المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جمعية آباء وأولياء الأطفال ذوي التثلث الصبغي 21 بجهة الرباط سلا


التربوية
01-04-2008, 04:29
http://img166.imageshack.us/img166/3848/26917476rw8.jpg

| 29.03.2008المغربية
غالبا ما يصادف الشخص في وضعية إعاقة تلك النظرة القاسية التي ينظر بها المجتمع إليه، فهي إما نظرة استعلاء ودونية أو شفقة وفي أفضل الحالات لامبالاة تجعل منهم كائنات غير مرغوب فيها.http://www.almaghribia.ma/Images/Pixel.gifhttp://www.almaghribia.ma/Images/Pixel.gifhttp://www.almaghribia.ma/Images/Pixel.gifhttp://www.almaghribia.ma/Paper/Photos/20080329_a_trisomie%201.jpgفي بعض الأحيان، حتى داخل الأسرة نفسها التي تصاب بصدمة حين تكتشف أن مولودها طفل معاق ذهنيا.
مجموعة من الأسئلة تطرح على هذه الأسرة التي تجد نفسها في يوم من الأيام، تضم طفلا معاقا.. تساؤلات عن مكانته في المجتمع، عن مستقبله الدراسي أو المهني، وعن المعاملة التي يجب أن يحظى بها، وعن أي اندماج أو تكوين يليق به ويضمن له الحق في الحياة السعيدة الكريمة.
هذه النظرة تريد "جمعية آباء وأولياء الأطفال ذوي التثلث الصبغي 21" أن تمحوها إلى الأبد، وهذه التساؤلات كانت سبيلا إلى إنشائها أول مرة سنة 1994، بمبادرة وإرادة من هؤلاء الآباء في أن تجعل من هذا الطفل إنسانا يمكنه التواصل والنمو والتعلم والعيش عيشة طبيعية تلائم ملكاته الفطرية وقدراته الفكرية التي يتوفر عليها "لأننا اكتشفنا أن هؤلاء الأطفال يعانون من تصور سلبي عن إمكانياتهم، والحال أن لديهم الكثير من الطاقات يجب استثمارها في مجال التربية والتمدرس فتكون لها نتائج واعدة بحسب ما تلقاه من تعلم وما اكتسبه من مهارات، وأحيانا تكون هذه النتائج مدهشة مثلما حدث في بلدان أوروبية حيث أمثلة عديدة لأطفال ومراهقين وشبابا أدهشوا من تعرف على مهاراتهم الفنية والتعبيرية وكفاءاتهم في التواصل والعمل والاندماج " يقول سعيد الحنصالي، رئيس الجمعية.


