المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نكبة فلسطين ..ودَوْرُ الأممِ المتحدةِ في الصّراعِ العربي الصهيوني


ابن الاسلام
19-05-2009, 05:49
نكبة فلسطين ..ودَوْرُ الأممِ المتحدةِ في الصّراعِ العربي الصهيوني
الثلاثاء 24 جمادى الأولى 1430 الموافق 19 مايو 2009
http://www.islamtoday.net/media_bank/image/2009/5/19/1_2009519_4926.jpg


د. عبد الله الأشعل
في مايو من كل عام يجب أن نتأمل كيف استغلَّ المشروع الصهيوني الأممَ المتحدة لرعايته وحراسته وتفادي إعاقته! بعبارة أخرى: تقييم دورِ الأمم المتحدة في الصراع العربي "الإسرائيلي"، فقد لوحظ أن الأمم المتحدة قد استُغِلَّتْ في كل المراحل، وحتى هذه اللحظة، بدءًا بميلاد "إسرائيل"، وحتى تبرير محرقتِهَا في غزة، بينما محرقة اليهود تَلْقَى الاحترامَ في ذكرى سنويةٍ قرَّرَتْهَا الأمم المتحدة.
وقبل أن نُحَدِّدَ مدى إسهام الأمم المتحدة في مسيرة المشروع الصهيوني لإشاعة الدمار والتخَلُّفِ في هذه المنطقة، وتآمُر الكبار فيها ضد مصالح الشعوب العربية، تجب الإشارة إلى أن العقود الستةَ الماضية قد شهدتْ بعض الشُّرَفَاء الذين حاولوا أن يعملوا بروح الميثاق، وأن يستحضروا مبادئَ العَدْلِ في هذه الملحمة، ولكنهم إما عجزوا أمام الطوفان، أو سجلوا مواقِفَهُم دون أي فعاليَّةٍ على الواقع، أو أنهمُ اغتِيلُوا، أو تصَدَّتْ لهم الحركة الصهيونية بكل أسلحتها، مما جعل الصراع العربي "الإسرائيلي" صراعًا بين قوى الحق والخير والعدل، وبين قُوَى الشَّرِّ والظلم والفوضى والاستهتار بمصائر الشعوب.
ولسوء الحظ؛ فإن هذه الحالة رافَقَتِ الصراع منذ نشأته، وكلما تمكَّنَتْ واشنطن من النظام الدولي أَخْضَعَتِ الأمم المتحدة لسطوتها، ووظَّفَتْهَا لحماية جرائِمِ المشروع الصهيوني.
فإذا عُدْنَا بالذاكرة طَوَالَ العقود الستة الماضية بَحْثًا عن ومضاتٍ للنور في رُدْهَات الأمم المتحدة، وجدناها كلها تعبيرًا إما عن صحوة ضمير، أو رَدٍّ على الفجور "الإسرائيلي"، ولكنها في كل الأحيان لم تُؤَثِّرْ على مسيرة الأحداث على الأرض التي تحكمها عوامل القوةِ العسكرية المحضةِ، فضلًا عن القوة الدبلوماسية والإعلامية التي وفَّرَتْ غِطَاءً ممتازًا لجرائم "إسرائيل".
أما المحطات الأساسية لدور الأمم المتحدة لصالح "إسرائيل" فقد بدأتْ بصدور قرارِ تقسيمِ فلسطين، بين أقليةٍ مهاجرةٍ بالحديد والنار والقهر، رغم معارضة الفلسطينيين، وبين سُكَّان فلسطين أصحابِ الأرض، فاستخدمت الجمعية العامة في ذلك الوقت التي سيطر الغرب عليها، فكانت لقراراتها قيمةٌ أعلى من مجلس الأمن الذي كان يتمتع فيه الاتحاد السوفيتي بالفيتو، خلافًا للجمعيةِ العامة.
وهكذا أصبح قرار تقسيم فلسطين؛ الذي يُعْتَبَرُ في العادة ووَفْقَ الميثاق مُجَرَّدَ توصية؛ هو الشرعيَّةَ الدولية، وأصبح قَدَرًَا مقدورًا محترمًا، ما دام في صالح المشروع الصهيوني، وبذلت الحركة الصهيونية وأنصارُهَا كُلَّ جهد؛ لكي يصدر القرار، ويكتسب قُدْسِيَّةً خاصة.
ورغم أن القرار هو شهادة ميلاد "إسرائيل"، في سابقةٍ فريدةٍ في التاريخ، إلا أنّ إعلان قيام "إسرائيل" في مايو عام 1948م يُوَظِّفُ القرار بشكل آخر، فلا فَضْلَ للأمم المتحدة على "إسرائيل"، ولكنها تقول: إن القرار مجردُ كاشِفٍ عن حقيقة أخرى، وهي أنّ الأمةَ اليَهُودِيَّةَ كانت هنا منذ آلاف السنين، ثم جاء القرار كاشفًا فقط عن هذه الحقيقة.
