المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جدد حياتك


مهاجر
27-11-2008, 16:54
d8s توطئة
"أن أقرأ كتابا أربع مرات خير لي من أقرأ أربعة كتب"عبارة للعقاد –إن لم تخني الذاكرة- وهذا كلام ينم عن خبرة وتجربة رجل أفنى حياته في الكتابة والقراءة.
فالقراءة الأولى تعطيك فكرة عامة عن الموضوع،أما الثانية فتزيدها عمقا،في حين القراءة الثالثة تتعرف من خلالها على تفاصيل الموضوع وجزئياته، ،والرابعة ترسخ كل ذلك في ذهنك فتنمو ثقافتك وتتوسع مداركك ويتغذى فكرك وملكتك اللغوية.........

وقد يقول قائل :أنا أجد صعوبة في إتمام القراءة الأولى،فأنى لي بالثانية والثالثة...!وللجواب نقول أن مرد ذلك يرجع إلى القارئ نفسه ومدى شغفه بالقراءة،ثم موضوع الكتاب وما يثيره في القارئ من حب الاطلاع والمعرفة ومدى ملامسته لاهتماماته...... وكل ذلك يتجلى من خلال حسن اختيار العنوان
هذا الأمر وقع لي مع كتاب للشيخ محمد الغزالي رحمه الله والذي عنونه ب"جدد حياتك"وهو إعادة لصياغة كتاب "دع القلق وابدأ الحياة" د يل كارنجي ولكن من منظور إسلامي. وهذه الورقة عبارة عن رؤوس أقلام لمحتوى هذا الكتاب القيم ،-وهي لا تغني عن قراءته-


قال تعالى :(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)الرعد/11
كثير منا يحب أن يبدأ صفحة جديدة في حياته ويربط ذلك بمناسبة معينة، عيد ميلاد ،زواج ،الحصول على عمل....وهذا وهم يجعل الإنسان يدخل في دوامة التسويف والإرجاء.
فالرغبة في التغيير والتجديد تنبع من النفس لدى يجب أن تصطحبها عزيمة قوية وإرادة لا تؤثر فيها الظروف مهما كانت مع الإيمان بالقدرات التي حبا الله بها الإنسان ،يصبح كل شيء ممكنا .

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ***** فإن فساد الرأي أن تتردد
فمن أجمل الأشياء أن يحدد الإنسان لنفسه أهدافا في هذه الحياة، وأن يعيد بين الحين والآخر ترتيب نفسه ،ومحاسبتها وينتقدها بغية إصلاح عيوبها والارتقاء بها إلى درجة أسمى .
فلاحظ كيف يكون شعورك وأنت تغير أثاث بيتك ،وتعيد تنظيم غرفتك...!إذن التجديد انتصار للإنسان على أسباب الضعف والخمول ،وسحق لجراثيم الوضاعة والمعصية .إنه نقطة الانطلاق والتحرر من قيود الهوى والشهوات،إنه انتقال وترقي ماديا ومعنويا.
قال تعالى)ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين)الذاريات/
عش في حدود يومك
من خلال التجارب التي خاضها رجال ناجحون أهدوا خلاصة تجاربهم في هذه الكلمات"ليس لنا أن نتطلع إلى هدف يلوح لنا باهتا من بعيد ،وإنما علينا أن ننجز ما بين أيدينا من عمل واضح بين"

والعيش في حدود اليوم يتسق مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم:[من أصبح معافى في بدنه،له قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها]
رواه الترمذي. إنك تملك العالم كله يوم تجمع هذه العناصر كلها في يدك فاحذر أن تحقرها.
كان الخليل إبراهيم يقول:"اللهم هذا خلق جديد فافتحه علي بطاعتك، واختمه لي بمغفرتك ورضوانك، وارزقني فيه حسنة تقبلها مني وزكها وضعفها لي .وما عملت من سيئة فاغفره لي،إنك غفور رحيم ودود كريم"الإحياء

فالأسلام يعلمنا نبذ القلق والخوف من المستقبل وعلى الرزق وكل آت قال الشاعر:
سهرت أعين ونامت عيون**** في شئون تكون أولا تكون
إن ربا كفاك بالأمس ماكان**** سيكفيك في غد ما يكون
أتدري كيف يسرق عمر الإنسان؟يذهل عن يومه في ارتقاب غد هولا يزال كذلك،حتى ينقضي أجله،ويده صفر من أي خير.في هؤلاء الذين ضيعوا أعمارهم سدى يقول الله تعالى: :(ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة)الروم/55

