يقوم النص ( التعامل النقدي مع النص ، وضع مضامينه على محك التجربة المهنية أو الواقع المعيش ).
3 – المراحل و التقنيات المقترحة :
انسجاما مع ما تمت الإشارة إليه في التقديم ، و عملا على تبسيط المنظور التحليلي المقترح ، و كذا توسيع إطاره الذي نرومه محكوما بالهاجس التكويني في الدرجة الأولى ، نقترح ورقتين :
* الورقة الأولى هدفها الاستئناس بمختلف المراحل و التقنيات التي يمكن توظيفها في تحليل نص مفتوح ( و نقصد هنا غير الموجه أو غير المذيل بأسئلة ) .
* الورقة الثانية هدفها الاستئناس بالمراحل و التقنيات الممكن توظيفها في نص موجه (أي مذيل بأسئلة ) .
و نؤكد منذ البداية على التداخل الكائن بين الورقتين ، خاصة على مستوى إمكانية الاستفادة من المعطيات الواردة في الورقة الأولى لإغناء الورقة الثانية .
كما نؤكد أيضا – و حرصا على الشفافية التي يجب الالتزام بها في هذا المجال – بأن الورقة الثانية هي المرتبطة أكثر بشكل الامتحان المنتظر ، بمعنى أن النص الذي سيتم طرحه في الامتحان سيكون نصا مذيلا بأسئلة ( سؤالين أو أكثر ) . لذلك حرصنا على تقديم المعطيات الأساسية بصدده من خلال مثال في صورة عناصر ميسرة للجواب ، تجنبا للتنميط والنسج على المنوال .
1.3 – الورقة الأولى ( المراحل و التقنيات المقترحة بصدد نص مفتوح ) :
1.1.3 – طرح إشكالية النص :
- - أي القضية المحورية التي يدور حولها النص .
- بما أن الأمر يتعلق بإشكالية ، فمعنى هذا أن هذه القضية تختزل مجموعة من المشاكل المترابطة . لذا يحسن الانطلاق في تركيبها من الكل إلى الجزء : طرح القضية/ الإشكالية في مجملها ، ثم بيان أبعادها و طرحها في صيغة تساؤلية أو تقريرية تمهيدا لعملية التفكيك / التفسير .
- تيسيرا لإنجاز العمليات المذكورة يمكن الوقوف عند ما يمكن أن نسميه بمفاتيح النص : مصطلحات و مفاهيم أساسية ، عبارات دالة ( يمكن أن يكون التكرار دلالة هنا ) ...
- - يمكن ، قبل طرح الإشكالية ، إنجاز مدخل يركز فيه على :
* بيان نوع النص ( مقتطف من عمل أكاديمي ، من مقالة ... ).
* وضع النص في إطاره الفكري و العلمي (حقله المعرفي : علم الاجتماع ، علم الاقتصاد ، علوم التربية...انتمائه ضمن هذا الحقل ، أي المدرسة أو الاتجاه الذي يندرج فيه) وستكون مناسبة للتعرض لشخصية صاحب النص و الظروف السوسيو- تاريخية المساهمة في إفراز النص .
2.1.3 – تفكيك النص :
- بناء هيكلة خاصة للنص بإبراز مكوناته الأساسية و ترتيبها .
- مراعاة مدى الانسجام الكائن بين هذه الهيكلة و بين ما سبق طرحه في المرحلة الأولى .
- تفسير كل مكون على حدة مع الحرص على ألا تتخذ عملية التفسير طابع اجترار منطوق النص . فالتفسير هنا محاولة لإعادة إنتاج مفصلة للنص عن طريق المجهود الذاتي للمترشح في تمثل محتوياته ، على أساس أن محلل النص يعتبر وسيطا بين صاحب النص وبين قارئه العادي .
- الحرص على أن تتخذ عملية التفسير طابع محاورة النص من داخله أي الانسياق في نفس توجهه سعيا وراء تبسيط معطياته .
لذلك يندرج ضمن عملية التفسير :
* التعليل : محاولة الكشف عن المبرارات و الأسباب المفسرة للتوجه الذي يحكم مضامين مكوناته .
