المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «10، إصلاحات» خلال 50 سنة، والنتيجة تعليم بدون أفق مستقبلي!


التربوية
21-09-2008, 15:45
«10، إصلاحات» خلال 50 سنة، والنتيجة تعليم بدون أفق مستقبلي!
إجهاض مشروع الإصلاح لحكومة عبد الله إبراهيم لربط تطوير التعليم بالتنمية الشاملة
ع. لبداوي

الحديث عن تسريع وتيرة الإصلاح بالتعليم عبر وضع برنامج استعجالي من طرف وزارة التربية الوطنية والتعليم، يدفعنا الى طرح سؤال مركزي: أية حصيلة للإصلاحات والبرامج الاستعجالية التعليمية التي شهدها المغرب في سنوات خلت؟ وهل يمكن الحديث عن إصلاح وعن مدرسة وطنية تشكل أحد العناصر الأساسية للتنمية بدون ربط ذلك بإصلاحات أخرى ذات بعد اجتماعي واقتصادي وسياسي؟
إن عملية استقراء لأكثر من 40 سنة لنظامنا التعليمي تكشف بأن هذا النظام ظل يتأرجح بين الضائقة الاقتصادية والحسابات السياسية، وهو الأمر الذي أفضى بـ «الضرورة» إلى نظام تعليمي بدون مدرسة وطنية تتوافر فيها مقومات النهضة العلمية والمعرفية المأمولة التي تمكن من جعلها أداة ووسيلة أساسية لكسب مختلف الرهانات والتحديات الحاضرة والمستقبلية.
لم نعتمد بالطبع في استخلاصنا لهذه النتيجة على الكلام الهراء، بل على معطيات ووقائع وملفات تهم مختلف المخططات والمبادرات الوطنية التي عرفها المغرب منذ 1957 أي منذ تأسيس اللجنة الملكية لإصلاح التعليم، وإلى غاية الإعلان عن البرنامج الاستعجالي للتسريع بوتيرة الإصلاح. فقد خلُصت هذه اللجنة الى رسم خارطة طريق تمحورت حول أربعة مبادىء أساسية هي: التعميم، التوحيد، التعريب، المغربة. وقد كانت مختلف خلاصات هذه اللجنة ـ حسب العديد من المؤلفات منها أساساً الكتاب المرجع للأستاذ محمد عابد الجابري «مواقف» ـ نتاج العمل التوافقي لأعضاء اللجنة الذين كانوا يتشكلون من مختلف أطياف «النخبة الوطنية»... وتشير بعض الدراسات التحليلية إلى أن هذه اللجنة لم تخض في جوهر وعمق المشكل التعليمي وهو ما جعل أهدافها ترتبط بحسابات وأفق محدود جداً..
وفي سياق ذات الانشغال، أي إبلاء الأهمية اللازمة لقضية التعليم، أولى المخطط الخماسي الممتد بين 1960 و 1964 حيزاً بالغ الدلالة، ذلك أنه لأول مرة يتم في ظل الحكومة الوطنية التي كان يرأسها الأستاذ عبد الله ابرهيم، مخطط تعليمي مواز للمخطط الاجتماعي والاقتصادي، من بين أهم ما نص عليه التعميم النهائي للتمدرس لكل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و 14 سنة مع مستهل أكتوبر من سنة 1966، لكن الأهم من هذا، في هذا المخطط العام لحكومة عبد الله ابراهيم، هو أنه ربط إصلاح التعليم وتطويره، بتحرير المغرب من مخلفات الاستعمار، ومن رواسب التخلف في شتى تمظهراتها، وبالسعي نحو تأسيس بنية صناعية حقيقية تؤهل المغرب لتحقيق التنمية القمينة بإنتاج الثروات، التي تشكل أحد العوامل الأساسية لإنجاح هذا الإصلاح أو ذاك.
ومصدرا أساسيا لتحقيق الترقي الاجتماعي بالنسبة للعاطلين عن العمل على الأقل. لكن المؤسف هو أن المخطط تم إجهاضه بعد إقالة حكومة عبد الله إبراهيم.
