المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في ظل ساميّة البوليساريو: محرقة غزة خارج مجال التغطية في الجزائر !!


عبد العالي الرامي
29-12-2008, 19:31
كنّا نعتقد دوما أن الشعب الجزائري الذي إفتكّ إستقلاله بالثورة والرصاص والبارود، هو أوّل من يثور وينتفض على مشاهد الموت والدمار التي هجمت بلا هوادة ولا رحمة على شعب غزة الأعزل... كنّا نعتقد وبناء على ما قرأناه في مدارسنا من التاريخ المزيف والشعارات الطنانة والرنانة، أن الجزائريين سيحرقون أعلام الأنظمة المتخاذلة والمتآمرة قبل أن يحرق أعلام أمريكا وإسرائيل وفي الساحات العمومية من ساحة الشهداء إلى أول مايو مرورا بالعربي بن مهيدي في قلب العاصمة... كنّا نظنّ ونحن قد بحّتنا أبواق السلطة بحديث ظل من المقدسات وهو أن الجزائر وكل الجزائريين مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، أن هؤلاء السكارى بمقولة الرئيس هواري بومدين هم أول من يقذف بالحجارة السفارات الغربية والعربية التي تورطت في محرقة شاهدناها على المباشر...



بعد الطوفان يزحف الإستخفاف

لم نشاهد سوى تلك الصور التي تناقلتها الصحف لإستغلال الحدث والتسويق لبضاعتها... لم نسمع على غرار أنين الشهداء سوى التصريحات المقتضبة التي يراد منها حفظ ماء الوجه في ظرف حساس للغاية من الناحية الداخلية، حيث النظام في معركة لأجل ترسيخ دعائمه في الحكم وعلى أبواب رئاسيات مخاطة على مقاس أحذيتهم... لم نر إلا الرئيس بوتفليقة الذي نزل في زيارة رسمية لولاية غرداية، التي كانت ضحية طوفان وفتنة ذهبت بأرواح المواطنين منذ أشهر، وهاهو وفق مشاهد مسرحية هزلية تنقل لنا صور الناس وهم يرقصون ويسبحون بحمد هذا الرئيس الذي صرح تواضعا بأنه منكوب مثلهم، كما فعل من قبل لما صرخ أنه ضحية إرهاب، وكما زعم أنه لو كان في الجزائر مطلع التسعينيات لصعد للجبل، وهي مراهنات وتعليلات لتبرير الفشل المعترف به رسميا... وترى ماذا سيقدم الدجاج القتيل للديك المذبوح في ظل هذه المعادلة المقرفة التي لا تليق بأحرار الجزائر؟...

الغريب أن أحد الأعيان شكر بوتفليقة وعبر تلفزيونه الخاص بما لا يمكن تخيله ولا يخطر على بال عاقل، حيث وصل به الحال إلى أن سقوط الأمطار ليس نعمة منّ بها الله عليهم، بل هو بفضل هذا الرئيس والعياذ بالله !! هكذا وصل التزلف والنفاق والتذلل والخضوع والخنوع إلى مثل هذا الحد، في حين تجاهل هذا الرجل أن الأمطار هي التي جاءت بالطوفان الذي أغرقهم وقتلهم وشردهم ودمّر بيوتهم، فترى هل هو إيعاز مشفر أم أن الغباء وصل لحد أن يروج التلفزيون لمثل هذا الكلام الذي ترفضه العقيدة ويلفظه المنطق وتنكره أسس العيش الكريم...

نعم... ونحن نشاهد ونتابع صرخات إخواننا في غزة وهم تحت النار والقذائف والدبابات التي تتحرش بهم، كان الجزائريون في غرداية مصطّفين على الأرصفة يناشدون ويترجون الرئيس بوتفليقة الترشح لعهدة ثالثة، وكأن هذا الرجل لن يتردد في الأمر وهو الذي فعل كل شيء من أجل أن يموت ويشيع لمثواه الأخير من قصر المرادية... إنها المهزلة الحقيقية التي تجعلنا نقرأ فاتحة الكتاب على الكرامة والشهامة، وإنه الذل الذي لا مثيل له في عهد الإستبداد والإستخفاف الفرعوني المتجدد، فقد تحول أبناء ميزاب الذين يتسمون بالفحولة والرجولة والإستبسال إلى مجرد مطبلين لرئيس لم يقدم في عهدتين كاملتين ما يمكن أن نشيد به...

