المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقصى الشقاء...................


mahdar
12-12-2008, 11:22
في ركن قصي من كوخ حقير باحد احياء الصفيح الهامشية افترشت صبية مصفرة الوجه .بقايا حصير قديم وقد غطى جسدها لحاف رث وسخ , كانت عيناها الذابلتان تتراقصان وهما تراقبان الخيالين المنعكسين بفعل ضوء الشمعة الخافت عبر الستارة البيضاء التي تفصل ركنها عن مضجع امها وزبونها ..كان لهاث هذين الاخيرين وتأوهاتهما يطرق سمعها فتسري في جسدها قشعريرة غريبة وتكتسي سحنتها بمظاهر الحزن والالم ..
كانت يدها الصغيرة تفرغ ما يعتمل في نفسها من حقد , على الحياة بالضغط على حاشية اللحاف , وقدماها النحيفتان تتمددان في عصبية حتى تلامسان ارض الكوخ ...
وشم الذكريات القاسية ما زال حيا يطبق على عقلها وفكرها, ناثرا بذور الشقاء في طريقها , وكأنها لم تخلق اصلا الا من اجل الشقاء.
رف على شفتيها شبح ابتسامة حين تذكرت والدها , كان شابا قوي البنية , طيب القلب يحبها ويدللها باستمرار , رغم الفاقة وضيق اليد , فقد كان مجرد حمال بالسويقة يحمل صناديق الخضر على ظهره , وكثيرا ما سمعته يردد:(الحمال مجرد حمار بشري ...)وكانت هي ترد عليه ببراءة الطفولة: ساتعلم يا ابي واعمل , ثم ترتاح انت وامي ..فيجيب :حقق الله امانيك يا صغيرتي ...
هذه امور لم تعد تجديها الان شيئا واصبحت مجرد ماض لا يغني او يسمن من جوع, فالوالد رحل عن هذا الوجود واختفى تحت التراب والحجارة, ...ذاكرتها تختزن دون شك احداث مصرعه المفاجئ...فقد نشب ذات مساء بينه وبين جارهم موسى الاقرع صراع دموي عنيف..انتهى بموت الاثنين .. كان موتا باردا , وتلك عادة درج عليها بعض المسحوقين ..فهم يقتلون ويقتلون( برفع الياء) من اجل اشياء تافهة...
بعد رحيل والدها تغيرت الامور , وتبدل سلوك امها , وتصرفاتها وكانت الصفعة الاولى التي وجهت لها ..هي حرمانها من متابعة الدراسة..اما الصفعة الثانية فكانت اشد واقوى ..لقد دخلت امها عالم الدعارة ...وتحول الكوخ الصغير الى ماخور فساد يرتاده طلاب اللذة الرخيصة من ابناء الحي ., وفقراء المدينة..
كانت تنظر الى كل ذلك بعين العاجز الضائع ولا تملك سوى ذرف الدموع السخينة كلما خلت الى نفسها, فهي الان تعرف المصير الذي ينتظرها غذا ..او لم تقل لها امها : تعلمي يا صبية حتى تعيلينني كما اعيلك .يوم اكبر..
اذن كل شيء واضح , فليس امامها سوى انتظار اليوم الذي ترث فيه عن امها ايهاب العهر, ويصبح جسدها ملكا مشاعا لكل عابث وماجن...
ان امها مافتئت تذكرها اليوم تلو الاخر بان السبيل الوحيد للحصول على لقمة العيش هو الذعارة..............
تابت الطفلة الى نفسها وامسكت عن التفكير ثم جرت الغطاء وانكمشت حول نفسها..لكنها سرعان ما احست باختناق شديد وتسربت الى خياشمها رائحة الدخان ...فاسرعت تزيح الغطاء عنها..كانت النار حولها تلتهم حطب الكوخ واثاثه الوضيع ...وكانت امها وزبونها يصرخان................

محضار 1979................

عبد العالي الرامي
12-12-2008, 11:26
نتمنى لكم التوفيق ابداع ممتاز
مع أجمل التحيات

نورالدين شكردة
12-12-2008, 11:36
أهلا أخي محضار وها أنت تأبى إلا أن تشاركنا مسوداتك وإبداعاتك أخيرا....
باستثناء هذه الجملة*...واصبحت مجرد لا يغني او يسمن...* التي لم أفهم معناها وبعض اخطاء الرقن فنصك هذا أجده متميزا في طرحه وأفكاره وأسلوبه وتناوله لظواهر اجتماعية أخلاقية تتكرر على امتداد دور صفيح الوطن ودروب كل أبنيته العشوائية...سعدت بقراءتك هنا وسعدت أكتر لتمكنك من جر المتميز errami3 لدوحتنا ليقاسمنا متعة-او ربما مرارة - تذوق أقصى الشقاء.....

