نورالدين شكردة
12-12-2008, 22:05
ليلة من سنة – 3 –
حول طاولة مدرسية عتيقة، التف خمسة من المعلمين كعادتهم دوما و أبدا بعد انتهاء حصص عملهم الزوالية ..متسامرين ..متآنسين في شبه محاولات يومية.. فاشلة.. للتغلب على الغربة.. و الرتابة.. و الملل ..و في شبه مجابهة خاسرة لجبروت الزمن، عندما يتمطط و تأبى عقارب ساعاته أن تتزحزح عن مواضعها…
الجو خارج المطبخ /المسكن كان ثلجيا ، و لم تفلح لَمَّة هؤلاء الخمسة أبدا في إضفاء الدفء على جمعهم ...
سالم : متذمرا،متأففا :" هاذ الفرعيات كتسبب العقم ..و الرتابة.. و الكآبة ... و الوقت فيها كيتحرك بحال زحف السلاحيف ... و الله العظيم هاذ الإيقاع الزمني بين الجبال ما عمري شفت بحالو فحياتي . أسأل نفسي مرارا كيف يمكننا أن نعيد الروح لهذا الإيقاع المدرسي المحنط؟ "
الجيلالي : متراجعا عن قراريه بعدم الخوض في نقاشات زملائه و بعدم عرض بضاعته الشعريةعلى أسماعهم " بالتأكيد يمكننا ذلك. أمعن في خاطرتي هاته و التي عنونتهابــ " فرعيتي" و سيمكنك فعل ما تشاء و انطلق مترنما دون استئذان:
عيناي..عيناي مرغما أغمضتها...
بالله عليكم ..واروني الثرى أحد أوديتها...
كي أنصت ليلا لعواء ذئابها...
اجعلوني جامورا فوق أحد مآذنها ...
كي أصغي بوجد لتهليل مؤذنيها ...
أو كشاف ضوء فوق تلالها ..كي أنير عتمة عابريها...
ضعوني تمثالا فوق أعلى جبالها ...
أو نخلة وسط أخصب كثبانها..
كي أحصي سكنات و حركات معلميها...
أو منبع عين بين مروج سهوبها ...
كي أروي ظمأ ساكنيها ...
حكايتي أيها العشاق أنني مجنونها...
أنني كنت أحيا فيها و لها و بها ...
أنني كنت أتواعد معها فألتقي بها فيها ...
أو ... ضعوني و شما منقوشا على خصرها...
لا لأُجَملها...
و لكن لأني لا أبدو جميلا إلا بها ...
عبد الفتاح : لا حول ولا قو ة إلا بالله يبدو أنك تبحث هذه المرة عن فتوى بإهدار دمك الملوث أيها الفاسق . و عاد ليقلب صفحات كتاب أصفر بأصابع يمناه ،في حين تضاربت الروايات حول حقيقة مكان أصابع يسراه.
المغناوي : لم يتوصل برسالة بريدية واحدة منذ وطئت أقدامه تراب الدوار ، و لم يصدر عنه سلوك أو بادرة إيجابية واحدة منذ أول أيام تعيينه...
إدريس : غير مبال بهرطقات الجيلالي ." لإرجاع الروح للزمن أيها الزملاء نحتاج لمدرسة ذات تصميم جذاب، لمدرسة منفتحة، متحررة، متجددة، ذات إشعاع و جمال . مدرسة تحتضن الإبداع، و تمتص الشقاوة والعلل و المـحـن. مـدرسة تصون الـكرامة و الهـوية و الـحرية، و تغـرس شـتائـل العدل والمساواة و الديمقراطية...
سالم : أصاحبي واش دانا لهاد الهضرة كاع ...حنا أسيدي خاصنا غير مدرسة كتخلص الموظفين دياولها مزيان و كتوفر للأطر ديالها ظروف استقرار مريحة وو سائل عمل حديثة و الله يجعل البركة ...
