محمد معمري
19-11-2008, 21:26
تامر وأبناء حيّه
طلب مروان من تامر صحبته من أجل أن يقتدي به، فقبل وأضافه في جدول أعماله. لقد خصص له لقاءات تجريدية لمدة ساعتين كل أسبوع، وشرط عليه أن يلتزم بالمواعيد، ويحترم الوقت؛ إلا لسبب قاهر، ومتى تعذر عليه الأمر وجب إخباره بأي وسيلة؛ قبل مروان الشروط، وشرعا في العمل...
لاحظ أبناء الحي أن مروان – أصغر أبناء الحي – صار صديق تامر الذي الكل كان يتمنى صحبته، فغاروا منه...
ذات يوم، طلبوا من مروان أن يُدليهم بأسرار أعمال تامر.. فطلب منهم أن يمهلوه أياما حتى يعرف عنه كل شيء، فتركوه لحاله...
أخبر مروان تامر بالأمر؛ فكر في الأمر مليا، ثم أخبر بدوره والديه، واقترح عليهما أن يستدعي أبناء حيّه ليطّلعوا عن أعماله، فوافقاه...
ولما التقى تامر بمروان قال له لا تعجل بالأمر، وألزم الصمت حتى يأتي الفرج. فالتزم مروان بالصمت...
كان يوم عطلة، استدعى تامر أبناء حيّه لمأدبة شاي.. ثم استدعاهم ليتفضلوا إلى زيارة غرفته الصغيرة.. ولما دخلوا البيت قال تامر:
- أردتم أن تعرفوا كيف أعمل في بيتي؟
أجاب الجميع:
- نعم، يا تامر، ونستسمحك على هذا الفضول الذي يدفعنا للاقتداء بك.
قال تامر:
- حسنا، لا حرج عليكم فيما ترغبون.
بدأ تامر بالجدول الأول من الجداول المعلقة بنظام فوق مكتبه الصغير مشيرا بيده:
- أتعلمون ماذا يعني هذا الجدول؟
قالوا:
- لا، يا تامر.
قال:
- هذا جدول التطبيق، خاص بكل الأشياء التي أطمح إليها؛ وها أنتم تروا كيف جزأته على شكل مراحل يومية، وأسبوعية، وشهرية، وسنوية. أحاسب نفسي على كل ما عهدتها بفعله، وألتزم ، وأحترم الوقت والعمل، وأحاول دائما إتقان عملي وإتمامه في الوقت المحدد له. كما أقيم مجهوداتي، وفي نظري كل ما لا يُقوّم لا يمكن إتقانه، أخطط وأبرمج أوقات عملي كالمتطوع، وأفعل كل ما أصبو إليه، وأركز على ما هو أحسن، وأخصص كل يوم ربع ساعة موعدا مع نفسي، كما أحتفل بأوقات اعتزازي بنفسي...
ثم انتقل تامر إلى الجدول الثاني مشيرا بيده:
- وهذا الجدول، أعتبره القيادة لفارق نزاهتي واستقامتي، حيث لا أأخر عمل اليوم إلى الغد، وقد يمتد طموحي إلى عدة سنوات؛ لهذا أراقب دائما جداول أعمالي، وأبحث عن كل ما يمكن أن تصبح به حياتي أفضل؛ كما أفكر كل يوم هل يمكنني أن أساعد أحدا ما؟...
وانتقل إلى الجدول الثالث وقال مشيرا بيده:
- وهذا جدول الثقافة العامة، لكل يوم خصصت علما أبحث في أحد مواضعه التي تستهويني، وأراها على قدر استطاعتي في الفهم والاستيعاب...
ثم أشار بيده:
- وهذا جدول الساعات الإضافية، وهذا الذي بجانبه استعمال الزمن، وهذا الأخير هو جدول شبكة تقييم تسيير كل أعمالي المسطرة في هذه الجداول...
نطق أحدهم وقال:
- جيد هذا ما تقول، وإننا لنراه في مستوى جد عالي، ونتمنى أن تعلمنا أكثر؛ واسمح لي إن تجرأت وسألتك عن هذه السبحة الصغيرة التي فوق مكتبك؟
أجابه تامر:
إن أبي أمرني بالصلاة، كما أمرني بالاستغفار، والصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم تسليما -، والجلالة، والحمدلة مع الشكر لكل ذكر عشر مرات، وقراءة سورة الواقعة كل ليلة، لهذا فأنا ملزم بطاعة والدي...