* التأويل : محاولة الكشف عن المسكوت عنه في النص و الذي يوحي به منطوق النص ، أي إعطاء مضامين النص معنى لا يكون ظاهرا و لكنه مستشف من العبارات أو المصطلحات ... الموظفة في النص .
* مقابلة أفكار النص بأفكار نصوص أخرى تندرج في نفس توجهه سواء كانت لنفس الكاتب أو لمن يتفق معه من الكتاب الآخرين ، و ذلك إمعانا في فهم أبعاد توجهه .
* إغناء النص بأمثله تعزز ما يذهب إليه أو توضح ما يبدو غامضا فيه .
* توضيح منطق النص : الآليات المعتمدة في الإقناع ، نوع المقولات الفكرية المروجة ( افتراضات ، استنتاجات ، مقارنات ... ).
- - التحليل المقترح هنا لا ينفصل عن عملية التركيب التي آثرنا عدم التنصيص عليها كمرحلة منفصلة توخيا للتبسيط . فما تمت الإشارة إليه آنفا من : إغناء مضامين النص بإضافات مستقاة من الأدبيات أو من الواقع في إطار التعمق في فهمه ، الخروج باستنتاجات ، الربط بين الأفكار ، هيكلة النص بإبرازمكوناته الأساسية و ترتيبها ، كل ذلك من صميم عملية التركيب .
3.1.3 – تقويم النص :
- - أي مناقشته و مقاربته مقاربة نقدية .
- - عادة ما يميز في هذا الصدد بين التقويم الداخلي الذي يتم من داخل النص و بين التقويم الخارجي الذي يتم من خارج النص : من خلال نصوص أخرى أو من خلال الواقع .
- - وعلى العموم يمكن أن يتم التقويم بنوعيه على المستويات التالية :
* المنطق المعتمد في النص : قد يكون مفتقرا إلى التماسك ( تناقضات / مفارقات) ، قد يكون قاصرا عن الإقناع و التأثير و تحقيق الهدف المتوخى منه نظرا لبعض العبارات أو الأفكار المروجة ضمنه .
* مدى انسجامه مع الانتماء الفكري أو العلمي للكاتب و مع إطاره السوسيو- تاريخي .
* مدى الصحة العلمية و الواقعية للأفكار المطروحة ضمنه ( وهنا يمكن الاستعانة باستشهادات مستقاة من نصوص كتاب آخرين بمن في ذلك أولئك الذين ينتمون لنفس التوجه الفكري و العلمي لصاحب النص ، كما يمكن الاستعانة بأمثلة مستمدة من الواقع بصفة عامة).
* مدى ملاءمة أفكار النص للواقع المغربي ككل أو للواقع المهني للمترشح بصفة خاصة ، أو ما يمكن أن نسميه بمدى وظيفية النص . و المتوخى هنا هو حث المترشح على فتح آفاق للنص على واقعه المعيش أو على تجربته المهنية ، لكي يصبح نصا وظيفيا قمينا بأن يستثمر لإغناء ذلك الواقع أو هذه التجربة .
وهنا يمكن إضافة التعديلات التي يراها المترشح ضرورية لتكييف النص مع خصوصية الواقع أو الممارسة المهنية ( ما ينبغي الاستغناء عنه من أفكار النص ، ما يمكن تبنيه مع الإضافة و التعديل ...).
وتجدر الإشارة أخيرا إلى أن تقويم النص لا يشمل بالضرورة جميع الأفكار المطروحة ضمنه ، بل يستحسن الوقوف عند ما هو أساسي منها ، خصوصا و أن محاولة الدخول في جميع تفاصيل النص قد توقع المحلل في الإطناب .
4 - الورقة الثانية ( تحليل نص موجه ) :
1.4- النص المقترح :
إذا جاز لنا أن نطلق اسم " الهويانية " على النزعة التي ترفع شعار الهوية ، قومية كانت أو إثنية أو طائفية ]...[ وجب القول إن التعارض بين العولمة و الهويانية هو مظهر من مظاهر الصراع في عصرنا ، و هو صراع يعيشه العالم ككل كما يعيشه كل بلد على حدة ، متقدما كان هذا البلد أو " متخلفا " . و إذا كان هذا الصراع يبدو في بعض الأحيان ، و على السطح ، في صورة صراع بين " الشمال " داعية العولمة و المستفيد الأول منها ، و بين الجنوب " موضوع العولمة " و المستهدف بها ، فليس هذا سوى مظهر واحد من جملة مظاهر متعددة .
