المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عودة صراعات "التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية" للواجهة


ابن خلدون
07-01-2009, 18:59
عودة صراعات "التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية" للواجهة
المنخرطون ضحايا صراعات سياسية على مالية التعاضدية
مصطفى عنترة وفاطمة الزهراء الحاتمي





كيف قرأ طرفا الصراع داخل التعاضدية الحكم الصادر ببطلان انتخابات 2007؟ وما هي الخلفيات المتحكمة في جوهر هذا الصراع؟ وما هي طبيعة الخطوات التي سيسلكها طرفا الصراع؟ ومن هي الجهات المستفيدة من هذا الوضع؟ وهل سينجح القضاء في الدفاع عن استقلاليته ونزاهته تجاه كل التأثيرات السياسية؟

عودة صراعات "التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية" للواجهة
المنخرطون ضحايا صراعات سياسية على مالية التعاضدية
مصطفى عنترة وفاطمة الزهراء الحاتمي


أصدرت مؤخرا المحكمة الابتدائية بالرباط قرارها القاضي بإلغاء انتخابات التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، مما جعل قضية التعاضدية تعود من جديد وتتصدر الواجهة الإعلامية والسياسية على اعتبار أن هذه القضية موضوع صراع نقابي وسياسي تعود جذوره إلى سنوات ما قبل انشقاق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وكان وراء إثارة هذه القضية الدعوى المرفوعة من قبل أعضاء في لجنة التنسيق الوطنية الموسعة لمندوبي ومتصرفي التعاضدية العامة، حيث قضت المحكمة ببطلان هذه الانتخابات.

+++ "حرب" التأويلات
وأكد محمد الفراع، رئيس مجلس إدارة التعاضدية العامة، أن الحكم الصادر والقاضي بإلغاء انتخابات التعاضدية هو حكم قضائي نحترم منطوقه كونه بعيد عن كل التأويلات التي حاولت إدخال بعض العناصر فوق القانون لتفسير ما ذهبت إليه الأمور، ويميل الفراع في تصريحاته "للشروق" إلى اعتبار أن هذه الحالة هي مجرد استثناء مؤكدا أن القاعدة المعمول بها في القضاء المغربي هي استصدار أحكام مبنية على أساس تطبيق النصوص القانونية على الوقائع، لأن دولة الحق والقانون المبنية على استقلال القضاء، لا تدخل العوامل غير القانونية والقضائية في توجيه اجتهادات القضاء وتكوين قناعات قضاتها.
ويصر رئيس مجلس إدارة التعاضدية على كونه أمام ملف قانوني بامتياز، خارج كل التجاوزات السياسية والقانونية. إلا أنه يعود ليعتبر بأن الحكم الصادر ضد التعاضدية، هو حكم ليس بالخالي أو البعيد عن الصواب، بل قد يدخل في خانة الاجتهادات غير الصائبة، لأنه جد مقتنع بكون الانتخابات التي نظمتها التعاضدية في شهر أكتوبر 2007 هي انتخابات قانونية تحترم أحدث المعايير الدولية للنزاهة والديمقراطية. وبناء على هذه القناعة، ومع احترام الفراع لمنطوق الحكم وللقضاة المصدرين له، فإنه متشبث بحقه في الطعن بالاستئناف باعتباره حسب رأيه الوسيلة القانونية الوحيدة للبحث عن الإنصاف وتحقيق العدالة أمام القضاء.
في حين يرى بوشعيب دوالكيفل، عضو بالمجلس الإداري وأحد الرموز المطالبة بإلغاء هذه الانتخابات، أن الحكم الصادر هو عين الإنصاف وإن كان ينبغي أن يكون مصحوبا بالنفاذ المعجل لأن ممارسات رئيس التعاضدية العامة تهدد مصالح المنخرطين والتوازنات المالية للمؤسسة ونظام التغطية الصحية، الأمر الذي يقتضي، حسب تصريح "للشروق"، إيقاف النزيف بتطبيق الفصل 26 من ظهير التعاضدية. ويأمل في ذات السياق أن تتحمل الحكومة مسؤولياتها الدستورية والتنظيمية والأخلاقية تجاه المنخرطين، علما أن اللجنة المذكورة راسلت وزير المالية والاقتصاد والخوصصة ووزير الصحة.. كما أصدرت بيانا إلى الرأي العام الوطني حول تطورات هذه القضية.
ومعلوم أن هذه اللجنة تقدمت بطلب للطعن في اجتماع المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية المقرر تنظيمه بتطوان يوم 12 دجنبر 2008. وأعتبر بوشعيب دوالكيفل أنه اللجنة ستواصل النضال لتعمل الحكومة على تنفيذ المقتضيات القانونية ذات الصلة ومنها أساسا تطبيق القانون بحل الأجهزة غير الشرعية المنبثقة عن الانتخابات التي حكمت المحكمة بإبطالها وبطلانها وحماية لحقوق كافة المنخرطين والمرضى والأيتام والأرامل والمتقاعدين والمعاقين وذوي الأمراض المزمنة

