المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صــــــــــــــــراع العمـــــــــــالقة


حفيظة مسلك
10-11-2008, 16:57
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ضياء وتوهج أقرب الى العفوية يخالط ذاكرتي المثقلة بالأحداث القديمة أيقظت حنيني تجاه زقاق مليء بالفوضى؛ هديره الخافت يستحق النظر في مناخات عشتها عبر فصول الدراسة، أختلس النظر وأزيح الستارة بحدر لتركض نحوي قصة تفيض في غبش الرؤيا الكثيرمن المواقف وهجا بلون الحمرة خجلا، وسكون الشفق يأخدني بعيدا إلى ضمادة الأنس وصدى لا يخلو من الريبة ..
صوت أقدام تتوجه بسرعة نحو حجرة الدرس، حدث يروق المكان وعلى عجلة يظهر أستاذنا الفاضل صاحب المادة الرقمية والجبرية التي أكن لها كل الاحترام، رغم حزني عليها بسبب عدم الانتماء لها قلبا وقالبا، فمند ولوجي الفضاءات التعليمية وارتباطي بها عبر سنوات كان لا بد منه في كنف طلب اللجوء مرات كثيرة الى مواد اخرى أكثر مرونة وسهولة.
أنزوي وراء ضباب الزملاء كي لا يظهر لي أثر وهروبي نابع من بقايا الوقت الذي يسرقه مني أركان هذا الموقع الأسطوري ومع بقية فصوله تزداد رغبتي للهروب بعيدا.
بدأ التاريخ يسجل أحداث الدرس وضغط دمي يتلاعب بفرائسي كمهاجرة عبر القارات، حتى مقعد الجلوس الاخير الدي لطالما عشقته أبان لي عن غروره وقهقهة تمرغه في السخرية، وحدِّثْ ولا حرج فبنود اتفاقية السلام بيننا راقها الوضع بين تماطل واستهجان وفق شروط مسبقة فوجودي مهدد ما دمت في أحضان مادتنا الغراء.
صوت من بعيد يزعزعني وطلقات رصاص غاشم أصابتني بالذعر عندما ناداني أستاذي بالتوجه الى ساحة المعركة ليختبر ذكائي الزائل بين رؤوس تتهاوى خجلا وشقوق صخور باكية تمردا وامتناعا. ويالها من جوقة آدمية حيث اغرورقت عيناي بالدموع البلورية وانا أدفع بذاتي نحو ضفة أكره ان أمثتل لها في ضعف واستسلام وغياب للأسلحة من أجل الدفاع عن أحقية الرفض المطبق نحو التغيير عنوة وغصبا. مجرد وقفة كانت شبيهة بأرق ليلة كاملة وعجبي من عقلي الدي لا يستوعب أحكام هده المادة ولو بعد شنقي فعدم محبتي لها هي نكبة داخل تجويف تمردي.
قهقهات وضحكات وصل مداها الى حظي العاثر مع جلاد العالم الرقمي، فقبطان سفينتا لا يتوانى عن إعدامنا بتلك الطريقة لأنها أقرب الى إنتقام بدون صواري لكل شخص يغدو بفكره بعيدا ولا يقيم علاقة ودٍّ مع تخصصه ولو عبر قنطرة الإنصات وتطويع الجسد والعقل بالحيلة أو الاستدراك. نتحول الى مكان آخر عذب وسلس أضاء نهاري ومسائي ومنه أرتشف نسيمات الهواء العطر، فبطلها يمتلك خاصية التقويم الذاتي اللامتناهي فزاد من بهائها مرجا وتقديرا.
كل فصول الأحداث أصبحت الآن عكسية وتوتري زال أثناء ولوجي هده القاعة فالمضمون هنا أصبح في رواق الفلاسفة والدفء صار له جناحان. أستاذي الآن منتصب القامة وفرحي بالسماع والإنصات لفحول النظريات الفلسفية نفض الغبار عن عقلي، تراه لا يتعب من الشرح والتفصيل؛ حديثه أشبه بملحمة تعرض على منصة خشبية ينقش عليها أجمل ما جاءت به الفلسفة، وصمته ـ أحياناً ـ إنذار بهبوب عاصفة فيها ما لذَّ وطاب من الحكم والعبر. كنت أتمايل في داخلي لاشتياقي هده الروضة النابغة وحنيني أن تطول ساعات إلقاء الدرس، وكلما اقترب وقت الانتهاء تجدني أرجع الى الذهول والذبول، فهده المادة التعليمية شدتني الى مخاطبة الذات وصورة مصغرة لاقتران طبيعتها بالصور الحياتية بداخلي.
كم من مرة تمنيت أن أكون في مستوى أستاذي وبهاء طلعته المشربة بعمق التفكير. بمكر ودهاء روضت عقلي نحو الالتزام وتسللتُ بخفة دم نحو النصوص التي يتم برمجتها ضمن المقررات وكل تحركاتي كانت تنم عن الانتماء الإيجابي ومنها أخدت حريتي المخنوقة؛ هو إحساس في نسيج ينمو كعين ساهرة وعوالم مطيعة تزج بي في خانة التفكير بعمق وتحت فيافي نخلة جذورها صلبة وثمارها طرية.عفواً… لا أريد لأستاذي أن يصمت! فنقطة الاتفاق والتوافق تجعل حدود المعابر لا تفتح أبوابها وجنود الخفاء من داهية محبتنا للفلسفة واقفون فوق السطور، وبه أصبحنا وتدًا نختلف من أجل أن نتفق ونعمر المكان برئة مشبعة بهواء نقي بعيد عن الضوضاء ولغة الحسابات. هو تيار كهربائي مذهل يجعل أفئدتنا وعقولنا تعيد النظر في ماهية الحياة وعلى عجل يدق الجرس معلنا انتهاء سويعة من الساعات التي ما زالت تبكي على جمرة الفراق وتنتفض أصابعي بلون الفجر الناعس فينفخ على شموعي تحيةً وإجلالاً لأساتذتي ومنهم مادة الرياضيات التي شبعت مني حزنا ونكدا، ومادة الفلسفة التي استحوذت على مملكة عقلي وأسرتني ببهائها. سأبقى سجينة داخل زنزانتها وسأجعل من هذا اللحاف عنواناً لتقاطع الرغبات واحترام للذات والانتماءات.