يمكن اعتبار جمعية آباء وأولياء الأطفال ذوي التثلث الصبغي 21، التي تأسست سنة 1994، بجهة الرباط سلا، من أوائل الجمعيات التي انشغلت بقضايا الأطفال ذوي التثلث الصبغي، وجاءت في إطار وعي عدد من الآباء بضرورة تكثيف جهودهم كمعنيين بالدرجة الأولى بمشاكل أطفالهم الذهنية والتربوية والاجتماعية وما يصاحبها من أمراض كالقلب والعيون والجهاز الهضمي والتنفسي وغيرها. كان الهدف الأساسي للجمعية هو لفت انتباه المجتمع إلى وجود فئة من المواطنين (أطفالا وأسر) تحتاج إلى الرعاية الشاملة وإلى الإنصات وإلى صياغة قوانين منصفة وضامنة لكافة الحقوق، وكان الهدف ثانيا دعم الأسر ماديا ومعنويا بتوفير بعض الخدمات الطبية المجانية إن أمكن، وبمصاحبة هذه الأسر في معاناتها اليومية، فضلا عن التعريف والتحسيس بمشاكل الإعاقة الذهنية حتى يمكن التعامل معها بشكل يسمح للأطفال بالاندماج في الحياة العامة قبل كل شيء، وأن يكون وجودهم في المجتمع مشمولا بالكرامة والهناء.
في السنوات الأخيرة، اتخذت الجمعية مسارا أوسع وأعمق بالموازاة مع التطور الملحوظ الذي عرفته مسألة الإعاقة في بعدها الحقوقي التشاركي الدامج على المستويين الوطني والعالمي، ويتعلق الأمر بتبني منظور حقوقي بالأساس قائم على النضال والمناصرة من أجل توفير التمدرس الاندماجي الملائم للأطفال ذوي التثلث الصبغي. وابتداء من 2004، استطاعت، بموجب شراكة مع الأجهزة الإدارية التربوية بجهة الرباط سلا، أن تفتح 3 أقسام مدمجة، تستقبل اليوم ما بين 10 إلى 14 طفلا. وبهذا الخصوص يقول الحنصالي:" هدفنا ضمان تمدرس ملائم قائم على معيار الجودة والانضباط، بشروط وتجهيزات ومصاحبة تربوية تسمح للطفل بتنمية مداركه وتدارك العجز الذي تسببه الإعاقة وأحيانا يسببه سوء فهمها وتقبلها، والاندماج تربويا واجتماعيا في محيط المدرسة أولا وفي محيط مجتمعه ثانيا".
وفي نوفمبر 2006، انخرطت الجمعية في شراكة قوية مع المركز الوطني لمحمد السادس للمعاقين بعد افتتاحه الرسمي من طرف صاحب الجلالة، وتمكنت من خلالها أن توفر خدمات تربوية موازية، إذ أصبحت كل مجموعة من الأطفال والمراهقين تستفيد من فضاءات المركز، من تنشيط وتربية خاصة وموسيقى وفنون تشكيلية.
هذا المستوى من التربية والتعليم، وهذا الاندماج في المحيط العام والمدرسي لن يغيب هاجسا أكبر، جعل الجمعية تفكر في الاندماج المهني، كنوع من الاستمرارية للمجهودات التي بذلت على مستوى تنمية ملكات الأطفال الفكرية والإدراكية.
يقول سعيد الحنصالي:" نحن واعون بمسألة نعتبرها خطيرة جدا، هي أن الأطفال ذوي التثلت الصبغي، وكافة الإعاقات الذهنية سيغادرون المدرسة بمجرد بلوغهم السادسة عشر من عمرهم كما تنص على ذلك القوانين، والحال أنهم يغادرونها إلى البيت مرة أخرى، ولم يتوفروا بعد على أي تربية أو تكوين، وبالتالي قد نحكم عليهم مرة أخرى بالانعزال، والتهميش والبطالة. لذا فكرنا في خطوة تبدو بسيطة لكنها جد واعدة وقابلة للإنضاج والتوسيع والتعميم، لأننا نثق بأن لكل واحد قدرات معينة تمكنه من الحصول على حرفة". هكذا، دخلت الجمعية في تجربة أولية، دائما بشراكة مع المركز الوطني لمحمد السادس للمعاقين وهي دمج الأطفال في مجال التكوين المهني، إذ يستفيد عشرة أطفال من أبناء الجمعية تجاوزوا سن المراهقة، منذ حوالي سنة، من التكوين في مجال تدبير مزرعة، من زراعة وتربية الماشية والرياضة والأعمال الموازية.
صحيح أن النتائج المباشرة لم تظهر بعد، لكن هناك مكاسب أولية هامة، تتمثل في التفاعل بين الأطفال ومحيط التكوين" فقد أصبح هؤلاء الأطفال يحسون بقدراتهم الداخلية و صاروا يطالبون بزيادة حصص التكوين" ثم المساندة والدعم الذي تقدمه إدارة المركز، والأهم هو أن الجمعية أصبحت لها رؤية مستقبلية واضحة "وهي أننا نكون، اليوم، فريقا سيلج عالم الشغل، ونستعد لتكوين فريق آخر لدخول المجال نفسه حين بلوغهم هذه السن. وفي هذا السياق، نحن نثمن التجربة الرائدة لجمعية "بينوكيو"، بإحداثها هذه السنة الأوراش التربوية المندمجة لفائدة المراهقين في وضعية إعاقة بالتعليم الإعدادي، وهي تجربة نأمل جميعا أن تعم فائدتها".
للجمعية مشاريع بحجم طموحاتها في غد أفضل للأطفال في وضعية التثلت الصبغي، فهي تهدف إلى الانتقال من الاندماج البسيط إلى المفهوم الدامج. ويشرح الحنصالي الأمر:"إننا نسعى إلى توسيع وضعية التعلم في أقسام مندمجة داخل المدرسة، إلى التكوين داخل وحدات تربوية مندمجة دائما، والهدف هو أن يتوفر للطفل ليس فقط العمل ضمن ورشات وبرامج محدودة داخل القسم، بل ضمن وحدة تتعدد فيها مجالات التعلم وتنفتح بقوة على محيط المدرسة وأقسامها العادية، مساهمة بذلك في مشروعها التربوي العام ، وتوفر خدمات موازية ملائمة لكل طفل بحسب حاجياته خصوصا في مجال ترويض النطق والتتبع النفسي الحركي".