نعم... وأقولها بكل صراحة أن الشعب الذي يرى في حصوله على مفتاح سكن أو أكياس دقيق من طرف نظامه هو فضل ومنّة يجب أن يشكر عليها الحاكم بقضاء الساعات على أرصفة الطرقات، وتحت مراقبة أمنية مهينة في أغلب الأحيان، هو شعب لا يستحق إلا الجوع والفقر والإهانة والعفس والرفس بالأقدام، لا أقول هذا معمما طبعا فيوجد شرفاء يرفضون هذا الذل ولكن ما بيدهم حيلة، واعذر آخرين الذين يبيتون في العراء، ويأخذون بمنطق قبّل الكلب من فمه حتى تنال ما ينفعك منه، وصعب أن يبكي صغارك من الجوع، والأصعب على الكرماء أن يروا الحليب في يد من يطلب المديح والتطبيل...

لقد شاهدت عناصر الشرطة والأمن وهم يدفعون المواطنين كالدواب بطرق فضة وغلظة لا يمكن وصفها، رأيت آخرين – من قبل - يندفعون لمصافحة الرئيس وحرسه الشخصي يضربون أيديهم بخشونة وصلت أحيانا للسب والكلام الفاحش البذيء، وبتوزيع أقبح الأوصاف والنعوت عليهم... شاهدت آخرين وهم حفاة وعراة يندفعون من أجل رؤية هذا الزعيم المفدّى وقلة الحيلة والجهد أسقطتهم أرضا فوجدوا أنفسهم تحت الأقدام يرفسون... بل يوجد آخرون يحملون أكياسا بلاستيكية فيها بعض الأشياء التي أخذت من المزابل والقمامات، دفعهم فضولهم إلى التسلل حيث يمكنهم رؤية رئيسهم بوتفليقة، فوجدوا أنفسهم يساقون إلى سيارات الأمن ويخضعون لتفتيش حتى ملابسهم الداخلية... أبعد هذا يمكننا أن ننتظر من هذه الشعوب ثورة لإسقاط الأنظمة !!.

هل من الممكن أن نعوّل عليهم لتحرير أنفسهم وهم يتذللون إلى الحاكم الذي جوعهم بسياسته المهينة وبلصوص أعطاهم مفاتيح الخزائن يسرقون أموالهم في الصباح والمساء؟ !!.

عندما شاهدت إمرأة وهي تستلم مفاتيح منزل جديد يقيها وصغارها من برد الشتاء، فكانت بلغة البكاء تشكره وتقدم له تراتيل الولاء وطقوس التودد، طبعا لها عذرها وقد تعرضت للإحتقار من المسؤولين المحليين الذين وجدوا ضالتهم في أموال المنكوبين فراحوا ينهبونها ويحولونها لحسابهم الخاص بإحتيال عابر للقارات، ولكن ما تصورت ذلك أبدا في شعب أنجب فاطمة نسومر وغيرها من الماجدات أن يصل الحال بحفيداتها إلى هذا المستوى من الذل والمهانة... فكأن ذلك المسكن هو مزيّة منّ بها بوتفليقة وأخرج ثمنها من رزق أمّه التي سخّر لها قصرا فاخرا في شارع البشير الإبراهيمي بالأبيار...

نعود لغزة التي لاقت إهانة لا مثيل لها في الجزائر، وهذا لا يعني مطلقا أن الشعب يقبل بما يحدث، هذا مستحيل وأنا على يقين أن أغلبيتهم مكثوا في البيوت يتابعون بالحسرة والدموع تحرق مآقيهم ما يجري لهذا الشعب الأعزل، وكلهم ناقمون على الرؤساء والحكام أكثر من نقمتهم على الصهاينة والأمريكان، ولكن ذلك الشعب الذي كان في التسعينيات ينتفض ويحرق الأعلام ويرشق السفارات بالقاذورات ويجوب الشوارع بمسيرات وبالملايين، ما عاد يهمه أي شيء، وطبعا لعب النظام الدور البارز في ذلك حيث إستغلّ الأمور لصالحه بالتشويه والتزوير والإشاعات المغرضة.

