المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حايك أمي


محمد معمري
26-09-2008, 15:09
حايك أمي


http://7arakaat.com/up/files/i223mjdx09xfmq12x4fl.jpg (http://7arakaat.com/up/files/i223mjdx09xfmq12x4fl.jpg)

لقد ماتت أمي، وشيعت جنازتها الملائكة، ورقصت لموتها الشياطين، وسال الدمع عن فراقها حتى امتلأت بحار الأحزان، ولم تسكت الثكلى من العويل حتى خرس اللسان...
عاشت أمي مع زوجها ستين سنة وبضعة شهور في ظل الجوع والعراء تحت سقف كوخ يُضاء ليلا بقنديل وشموع، سهرت الليالي الحالكات من أجل فلذات أكبادها فربتهم أحسن تربية، وماتت وهي بين حشد من أحفادها...

لقد عرفت أمي السعادة الحقيقية فامتلأ قلبها بالحب.. وهذا ما افتقدته امرأة اليوم.. لقد عاشت أمي من أجل غيرها.. رغم أن الحياة كانت مليئة بالمتاعب.. كانت أمي متجلدة بالصبر والحكمة...
كانت أمي عندما تنادي إخواني وكأني أسمع يا صاح لحن الحياة المشرقة؛ كان صوتها رخيما بمجرد ما تسمعه تعرف منه نسمة الحنان والحب.. لقد كانت جد هادئة في مناقشاتها.. في نزاهتها.. في علاقاتها مع الجيران والناس، وكانت علاقاتها مع كل أفراد العائلة جد طيبة.. كما كانت رقيقة المشاعر، تحس بكل من حولها؛ وأجمل ما كان في أمي قلبها الواسع.. وإن قلت لك يا صاح أنها كانت سعيدة بحياتها، قانعة راضية، حتى لو سألني سائل: ما هي السعادة؟ لأجبته: إنها أمي!
كانت أمي دائما تودع أبي بابتسامة حلوة على الباب قبل خروجه وهي تتفحص ثيابه وهندامه..
رغم أنها كانت أمية كانت وفية، متفهمة لدورها كزوجة، وأم، كانت جد واعية بالرسالة المنوطة بها قبل أي شيء آخر.. لم تسمع أخبارا، ولا شاهدت مسلسلات، ولا عرفت تلفازا...
كانت أمي حتى في مرحلة حملها تتستر، لأنها كانت تعتبر هذه المرحلة ذات قدسية واحترام بدل أن تكون مرحلة نقاش مع أبنائها...
عجبا! يا صاح، لقد كانت أمي أثناء الخناقات مع أبي مطأطئة الرأس، لن تسمع لها صوتا مرتفعا.. كان غضبها صمتا! وانزعاجها سكونا! ورد فعلها كلمة طيبة يسجد لها كل جبار عنيد... كانت ابتسامة حلوة على شفتيها لا تتبدل ولا تتغير...

وبعد فترة من الزمن، أردت أن أبكي الأطلال فلم أجد حايك أمي! فانفجرت صرختي النبوءة: أين حايك أمي؟ أين حايك أمي؟ أين حايك أمي؟
ليس هناك من يجيبني في ليل دامس وسط الصحراء بين الضباب الكثيف؛ سرت لوحدي أحمل صرختي وأمشي بين الحفر إلى أن وصلت إلى قبر أمي فسقيت قبرها بعرقي وعكفت على قبرها أبكي الليالي الطوال.. وفجأة انشق قبر أمي بصوت لطيف: ما بك يا ولدي العزيز؟ أأبكي السؤال، أم أبكي سؤلي؟ أمّاه! ضاع الحايك؟
أمّاه! إن امرأة عصرنا تبرجت أكثر مما تبرجت نساء الجاهلية، كل فتاة لها خمسون خليلا، وأربعون مراسلا.. صدرها، وظهرها، وبطنها، وذراعاها، ورجلاها عارية.. وتجلس بجانبي، وأمامي، وورائي في القسم، وفي العمل، وتمشي في الشوارع والأسواق...
فجأة يا صاح سمعت بكاء أمي؛ لم تبكه في حياتها! فهيجت نوّاحي.. وبعد حين، سألتني: هل ماتوا آباءهم وأمهاتهم وكل أفراد عائلاتهم؟ أجبتها والخنين يؤثر عن كلامي: نعم يا أمّاه لقد ماتوا ولكنهم لازالوا يمشون بين الأحياء!