مشروع إحداث وحدة تربوية، مازال في طور الإعداد، وإذا كان يتطلب إمكانيات مادية كثيرة، إلا أن الأمل معقود على استجابة المسؤولين عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من أجل تحقيقه.
ويعترف رئيس الجمعية بالمشاكل المادية التي تعوق التسيير اليومي لها، إذ تعتمد على مواردها المحدودة المتمثلة في بعض المنح والانخراطات. هذه الإمكانيات لا تسمح، في آن واحد، بتوفير شروط التمدرس والأنشطة الترفيهية الخاصة باستمتاع الطفل، والتي صارت رغم الصعوبات المادية تقليدا تنظمه الجمعية نهاية كل سنة لكافة أطفالها وأسرهم، والذين يتجاوز عددهم المائتين.
وبقدر ما تسعد الجمعية بتطوير إمكانيات الدمج المدرسي، من خلال توقيع الاتفاقية الرباعية حول "تربية الأطفال المعاقين"، في فاتح أبريل 2006 ، تحت إشراف مباشر لجلالة الملك محمد السادس، والتي ساهمت فيها مؤسسة محمد الخامس للتضامن ومنتداها الجمعوي (الذي تتشرف الجمعية بعضويته)، ووزارتا التربية الوطنية والصحة، وكتابة الدولة المكلفة بالأشخاص المعاقين سابقا، بقدر ما تتخوف من العودة إلى نقطة الصفر حين لا تتوفر جميع إمكانيات الدمج المدرسي وعلى رأسها توفير أساتذة وأخصائيين تربويين ووسائل ديداكتيكية وتربوية تستجيب لحاجيات الأقسام وتضمن الجودة المأمولة. "إننا نحتاج إلى بناء شراكة حقيقية مع جميع الأطراف، قائمة على وضوح الرؤية وتحديد الاختصاصات ودقة المرجعية الإدارية والقانونية، وعلى التشاور والتعاون، وحل المشاكل بما يكفي من الحكمة وبعد النظر، وتوفير الإمكانيات المادية التي تعجز عن توفيرها أحيانا الهيئات والمنظمات الجمعوية. كما نحتاج إلى التزام كل الفاعلين والشركاء، حتى يتسنى لنا تجاوز وضعية التمدرس كصورة شكلية تفضي إلى اللاشيء في النهاية" يوضح سعيد الحنصالي.
تقوم جمعية آباء وأولياء الأطفال ذوي التثلت الصبغي 21 بتنسيق أعمال شبكة تكافؤ لإعلاء حقوق الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، التي تضم حوالي عشر جمعيات تعمل في مجال الإعاقة بمختلف أنواعها بجهة الرباط. وفي هذا الإطار، قامت، بشراكة مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، بصياغة ميثاق الإدماج المدرسي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، يحدد أدوار الأطراف المعنية، ويضع مقاربة حقوقية واندماجية وتشاركية تقضي بتمدرس كل الأطفال في وضعية إعاقة داخل المدرسة العمومية وليس في مراكز منعزلة تزيد من تهميشهم، كما تقضي بتوفير جودة التمدرس لمن توفر لهم مقعد، والعمل على إحداث أقسام وفضاءات تربوية جديدة لمن ينتظرون.
وفي جميع الأحوال، تعمل الجمعية بجهد كبير حتى لا ينتهي المطاف بالطفل إلى العودة إلى البيت، حيث يضعف من جديد الأمل في حياة مندمجة كريمة ". إن توفير رعاية صحية شاملة واندماجا اجتماعيا كاملا من شأنهما ضمان حظوظ حياة أطول وأكثر سعادة فمنذ عقود خلت، لم يكن الأمل في الحياة يتجاوز 9 سنوات، انتقل بعدها إلى أربعين سنة نهاية السبعينيات، وتشير المعطيات الإحصائية في أوربا إلى أن 50 في المائة اليوم يتجاوزون الستين عاما" يقول الحنصالي موضحا أن ضعف المتابعة الطبية في المجالات العامة، وخاصة في أ مراض القلب هي التي تؤدي إلى الوفاة المبكرة، وأن التهميش الاجتماعي والنفسي ربما لا يؤدي مباشرة إلى الوفاة لكنه قد يحدث موتا أكثر إيلاما هو الموت الرمزي.
للجمعية عمل أساسي آخر، هو جعل التثلت الصبغي موضوعا متداولا، يخرج من سياق المحرم والمخجل، وتعي دورها ودور مثيلاتها من الجمعيات في إخراج الأطفال وذويهم من عزلتهم وانخراطهم في دائرة الضوء الذي يستحقه هؤلاء الأطفال، مثل باقي من له الحق في الحياة واللعب والتمدرس والعمل. رئيس الجمعيةhttp://www.almaghribia.ma/Images/Pixel.gifhttp://www.almaghribia.ma/Images/Pixel.gifhttp://www.almaghribia.ma/Images/Pixel.gifhttp://www.almaghribia.ma/Paper/Photos/20080329_v_resident.jpgسعيد الحنصاليلم يتصور سعيد الحنصالي يوما أن اهتمامه بالأدب والثقافة سيتحول إلى الطب والغوص في فك الرموز العلمية للخلايا والصبغيات والأمراض الوراثية ليفهم حياته الجديدة. ولم يكن يتصور أن اهتمامه بالعمل الجامعي سيتحول إلى اهتمام بالعمل الجمعوي، إلا ذات يوم، من سنة 2000، رزق فيه بطفل في وضعية التثلث الصبغي.