] ...[ العلاقة بين العولمة و مسألة الهوية ليست إذن علاقة وحيدة الاتجاه ، و هي لا تطرح مشكلة واحدة يمكن حلها ، بل هي تنسج إشكالية لا يمكن حلها إلا بتجاوزها . و عملية التجاوز تتطلب هنا مقاومة هذه الإشكالية بأقوى أسلحتها ، أقصد تعميم المعرفة العلمية . إن التغلب على مساوئ العولمة لن يفيد فيه الهجوم عليها و لا محاولة حصارها . إن السبيل القويم إلى الحد من آثارها على الهوية و الخصوصية ، و التي تتجلى قبل كل شيء في ما عبرنا عنه ب " الهويانية " ، هو الرفع من مستوى الهوية إلى الدرجة التي تستطيع بها الصمود الإيجابي المملوء بالثقة بالنفس . إن الوسائل التقنية التي توفرها العولمة على مستوى الاتصال خاصة هي خير مساعد على نشر المعرفة العلمية و تعميم الروح النقدية .
محمد عابد الجابري ( 1999 ) العولمة و هاجس الهوية في الغرب ، مجلة فكر و نقد ، عدد 22 ، أكتوبر ، ص 10 – 11.

أسئلة :
1. أبرزالإشكالية التي يدور حولها النص و حلل مكوناتها .
2. ناقش النص في ضوء الواقع المعيش .
2.4– توجيهات عامة :
- القراءة المتأنية للنص مع استخلاص المفاهيم و العبارات الأساسية التي يمكن أن تساعد على ضبط الإشكالية و مكوناتها ( التعارض / الصراع ، العولمة ، الهوية / الهويانية، متقدم / شمال ، متخلف / جنوب ، مشكلة / إشكالية ، المعرفة العلمية / الروح النقدية ، الوسائل التقنية / الاتصال ، الصمود الإيجابي / الثقة بالنفس ) .
- - الإجابة عن كل سؤال على حدة مع الحرص على التوازن الكمي بين الجوابين نسبيا.
- - الوقوف في الجواب عن السؤال الأول عند التحليل / التفكيك / التفسير، أ ي التعامل مع النص من الداخل .
- - الحرص في الجواب عن السؤال الثاني على مناقشة / تقويم النص من الخارج لأن الواقع المعيش للمترشح يتموضع خارج النص ، إذ المطروح هو مدىاقتراب هذا النص من الواقع أو مدى واقعيته.
- يجب أن نفهم من المناقشة / التقويم بيان جوانب القوة / الصلاحية و الضعف / عدم الصلاحية أو ما يمكن أن نسميه بالتقويم المزدوج ، مع الحرص على استحضار معطيات الواقع المعيش كمحك وحيد لذلك .
- - لاحظ التمفصل بين السؤالين : السؤال الأول يأتي منطقيا قبل الثاني و يؤدي إليه ، فبعد تفكيك / تفسير النص و بسط معطياته ، تأتي منطقيا مرحلة التعامل التقويمي معها بما لها و ما عليها . لذلك يحسن ترتيب الجوابين تبعا لترتيب السؤالين . وهذا ما يساعد على "حسن التخلص " من السؤال الأول إلى الثاني .
- - مراعاة القواعد الأساسية للتحرير : تجنب الحشو و التكرار ، ضبط المصطلحات و المفاهيم المستعملة ، مراعاة علامات الوقف و الترقيم ، وضع الاستشهادات المنقولة حرفيا بين مزدوجتين و الاكتفاء بصدد ما اقتبس معناه باستعمال عبارة : ما معناه متبوعة بنقطتي تفسير، التأكد من أسماء الأعلام ، تنظيم الفقرات ، سلامة اللغة .