لقد زاحمت المرأة في عصرنا الرجل في حياته وعمله.. إلا أنها لم تنشد السعادة التي كانت تحلم بها.. لقد فقدتها كما فقدت حايك أمي...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
ملاحظة: الحايك: إزار أبيض كانت المرأة في بلاد المغرب في المنطقة الشرقية تلتحف به حيث لا يظهر من جسدها سوى عين واحدة.


بقلم: محمد معمري

tijani
26-09-2008, 21:25
بأسلوب شاعري وأفكار تضرب في العمق ،بكى الكاتب علاوي أمه ..أمه التي كانت تمثل المثل الاعلى في عينيه .امرأة صبورة ..لطيفة ..حنونة ..صاحبة رسالة في الحياة .
فقط ما تفضلت به أخي هو أقرب إلى مقالة أدبية منه الى قصة أدبية ، وذلك لما تحويه من أسلوب تقريري في الغالب .وهي فعلا خاطرة جد ممتازة ومقالة أدبية رائعة لولا بعض الاخطاء العفوية طبعا :
-قولك متجلدة بالصبر ، الصواب ان نقول متسلحة بالصبر ، لان الجلد نفسه هو الصبر، وإلا كان المعنى متصبرة بالصبر.
-لم تسمع أخبار ..ولا عرفت تلفاز ، الصواب أخبارا -تلفازا
-المعنى في هذه الجملة غير مستقيم " وفجأة انشق قبر أمي بصوت لطيف " الافضل القول انشق عن صوت لطيف ، فكأن القبر انشق ليفسح المجال للصوت اللطيف للخروج من أجل سماعه ، وإلا فإن الصوت اللطيف لايعقل ان يتسبب في شق القبر ، لو قلت صوتا قويا لجاز .
-..وبطنها ..وذراعيها ..ورجلاها عارية ، يجب رفع "ذراعيه" لان جاءت معطوفة على صدرها المرفوعة .

مجرد ملاحظات بسيطة قد لا تعني شيئا أمام هذا النص الجميل والمشوق
ننتظر المزيد والافضل
تحياتي

أم ايمان
26-09-2008, 22:42
رثاء ام ووريت التراب ولكن العين لا تزال تراها على احسن هيأة كانت عليها و العقل يتذكرها بحكمتها و تعقلها و القلب الحزين يحن الى حبها و عطفها و ودها و رقتها و اهتمامها و يأبى الابن البار الا ان يبحث عن أمه في امرأة عاقلة في زمننا فلا يجد .....الا قبرها يزوره و يبوح امامه لها بتغير الزمان و انعدام الاخلاق و تيه المرأة في دوامة مجتمع لا يرحم.......




و لانك يا أخي ذكرت تحلل اخلاق المرأة في زمننا افلا ترى معي ان السبب الاول هو انعدام الرجولة الحقيقية فأصبحنا لا نجد الا انصاف رجال أو ...للاسف... ذكور بدون رجولة طبعا فانا لا اعمم فهناك بعض الرجال و لكنهم في هذا الزمن قليلون

وبدات ظاهرة الديوثيين و الذين هم في النار كما قال الرسول عليه الصلاة و السلام و الذيوت هو من لا غيرة له على اهله
الحديث يطول في هذا الموضوع ....قلت على لسان امك:
هل ماتوا آباءهم وأمهاتهم وكل أفراد عائلاتهم...
و في نظري كانت رحمها الله لتقول :هل مات الاباء و الاخوة و الازواج و الابناء؟
لان المرأة تتلقى التربية في اربعة مراحل : مع والدها ثم اخوتها و ان كانوا اصغر سنا منها ثم مع الزوج الغيور واخيرا الابناء عند كبرهم فكيف لهده المرأة ان تتوه في طريقها لولا فقدان الرجولة من الرجال!!!!!!!

محمد معمري
27-09-2008, 13:14
بأسلوب شاعري وأفكار تضرب في العمق ،بكى الكاتب علاوي أمه ..أمه التي كانت تمثل المثل الاعلى في عينيه .امرأة صبورة ..لطيفة ..حنونة ..صاحبة رسالة في الحياة .
فقط ما تفضلت به أخي هو أقرب إلى مقالة أدبية منه الى قصة أدبية ، وذلك لما تحويه من أسلوب تقريري في الغالب .وهي فعلا خاطرة جد ممتازة ومقالة أدبية رائعة لولا بعض الاخطاء العفوية طبعا :
-قولك متجلدة بالصبر ، الصواب ان نقول متسلحة بالصبر ، لان الجلد نفسه هو الصبر، وإلا كان المعنى متصبرة بالصبر.
-لم تسمع أخبار ..ولا عرفت تلفاز ، الصواب أخبارا -تلفازا
-المعنى في هذه الجملة غير مستقيم " وفجأة انشق قبر أمي بصوت لطيف " الافضل القول انشق عن صوت لطيف ، فكأن القبر انشق ليفسح المجال للصوت اللطيف للخروج من أجل سماعه ، وإلا فإن الصوت اللطيف لايعقل ان يتسبب في شق القبر ، لو قلت صوتا قويا لجاز .
-..وبطنها ..وذراعيها ..ورجلاها عارية ، يجب رفع "ذراعيه" لان جاءت معطوفة على صدرها المرفوعة .