علم أثمره العمل
في الأثر :"العلم علمان ،علم في القلب،فذلك علم نافع،وعلم في اللسان،فذلك حجة الله على ابن آدم"
وقال برنارد شو:"إذا لقنت إنسانا شيئا فإنه لن يتعلم أبدا" بمعنى آخر- وكما يقول المثل- "لا تعطيني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد"
يقول ديل كارنجي:"إن التعلم عمل إيجابي لا سلبي ،ونحن نتعلم حين نعمل،فإذا أردت أن تستفيد من النصائح المبذولة في هذا الكتاب-أو أي كتاب- فجربها واعمل بها،وطبقها في كل فرصة تسنح لم)
إن العمل يحيي القلوب بالمعرفة اليقظة الدافعة.
فالذين يدعون أن الإيمان في القلب وهم لا يحركون ساكنا و لا يعملون أي عمل يقربهم من الله واهمون يخرفون . فالإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل كما قال الحسن البصري.
.وفي القرآن فالإيمان لايأتي إلا مقرونا بالعمل(الذين امنوا وعملوا الصالحات)
آفات الفراغ
في أحضان البطالة تولد آلاف الرذائل،وتختمر جراثيم التلاشي والفناء .وإذا كان العمل رسالة الأحياء فإن العاطلين موتى.
وقد نبه النبي إلى غفلة الألوف عما وهبوا من نعمة العافية والوقت فقال :[نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ]
قاعدة ثمينة يسوقها لنا الإمام الشافعي رحمه الله "إذا لم تشغل نفسك بالحق شغلتك بالباطل"
فعندما يتاح لنا وقت الفراغ لا تلبث شياطين القلق تهاجمنا ،وهنا نتساءل :أترانا نحصل من الحياة على ما نشتهي؟
وأحسب أن المجتمع يستطيع الخلاص من مفاسد كثيرة لو أنه تحكم في أوقات الفراغ.
إن الشباب والفراغ والجدة****مفسدة للمرء أي مفسدة
فالعلة الأولى لتخلف الأمة العربية والشعوب الإسلامية ما غلب على أحوالها النفسية والاجتماعية من قعود واستكانة ونقاعس!
قضاء وقدر
إحساس المؤمن بأن زمام العالم لن يفلت من يد الله،يقذف بمقادير كبيرة من الطمأنينة في فؤاده.والحق أنه لامعنى لتوتر الأعصاب واشتداد القلق بإيزاء أمور تخرج عن نطاق إرادتنا. ومن ثم يجب أن نستقبل الدنيا بيقين وشجاعة...!ويعجني قول علي رضي الله عنه:

أي يومي من الموت أفر؟**** يوم لا يقدر؟ أو يوم قدر؟
يوم لا يقدر لا أحذره ؟****ومن المقدور لا ينجو الحذر!
قال تعالى :(قل لن يصيبنا إلا ما كتبه لنا هو مولانا،وعل الله فليتوكل المؤمنون..)التوبة/51-52
من سعادة المرء رضاه بما قضى الله له،ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله..... وسخطه بما قضى الله له.
إن الرجل الضعيف قد يفزعه المصاب ويشتت أفكاره ،فبدلا من أن يختصر متاعبه بمجابهة الواقع والاستعداد لقبوله ،يسترسل مع الأحزان التي تضاعف كآبته ولا تغير شيئا .
أما الموقف الناضج والتسليم الكريم فتراه مثلا في سيرة يعقوب لما جاءه بنوه وهم يتباكون على فقد يوسف فقال: (فصبر جميل،والله المستعان على ما تصفون)يوسف/18

حياتك من صنع أفكارك
سعادة الإنسان ،أو شقاوته أوقلقه أو سكينته ،تنبع من نفسه وحدها.إنه هو الذي يعطي الحياة لونها البهيج ، أو المنقبض"فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط"رواه الترمذي.قال ديل كارنجي :"إن أفكارنا هي التي تصنعنا ،واتجاهنا الذهني هو العامل الأول في تقرير مصيرنا،...."
فإذا نحن ساورتنا أفكار سعيدة كنا سعداء ،وإذا تملكتنا أفكار شقية غدونا أشقياء،وإذا خامرتنا أفكار مزعجة تحولنا خائفين جبناء،وإذا تغلبت علينا هواجس السقم والمرض فالأغلب أن نبيت مرضى إنما تستمد طول مقاومتها من رسوخ العقيدة ،وقوة الصبر ،اكثر مما تستمده من وفرة السلاح والعتاد. وهكذا. فالجيوش التي يحسن بلاؤها ،وتعظم بسالتها.

فارتفاع الإنسان في مدارج الارتقاء الثقافي والكمال الخلقي،يغير كثيرا من أفكاره وأحاسيسه،ويبدل أحكامه على كثير من الأشخاص والأشياء. الذي يقهر نفسه أعظم من الذي يفتح مدينة...!