قال أحدهم:
- يا تامر، والذي ليس له حاسوبا، ومكتبة صغيرة، ومكتبا صغيرا مثلك هكذا، كيف يمكنه أن يجتهد ويعمل!؟
- ابتسم تامر، ثم أجابه:
- يا صاحبي، إذا أراد المرء أن يعمل، وكانت له طموحا ورؤية سديدة يمكنه أن يعمل بالإمكانيات المتوفرة، فالمكتبة العمومية بالمجان لا يسع الإنسان سوى الانخراط فيها، مقاهي الانترنيت موجودة بكثرة، فليذهب إليهم الإنسان على قدر ما يتوفر له من مال، والمكتب الصغير لا يعد سوى من الكماليات...
علم الكل أن تامر أعطاهم درسا لن ينسوه أبدا؛ أدركوا أن طموح الإنسان لن يتحقق إلا إذا كان مستقيما، يتصف بمكارم الأخلاق، وتسيير العمل يجب أن يكون وفق نظام يسوده احترام الوقت، والعمل، كما يجب أن يكون بنزاهة وصدق... وأشواط العمل لا تقطع إلا بالوسائل التي تليق حسب الإمكانيات...
انتهت ساعة الدعوة، انصرفوا شاكرين تامرا أحسن شكر، آملين أن يزودهم أكثر مما أفاض عليه الله، جل وعلا، من المعرفة والحكمة...
وعندما أرادوا أن يودعوا بعضهم بعضا التفتوا إلى مروان قائلين:
- لا شك أنت هو تامر المستقبل، نشكرك على صنيعك...
قال مروان:
- من طبع كل إنسان السعي إلى الوصول إلى قمة الهرم! ولكن لا يتم هذا الوصول إلا عن طريق الشخصية النموذجية؛ والعلم هو دليل الإيمان وسيد العمل.
بقلم: محمد معمري
طلب مروان من تامر صحبته من أجل أن يقتدي به، فقبل وأضافه في جدول أعماله. لقد خصص له لقاءات تجريدية لمدة ساعتين كل أسبوع، وشرط عليه أن يلتزم بالمواعيد، ويحترم الوقت؛ إلا لسبب قاهر، ومتى تعذر عليه الأمر وجب إخباره بأي وسيلة؛ قبل مروان الشروط، وشرعا في العمل...
لاحظ أبناء الحي أن مروان – أصغر أبناء الحي – صار صديق تامر الذي الكل كان يتمنى صحبته، فغاروا منه...
ذات يوم، طلبوا من مروان أن يُدليهم بأسرار أعمال تامر.. فطلب منهم أن يمهلوه أياما حتى يعرف عنه كل شيء، فتركوه لحاله...
أخبر مروان تامر بالأمر؛ فكر في الأمر مليا، ثم أخبر بدوره والديه، واقترح عليهما أن يستدعي أبناء حيّه ليطّلعوا عن أعماله، فوافقاه...
ولما التقى تامر بمروان قال له لا تعجل بالأمر، وألزم الصمت حتى يأتي الفرج. فالتزم مروان بالصمت...
كان يوم عطلة، استدعى تامر أبناء حيّه لمأدبة شاي.. ثم استدعاهم ليتفضلوا إلى زيارة غرفته الصغيرة.. ولما دخلوا البيت قال تامر:
- أردتم أن تعرفوا كيف أعمل في بيتي؟
أجاب الجميع:
- نعم، يا تامر، ونستسمحك على هذا الفضول الذي يدفعنا للاقتداء بك.
قال تامر:
- حسنا، لا حرج عليكم فيما ترغبون.
بدأ تامر بالجدول الأول من الجداول المعلقة بنظام فوق مكتبه الصغير مشيرا بيده:
- أتعلمون ماذا يعني هذا الجدول؟
قالوا:
- لا، يا تامر.