عبد الفتاح : مقسما بيمناه ،داسا يسراه في أمكنة اختلفت حولها الآراء و الأقاويل ." أقسم لكم إن التعليم هو كلشي ،هو الخلل هو الضرر ... هو الرافعة هو المنفعة ...هو الرهان هو العطب ،هو التخلف هو المستقبل ...."
الجيلالي : "و أنا اقسم عليكم بأغلظ قسم أن تستمعوا لهذه الخاطرة /العبرة. فمن يسمعكم تناقشون يعتقدكم أحد حفدة جون بياجيه أو دوركهايم، و انطلق ينشد بتأن و تجن :
ألا أيها المعلم اتق ربك في أبناء القرى و الدواويرينو...
هم جهلاء فطرة فلا تزد في جهلهم بالعطلينو..
أباؤهم في المهجر يكدون عسى أن يصبح ابنهم فقهينو ..
و أنت أيها المستهتر زدته على العطلة الرسمية عطلة
بالشواهد الطبية و الكنطرفزيطينو..
و لا داعي لذكر غزوات كل أسبوع.. عشية جمعة و سبت فأحدينو..
ألا هشمت أيها الجوال اللعين سهلت كشف طلعات المفتشينو..
برناتك و رسائلك البخسة و عروضك و مكالماتك اللاسلكينو..
ألا سحقا للعطلات الرسمية و الشواهد الطبية
و لاتصالات المغرب و ميديطيلينو..
ملحوظة : حررت القصيدة قبل اطلاق الفاعل الثالث في مجال الاتصالات " وانا " لخدماته .فعذرا لشركة باين.
سالم : و في أي جنس أدبي ستصنف محاولتك هاته أيها الجيلالينو ؟
المغناوي : ترتعد شفتاه مرارا و تكرارا و كأنه يهم بقول شيء. غير أنه سرعان ما يعود ليتقمص دوره المعتاد الغارق في الصمت و اللامبالاة - ينو -
ادريس : و الله إني لأستغرب من وضعك و من طروحاتك التربوية و ادعائك الإخلاص و التفاني. حاول و لو مرة واحدة أن تكون عاقلا متزنا و موضوعيا في أشعارك...
عبد الفتاح : يتوعد الجيلالي بيمناه في إشارة تعني الذبح ،ويخفي يسراه داخل جيب قميصه الأفغاني و الذي تراهن ادريس و سالم بنصف مرتبهما حول مخبئها الحقيقي.
الجيلالي :هي مقامة حديثة أسميتها مقامة الغربة. فالغربة مدرسة تحرض على الإبداع. أما فرعيتنا هذه فتأكدوا أيها المتقاعسون أنها ليست مجرد جدرانا و سبورة و طاولات و مكتبا نرتاده ثم ننصرف عنه ... الفرعية فضاء شاسع ،واسع ممتد لا متناه ... إنها مسجد دون قبلة . مشفى دون حقن موخزة ،ديرا دون تعميد ، إنها في اعتقادي متنفس ضد الملل و السأم و القرف و الرتابة ... الفرعية مشتل للإبداع وفرصة لا تتكرر لتحقيق التغيير المنشود ...الفرعية امتداد بعيد للوطن إن صلحت صلح وإن فسدت فسد.. غير أن الغالب أنها تفسد بفساد مسؤولي و إدارات البلد .... أنت مثلا أخي إدريس يلزمك أن تكون منسجما مع مبادئك معترفا بتقصيرك . و أنت يا سالم لا أتصور كيف لانفعالي عصابي، متذمر ذهاني مثلك أن يوفق في تكسير رتابة الزمن وفي إلغاء الحواجز الذهنية القائمة بين ما يدرسه داخل فصله و بين ممارساته خارج المدرسة .أما أنت يا بن لادن فاللهم نجنا من يسراك و من تعكر مزاجك و اختلاط حرامك بحلالك. و أنت أخي المغناوي يلزمك ان تنتفض من مكرك و ضغينتك و أن تمعن في الاستماع لصرختي الزجلية هذه علها تنتشلك من توحدك. واعتلى كرسيا خشبيا كانوا قد جلبوه من الفصل المحاذي لإكمال جلستهم الخماسية ..و انطلق صارخا بصوت لم يألفوه في كل قصائده السالفة تردد صداه بين فجاج كل الجبال و الأودية المتاخمة:
الحاكم تعكر مزاجو....