فالإسلام –كسائر- الرسالات السماوية-يعتمد في إصلاحه العام على تهذيب النفس الإنسانية قبل كل شيء ......ومن هنا ،كان إصلاح النفس الدعامة الأولى لتغلب الخير في هذه لحياة.يقول تعالى:(ذلك بأن الله لم يكن مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتىيغيروا ما بأنفسهم) الأنفال/54
فالسعادة الحقيقية تنبع من داخل الإنسان لامن خارجه ، نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف.
قال جمس آلن:"دع إنسانا يغير اتجاه أفكاره ،وسوف تتملكه الدهشة لسرعة التحول الذي يحدثه هذا التغير في جوانب حياته المتعددة .إن القدرة الإلهية التي تكيف مصايرنا ، مودعة في أنفسنا ، بل هي أنفسنا ذاتها"!! هل تستبدل مليون جنيه بما تملك؟
ما أكثر النعم التي بين أيدينا ،وإن غفلنا عنها!!!
إن هذه العافية التي تمرح في سعتها وتستمتع بحريتها ليست شيئا قليلا !
وإذا كنت في ذهول عما أوتيت من صحة في بدنك ،وسلامة في أعضائك واكتمال في حواسك ،فاصح عل عجل...وذق طعم الحياة الموفورة التي أتيحت لك والحمد لله.....
ألا تعلم أن هناك خلقا ابتلوا بفقد هذه النعم ،وليس يعلم إلا الله مدى ما يحسونه من ألم؟
"ما أقل تفكيرنا فيما لدينا ،وما أكثر تفكيرنا فيما ينقصنا"
والله قد منحنا الحواس المعروفة لنتجاوب مع الوجود ،ونتعرف ما فيه ،ونتذوق بملكاتنا المادية الأدبية جماله وقواه....فاهتزت مشاعرنا شكرا للذي أحيانا وكرمنا.
(والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لاتعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون)النحل/78
والله ما أفسد الحياة الدنيا وكسف ضيائها وشاب نعماءها ،إلا ركض البشر في جوانبها ركضا مجنونا لا يخضع لشرائع الله، ولا يستقيم مع نصحه وهداه.
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها*****ولكن أخلاق الرجال تضيق
روحانية الرسول صلى الله عليه وسلم
"محمد بن عبد الله" صاحب الرسالة الخاتمة ،وملتقى العقائد والفضائل التي ناط القدر بها صلاح الأولين والآخرين .إنه المثل العليا كلها في إطار اللحم والدم ،تستطيع أن تعرفه في يسر
من الكتاب الذي جاء به ، ومن الحكمة التي يتفجر بها منطقه. ولن يعرف محمدا أبدا من سفه نفسه،وحقر عقله وقلبه.والمشاهد في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن حدة الانتباه الذهني تسودها كلها .فأمثالنا قد يثور انتباهه لبواعث مفاجئة ثم تركد مشاعره
لزوالها .أما هذا النبي الكريم ،فهو نهاره مستجمع الفكر مركزه ،لايكاد يمسه فتور أوذهول عن شيء دق أوجل.
فإذا نام نضجت هذه الحساسية الشديدة على حالته النفسية،فهو في رقاده يقظان القلب.لاتصاله المستمر بالله والمداومة عل ذكره.
إذا آوى إلى فراشه قال :" اللهم أسلمت نفسي إليك وفوضت أمري إليك ،وألجئت ظهري إليك ،رغبة ورهبة إليك،لاملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت."رواه البخاري
وطبيعي أن يعيش صاحب هذه الرسالة طيلة عمره مبرأمن كل عيب ،منزها عن أية ملامة.إنه النبي المعصوم والرحمة المهداة،الذي قال فيه ربه: (وأنك لعلى خلق عظيم)
صلوات الله عليه في الأولين والآخرين.
حاسب نفسك
هل يفكر اكثرنا،او أقلنا ،في إمساك دفتر يسجل فيه ما يفعل وما يترك من حسن أو سوء؟ويعرف من بين الحين والآخر رصيده من الخير والشر؟وحظوظه من الربح والخسارة؟.......فكيف ولله حفظة يدونون مثقال الذرة ،ويعدون لنا قوائم بحساب طويل (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما ل هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها،ووجدوا ما عملوا حاضرا،ولا يظلم ربك أحدا)الكهف/49
قال الرسول صلى الله عليه وسلم :"حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ،وزنوا أعمالكم قبل أن توزن لكم"رواه الترمذي.
ويرى ابن المقفع أن يسجل الإنسان ما يصدر عنه جاعلا الصفحة اليمنى للحسنات و اليسرى للسيئات.
والحق أن تروض النفس عل الكمال والخير ،وفطامها عن الضلال والشر يحتاج إلى طول رقابة،وطول حساب.
فما أعظم هذا الدين لو حول كل منا تعاليمه إلى سلوك يومي في علاقته مع ربه ،ومع نفسه وأسرته،ومع الناس أجمعين.وما أعظمه لو كان وراءه رجال كأمثال الذين قال فيهم رب العزة :(من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه ،فمنهم من قضى نحبه ومنهم من بنتظر ،وما بدلوا تبديلا ] الأحزاب/23


:icon30:

khalid salhi
28-11-2008, 22:25
http://www.falntyna.com/img/data/media/11/w6w_200507271500238b5071a8.gif

wafae
04-12-2008, 21:35
جزاك الله خيرا أخي على الموضوع القيم.

aljolnar
11-12-2008, 01:01
من سعادة المرء رضاه بما قضى الله له،ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله..... وسخطه بما قضى الله له.
شكرا لك على الموضوع المميز