النظام الجزائري منشغل هذه الفترة لإستغلال كل شيء من أجل العهدة الثالثة للرئيس، وحتى تلك الطبقة السياسية المتكونة من المتردية والنطيحة وما أكل الضبع وعضّ الكلب، صارت تستغل الظروف لتجنيد الرأي العام وفق أجندة محكمة، فيالها من الصدفة أن يعود إعدام العقيد شعباني عام 1964 للواجهة ويصنع الحدث، وكأنه آخر من مات في الجزائر ظلما وتصفية، فترى لماذا لم يتجرأ أي احد منهم في الحديث عن الرئيس محمد بوضياف الذي قتله الجنرالات على المباشر من أجل عيون البوليساريو وحلفائهم؟ لماذا لم يفتح ملف المجازر من الرمكة إلى بن طلحة والرايس وبني مسوس ولا تزال الدماء لم تجف والجروح لم تندمل بعد؟ !!

لماذا لم يفتح ملف إغتيال عبدالقادر حشاني وعبدالحق بن حمودة وشيوخ الجبهة في مجزرة سركاجي؟ !!

لماذا لم يقدم ملف المطرب القبائلي معطوب الوناس للمحاكمة بالرغم من إضطهاد المواطن مجنون مالك بالسجن الإحتياطي لأكثر من 9 سنوات؟ !!

لماذا لم تكشف حقيقة إغتيال المحامي مسيلي والمتهمون ينعمون في بحبوحة بالجزائر، في حين يخضع دبلوماسي لشتى أنواع الإبتزاز في عاصمة الجن والملائكة والشياطين؟ !!

ما الفائدة المرجوة في هذه العودة للتاريخ ولقضية حتى محمود زرطال الذي تجاوز سنه الثمانين، وهو من أصدر حكم الإعدام على العقيد شعباني بصفته رئيسا للمحكمة الثورية، صار يراها قصة طواها الزمن، وكل الأطراف الأخرى صارت في حكم الماضي؟... أليس الأولى هو فتح ملفات تكشف الكثير والمتهمون والمتورطون فيها أحياء لا يزالون يصولون ويجولون ويعبثون بشرف شعبهم؟... أرى أن النظام يريد أن يشغل الناس عن قضاياهم الرئيسية بأشياء هامشية لا تفيد شيئا ولا ترفع عنهم الغبن ولا تسمن ولا تغني من جوع...

نعم في ظل هذا النظام الذي لا يزال يملأ الدنيا صراخا وعويلا بقضية الصحراء والبوليساريو، معتبرا إياها قضية أمة وتقرير مصير شعب يتعرض للإبادة من محتل غاشم ( !!)، بل أكثر أن عبدالعزيز بلخادم الذي تولى أمر هذا الملف بعدما عاد بخفّي حنين من رحلاته وإنقلاباته المختلفة، ظل يؤكد على أن دعم الشعب الجزائري وهكذا طبعا كل شيء ينسب للشعب الذي لا علاقة له من قريب أو من بعيد بالقضية، ينبع أساسا من القيم الثورية التي رضع منها، فالشعب الذي قرر مصيره في الثورة فكيف لا يناصر قضايا تقرير المصير والمتعلق حصريا بالبوليساريو والصحراء، أما كشمير وكوسوفو والعراق وأفغانستان فقضاياهم خارج أجندة هذا النظام المفلس... وهكذا صارت القيم توزع حسب المصالح الخاصة بالأشخاص للأسف الشديد، والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح شديد:

أين أنتم يا أنصار حقوق الشعوب مما يحدث في غزة؟ !!

لماذا تقدم الجزائر الملايير كرشاوي وصفقات مشبوهة وأموال مهربة لأجل البوليساريو في حين محرقة غزة دوما خارج مجال التغطية؟ !!

قد يبرر البعض عدم خروج الجزائريين خاصة في العاصمة من أجل التظاهر بسبب القوانين التي تمنع ذلك، وهو تبرير غير صائب فقد خرجوا والصواب أخرجوا للمرات المتعددة في مسيرات وصفت بالعفوية ويقودها الوزراء والولاة لأجل الترويج لبضائع النظام الهشة كالمصالحة، الشعب الذي تمنعه القوانين وتخرجه المراسيم من أجل إعلان موقف ما، يستحق أكثر مما يحدث له من تجويع وتفقير وإذلال، وهل من الممكن أن يحرر فلسطين أو حتى نفسه من حاله على ما ذكرنا؟ !!