البحر هاجت مواجو..
و الخيل طيح سراجو..
العمران تكسر طوبو و زاجو...
السوق طارت عجاجو...
والفقر كثرت فواجو...
يا قائد الفرسان من مور براجو..
يا حامي القبيلة نافخ اوداجو..
نزل من سماك للوطا لزقاق الدرب و سفناجو..
قرفص بردان بباب الدرب وتصنت لغليان بقراجو ..
تملى فوجوه شاحبة... حزينة ... عليلة..
ضاق عليها المكان ببطشو ..و فقرو.. و سياجو..
واك واك أعباد الله العدل عاد دراجو..
واك واك اسيدي ربي الظلم فأوج هياجو..
رجانا فيك طالبين الرجا ..و الغوث.. و العدل و علاجو...
سالم : واقيلا دوك المعتقلات اللي رجعوهم متاحف غيكوفرو باباك و غيديروك قدام شي تمثال فقاعة الاستقبال ...
ادريس : و تأبى السي الجيلالي إلا أن تلوث أسماعنا و سجلاتنا العدلية بغيك و فكرك الظلامي القاتم ... أنا شخصيا أخالفك فيما تذهب إليه دوما. فعلا أقر أن هناك لبنة هشة في بنيان مهنتنا قد نكون نحن سبب هشاشتنا . قد تكون هذه البنيات التحتية متردية و قد تكون هذه البرامج و المناهج عقيمة... غير أنني أبرئ ساحة كبار المسؤولين من تهمة التردي و تدني مردودية قطاعنا .
عبد الفتاح : نعم هذا احتمال ، فقد يكون الخلل في هذا العنصر أو ذاك أو ربما في كل مكونات الجسم التربوي ، لكن الاحتمال الأصدق أن الخلل الحقيقي يكمن في كل هؤلاء المسؤولين الذين سمحوا لأمثال هذا الجيلالي العفن المرتد أن ينتسب لمهنتنا...
المغناوي : التفاتة بدرت منه صوب الجيلالي حاول ان يضفي عليها معاني الدهشة ،و التعاطف، و تحفيز الجيلالي للاقتصاص من هذه الإهانة التي وجهها له عبد الفتاح...
الجيلالي : غير مبال بتعليق عبد الفتاح.
طيب و هذا النظام الأخرق المسمى نظام الكوطا من أقره أنحن، أم المسؤولون ؟ هو قرار حكومي ساذج و عبثي و ارتجالي، منشأه الفوضى في التسيير و التدبير .
سالم : سأوافقك لأول و آخر مرة في رأيك. فشخصيا لم أعد أشعر بأي نوع من الالتزام أو الجدية تجاه المسؤولية الملقاة على عاتقي ما دام قرار الإنجاح و الترسيب لم يعد قراري .
ادريس : صدقتما فتلاميذي بات يستوي عندهم الحضور والغياب، و الجد والاستهتار خصوصا لكثرة ما رأوا من نجاح أفواج و أفواج ... دون مجهود و لا مواظبة...
عبد الفتاح : أمر النجاح من عدمه هو بيد الله سبحانه و تعالى، و لا دخل لا لوزير و لا لسفير به. فالنجاح أمر غيبي ... و الخوض في الغيبيات شرك ... و الشرك مخرج من الملة ...و ....