3.4 عناصر ميسرة للجواب عن السؤالين :
1.3.4 إبراز إشكالية النص و تحليل مكوناتها :
- - الإشكالية :
* الصراع بين العولمة و " الهويانية " كنتيجة للتأثير السلبي للعولمة على الهوية .
* أهم أبعاد الإشكالية :
+ ما هي طبيعة هذا الصراع ؟
+ ما هو مداه الجيو- سياسي ؟
+ كيف يمكن تجاوزه ؟
* يحسن الوقوف في بسط الإشكالية عند مصطلحي العولمة و " الهويانية " لتحديدهما بما ينسجم مع سياق النص : فمصطلح العولمة ( من عولم أي صير عالميا ) يحيل على التواصل المفتوح ( المخترق للحدود الجيو- سياسية ) بين المجتمعات الإنسانية على اختلاف أنظمتها السياسية و الاقتصادية ، تحكمه علاقات غير متكافئة خاصة على المستوى التكنولوجي و الاقتصادي .
أما مصطلح " الهويانية " فهو من ابتكار كاتب النص للدلالة على " النزعة التي ترفع شعار الهوية " ، والهوية تعني هنا الخصوصية المجتمعية أو ما يعبرعنه أيضا بالذات المجتمعية .
- المكونات :
* يحتوي النص على مكونين أساسيين :
+ التعارض / الصراع بين العولمة و " الهويانية "ظاهرة عامة تعرفها جميع الدول ، و تفصح عن علاقة إشكالية بين العولمة و الهوية .
+ تجاوز الإشكالية يقتضي استمداد إمكاناته من أهم إنجازات العولمة : التكنولوجيا و المعرفة العلمية ( الاستغلال الأولى ، خاصة وسائل الإتصال ، في تعميم الثانية لتقوية الهوية بما يحقق بناء علاقة صحية بينها و بين العولمة ) .
* لاحظ ارتباط هذين المكونين بالإشكالية العامة للنص ، باعتبارهما بعدين أساسيين للصراع بين العولمة و" الهويانية ".
* أبعاد المكون الأول موضوع التحليل :
+ يحيلنا هذا المكون على أن الصراع بين العولمة و" الهويانية " صراع ذو طبيعة ثقافية / حضارية بما هو إفصاح عن محاولة اختراق الهوية / الخصوصية المميزة لتجمع بشري ما ( وطن ، عرق ، طائفة ... ) لتذويبها وسط " مجتمع عالمي " .
+ يتمظهر الطابع الإشكالي للصراع بين العولمة و الهويانية " في تعدد مستوياته و اتجاهاته و إفصاحه بالتالي عن عدة مشاكل متداخلة .
+ من أهم مظاهر التعدد :
- تعدد مستويات " الهويانية " : قومي / تشبت بالوطن ، إثني / تشبت بالعرق ، طائفي / تشبت بمرجعية عقدية .
- تعدد اتجاهات العولمة : اتجاه شمال جنوب و هو البارز ، و يسمح لنا التعامل التأويلي مع النص بالحديث عن اتجاه شمال شمال ، و أيضا عن اتجاه جنوب جنوب في ضوء نظرية مركز محيط (اجتهادات سمير أمين المطورة).
+ يمكن الوقوف عند بعض هذه المستويات و الاتجاهات بالتحليل :
مثلا : اتجاه شمال جنوب هو الأكثر وضوحا من حيث هو صراع بين ثقافة / حضارة غربية " متقدمة " تريد أن تعطي لقيمها وأفكارها ... صبغة عالمية لاختراق الدول " المتخلفة" ضدا على خصوصيتها / هويتها الثقافية / الحضارية. يقابل ذلك رد فعل " هوياني" أبرزه قومي / عقدي كما هو الحال في العالم العربي / الإسلامي .
+ يمكن بيان تجليات ذلك من خلال أمثلة مستقاة من مختلف مجالات الحياة اليومية أو أدبيات عربية ( علي زيعور ، مصطفى حجازي ... ).