موسم التسويق لأوهام مغربية "الجيا"

أكثر من ذلك أن جهات رسمية حركت أطرافا لأجل الذهاب نحو الترويج لشيء آخر لا أساس له، وهو دور مغربي في دعم الجماعة الإسلامية المسلحة "الجيا" التي تنسب لها كل المجازر الفظيعة المقترفة في حق المدنيين الجزائريين العزّل، وهو طبعا ما يدخل في إطار الحرب الباردة القائمة ما بين المخزن والعسكر حول ملف الصحراء وتجاذباته الإستراتيجية الإقليمية والدولية... لقد أثار عبدالحق العيايدة – أحد أمراء هذا التنظيم المثير للجدل- في حوار له مع جريدة "المساء" المغربية نشرته في عددها الصادر بتاريخ 25/12/2008، من أنه تلقى دعوة رسمية من جهات ملكية، ولما زارها متخفيا كان يقيم في قصر وإلتقى الملك الراحل الحسن الثاني لبعض الدقائق، بل قامت الصحف الجزائرية بالترويج لهذه الأطروحة وتحت عناوين مثيرة، وهو الذي حاول جس النبض به منذ عامين في حوار آخر، لكن ما رآها قنبلة أراد أن يصنع بها الحدث طلعت محرقة أطفال حينها، ربما أن الوقت غير مناسب لذلك تجاهلها النظام ولم يستغلها، وتبدو المراهنة على مكاسب مدندن حولها، أن الرجل يشير لأشياء أخرى خفية يؤجل البوح بها لوقت آخر.

وهكذا صارت "الجيا" تنظيما مغربيا وليس مخابراتيا يقف وراءه ثلة من قادة المؤسسة العسكرية وعلى رأسهم الجنرال اسماعيل العماري والجنرال محمد مدين المدعو توفيق والفريق محمد العماري وغيرهم... هل من المعقول أن العيايدة تلقى دعوة رسمية من المغرب كأنه زعيم دولة ثم يسلم في ما بعد إلى الجزائر بطريقة مهينة؟ !!

هل من الممكن أن يصدق أي عاقل أن الرجل رفض بحكم وطنيته تلك العروض المغرية؟ !!

هل من الممكن أن ترفض "الجيا" التي كانت تبحث عن كل الدعم لإسقاط النظام عروض من طرف دولة جارة وستكون بلا شك فرصة ذهبية وإستراتيجية لتهريب الأسلحة والصواريخ؟ !!

أريد أن أكشف هنا عن شيء مهم لم يسبق الحديث عنه، أن عبدالحق العيايدة لما كان في سجن سركاجي ظل يرفض ما ينسب له من إتهامات، حتى كونه أميرا لتنظيم "الجيا" ظل ينفيه في التحقيق نفيا مطلقا، وهو الذي لم يرق لبعض القيادات المتواجدة في السجن وعلى رأسهم يخلف شرّاطي وهو أحد قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والذي قتل في مجزرة سركاجي الشهيرة، حيث أفتى له بتحريم ما يفعله لأنه قائد والواجب يفرض عليه أن يعترف بدوره ومسؤوليته، وقد وافقه على ذلك عبدالقادر حشاني وآخرون ممن تواجدوا في السجن، ولكن العيايدة برر إنكاره لخوفه من أحكام قاسية تصل حد الإعدام، وقد ينفّذ فيه كما جرى مع منصور الملياني وجماعة تفجير المطار، إلا أنهم أكدوا له أنه لا يجوز مطلقا ما يفعله والخوف يكون من الله فقط، هذا الأمر حدثني به أحد عناصر "الجيا"، الذي قبض عليه في معركة مع قوات الأمن بالبليدة عام 1993 وقضى فترة لا يستهان بها في سركاجي وبرفقة هؤلاء القادة.