الجيلالي : مقاطعا ... " هو من شبيه عشرات القرارات الخرقاء و الإصلاحات الترقيعية الجوفاء .نظام الكوطا هذا أفرز جيلا هجينا لا يفقه في أمور الشعر و الوزن و الزجل شيئا . جيل ابتكر لنفسه ذوقا خاصا و أدبا خاصا و فنا خاصا ... الهيب هوب ، التيكنو ، الراب ...لكن عيب هذا الجيل كما هو عيبكم أنهم و أنكم لم تعرفوا بعد من هو الجيلالي ، لم تعرفوا لحد الآن قيمته الحقيقية ... " و عاد ليعتلي كرسي الفصل صارخا : الجيلالي ما كيوحل لا فمعلقات لا فزجل لا فتكتونيك ... الجيلالي فنان صالح لكل زمان و مكان ... الجيلالي سيثبت لكم اليوم أنه لو شارك في فعاليات البولفار و الذي يساهم فيه كل خريجي نظام الكوطا سيعلن للجميع عن ميلاد البيك الحقيقي، بيك ماشي خاسر، و ماشي حمار..و بيخير.. و بلا ما تنوض ...
قفز على أرضية المسكن الوظيفي المغشوش البناء و انهمك مؤديا رقصة
شبابية عجيبة و خلطة لغوية جديدة ...
" حنا الشباب.. خصنا الكباب ...
باش مانبقاوش ضايعين.. و جايعين.. و تالعين ...
حنا الشباب.. اعطيونا الفلوس ... ماشي الكرموس ..
باش تهنا النفوس.. و يزول الكفوس.. و يكثر الجاموس..
عطيونا... بلا منشبعو..
زيدونا ... بلا منقنعو..
رشدونا... بلا متدفعو..
زوجونا ...بلا متشرعو..
الكوطا ...الفوطا ... البوطا ...
كفاية يا المسؤول.. راس الغول ما تلف و تدور علينا ..
راحنا ملينا ... فين ماشي بينا ... ما حنا ليك ... ما انت لينا ..
كلامك ما يسلينا... ما يورينا ... ما ينسينا كل ما صرا لينا ..
راحنا عيينا........... كفاااية
يا المسؤول ال**** اقنع ... لا تطمع ... و اسمع ..
سير صاحب الضبع ... سكنك الغش و الغدر كي الصمغ ..
يا الأفاق ... السراق ... المراق ..
كفاية من الكوطا ..و الترقيع و التركيع..و الركيع و التفركيع ..
و كان الجميع يتفاعل رقصا و صراخا مع سنكل " الجيلالي". عبد الفتاح كان يتلوى داخل قميصه و يرفع يمناه علامة للنصر صوب الأسفل صارخا بأعلى صوته *نايضة*، المغناوي كان يحوم على الأرض بعنقه ،سالم لم يسلم أحد أو كرسي أو طاولة من خبطاته، و إدريس هب لانتشال الجيلالي رافعا إياه على كتفيه مؤديا به رقصة *السمورف* القديمة ...
اختلط صخبهم وصراخهم بصوت صفارة طنجرة الطغط و بنقيق الضفادع وبهدير ريح الجبال الثلجية ورغم كل ذلك أبت الليلة أن تنقضي وأبى صبحها أن ينجلي ...
شكرا لكل اللحظات الجميلة التي قضيتها وأنا أنتشي وأسعد بردودكم ومروركم على قصصي .ستكون هذه بإذن الله أخر جيلالياتي المطروحة بالمنتدى وهذا لا يعني أنني سأبتعد عن الدفتر أبدا راه ما عندي فراق معاه ومع رواده وأقلامه ... وزايدون شكون يقدر يسخى بمحمد معمري والذي أهديه هذه القصة ...وشكون يقدر يفرط فأسبوع الإحتفاء ...كل ما في الأمر أنني سأنتقل لمرحلة جديدة عنوانها قراءة مواضيعكم والتخصص في نظم الردود عليها ...فالحذر كل الحذر أخواتي إخواني الدفاتريون..
