المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الديمقراطية الماراطونية: 18 ساعة من المداولات!!


fouad99
26-03-2009, 18:15
الديمقراطية الماراطونية: 18 ساعة من المداولات!! [/URL] [URL="http://www.pjd.ma//index2.php?option=com_*******&task=emailform&id=1188&itemid=1"] (http://www.pjd.ma//index2.php?option=com_*******&task=view&id=1188&pop=1&page=0&Itemid=1) بقلم الحبيب الشوباني
http://www.pjd.ma//images/stories/mars2009/260309-05P.jpg عندما كلفني الأخ الأمين العام برئاسة هيئة الترشيح المكلفة باختيار مرشحات ومرشحي حزب العدالة والتنمية بمدينة طنجة بمقاطعاتها الأربع، لم أكن أتصور أنني على موعد مع اجتماع سيدوم 18 ساعة بالتمام والكمال وبدون فاصل زمني للاستراحة إلا ما كان من وقت يسير اقتطع للصلاة ووجبتين غذائيتين (إحداهما حول مائدة المداولات)!
فعلاً، يوم السبت 21 مارس 2009 انطلقت أشغال هيئة الترشيح على الساعة الحادية عشرة صباحاً بحضور كامل أعضائها نساء ورجالاً والبالغ عددهم 23 عضواً طبقاً لمقتضيات المسطرة التي تحدد الصفة التي تخولهم الحضور في الهيئة. كانوا إذن 23 من المسؤولين التنظيميين الجهويين والإقليميين والمحلين والمنتخبين في هيآت الاقتراح التي أفرزتها الجموع القاعدية لمناضلي الحزب في المقاطعات الأربع.
انتهت أشغال الهيئة على الساعة الخامسة صباحاً من يوم الأحد 22 مارس 2009، أي بعد 18 ساعة من العمل المتصل!
عمل الهيئة بدأ بالنظر في الاعتذارات الواردة عليها (لأن الطعون في نتائج عمل هيآت الاقتراح كانت صفراً!)، تلا ذلك التداول السياسي والتنظيمي في مجمل الوضع السياسي للمدينة وتوقعات 2009 وحالة كل مقاطعة على حدة قبل الشروع في ترتيب المرشحين بدءً من وكلاء اللائحة الأصلية ثم وكيلات اللائحة الإضافية.
كان أمر الترتيب يقتضي التداول في الأشخاص والمواقع على كل لائحة وفي حدود الثلث الأول من كل لائحة منتخبة مع تثبيث الثلث الصاعد من هيئة الاقتراح. وحسب المسطرة التي تترك ترتيب الثلثين الباقيين للهيآت المجالية فإن الأمر يتعلق بسلسلة عمليات تهم التصويت والفرز وإعلان النتيجة قبل الشروع في الحديث عن الموقع الموالي ضمن اللائحة الأصلية وكذا الإضافية.يتعلق الأمر إذن بحولي 70 مرشحاً!
والحقيقة أنني تمنيت، وأنا أعيش بفخر واعتزاز هذه التجربة من الممارسة الديمقراطية الراقية، أن يكون ذلك متاحاً للرأي العام حتى يكتشف بعض الحقائق ذات صلة بالحياة السياسية والحزبية الوطنية والتي منها:
- القيمة المضافة العالية التي يحملها مشروع العدالة والتنمية في مجال دمقرطة الحقل الحزبي المأزوم في عمومه بالسلطوية والمشيخة والمخزنة والعجز الهيكلي عن إبداع مساحات حقيقية للتداول والاختيار واحترام القوانين الداخلية والمساطر التي تنتجها الهيآت القيادية في شراكة عملية وحَيَّة مع مختلف الأطراف المجالية.
- إدراك أن العملية الديمقراطية مُكْلِفة من حيث الجهد المطلوب لإنجاحها والتمتع بأفضالها وتحتاج إلى بناء تربوي وفكري متين للإيمان بقيمتها وتقبل عنتها ومعاناتها كأي مجهود نبيل وشاق لا ترى ثماره الطيبة إلا بعد كد وكدح واستماتة.
- فهم طبيعة بعض السلوكات التي تصدر بين الفينة والأخرى من بعض أعضاء الحزب الذين يلجونه ربما بأوهام العبور السريع إلى مواقع القرار والحضور في مؤسسات تدبير الشأن العام دون وعي بالخصوصية الديمقراطية الداخلية التي تزداد متانة مع الزمن داخل مؤسسة حزب العدالة والتنمية، وهو ما يجعلهم يغادرون سِراً أو يصدرون بعض الضجيج الذي يجد في ضفة الاستبداد الإعلامي رجْعَ صدىً ونُصرةً نشازا!