مجرد ملاحظات بسيطة قد لا تعني شيئا أمام هذا النص الجميل والمشوق
ننتظر المزيد والافضل
تحياتي
jjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjj j
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وبعد،
أخي الكريم، أشكرك جزيل الشكر على اهتمامك، وملاحظاتك القيمة؛ لقد قمت بتصحيح الأخطاء النحوية...
أما التعبير: (انشق قبر أمي بصوت لطيف)، فهذا تعبير بلاغي، لا داعي - للصوت القوي - لأن الابن واقف على قبر أمه، رمز الحنان والعطف.. لا يمكن أبدا أن يصدر من خلالها صوتا مزعجا، وانظر إلى الأرض كيف تتشقق في فصل الصيف دون صوت قوي... فانشقاق القبر كان اجلالا لصوت أمي...
نعم، الجلد هو الصبر، ولكن هل لا يجوز في علم البيان مثل هذه التعابير؟ ونحن نعلم أن تكرار الكلمة من أجل التأكيد، أو من أجل الضخامة أو الكثرة يعني صيغة المبالغة.. وهناك صيغ كثيرة مثل هذه الصيغة مثل: وتجمّل بالمعروف. والجميل هو المعروف...
شكرا لك مرة أخرى أخي الكريم.

نورالدين شكردة
28-09-2008, 01:50
أمك أخي ياسين هي امنا جميعا حايكها هو عين حايك امهاتنا وحرقتها هي نفس حرقتهن وحرقتنا ..
نصك الأدبي أمتعني أيما إمتاع وبخصوص ملاحظات الاخ تيجاني قراتها وقرأت تعقيبك لكن للحقيقة نصك سيصير أمتع لو تقيدت بما التقطه الاخ زايد من هفوات وارجو المعذرة
تحياتي

tijani
28-09-2008, 13:23
السلام عليكم أخي علاوي
لازلت لا أوافقك الرأي في ما تفضلت به عن انشقاق القبر ، لاني أوردت كلمة " قوي " من أجل تبرير عملية اشقاق القبر لا غير ، أعتقد ان الامر بسيط للغاية لو قلت انشق القبر عن صوت أمي اللطيف او الحنون او ما شئت ، أما قياسك ذلك على الزهر والورد ..فهو قياس مع فارق كما يقول الفقهاء ، فلا مجال لقياس صوت على شيئ ملموس ومادي .

على كل حال ، جميل منك هذا الدفاع المستميث ، الواحد خصو إضرب على عرامو .لان بهذا الشكل نزرع الحيوية والنشاط على هذا الدفتر الادبي ، أما كيل الشكر والمديح فلا يفيد في شيء..
أما عن صداقتك ، فمرحبا بك دائما ، وليتني كنت تعرفت عليك قبل سفري الى مدينتك وجدة ..لاأخفيك ، تمنيت لو خلقنا سلسلة من الصداقات فيما بيننا، بين جميع الاخوة ممن يعلمون قيمة الصداقة ، خاصة في هذا العصر ، الواحد منا يتصادف لسبب او آخر في إحدى المدن فلا يجد من يأخذ بيده

تحياتي الخالصة

محمد معمري
28-09-2008, 21:58
السلام عليكم أخي علاوي
لازلت لا أوافقك الرأي في ما تفضلت به عن انشقاق القبر ، لاني أوردت كلمة " قوي " من أجل تبرير عملية اشقاق القبر لا غير ، أعتقد ان الامر بسيط للغاية لو قلت انشق القبر عن صوت أمي اللطيف او الحنون او ما شئت ، أما قياسك ذلك على الزهر والورد ..فهو قياس مع فارق كما يقول الفقهاء ، فلا مجال لقياس صوت على شيئ ملموس ومادي .