حول طاولة مدرسية عتيقة، التف خمسة من المعلمين كعادتهم دوما و أبدا بعد انتهاء حصص عملهم الزوالية ..متسامرين ..متآنسين في شبه محاولات يومية.. فاشلة.. للتغلب على الغربة.. و الرتابة.. و الملل ..و في شبه مجابهة خاسرة لجبروت الزمن، عندما يتمطط و تأبى عقارب ساعاته أن تتزحزح عن مواضعها…
الجو خارج المطبخ /المسكن كان ثلجيا ، و لم تفلح لَمَّة هؤلاء الخمسة أبدا في إضفاء الدفء على جمعهم ...
سالم : متذمرا،متأففا :" هاذ الفرعيات كتسبب العقم ..و الرتابة.. و الكآبة ... و الوقت فيها كيتحرك بحال زحف السلاحيف ... و الله العظيم هاذ الإيقاع الزمني بين الجبال ما عمري شفت بحالو فحياتي . أسأل نفسي مرارا كيف يمكننا أن نعيد الروح لهذا الإيقاع المدرسي المحنط؟ "
الجيلالي : متراجعا عن قراريه بعدم الخوض في نقاشات زملائه و بعدم عرض بضاعته الشعريةعلى أسماعهم " بالتأكيد يمكننا ذلك. أمعن في خاطرتي هاته و التي عنونتهابــ " فرعيتي" و سيمكنك فعل ما تشاء و انطلق مترنما دون استئذان:
عيناي..عيناي مرغما أغمضتها...
بالله عليكم ..واروني الثرى أحد أوديتها...
كي أنصت ليلا لعواء ذئابها...
اجعلوني جامورا فوق أحد مآذنها ...
كي أصغي بوجد لتهليل مؤذنيها ...
أو كشاف ضوء فوق تلالها ..كي أنير عتمة عابريها...
ضعوني تمثالا فوق أعلى جبالها ...
أو نخلة وسط أخصب كثبانها..
كي أحصي سكنات و حركات معلميها...
أو منبع عين بين مروج سهوبها ...
كي أروي ظمأ ساكنيها ...
حكايتي أيها العشاق أنني مجنونها...
أنني كنت أحيا فيها و لها و بها ...
أنني كنت أتواعد معها فألتقي بها فيها ...
أو ... ضعوني و شما منقوشا على خصرها...
لا لأُجَملها...
و لكن لأني لا أبدو جميلا إلا بها ...
عبد الفتاح : لا حول ولا قو ة إلا بالله يبدو أنك تبحث هذه المرة عن فتوى بإهدار دمك الملوث أيها الفاسق . و عاد ليقلب صفحات كتاب أصفر بأصابع يمناه ،في حين تضاربت الروايات حول حقيقة مكان أصابع يسراه.
المغناوي : لم يتوصل برسالة بريدية واحدة منذ وطئت أقدامه تراب الدوار ، و لم يصدر عنه سلوك أو بادرة إيجابية واحدة منذ أول أيام تعيينه...
إدريس : غير مبال بهرطقات الجيلالي ." لإرجاع الروح للزمن أيها الزملاء نحتاج لمدرسة ذات تصميم جذاب، لمدرسة منفتحة، متحررة، متجددة، ذات إشعاع و جمال . مدرسة تحتضن الإبداع، و تمتص الشقاوة والعلل و المـحـن. مـدرسة تصون الـكرامة و الهـوية و الـحرية، و تغـرس شـتائـل العدل والمساواة و الديمقراطية...
سالم : أصاحبي واش دانا لهاد الهضرة كاع ...حنا أسيدي خاصنا غير مدرسة كتخلص الموظفين دياولها مزيان و كتوفر للأطر ديالها ظروف استقرار مريحة وو سائل عمل حديثة و الله يجعل البركة ...