وقع المفاجأة لم يأخذ وقتا طويلا من حياة الزوجين، فهما يؤمنان بالقدر ومشيئة الله، ولهما من الإرادة ما جعلهما يتجاوزان الصدمة ويحولاها إلى قوة جديدة وإلى أمل جديد. لكن الوضعية غيرت، إلى حد ما، النشاط اليومي لهذا الجامعي الحاصل على الدكتوراه في الأدب، والأستاذ المبرز في علوم اللغة العربية، ووجهته نحو انخراط في مجال يعرف أنه بحاجة إلى تضافر الجهود وتكتلها لتوفير الحقوق والإمكانيات للأسر التي تعاني وتناضل من أجل إسعاد أطفالها المعاقين، وتمكينهم من حياة طبيعية.

اليوم، أصبح سعيد "خبيرا" بحالة التثلت الصبغي حد خبرته بالثقافة والأدب، ما يعتبره قيمة أضافها "محمد" إلى رصيده المعرفي وإلى حياته الاجتماعية والمهنية والأسرية. " أصبحت أتعلم أشياء وأشياء جديدة كل يوم، وهذا حظ وفضل من رب العالمين، ونعمة كبيرة وقيمة مضافة لا ينغص صفوها إلا مشاكل ضعف البنيات التربوية وضعف الإمكانيات الطبية وضعف إمكانيات استثمار طاقات الطفل الذي هو حياة جديدة تُسعد من حولها وتجلب اليُمْن والرضا" يقول سعيد، وهو يخرج من الحياة الواقعية المطبوعة بالإعاقة ومشاكلها الصحية ليتحدث عن إحساس وعاطفة تجاه ابن هو أكثر الناس قربا منه وحاجة إليه، وإلى كل أفراد أسرته ما يجعل هذه الأسرة أكثر تماسكا وصلابة... فهي لم تعد تحس أن بينها طفل معاق، بل طفل بحاجة إلى حب أكبر حتى يعيش ويتعلم بشكل طبيعي، وتراهن على الانخراط في الحياة الطبيعية بكل تفاصيلها مع الطفل المعاق، حياة تريد أن تقهر اليأس"حتى تصير مسألة الصبغية الزائدة من دون أهمية، بل ربما تكون خيرا عميما وزيادة في القدرة على التمرس بمفاجآت الحياة."

إيمان واحد يجمع بين كل الأسر، وهو أن التجاوب مع حالة الإعاقة لا ينبغي أن يكون على أساس الشفقة، وإلا سيؤثر الأمر على نمو الطفل وتكوين شخصيته، بل على أساس متابعة تمكن من تنمية المدارك والقدرات والعلاقة الوجدانية الإيجابية.

أبوطارق
01-04-2008, 09:21
شكرا على الخبر