Fouad.M
12-12-2008, 11:46
شكرا لاخي محضار على تحفتك الشبابية التي عرضت قضية اجتماعية لازالت -حسبما أعتقد- موضوعا من الموضوعات التي أسالت حبر الدارسين والمهتمين أصحاب الاختصاص...ولئن اتفقوا في المبدأ...فقد اختلفوا في النهج......
لا تبخل علينا أخي بتحفك الرائعة التي تنشر أريجها وعبقها على كل أرجاء دفاتر......
فلا حرمنا منك ولا من ابداعاتك المحضارية الحاضرة بقوة وغزارة في المجال الابداعي الدفاتري....
تحياتي وتقديري واعزازي..................

mahdar
12-12-2008, 11:59
شكرا لاخي محضار على تحفتك الشبابية التي عرضت قضية اجتماعية لازالت -حسبما أعتقد- موضوعا من الموضوعات التي أسالت حبر الدارسين والمهتمين أصحاب الاختصاص...ولئن اتفقوا في المبدأ...فقد اختلفوا في النهج......

لا تبخل علينا أخي بتحفك الرائعة التي تنشر أريجها وعبقها على كل أرجاء دفاتر......
فلا حرمنا منك ولا من ابداعاتك المحضارية الحاضرة بقوة وغزارة في المجال الابداعي الدفاتري....
تحياتي وتقديري واعزازي..................
كل الحب والتقدير لمرورك الذي يجسد اهتمامك الكبير بكل الاجناس الادبية التي يتم تداولها في الدفتر الادبي دمت سندا للجميع وشكرا جزيلا لك اخي العزيز

mahdar
12-12-2008, 12:03
أهلا أخي محضار وها أنت تأبى إلا أن تشاركنا مسوداتك وإبداعاتك أخيرا....
باستثناء هذه الجملة*...واصبحت مجرد لا يغني او يسمن...* التي لم أفهم معناها وبعض اخطاء الرقن فنصك هذا أجده متميزا في طرحه وأفكاره وأسلوبه وتناوله لظواهر اجتماعية أخلاقية تتكرر على امتداد دور صفيح الوطن ودروب كل أبنيته العشوائية...سعدت بقراءتك هنا وسعدت أكتر لتمكنك من جر المتميز errami3 لدوحتنا ليقاسمنا متعة-او ربما مرارة - تذوق أقصى الشقاء.....
اخي نور سقطت مني سهوا كلمة ماض فتغير المعنى...الصحيح هوواصبحت مجرد ماض لا يغني اويسمن من جوع ....اخطاء الرقن صححتها قبل ان يطل زميلنا واخونا التيجاني ...رغم انني لاحظت باننا يمكن ان نتصيد اخطاء له هو ايضا اثناء الرقن......شكرا اخي نور وتقبل مودتي

mahdar
12-12-2008, 12:05
نتمنى لكم التوفيق ابداع ممتاز



مع أجمل التحيات

شكرا اخي الرامي ومرحبا باطلالتك البهيجة ....وعيدك مبارك سعيد

tayf lmaghrib
12-12-2008, 12:18
السلام عليكم
لا يمكن أن أمر من هنا دون قراءة جديدك /قديمك
بنفس اللمسة .. بنفس الأسلوب ..بنفس الحضور
بنفس الوزن الادبي .. محضار دائما حاضر معنا
نص متميز من حيث المبنى والمعنى .. أخطاء الرقن
نصححها لبعضنا البعض لا ضير في ذلك
المهم أن نتحف بعضنا البعض بإبداعات متميزة
سلامي وتحياتي
طيف المغرب

tijani
12-12-2008, 19:58
يبدو ان محضار القاص بدأ ينثر أمامنا بعض لآلئه الجميلة ..
وجميل منك هذا التصحيح قبل وبعد النشرأم لا يا أستاذ؟
وجميل أيضا لعبة الفلاش باك ..او ما يصطلح ب تكسير الزمن ..الذي صار يعتمد عليه اكثر اليوم لضخ بعض التشوق في شرايين أحداث القصة
وجميل ايضا ، هذه الواقعية التي تعري وتفضح ما يجب تعلريته وفضحه
وجميل أخيرا هذه النهاية الصادمة ..المثيرة ..طبعا ستكون كذاك الحائط الذي يسد الزقاق ، فتفرض على السائر وقفة تأملية وتساؤلات كثيرة ..
دمت مبدعا
تحياتي

الزبير
13-12-2008, 12:09
لن أضيف كلمة على ما قيل سوى ابحث لنا في ارشيفك عن قصص أخرى لكي تمتعنا بها
شكرا على مشاركتنا تحفك الفنية

judy abotte
13-12-2008, 12:24
قصة جميلة والاجمل انها ليست مكتملة وشكرا لانك منحتنا فرصة اكمالها رغم ان نهايتها وضعتها السنين ولازالت تبدأ وتنهي قصصا اخرى اكثر بشاعة وقسوة