عبد الفتاح : مقسما بيمناه ،داسا يسراه في أمكنة اختلفت حولها الآراء و الأقاويل ." أقسم لكم إن التعليم هو كلشي ،هو الخلل هو الضرر ... هو الرافعة هو المنفعة ...هو الرهان هو العطب ،هو التخلف هو المستقبل ...."
الجيلالي : "و أنا اقسم عليكم بأغلظ قسم أن تستمعوا لهذه الخاطرة /العبرة. فمن يسمعكم تناقشون يعتقدكم أحد حفدة جون بياجيه أو دوركهايم، و انطلق ينشد بتأن و تجن :
ألا أيها المعلم اتق ربك في أبناء القرى و الدواويرينو...
هم جهلاء فطرة فلا تزد في جهلهم بالعطلينو..
أباؤهم في المهجر يكدون عسى أن يصبح ابنهم فقهينو ..
و أنت أيها المستهتر زدته على العطلة الرسمية عطلة
بالشواهد الطبية و الكنطرفزيطينو..
و لا داعي لذكر غزوات كل أسبوع.. عشية جمعة و سبت فأحدينو..
ألا هشمت أيها الجوال اللعين سهلت كشف طلعات المفتشينو..
برناتك و رسائلك البخسة و عروضك و مكالماتك اللاسلكينو..
ألا سحقا للعطلات الرسمية و الشواهد الطبية
و لاتصالات المغرب و ميديطيلينو..
ملحوظة : حررت القصيدة قبل اطلاق الفاعل الثالث في مجال الاتصالات " وانا " لخدماته .فعذرا لشركة باين.
سالم : و في أي جنس أدبي ستصنف محاولتك هاته أيها الجيلالينو ؟
المغناوي : ترتعد شفتاه مرارا و تكرارا و كأنه يهم بقول شيء. غير أنه سرعان ما يعود ليتقمص دوره المعتاد الغارق في الصمت و اللامبالاة - ينو -
ادريس : و الله إني لأستغرب من وضعك و من طروحاتك التربوية و ادعائك الإخلاص و التفاني. حاول و لو مرة واحدة أن تكون عاقلا متزنا و موضوعيا في أشعارك...
عبد الفتاح : يتوعد الجيلالي بيمناه في إشارة تعني الذبح ،ويخفي يسراه داخل جيب قميصه الأفغاني و الذي تراهن ادريس و سالم بنصف مرتبهما حول مخبئها الحقيقي.
الجيلالي :هي مقامة حديثة أسميتها مقامة الغربة. فالغربة مدرسة تحرض على الإبداع. أما فرعيتنا هذه فتأكدوا أيها المتقاعسون أنها ليست مجرد جدرانا و سبورة و طاولات و مكتبا نرتاده ثم ننصرف عنه ... الفرعية فضاء شاسع ،واسع ممتد لا متناه ... إنها مسجد دون قبلة . مشفى دون حقن موخزة ،ديرا دون تعميد ، إنها في اعتقادي متنفس ضد الملل و السأم و القرف و الرتابة ... الفرعية مشتل للإبداع وفرصة لا تتكرر لتحقيق التغيير المنشود ...الفرعية امتداد بعيد للوطن إن صلحت صلح وإن فسدت فسد.. غير أن الغالب أنها تفسد بفساد مسؤولي و إدارات البلد .... أنت مثلا أخي إدريس يلزمك أن تكون منسجما مع مبادئك معترفا بتقصيرك . و أنت يا سالم لا أتصور كيف لانفعالي عصابي، متذمر ذهاني مثلك أن يوفق في تكسير رتابة الزمن وفي إلغاء الحواجز الذهنية القائمة بين ما يدرسه داخل فصله و بين ممارساته خارج المدرسة .أما أنت يا بن لادن فاللهم نجنا من يسراك و من تعكر مزاجك و اختلاط حرامك بحلالك. و أنت أخي المغناوي يلزمك ان تنتفض من مكرك و ضغينتك و أن تمعن في الاستماع لصرختي الزجلية هذه علها تنتشلك من توحدك. واعتلى كرسيا خشبيا كانوا قد جلبوه من الفصل المحاذي لإكمال جلستهم الخماسية ..و انطلق صارخا بصوت لم يألفوه في كل قصائده السالفة تردد صداه بين فجاج كل الجبال و الأودية المتاخمة:
الحاكم تعكر مزاجو....