قال:
- هذا جدول التطبيق، خاص بكل الأشياء التي أطمح إليها؛ وها أنتم تروا كيف جزأته على شكل مراحل يومية، وأسبوعية، وشهرية، وسنوية. أحاسب نفسي على كل ما عهدتها بفعله، وألتزم ، وأحترم الوقت والعمل، وأحاول دائما إتقان عملي وإتمامه في الوقت المحدد له. كما أقيم مجهوداتي، وفي نظري كل ما لا يُقوّم لا يمكن إتقانه، أخطط وأبرمج أوقات عملي كالمتطوع، وأفعل كل ما أصبو إليه، وأركز على ما هو أحسن، وأخصص كل يوم ربع ساعة موعدا مع نفسي، كما أحتفل بأوقات اعتزازي بنفسي...
ثم انتقل تامر إلى الجدول الثاني مشيرا بيده:
- وهذا الجدول، أعتبره القيادة لفارق نزاهتي واستقامتي، حيث لا أأخر عمل اليوم إلى الغد، وقد يمتد طموحي إلى عدة سنوات؛ لهذا أراقب دائما جداول أعمالي، وأبحث عن كل ما يمكن أن تصبح به حياتي أفضل؛ كما أفكر كل يوم هل يمكنني أن أساعد أحدا ما؟...
وانتقل إلى الجدول الثالث وقال مشيرا بيده:
- وهذا جدول الثقافة العامة، لكل يوم خصصت علما أبحث في أحد مواضعه التي تستهويني، وأراها على قدر استطاعتي في الفهم والاستيعاب...
ثم أشار بيده:
- وهذا جدول الساعات الإضافية، وهذا الذي بجانبه استعمال الزمن، وهذا الأخير هو جدول شبكة تقييم تسيير كل أعمالي المسطرة في هذه الجداول...
نطق أحدهم وقال:
- جيد هذا ما تقول، وإننا لنراه في مستوى جد عالي، ونتمنى أن تعلمنا أكثر؛ واسمح لي إن تجرأت وسألتك عن هذه السبحة الصغيرة التي فوق مكتبك؟
أجابه تامر:
إن أبي أمرني بالصلاة، كما أمرني بالاستغفار، والصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم تسليما -، والجلالة، والحمدلة مع الشكر لكل ذكر عشر مرات، وقراءة سورة الواقعة كل ليلة، لهذا فأنا ملزم بطاعة والدي...
قال أحدهم:
- يا تامر، والذي ليس له حاسوبا، ومكتبة صغيرة، ومكتبا صغيرا مثلك هكذا، كيف يمكنه أن يجتهد ويعمل!؟
- ابتسم تامر، ثم أجابه:
- يا صاحبي، إذا أراد المرء أن يعمل، وكانت له طموحا ورؤية سديدة يمكنه أن يعمل بالإمكانيات المتوفرة، فالمكتبة العمومية بالمجان لا يسع الإنسان سوى الانخراط فيها، مقاهي الانترنيت موجودة بكثرة، فليذهب إليهم الإنسان على قدر ما يتوفر له من مال، والمكتب الصغير لا يعد سوى من الكماليات...
علم الكل أن تامر أعطاهم درسا لن ينسوه أبدا؛ أدركوا أن طموح الإنسان لن يتحقق إلا إذا كان مستقيما، يتصف بمكارم الأخلاق، وتسيير العمل يجب أن يكون وفق نظام يسوده احترام الوقت، والعمل، كما يجب أن يكون بنزاهة وصدق... وأشواط العمل لا تقطع إلا بالوسائل التي تليق حسب الإمكانيات...
انتهت ساعة الدعوة، انصرفوا شاكرين تامرا أحسن شكر، آملين أن يزودهم أكثر مما أفاض عليه الله، جل وعلا، من المعرفة والحكمة...
وعندما أرادوا أن يودعوا بعضهم بعضا التفتوا إلى مروان قائلين:
- لا شك أنت هو تامر المستقبل، نشكرك على صنيعك...
قال مروان:
- من طبع كل إنسان السعي إلى الوصول إلى قمة الهرم! ولكن لا يتم هذا الوصول إلا عن طريق الشخصية النموذجية؛ والعلم هو دليل الإيمان وسيد العمل.
بقلم: محمد معمري