+ على مستوى شمال شمال أصبح معروفا موقف بعض الدول المتقدمة " الدفاعي " خاصة فرنسا ، عن هويتها الثقافية / الحضارية تجاه الاختراق العولمي الأمريكي في شتى المجالات : السينما ، اللغة ، الطبخ !؟...
+ الصراع إذن في جميع أحواله و أبعاده غير متكافئ من حيث كونه يتخد طابع الفعل الاختراقي ( الاختراق مصطلح من ابتكار الكاتب في نصوص أخرى ) المدعم بمختلف الوسائل التكنولوجية المتطورة و بالتجمعات الاقتصادية الضخمة و خاصة الشركات المتعددة الجنسية ... ، هذا الفعل هو المسؤول عن تنشيط " ميكانيزم دفاعي " يؤشر إلى ضعف إن لم نقل إلى مرض يطال الذات المجتمعية ( الإشارة إلى " الثقة بالنفس " في النص تسمح لنا بهذا التأويل ) . نستحضر هنا على سبيل المقارنة / التناص مؤلف علي زيعور عن: التحليل النفسي للذات العربية .
+ يمكن الختم بالنتيجة الحصرية المزدوجة التي يفضي إليها التعامل " غير الصحي " مع العولمة: إما استلاب ثقافي / حضاري عولمي و إما تطرف ثقافي / حضاري " هوياني " . و هنا تطرح ضرورة تجاوز هذه الوضعية الحصرية .
* أبعاد المكون الثاني موضوع التحليل :
+ تعامل النص مع الإشكالية لا يطرح حلا ميكانيكيا ، بل حلا تجاوزيا لا (يمكن حلها إلا بتجاوزها ) . و التجاوز هنا يعني الخروج من الوضعية الحصرية المذكورة أعلاه بإعادة الطرح الصراع من منظور آخر : الانتقال من مستوى : هجوم / رفض / حصار العولمة أو ما يمكن أن نسميه بمواجهة خارجية ، إلى مستوى تعايش / قبول ( صمود إيجابي ) / انفتاح على العولمة أو ما يمكن أن نسميه بمواجهة داخلية .
+ الوضعية الجديدة المتوخاة تتمثل في تقوية الهوية ( الثقة بالنفس ) بتلقيحها بأهم ما يميز العولمة : المعرفة العلمية .يمكن الوقوف عند خصائص هذه المعرفة العلمية استهداء بقرينتها المذكورة في النص أي الروح النقدية ( نشر المعرفة العلمية و تعميم الروح النقدية ).
+ بما أن" الهويانية " تعتبر من وجهة نظر النص خللا في الذات المجتمعية ، فإن النقد الذاتي يطرح نفسه هنا : التخلص من التطرف، الفهم الصحي لمكونات الخصوصية المجتمعية ، التسامح و الانفتاح = التقوقع على الذات ، النسبية في التفكير و جميع خصائص الفكر العلمي بما فيها القدرة على التعامل مع المعطيات التكنولوجية و نبذ الفكر الخرافي .
+ هناك أيضا نقد الآخر ( العولمة و مصادرها ) ، و خاصة على مستوى قدرة تبين المساوئ التي ينبغي تجنبها لكونها لا تتلاءم مع الخصوصية / الهوية القوية ، و تبين الإيجابيات لتبنيها مكيفة مع هذه الهوية أي بعقلية نقدية . و هنا تبرز بالخصوص قدرة الانتقاء / الاختيار و القدرة على تمحيص / تقويم الرأي الآخر في إطار التمييز بين الثوابت و المتغيرات .
+ هذه المعرفة العلمية ذات التوجه النقدي لا جدوى منها إذا كانت محصورة في طبقة أو فئة أو جماعة ... إذ أن فاعليتها مستمدة من مدى تغلغلها في مختلف مكونات النسيج المجتمعي حتى تتشكل هويته الصحية ( تعميم / نشر المعرفة العلمية ...) .
+ السبيل إلى ذلك هو توظيف المعطيات التكنولوجية الحديثة التي هي أيضا من نتائج العولمة ، وخاصة وسائل الاتصال ( الانترنيت ، القنوات الفضائية...) التي يمكن بيان أهميتها في هذا المجال .
