المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللص و الكلاب


المايسترو
20-04-2009, 09:05
في البداية والنهاية، أنا لص، وباقي الألقاب لا تهمني: النائب، الرئيس، الزعيم، المجاهد، المناضل، الأخ والقائد... كلها ألقاب للتمويه وجميعها قبعات أنتم من يختار أيا منها أضع فوق رأسي.
لا أميز بين الاشتراكية وبين السوق، ولا أميز بين اليمين وبين اليسار. لست مهتما بشؤون الإيديولوجيا ولا بصداع الأفكار الكبيرة، ولست معنيا لا بالعولمة ولا بالحكامة. ولا بالمقاربة التشاركية ولا بالمقاربة المندمجة.
في المهنة، أنا رجل سياسة، أجيد حرفتي وأزاولها بإتقان، مهمتي « طحن» الأعداء والحذر من الأصدقاء. وظيفتي هي شراء الذمم وتقديم الرشاوى الصغيرة للصغار والكبيرة للكبار. أعرف القانون جيدا، قانون السوق، قانون الغابة، قانون الأقوى.
لست رئيسا للحزب، ومع ذلك أديره عن بعد، كما يفعل محترف في لعبة الدمى المتحركة.
كنت محتاجا لأن أجيش الشبيبة، ولأن ألغم النقابة، ولأن أستميل القادة. الآن أنا أسير وأتحكم في المكاتب والأجهزة، في النقابيين والنساء والشباب والقياديين، لذلك فأنا الآن أملك الحزب.
كنت محتاجا للحزب، لأملك النفوذ، الآن أنا أملك النفوذ والجاه، لذلك فالحزب محتاج إلي.
كنت محتاجا للبلدية، لأملك المال، الآن أنا أملك الأموال الطائلة، لذلك أستطيع شراء أصوات الناخبين، وصداقات القياديين، وتواطؤ الصحافيين، ومودة الإداريين، وتعاون رجال السلطة.
كنت محتاجا للبرلمان، لأملك الحماية، الآن أنا نائب محترم. كانت هذه الصفة تنقصني في بطاقة الزيارة. وكان أولادي يحتاجون لشعار البرلمان فوق الزجاج الأمامي للسيارة، حتى يدهسون بسهولة أكثر رجل الشرطة المسكين الذي يفكر في تطبيق القانون.
لا خيار أمامكم سواي. أنا مستقبل السياسة في هذه البلاد. أنا العارف بأسرارها وخباياها ودسائسها وحروبها. تريدون مواجهة «البي جيدي»، طيب. أنا وحدي القادر على ذلك. فليختر الأذكياء منكم بيني وبينهم.
تعاملوا معي بواقعية. إنكم تعرفون حقيقة البلاد. تعرفون أن ما من أحد في هذه البلاد اسمه «المواطن»، وأنه مجرد أسطورة صنفتها صحافتكم القديمة. تعرفون صعوبة الانتخابات، لذلك فإنكم جميعا محتاجون إلى خدماتي، إلى شطارتي إلى لصوصيتي، إلى فسادي، إلى أموالي الحلال منها والحرام، إلى شبكاتي، السرية منها والعلنية، إلى عصاباتي.
لا خيار أمامكم سواي. تذكروا جيدا صورتي، تلك المنشورة في جريدة حزبي، أو في الجريدة التي أدير، أو في الجريدة التي أوزع عليها بسخاء محسوب إشهاراتي، أو في الجريدة التي أقدم خدمات مادية مضمونة لرئيس التحرير ولمحرر الصفحة السياسية، أو في الجريدة التي تنشر ملفات فسادي في هذا العدد، لكي تساومني وتشتري مودتي خلال الأعداد القادمة.
لا أومن بالاشتراكية، ومع ذلك فأنا أطبق مبدأ إعادة التوزيع، أوزع البقع الأرضية على الحزبيين من أتباعي، أوزع الصفقات على المقاولين من أصدقائي، أوزع مناصب الشغل على أعضاء شبيبة الحزب من أنصاري. أوزع كل شيء، أوزع رخص البناء وأكشاك التجارة وتزكيات الانتخابات وتفرغات النقابة... أحتاج إلى ذلك، لأضمن الزبناء... كلاب حراستي.
لستم في حاجة إلى ميثاق للأخلاقيات، لتطلعوا على نزاهتي، أنتم محتاجون فقط إلى تلميذ من المتوسط الأول يجيد الحساب، فقبل عشرين سنة لم أكن أملك حتى مجرد حساب فارغ في البنك، ومع ذلك، فأنا مستعد لأصرح بممتلكاتي، بعمولات الصفقات، بامتيازات المناصب، بريع السلطة، بالعقارات، بالشركات، بأسطول السيارات...
أنا لص، نعم أنا لص. تعرفون ذلك بالتأكيد، وأنا أعرف أنكم تعرفون، وأنتم تعرفون أني أعرف ذلك. لذلك، فأنا أحتقركم، السياسيون منكم يتوددون إلي، الجامعيون منكم يكتبون لي خطبا بمقابل، الصحافيون منكم يضيفون إلى اسمي المجرد ألقاب الشرف والسيادة، عندما يحاورونني في الجريدة أو التلفزة.
نعم أنا لص... وأنتم مجرد جبناء.

4/18/2009 .........حسن طارق

منقول عن جريدة الاتحاد الاشتراكي لتعميم الفائدة

maestro
20-05-2009, 10:15
شكرا على نقل المقال.

sami-yusuf
20-05-2009, 14:36
khoya merci