البحر هاجت مواجو..
و الخيل طيح سراجو..
العمران تكسر طوبو و زاجو...
السوق طارت عجاجو...
والفقر كثرت فواجو...
يا قائد الفرسان من مور براجو..
يا حامي القبيلة نافخ اوداجو..
نزل من سماك للوطا لزقاق الدرب و سفناجو..
قرفص بردان بباب الدرب وتصنت لغليان بقراجو ..
تملى فوجوه شاحبة... حزينة ... عليلة..
ضاق عليها المكان ببطشو ..و فقرو.. و سياجو..
واك واك أعباد الله العدل عاد دراجو..
واك واك اسيدي ربي الظلم فأوج هياجو..
رجانا فيك طالبين الرجا ..و الغوث.. و العدل و علاجو...
سالم : واقيلا دوك المعتقلات اللي رجعوهم متاحف غيكوفرو باباك و غيديروك قدام شي تمثال فقاعة الاستقبال ...
ادريس : و تأبى السي الجيلالي إلا أن تلوث أسماعنا و سجلاتنا العدلية بغيك و فكرك الظلامي القاتم ... أنا شخصيا أخالفك فيما تذهب إليه دوما. فعلا أقر أن هناك لبنة هشة في بنيان مهنتنا قد نكون نحن سبب هشاشتنا . قد تكون هذه البنيات التحتية متردية و قد تكون هذه البرامج و المناهج عقيمة... غير أنني أبرئ ساحة كبار المسؤولين من تهمة التردي و تدني مردودية قطاعنا .
عبد الفتاح : نعم هذا احتمال ، فقد يكون الخلل في هذا العنصر أو ذاك أو ربما في كل مكونات الجسم التربوي ، لكن الاحتمال الأصدق أن الخلل الحقيقي يكمن في كل هؤلاء المسؤولين الذين سمحوا لأمثال هذا الجيلالي العفن المرتد أن ينتسب لمهنتنا...
المغناوي : التفاتة بدرت منه صوب الجيلالي حاول ان يضفي عليها معاني الدهشة ،و التعاطف، و تحفيز الجيلالي للاقتصاص من هذه الإهانة التي وجهها له عبد الفتاح...
الجيلالي : غير مبال بتعليق عبد الفتاح.
طيب و هذا النظام الأخرق المسمى نظام الكوطا من أقره أنحن، أم المسؤولون ؟ هو قرار حكومي ساذج و عبثي و ارتجالي، منشأه الفوضى في التسيير و التدبير .
سالم : سأوافقك لأول و آخر مرة في رأيك. فشخصيا لم أعد أشعر بأي نوع من الالتزام أو الجدية تجاه المسؤولية الملقاة على عاتقي ما دام قرار الإنجاح و الترسيب لم يعد قراري .
ادريس : صدقتما فتلاميذي بات يستوي عندهم الحضور والغياب، و الجد والاستهتار خصوصا لكثرة ما رأوا من نجاح أفواج و أفواج ... دون مجهود و لا مواظبة...
عبد الفتاح : أمر النجاح من عدمه هو بيد الله سبحانه و تعالى، و لا دخل لا لوزير و لا لسفير به. فالنجاح أمر غيبي ... و الخوض في الغيبيات شرك ... و الشرك مخرج من الملة ...و ....