+ النتيجة التي يمكن الخروج بها من النص ككل هي أنه يقدم لنا وجهة نظر معللة بصدد تعامل أي مجتمع / دولة مع العولمة بغض النظرعن كونه " متقدما " أو " متخلفا" و المتجلية في الانخراط في العولمة من موقع القوة المتمثل في استثمار معطياتها الإيجابية (العلم و التكنولوجيا ) لبناء ذات مجتمعية قادرة على التواصل مع الآخر دون أن تفقد خصوصيتها . كما يمكن أن نسجل بأن هذا الاستنتاج العام يحيلنا على أن النص يتبنى موقفا تربويا / توعويا من العولمة .
2.3.4- مناقشة النص في ضوء الواقع المعيش:
- المناقشة تقتضي العودة إلى مكونات النص و فحصها لبيان أن الواقع المعيش بمختلف مجالاته ، و ضمنها التجربة المهنية للمترشح ، يؤكد صحتها أو عدمها كلا أو بعضا. و هنا يلزم الإتيان ببراهين و أمثلة تؤكد ذلك .
- - الأمثلة و البراهين يمكن استقاؤها من :
* ما نعيشه من أحداث و وقائع مثل موقف بعض الأطراف في بلدنا أو في بلدان أخرى من محتويات بعض البرامج المبثوثة عبر القنوات الفضائية أو الانترنيت ( هناك بعض دول الجنوب لا زالت تضع قيودا صارمة على حرية التعامل مع هذه القنوات و هذا موقف " هوياني " واضح ) .
* من تصريحات و كتابات معينة مثل تصريح المدير العام لليونسكو الرافض لتحرير المبادلات الثقافية ( عن جريدة الاتحاد الاشتراكي عدد 2 فبراير 2000 ).
* من التجربة المهنية للمترشح التي تعتبر مجالا مواتيا لبيان دور وسائل الاتصال في تعميم المعرفة العلمية على سبيل المثال .
- أحيانا يمكن أن تكون المصداقية الواقعية لبعض أفكار النص جزئية لحاجتها إلى تعديل نسبي ؛ ففي هذا النص نجد الكاتب يربط الهوية بتجمع بشري محدد جغرافيا ، والحال أن من التحويلات التي طرأت على واقع الهوية بفعل العولمة اتخاذها طابعا إنسانيا يتجاوز الحدود القومية و الإثنية و الطائفية . و هذا ما يضيف بعدا جديدا للصراع المذكور في النص، ألا و هو الصراع بين العولمة " المتوحشة " التي هي امتداد لما كان يسمى بالنظام العالمي الجديد و بين العولمة المضادة التي تروم الحفاظ على هوية / خصوصية الإنسان ( يمكن الوقوف هنا عند مصطلح المجتمع المدني العالمي ، المظاهرات و الاحتجاجات المنظمة ضد المؤتمرات ذات التوجه العولمي كما حدث في " سياتيل " مثلا ، التوسع المتسارع للجمعيات الحقوقية الإنسانية المناهضة للعولمة " المتوحشة " مثل " الحركة من أجل العدالة العالمية " وجمعية " أطاك " التي أصبح لها فرع في المغرب : " أطاك – المغرب " ).
* التوجه العلمي التكنولوجي للحل التجاوزي المطروح في النص يمكن مناقشته بالوقوف عند جدوى موازنته عن طريق إبراز أهمية القيم الأصيلة – خاصة الدينية منها – في تقوية الهوية و إنجاح رهانها العولمي .
* بالرغم من المصداقية الواقعية لما يذهب إليه النص بصدد كون الصراع يعيشه العالم ككل ، فإن الصراع شمال شمال له خصوصيته إذ تؤكد الوقائع أن اجتماعات الدول الثمانية الأكثر تصنعا تعتبر رمزا من رموز العولمة التي يتظاهر ضدها . هذا إضافة إلى التحالفات الإستراتيجية القائمة بين أهم هذه الدول . و هنا تطرح ضرورة التمييز بين الصراع الرئيسي و الصراع الثانوي .