على كل حال ، جميل منك هذا الدفاع المستميث ، الواحد خصو إضرب على عرامو .لان بهذا الشكل نزرع الحيوية والنشاط على هذا الدفتر الادبي ، أما كيل الشكر والمديح فلا يفيد في شيء..
أما عن صداقتك ، فمرحبا بك دائما ، وليتني كنت تعرفت عليك قبل سفري الى مدينتك وجدة ..لاأخفيك ، تمنيت لو خلقنا سلسلة من الصداقات فيما بيننا، بين جميع الاخوة ممن يعلمون قيمة الصداقة ، خاصة في هذا العصر ، الواحد منا يتصادف لسبب او آخر في إحدى المدن فلا يجد من يأخذ بيده

تحياتي الخالصة
jjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjjj jjjjjjjjjjjjjjjjjjjjj

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وبعد،
أخي الكريم، أتفق معك كي لا توافقني في انشقاق القبر.. لأنك تنظر من زاوية اللفظ والمعنى.. أما أنا أنظر من زاوية المجاز عن طريق الذوق والاحساس.. لهذا أنا أفهم معناك، وأنت لا توافقني ومعك حق...
ثم أسالك سؤالا:
- هل هناك قاعدة ثابة؟
* أما إذا سألتني سأقول لك كل ما أعرف أن هناك: المجاز والتأويل ومحسنات البديع.. يخرقون اللفظ والمعنى..
* وها هي نبذة من قاعدة محسنات البديع:
**
يقسم علماء البلاغة المحسنات البديعية إلى قسمين: محسّنات معنوية / محسنات لفظية ).
* المحسّنات المعنوية: هي التي يكون التحسين بها راجعًا إلى المعنى، وإن كان بعضها قد يفيد تحسين اللفظ أيضًا والمحسّنات المعنوية كثيرة، من بينها:
-الطباق: هو الجمع بين الشيء وضده في الكلام...
- المقابلة: هي أن يؤتى بمعنيين غير متقابلين أو أكثر، ثم يؤتى بما يقابـل ذلك على الترتيـب...
- التورية: هي أن يُذكر لفظٌ له معنيان؛ أحدهما قريب ظاهر غير مراد، والثاني بعيد خفي هو المراد كقول الشاعر:
أبيات شعرك كالقصور ولا قصور بها يعوق** ومن العجائب لفظهـا حُرّ ومعناها رقـيـق...
- حسن التعليل: هو أن ينكر القائل صراحة أو ضمنًا علة الشيء المعروفة ويأتي بعلة أدبية طريفة تناسب الغرض الذي يقصد إليه؛ إليه، كقول الشاعر معللاً اصفرار الشمس:
أما ذُكاء فلم تصفر إذ جنحت إلا لفرقة ذاك المنظر الحسن...

- المشاكَلة: هي أن يُذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبة ذلك الشيء، كقول الشاعر:
قالوا اقترح شيئًا نُجد لك طبخه قلت اطبخوا لي جبة وقميصًا...
- التوجيه أو الإيهام: هو أن يؤتى بكلام يحتمل، على السواء، معنيين متباينين، أو متضادين كهجاء ومديح ليصل القائل إلى غرضه بما لا يؤخذ عليه.. ومثال ذلك قول بشار في خياط أعور اسمه عمرو خاط له قباء:
خاط لي عمرو قبـاء ليت عينيه سواء ** قل لمن يعـرف هـذا أمديح أم هجاء؟...

* المحسّنات اللفظية: هي التي يكون التحسين بها راجعًا إلى اللفظ أصالة، وإن حــسّنت المعنى تبعًا لتحسين اللفظ...

* المجاز:
للعلماء كلام في المجاز:
أولا نعرِّف المجاز، ثم نتكلم على الخلاف بينهم، ذكر المؤلف تعريفين للمجاز، فقال: المجاز هو ما تُجُوز أي تُعُدي به عن موضوعه، وهذا على التعريف الأول ـ الحقيقة، أما على الثاني: ما استُعمل في غير ما اصطلح عليه، ولعل الأدق من تعريفات المجاز أن نقول: هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه على وجه يصح، المجاز: هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه على وجه يصح. هذا لعله أقرب التعاريف للمجاز.

ويعرف المجاز المرسل بأنه مجاز لغوي يرتبط فيه المعنى الحقيقي بالمعنى المجازي بعلاقة هي غير المشابهة، وسمي بالمرسل، لأنه غير مقيد بعلاقة المشابهة، إذا أن الإرسال في اللغة الإطلاق، والمجاز الاستعاري مقيد بادعاء أن المشبه من جنس المشبه به، والمجاز المرسل مطلق على هذا القيد، والكناية في الاصطلاح لفظ أطلق وأريد به لازم معناه، مع جواز إرادة ذلك المعني.. أو هي اللفظ الدال على معنيين مختلفين: حقيقة ومجازاً في غير واسطة لا على جهة التصريح.

تقبل مني، ودمت بخير، ورمضان مبارك سعيد.