بقلمي.

Fouad.M
10-11-2008, 20:48
استدفئنا بحرارة موضوعك....واستمرئنا الغوص فيه...واستعذبنا لغته وأسلوبه على الرغم من صغر حجمه....الا أنه يثوي معاني رائعة وسامية....
شكرا أختي حفيظة...على أسلوبك المتميز في الكتابة....حفظك الله.....
تحياتي الاخوية......

الزبير
11-11-2008, 17:02
شكرا على المساهمة ننتظر المزيد كما نهنئ اساتذتك بالحب التقدير الذي تكنينه لهم

نورالدين شكردة
11-11-2008, 21:21
أسلوب سلس منساب غارق في النوستالجية وكانه لحن يستفز الدكريات عندما يختلط حلوها بمرها مرحها بكأبتها
بوركت ومزيدا من التالق ايتها المبدعة المتخفية

محمد معمري
11-11-2008, 21:34
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أختي الكريمة حفيظة مسلك، أسلوب جميل، أتمنى لك المزيد من التألق، تحياتي لك مع تقديري.
تقبلي مني.

المواظب
12-11-2008, 23:04
(مادة الفلسفة التي استحوذت على مملكة عقلي وأسرتني ببهائها. سأبقى سجينة داخل زنزانتها وسأجعل من هذا اللحاف عنواناً لتقاطع الرغبات واحترام للذات والانتماءات.)
تستحق منك الفلسفة كل هدا الترصيع ونستحق منك كل هدا الغوص في وجدانك المرهف والخيال الدي يسمو وما يحتاج دلك من ادوات لغوية
شكرا