المحطة الثانية هي: قبول "إسرائيل" عُضْوًا في الأمم المتحدة؛ حيث توَهَّمَتِ الأمم المتحدة، أو أَوْهَمَتِ العالَمَ بأن "إسرائيل" دولةٌ عادية، يجري عليها ما يجري على سائر الدول من أحكام، فحصلتْ منها على ثلاثِ ضمانات لِقَبُولِهَا في عضويتها: الضمانة الأولى هي: احترام قرار التقسيم فيما تضمنه من حَقٍّ للفلسطينيين، أيضًا في إقامة دولةٍ على الجزء المخصص لهم، وهو أَقَلُّ مما خُصِّص للغاصب الذي تتجاوز نسبته 30%، رغم كُلِّ الْحَشْدِ والتهجير طَوَالَ العقود الأولى من القرن العشرين، والإشراف المباشر من سلطات الانتداب البريطاني، التي أُنشئت خصيصًا لهذا الغرض، فضلاً عن احترام وَضْعِ القدس.
أما الضمانة الثانية، فهي: احترام "إسرائيل"، وتنفيذها لقرار الجمعية العامة رقم 194 بعودة اللاجئين- الفارِّين من أراضيهم التي قامتْ عليها "إسرائيل"- وتعويضِهم.
وأهمية هذا القرار أنه صادِرٌ أيضًا من نفس الجمعية العامة، صاحبةِ قرار التقسيم، كما أنّ هذا القرار هو التزامٌ على "إسرائيل" مُقَابِلَ الحَقِّ في قيامها بقرار التقسيمِ، فضلًا عن أنّ القرارَيْنِ مُرْتَبِطَانِ برسالةٍ واحِدَةٍ، وهي أن "إسرائيل" وافِدَةٌ على فلسطين، وأنّ هؤلاء اللاجئين هم الدليل المادِّيُّ الملموس على أحَقِّيَّة الشعب الفلسطيني بِأَرْضِهِ.
ويبدو بعد كل هذه السنوات أنّ هذا القرار قُصِدَ به تهدئة خواطر العرب بعد صدورِ قرار التقسيم، رغمًا عن كل محاولاتهم عَرْقَلَتَه، ويُلَاحَظُ أن قرار تقسيم فلسطين صدر عام 1947م في غمرةِ الانتصار لحريات الشعوب، ولكنّ الأمم المتحدة انتصرتْ لِحُرِّيَّةِ الجماعة اليهودية على حساب الشعب الفلسطيني، ثم صدر قرارُ حَقِّ العودة في نفس الشهر والأسبوع والدورةِ التي أصدرتْ فيها الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلانَ العالمي لحقوق الإنسان، وعندما حذَّر الكونت برنادوت مبعوثُ الأمين العام إلى فلسطين من مخاطِرِ التَّقْسِيمِ والاعتداءِ على القدس، قامتِ العصاباتُ الصهيونية باغتياله، واعتبرت عَمَلَهَا بطولةً و****ًا في سبيل الحركة الوطنية اليهودية.
وعندما احتلت "إسرائيل" بقية الأراضي الفلسطينية مع سيناء والجولان عام 1967م، صدر قرارُ مجلس الأمن 242 الذي فَسَّرَتْهُ "إسرائيل" على هواها، ولم تلتزم بأيٍّ من بنوده، رغم أن القرار نصَّ على انسحاب القوات "الإسرائيلية" من الأراضي المحتلة، وأكَّدَ حَقَّ الموجةِ الجديدة من اللاجئين في العودةِ إلى ديارهم، وسكَتَتِ الأمم المتحدة على تهويد القدس، رُغْمَ التقارير المنصفةِ التي كتبها المبعوثون الدوليون، وأما قرار مجلس الأمن 478 ردًّا على ضَمِّ القدس فلم تَحْتَرِمْه "إسرائيل"، بل إن الكونجرس قاد الْجَهْدَ الدَّوْلِيّ الْمُؤَيِّدَ لتهويد القدس، على الأقل اعتبارًا من 1995م، وحتى الآن، مرورًا بخطابِ الضمانات الذي سَلَّمَهُ بوش إلى شارون عام 2004م.
وقد سكتت الأمم المتحدة على كل جرائم "إسرائيل" ضد الفلسطينيين، وكانتْ أَمْيَلَ إلى إدانة "الإرهاب" الفلسطيني، ولا يستطيع مجلس الأمن أن يناقش، أو حتى ينْعَقِدَ إذا كان الأمر يَخُصُّ "إسرائيل"، ولذلك لا نتوقع أن يصدر مجلس الأمن قرارًا يَمَسُّ "إسرائيل"!
أما المشهد الأخير، فهو عجزُ الأمم المتحدة عن رَدِّ الإهانات التي تُوَجِّهُها "إسرائيل" إليها، وكان آخرُهَا ضربَ مقراتِ الأونروا في غزة عدة مرات؛ رغم تَعَهُّدَات "إسرائيل" للأمين العام.
وأخيرًا.. عَجْزُ الأمم المتحدة عن إجراء تحقيق ميداني في جرائم "إسرائيل"، والضَّغْطُ على الأمين العام حتى يُخَفِّفَ من وقْعِ تقرير الخبراء.لقد أصبحت الأمم المتحدة عاجزةً عن حماية الشعب المقهور، بل صارت ستارًا لجرائم "إسرائيل"!
المصدر:
http://www.islamtoday.net/albasheer/images/basheer_header/albasheer_32.jpg