* لا جدال في أهمية وسائل الاتصال ( التي يمكن إدراجها ضمن المدارس الموازية ) في نشر المعرفة العلمية و تقوية الهوية بالتالي من منظور النص . غير أن الواقع يشهد بعدم إمكانية إغفال دور المدرسة النظامية في هذا المجال ( يمكن دعم هذا الرأي بأمثله مستقاة من التجربة المهنية للمترشح ) .
* يمكن الختم بتخريج مركز من شأنه فتح آفاق واقعية للنص كأن نبين بأن فاعلية توظيف " الوسائل التقنية ... في نشر المعرفة العلمية و تعميم الروح النقدية " رهينة بمدى توافر شروط ذات ارتباط بالأدوار التي ينبغي أن يضطلع بها كل من المجتمع السياسي والمجتمع المدني في توجيه عملية التوظيف الوجهة الملائمة . و طبعا فإن الاضطلاع بهذه الأدوار رهين أيضا باتسام هذين المجتمعين ، و خاصة المجتمع السياسي ، بمواصفات محددة لعل أهمها مواصفة مجتمع / دولة الحق و القانون .
5. نص مقترح على المترشح لتحليله بالإجابة عن نفس السؤالين المطروحين حول النص السابق :
انطلاقا من المفهوم الشامل للتنمية ، فإن المؤسسات الاجتماعية المختلفة تلعب أدوارا محددة لكل منها في خلق " العملية المجتمعية الواعية الموجهة " لإحداث التنمية ، بمؤشراتها و معاييرها المادية و المعنوية . و تحظى التربية من بين تلك المؤسسات بدور متميز في إحداث التنمية و ضمان استمراريتها ( ... ).
و في اعتقادنا أن الدور الذي يمكن للتربية (بمفهومها النظامي المدرسي و الموجه ) أن تقوم به في تحقيق التنمية يمكن تلخيصه في ثلاث نقط :
1 . إيجاد قاعدة اجتماعية عريضة متعلمة بضمان حد أدنى من التعليم لكل مواطن .
2 . المساهمة في تعديل نظام القيم و الاتجاهات بما يتناسب و الطموحات التنموية في المجتمع .
3. تأهيل القوى البشرية و إعدادها للعمل في القطاعات المختلفة و على كل المستويات ] ... [ .
إن دور التربية في التنمية كما عرفناه هنا بأبعاده الثلاثة لا يتحقق إلا إذا اتضحت الرؤية التنموية في كل مجالاتها و منها المجال التربوي ، فالأمر يتطلب بعد تحديد دور التربية العمل بحزم على إنفاذه من خلال تطوير النظام التربوي نفسه ؛ كما أن موضوع التنمية ككل و ما يمكن للتربية أن تلعبه من دور فيه ، يخضع أولا وأخيرا ، للإرادة السياسية الواضحة والمعلنة والمتابع تنفيذها .
عبد العزيز عبد الله الجلال (1985) . تربية اليسر و تخلف التنمية ، الكويت ، سلسلة عالم المعرفة ، المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب ، ص 15-17.

6 . مراجع للاستئناس :
1.6. نخبة من الأساتذة ( إشراف محمد الدريج ) (1992). الدليل التربوي – النصوص التربوية ، الدار البيضاء ، مطبعة النجاح الجديدة .
2.6 سمير حسين ( 1983) تحليل المضمون ، القاهرة ، عالم الكتب .
3.6 Grange , A . (1990) Réussir l 'analyse de texte ,
Lyon , chronique Sociale .
4.6 Reichler , C . (1989) . Linterprétation des
textes , Paris , Ed . Min


منقول عن موقع نيابة التعليم بالناظور (http://www.dgennad.net/new/modules/newbb/index.php)

khaldmed
03-04-2008, 08:47
شكرا وبارك الله فيك لك مني أجمل تحية

abouyahya
03-09-2008, 14:31
شكرا وبارك الله فيك لك مني أجمل تحية

أبو حمزة62
24-10-2008, 00:38
مشكور أخي على عملك الدؤوب من أجل الرفع من مستوى رجال التعليم المعرفي
وتقنية تحليل النصوص من اولويات ما ينبغي استيعابه من أجل الرقي بالعمل المنوط بهذه الفئة .