هل قام المغرب بعد هذه التجربة الوطنية التي كان من الممكن أن يستفيد المغرب منها كثيرا، إن اجتماعيا أو اقتصاديا أو سياسيا، بأعمال أخرى بديلة، وهل أطلق مبادرات في الاتجاه ذاته، أكثر تقدما مما أتت به حكومة عبد الله ابراهيم؟
المعطيات التي تتوفر عليها، والمستقاة من العديد من الملفات، والمؤلفات، والمجلات المختصة، تفيد جميعها بأن المخطط الثلاثي الذي أعقب المخطط الخماسي، والذي يمتد بين 1965 - و1968، كان مخططا للتراجع بامتياز، عن العديد من الإصلاحات والبرامج التي كان قد سطرها المخطط الخماسي، وعن العديد من مظاهر المبادئ الأربعة التي شكلت في السابق إجماع أعضاء اللجنة الملكية للتعليم، وإحدى الخيارات الأساسية التي استلهمت منها حكومة عبد الله إبراهيم، أسس وضع مخطط تعليمي وطني يضع ضمن اعتباره متطلبات الحاضر، وانتظارات وهواجس المستقبل - فقد أتى هذا المخطط بمذهب تعليمي قوامه التقليص من درجة وحجم تعميم التمدرس، وقد كانت تتحكم في هذا الهدف وغيره من أهداف المخطط، هواجس ظلت تشكل ظل العديد من السياسات التعليمية المتعاقبة، تجسد أساسا في الهواجس الأمنية، ذلك أن هذا المذهب التعليمي أطرته ايديولوجية واضحة من بين أهم عناويها؟ «تقييد التعميم، والاحتراز من بطالة المثقفين التي قد تشكل خطرا على النظام في المستقبل». مضامن هذا المخطط قوبلت بمعارضة قوية من لدن الأحزاب، وهذا ما يبدو جليا من رد فعل هذه الأخيرة من المذكرة التي وجهت إليها من قبل السلطات المعنية من أجل الإبداء برأيها إزاء «المذهب التعليمي الجديد».
مخطط 1973-1977 اختلف كثيرا عن المخططات السابقة، وجاء باستراتيجية عمل لمعالجة معضلة التعليم، مثلما أنه وضع برنامجا استعجاليا لإصلاح وتطوير التعليم، وبرنامج آخر مواز لذلك، لتأمين الإصلاحات التربوية والهيكلية الضروريتين، غير أنه سرعان ما تم «تقويض» مختلف تطلعات هذا المخطط الذي وضع بعد فترة وجيزة من المحاولتين الانقلابتين الفاشلتين، بوضع مخطط ثلاثي آخر خلال الفترة الممتدة بين 1978 - و1980 وهو المخطط الذي وصف بالمتواضع لا من حيث مضمونه أو نتائجه في 1999 ثم إقرار الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وبدأ الشروع في تطبيقه في أكتوبر 2000، غير أن تطبيق هذا الميثاق تميز بالتعتر جراء العديد من العوامل والأسباب، منها الجانب المالي وهذا ما سبق أن أكد عليه رئيس لجنة التربية والتكوين مزيان بلفقيه.
اللافت في هذا المثياق هو أنه بعد 9 سنوات تقريبا على إقراره، تطلق وزارة التربية الوطنية والتعليم مشروعا أو مبادرة سمتها بالبرنامج الاستعجالي للتسريع بوتيرة الإصلاح وهو البرنامج الذي أطلقته بدون استشارة الشركاء الاجتماعيين ،وهو ما أثار غضب النقابات واحتجاجهم، وكانت النتيجة تراجع الوزارة عن أسلوب تعاطيها مع وثيقة البرنامج - السؤال الذي يطرح هنا، هل يحقق البرنامج الاستعجالي ما لم يحققه ميثاق التربية والتكوين الذي صار «الجميع» يتحدث عن فشله لأنه لم يعالج مشكل التعليم في عمقه وجوهه ولم يربط - حسب البعض إصلاح التعليم، بمشروع للتنمية الشاملة يشمل ما هو اجتماعي واقتصادي وسياسي.
2008/9/20
الإتحاد الإشتراكي

معلم قديم
21-09-2008, 16:16
شكرا على هذا الإدراج المفيد
يمثل هذه الموضوعات نرتقي بهذا المنتدى