الجيلالي : مقاطعا ... " هو من شبيه عشرات القرارات الخرقاء و الإصلاحات الترقيعية الجوفاء .نظام الكوطا هذا أفرز جيلا هجينا لا يفقه في أمور الشعر و الوزن و الزجل شيئا . جيل ابتكر لنفسه ذوقا خاصا و أدبا خاصا و فنا خاصا ... الهيب هوب ، التيكنو ، الراب ...لكن عيب هذا الجيل كما هو عيبكم أنهم و أنكم لم تعرفوا بعد من هو الجيلالي ، لم تعرفوا لحد الآن قيمته الحقيقية ... " و عاد ليعتلي كرسي الفصل صارخا : الجيلالي ما كيوحل لا فمعلقات لا فزجل لا فتكتونيك ... الجيلالي فنان صالح لكل زمان و مكان ... الجيلالي سيثبت لكم اليوم أنه لو شارك في فعاليات البولفار و الذي يساهم فيه كل خريجي نظام الكوطا سيعلن للجميع عن ميلاد البيك الحقيقي، بيك ماشي خاسر، و ماشي حمار..و بيخير.. و بلا ما تنوض ...
قفز على أرضية المسكن الوظيفي المغشوش البناء و انهمك مؤديا رقصة
شبابية عجيبة و خلطة لغوية جديدة ...
" حنا الشباب.. خصنا الكباب ...
باش مانبقاوش ضايعين.. و جايعين.. و تالعين ...
حنا الشباب.. اعطيونا الفلوس ... ماشي الكرموس ..
باش تهنا النفوس.. و يزول الكفوس.. و يكثر الجاموس..
عطيونا... بلا منشبعو..
زيدونا ... بلا منقنعو..
رشدونا... بلا متدفعو..
زوجونا ...بلا متشرعو..
الكوطا ...الفوطا ... البوطا ...
كفاية يا المسؤول.. راس الغول ما تلف و تدور علينا ..
راحنا ملينا ... فين ماشي بينا ... ما حنا ليك ... ما انت لينا ..
كلامك ما يسلينا... ما يورينا ... ما ينسينا كل ما صرا لينا ..
راحنا عيينا........... كفاااية
يا المسؤول ال**** اقنع ... لا تطمع ... و اسمع ..
سير صاحب الضبع ... سكنك الغش و الغدر كي الصمغ ..
يا الأفاق ... السراق ... المراق ..
كفاية من الكوطا ..و الترقيع و التركيع..و الركيع و التفركيع ..
و كان الجميع يتفاعل رقصا و صراخا مع سنكل " الجيلالي". عبد الفتاح كان يتلوى داخل قميصه و يرفع يمناه علامة للنصر صوب الأسفل صارخا بأعلى صوته *نايضة*، المغناوي كان يحوم على الأرض بعنقه ،سالم لم يسلم أحد أو كرسي أو طاولة من خبطاته، و إدريس هب لانتشال الجيلالي رافعا إياه على كتفيه مؤديا به رقصة *السمورف* القديمة ...
اختلط صخبهم وصراخهم بصوت صفارة طنجرة الطغط و بنقيق الضفادع وبهدير ريح الجبال الثلجية ورغم كل ذلك أبت الليلة أن تنقضي وأبى صبحها أن ينجلي ...
شكرا لكل اللحظات الجميلة التي قضيتها وأنا أنتشي وأسعد بردودكم ومروركم على قصصي .ستكون هذه بإذن الله أخر جيلالياتي المطروحة بالمنتدى وهذا لا يعني أنني سأبتعد عن الدفتر أبدا راه ما عندي فراق معاه ومع رواده وأقلامه ... وزايدون شكون يقدر يسخى بمحمد معمري والذي أهديه هذه القصة ...وشكون يقدر يفرط فأسبوع الإحتفاء ...كل ما في الأمر أنني سأنتقل لمرحلة جديدة عنوانها قراءة مواضيعكم والتخصص في نظم الردود عليها ...فالحذر كل الحذر أخواتي إخواني الدفاتريون..