إذا نفسية العيايدة بناء على ما رويناه لا يمكنه أبدا أن يرفض العروض التي حسب تصريحات سابقة، فقد ذهب إلى أنه طلب منه تجنيد عناصر من البوليساريو في تنظيمه، فهل في ذلك ما يمكن رفضه وخاصة أن المنطلقات العقدية جعلت من "****" الجزائر قضية المسلمين وليس الجزائريين فقط؟

وهل من الممكن أن يكون هذا سبب تسليمه للجزائر والجماعة فتحت أبوابها للتونسيين والمغاربة والليبيين واليمنيين وحتى السعوديين؟

أعتقد أننا صرنا نعيش موسم المزايدات فقط، وأؤكد أن المغرب لو قدم دعمه للجماعات المسلحة في البداية لسقط النظام ولن يتجاوز عمره عام 1994، وأذكر حينها مدى سيطرة الإسلاميين، حتى أن البليدة التي يتواجد بها مقر الناحية العسكرية الأولى صارت منطقة حرة عام 1993 أي بمعنى أنها تابعة للجماعات الإسلامية المسلحة، والأمر وصل إلى الكثير من المناطق المحيطة بالعاصمة كبراقي وبن طلحة والرايس وبن جراح والقبة... الخ، وهنا وجب الإشارة إلى أنني لا أقول ذلك دفاعا عن المخزن كما سيخيل للبعض، الذي بلا شكّ لو وجد طريقة يستغلها في تقليم أظافر البوليساريو والجنرالات ما تردد لحظة، ولكن هي الحقيقة التي وجب الجهر بها مهما كانت نتائجها.



موسم المزايدات

إن الرئاسيات القادمة جعلت من بعض الجهات تهذي وتبحث عن فضاء لها ليس إلا، وعاد كل واحد لإبراز وطنيته بطريقته الخاصة، فقد أعادت للواجهة قضايا التاريخ والجغرافيا من أجل القفز على حبال الواقع الذي وجب أن نتحدث عنه، وهو حصيلة الرئيس بوتفليقة في عهدتين من خلال تلك الوعود التي قدمها، وأثبت الواقع فشلها فلا عادت العزة والكرامة ولا الجزائري رفع رأسه كما زعم، وأيضا كيف سيكون مصير برامج التنمية في ظل أزمة عالمية سيكون وقعها الموجع على الجزائريين لدرجة لا يمكن تخيلها، فقد جعلتهم السنوات السمان يقتاتون من المزابل، فترى كيف يكون الأمر في السنوات العجاف؟ !!

نعود لغزة التي أخرجت كل الشعوب العربية والإسلامية للشوارع من أجل الإنتفاضة إلا الجزائر، وبالتأكيد أن النظام الذي إستطاع أن يحول من الشعب الثائر الذي لا تهمه القيود والحدود لنصرة إخوانه، إلى شعب متذلل ينتظر الإشارات الرسمية للتعبير عن مشاعره، أبعد هذا يمكن أن نفكر يوما في التغيير والتحرير؟ !!

النظام الذي لم يعلن موقفا رسميا فعليا واضحا مما يحدث في غزة، سوى التنديد والشجب في بيانات مقتضبة كما هو معتاد، في حين لو حدث شيء في الساقية أو وادي الذهب وأغلبه تفبركه جهات مستفيدة من الأحداث، ستجده يندد ويشجب وتدار الندوات الفكرية والحقوقية والسياسية للنصرة والدعم والمساندة، بل ستطالب مجلس الأمن بعقد جلسات طارئة لأجل الشرعية الدولية... أما الشرعية الإنسانية وحق الحياة في فلسطين والصومال والعراق وأفغانستان فهي مجرد مفرقعات تحفظ للوقت المناسب.

وإن أطلت بعض الشيء ولكن مادام الشعب الجزائري هو الوحيد الذي لم يتظاهر عفويا وثوريا وليس رسميا كما يراد له، وهو الذي سيحدث خلال الأيام القادمة وعلى إيقاع الرئاسيات القادمة طبعا، فسأترك السؤال معلقا يجيب عليه كل واحد بطريقته الخاصة:

أين الشعب أو النظام الذي يفتخر بمناصرته للقضايا العادلة وعلى رأسها – طبعا- الصحراء الغربية، والمرسّمة في أجندة عمرها أكثر من ثلاثين عاما، من محرقة غزة التي أسقطت المئات بين شهداء وجرحى؟ !!!
بقلم: أنور مالك
المصدر
http://www.watan.com/images/logo.png (http://www.watan.com/)