+++ حسابات نقابية وسياسية
وتعود خلفيات تحريك قضية التعاضدية إلى الخلافات السياسية والنقابية الدائرة بين الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي ورفاق الأمس، ذلك أن مركزية نوبير الأموي أظهرت مساندتها للفراع ونزلت بكل ثقلها لتقديم الدعم والمساندة له على اعتبار أنه ينتمي إلى الحزب الموالي لها. في حين يسعى رفاق الأمس وبكل ثقلهم السياسي بغرض الإطاحة بالفراع باعتباره أضحى رمزا لهذه المؤسسة. كما أن أي تطور سلبي يعرفه هذا الموضوع من شأن تداعياته السياسية أن تؤثر على صورة ومكانة الكونفدرالية وحليفها المؤتمر الوطني الاتحادي.
وقد سبق لوزير العدل السابق محمد بوزوبع أن تدخل في أكثر من مناسبة لصالح حزبه، كما أن وزير التشغيل الحالي جمال أغماني أبان عن تحيزه لصالح خصوم الفراع، عندما تغيب عن حضور المؤتمر الإفريقي الذي احتضنته التعاضدية العامة بالرباط رغم دعوته إليه، وتصريحه خلال استضافته في برنامج "حوار" على أن الانتخابات غير قانونية.
أكيد أن هذا الصراع الذي كان ولا يزال يتصدر الواجهة الإعلامية والسياسية سيؤثر لا محالة على منخرطي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، ومن هذا المنطلق يؤكد بوشعيب دوالكيفل على ضرورة تدخل الحكومة من أجل توفير الحماية المشروعة لمصالح 350.000 منخرط وحوالي 800.000 من ذوي الحقوق.

+++ منخرطون في "الأضحية"
يرى مصدر مقرب من رئاسة التعاضدية أن الضحية في هذا الصراع هم المنخرطون المتضررون بشكل مباشر ولو أنه ضررا غير ملموس، أما الإدارة فإنها تباشر مصالحها بمعزل عن صراعات التعاضدية. ويبقى المتضرر الآخر وكما جاء على لسان ذات المصدر، هو شخص الفراع وما خلفته هذه الحملة الإعلامية والسياسية من ضرب لصورته ومس بكرامته واستفزازه من خلال اتهامه بالفساد والاختلاس وما شابه ذلك.
وفي نفس السياق، راسل منخرطو التعاضدية العامة بالأقاليم الجنوبية، الديوان الملكي والوزير الأول ووزير الداخلية ووزير العدل ورئيس التعاضدية العامة، مطالبين بالتدخل العاجل لوضع حد لهذه المهزلة التي ستكون عواقبها وخيمة لاعتبار أن القرار الصادر عن المحكمة الابتدائية هو قرار في نظرهم جائر وأصابهم بـ"صدمة كبيرة"، لأن التعاضدية تحاك حولها الدسائس من طرف مجموعة ارتزاقية تبحث عن المنفعة الخاصة. وجاء أيضا في البيان أن هذه المجموعة هي مؤازرة من مسؤولين عن وزارات وصية على القطاع والدافع وراء هذه المؤازرة يكمن في الانتماء لنفس التوجه السياسي رغم أن الأمر يتعلق بـ"مؤسسة اجتماعية وليست سياسية".
تبقى القضية مرشحة لمزيد من التطورات على اعتبار أن رئيس التعاضدية العامة سيطعن في قرار المحكمة، وهو الأمر ذاته بالنسبة لخصومه الذين لجؤا إلى العدالة من أجل الطعن في الاجتماع القادم لمجلس الإدارة ومطالبة الحكومة بتطبيق مقتضيات الحكم، مما يفيد أن القضاء سيكون الفاصل في هذه القضية، لكن هذا لن يكون بعيدا عن رياح التأثيرات السياسية.. القادمة من هنا وهناك.


http://www.achourouq.press.ma/Dynamique/37/cnops.htm