- استيعاب خلفيات شُلة من الفاشلين في مجال البناء الديمقراطي للأحزاب والتنظيمات السياسية والذين يتوقون إلى لحظة ينهار فيها البناء الحزبي الوطني الجاد، حتى يتاح لهم أن يعيشوا كالفئران بين ركامه ما داموا عاجزين عن الإسهام في بناء عمران سياسي ومجال حزبي مهندس وفق القواعد الجمالية والعقلية والحسية المطلوبة لدى الشعوب المتحضرة. هؤلاء البؤساء هم الذين يتحركون خلف الستار وبلا أقنعة أحيانا ويستأجرون بعض "مأموري الإعلام" لينقلوا من هنا وهناك أخبار حزب العدالة والتنمية عندما يتعلق الأمر باستقالة أو شبهة تافهة.. ولكنهم يصابون بالبكم والصمم والعمى عندما يتعلق الأمر بكشف جوهر الديمقراطية داخل كل حزب على حدة. والحقيقة أنني أتحدى القناة الثانية والقناة الأولى أن تقوم أي منهما بإجراء تحقيق أو تقدم أي برنامج يمكِّن المواطنين من معرفة كيف تختار الأحزاب الوطنية مرشحيها للانتخابات الجماعية المرتقبة.. أتحدى لأنني أعرف أن مثل هذا العمل سيكون مرآة تعكس حقيقة كل حزب وستقدم للمواطنين خدمة إعلامية جيدة بدل الرداءة التي تغرقه فيها برامج متخصصة في احتقار ذكاء المغاربة وتصنع هجرتهم المنظمة نحو إعلام أكثر مهنية وجرأة كما تصنع السياسات الحكومية المتعاقبة بفشلها هجرة العقول والسواعد نحو عالم أكثر احتراماً لها رغم قسوة ذلك على نفس كل مواطن حر يأبى إلا أن يتمتع بوطنيته كاملة ويساهم في بناء وطنه بكل ما أوتي من جهد.
ليس الأمر أنانية ولا نرجسية، ولكنني أقول لأعضاء حزب العدالة والتنمية: لكم أن تفخروا بتجربتكم في تعزيز الديمقراطية الوطنية التي يكون مبتدؤها وخبرها داخل المؤسسات قبل إشاعتها خطاباً وبلاغاً على الناس.. ولكم أن تتطلعوا إلى خدمة وطنكم برؤوس مرفوعة وأنتم ملتزمون باحترام ما تتعاقدون عليه في تواضع ونكران ذات.. ولكم ألا تلتفتوا إلى طعنات خصومكم الصغار المنشغلين بكم.. لأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض وما ينشغل به خصومكم مصيره إلى المزابل والقمامات والنسيان القاسي..!
لقد عدت من طنجة متعب الجسد، لكنني عدت عالي الروح واثقاً أن لحزب العدالة والتنمية فكراً ورجالاً ونساءً من أشرف ما أنجب هذا الوطن.. ليس لأنهم ملائكة أو أنبياء معصومون ولكن، ولكن فقط!، لأنهم وطَّنوا أنفسهم على القبول بالديمقراطية ولو كانت ماراطونية ومرهقة ومكلفة ومحرجة ، ولعمري إن هذا التدريب لكفيل بتأهيل من ينخرط فيه أن يكون ديمقراطياً مع الذات والداخل كما مع الخارج بلا أدنى حاجة لأي تكيف اصطناعي مفضوح وعار عن المصداقية.
نعم.. إن التكيف الاصطناعي مع الديمقراطية هو الذي يجعل جماعة من "الديمقراطيين" لا يخجلون من الحديث علناً عن الممارسة الديمقراطية فيما كل الشبهات المستقبحة تحيط بنشأتهم وممارساتهم وتطلعاتهم وأساليب عملهم وولاءاتهم وصناعة اصطفافاتهم والتعامل مع منافسيهم.. وهلم جرا..!
ختاماً.. تحية لطنجة وللشرفاء من رجالها ونسائها في أي صف كانوا.. وعهداً على رعاية الأمانة.
* عن جريدة العدالة والتنمية