عمر الشرقاوي
13-12-2008, 12:28
قصة تلامس واقعا منحطا لفئة مهمشة دفعها ضنك العيش إلى ممارسة الدعارة .السبيل السهل لكسب لقمة العيش.
شكري وتقديري لك على عملك الإبداعي الصادر عن شخص مقتدر متمكن من أدواته.

chamss
13-12-2008, 12:34
دائما تتحفنا بجديدك استاد محضار

دمت حاضرا و متالقا تزين بابداعاتك ركن الدفتر الادبي

تحياتي الخالصة

محمد معمري
13-12-2008, 16:29
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أخي الكريم محضار، لمست قصتك الواقع المر الذي بدأ يألفه الناس... كانت الدعارة لكسب القوت.. أصبحت تجارة... صارت صفقات... أم زكرياء العراقية القصة المؤلمة خير دليل...
مودتي وتقديري

مريم الوادي
13-12-2008, 18:03
ما أجمل نصك
وما أقساه
لقد أخذتني الى عالم تلك الطفلة بأسلوبك المترابط والقوي
لقد كبرت طفلة قصتك
وعمرها الآن ثلاثون ربيعا
كيف تعيش الآن
هل نجحت في التنبأبمستقبلها؟
أم أن القدر وعدها بما هو أفضل؟
ألا تدفعك هذه الأسئلة يا أستاذي
إلى العودة مرة أخرى..
ألا تفكر في كتابة جزء ثاني من القصة؟؟
تحياتي وتقديري
الحرية

mahdar
14-12-2008, 21:40
قصة جميلة والاجمل انها ليست مكتملة وشكرا لانك منحتنا فرصة اكمالها رغم ان نهايتها وضعتها السنين ولازالت تبدأ وتنهي قصصا اخرى اكثر بشاعة وقسوةالنهايات المفتوحة تقنيه يلجأ اليها الكثير من كتاب القصة لفتح المجال امام القارئ حتى يخمن الممكن والمستحيل في النص.................شكرا

mahdar
21-12-2008, 10:45
ما أجمل نصك

وما أقساه
لقد أخذتني الى عالم تلك الطفلة بأسلوبك المترابط والقوي
لقد كبرت طفلة قصتك
وعمرها الآن ثلاثون ربيعا
كيف تعيش الآن
هل نجحت في التنبأبمستقبلها؟
أم أن القدر وعدها بما هو أفضل؟
ألا تدفعك هذه الأسئلة يا أستاذي
إلى العودة مرة أخرى..
ألا تفكر في كتابة جزء ثاني من القصة؟؟
تحياتي وتقديري

الحرية
شكرا اختي العزيزة واعدك بكتابة جزء ثان لهذه الاقصوصة....

mahdar
21-12-2008, 10:46
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أخي الكريم محضار، لمست قصتك الواقع المر الذي بدأ يألفه الناس... كانت الدعارة لكسب القوت.. أصبحت تجارة... صارت صفقات... أم زكرياء العراقية القصة المؤلمة خير دليل...
مودتي وتقديري
كل الامتنان لك اخي على مرورك الطيب...

mahdar
21-12-2008, 10:47
قصة تلامس واقعا منحطا لفئة مهمشة دفعها ضنك العيش إلى ممارسة الدعارة .السبيل السهل لكسب لقمة العيش.


شكري وتقديري لك على عملك الإبداعي الصادر عن شخص مقتدر متمكن من أدواته.
كل التقدير لمرورك الطيب وكلماتك الوضيئة....

mahdar
21-12-2008, 10:50
يبدو ان محضار القاص بدأ ينثر أمامنا بعض لآلئه الجميلة ..
وجميل منك هذا التصحيح قبل وبعد النشرأم لا يا أستاذ؟
وجميل أيضا لعبة الفلاش باك ..او ما يصطلح ب تكسير الزمن ..الذي صار يعتمد عليه اكثر اليوم لضخ بعض التشوق في شرايين أحداث القصة
وجميل ايضا ، هذه الواقعية التي تعري وتفضح ما يجب تعلريته وفضحه
وجميل أخيرا هذه النهاية الصادمة ..المثيرة ..طبعا ستكون كذاك الحائط الذي يسد الزقاق ، فتفرض على السائر وقفة تأملية وتساؤلات كثيرة ..
دمت مبدعا
تحياتيدامت لنا ردودك المتميزة ...والمفعمة بالحياة...دامت لنا نصوصك الرائعة اخي العزيز....

mahdar
07-04-2009, 19:17
دائما تتحفنا بجديدك استاد محضار


دمت حاضرا و متالقا تزين بابداعاتك ركن الدفتر الادبي


تحياتي الخالصة
شكرا لتعليقك المتميز