منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية

منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية (https://www.dafatir.net/vb/index.php)
-   قسم الاستاذ(ة) (https://www.dafatir.net/vb/forumdisplay.php?f=166)
-   -   ممارسة التدريس (https://www.dafatir.net/vb/showthread.php?t=177750)

بتوفيق 02-07-2015 16:06

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abdoutazi (المشاركة 1016452)


شكرا جزيلا لكم على متابعة الموضوع و مواكبته في تفاصيله و منذ نشأته

بتوفيق 11-07-2015 17:12

بعد توقف لعدة أسابيع

ننطلق بحول الله في الجزء الثاني من هذه السلسلة التربوية



بتوفيق 12-07-2015 02:00

031 الارتباط بالمكان:


قد يشتغل الممارس للتدريس في مؤسسة لسنوات و سنوات فتحصل له ألفة بالمكان و أهله و ارتباط عميق بالأجواء يستصعب معه أي تغيير، بل قد يقع له ارتباط بحجرة دراسية معينة قضى فيها سنوات من العمل يرفض معه أي تبديل أو تحويل عنها

إن هذا الشعور قد يكون معتدلا أو مفرطا أو غير ظاهر، و تبدو معالمه عند الانتقال أو التكليف بالتدريس في مؤسسة أخرى أو الإحالة على التقاعد أو أسباب أخرى كثيرة، و هنا قد تتراكم و تتراكب أحاسيس من الصدمة و الغبن و الوحشة و غيرها تنضاف إليها أحاسيس غدر الزمان إذا كان هذا التغيير دون إرادته أو مفاجئا له مما قد يخلف تأثيرا نفسيا عميقا تكون له تداعيات غير محمودة على صحة و أحوال الممارس.

إن عمق الاهتمام بالمهنة و الممارسة الحية الناجحة لها و العلاقة المتينة مع المحيط من تلاميذ و أساتذة و إدارة تزيد من إذكاء جذوة الارتباط بالمكان و تزيد أيضا من تبعات مفارقته و الخروج منه.

هذا الخروج الذي هو سنة طبيعية لا مفر منه، على الممارس أن يستشعر أنه لا بد مفارقه، فالدنيا كلها بما فيها سنفارقها فبالأحرى مكان العمل، فاستحضار هذه الحقيقة يعطي مخرجا منطقيا لكل ما أسلفنا التفصيل فيه من مخاض قد يتخبط فيه الممارس الحي المرهف الإحساس.

إن التجرد عن الارتباط بالمكان مرتبة عالية في احترافية الممارسة و قد تحصل التجربة فيها عند التكليف بالتدريس في مؤسستين في نفس الوقت أو تغيير الحجرات و المستويات بشكل مسترسل، أو انتقال كلي لمدينة أخرى، و يعطي قدرة متجدّدة للتكيف مع المحيط الجديد بكل أجواءه و طقوسه و مراسمه.

abdoutazi 12-07-2015 04:33


بتوفيق 12-07-2015 08:54

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abdoutazi (المشاركة 1018516)


الله يبارك فيكم على هذا التشجيع و على هذه المتابعة المحفّزة

nasser 16-07-2015 23:15

شكرا جزيلا أخي الكريم : موضوع قيم و افكار جد مهمة لكل المدرسين خصوصا و بعد القراءة الأولية يجد كل رجال و نساء التعليم أنفسهم أمام من يحكي واقعهم الوجداني و المهني خلال مسارهم المهني : التدريس فعلا صنعة و فن لايصال رسالة عظيمة لكل هذه الأجيال الصاعدة و المدرس قد يجد في الرضى و المتعة التي تغمره بعد كل حصة يقدمها هو الدافع الأساسي من أجل الاستمرار في العملية التعليمية التعلمية و كذلك الأجر المعنوي الذي يؤنسه في تفاعله مع طريقة عمله . التفاعل الايجابي ـأو السلبي ـ يضمن للمدرس أن يبحث عن طرق جديدة , و التعليم في تجدد مستمر .......... شكرا أخي الكريم على الموضوع .

بتوفيق 17-07-2015 01:48

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nasser (المشاركة 1019608)
شكرا جزيلا أخي الكريم : موضوع قيم و افكار جد مهمة لكل المدرسين خصوصا و بعد القراءة الأولية يجد كل رجال و نساء التعليم أنفسهم أمام من يحكي واقعهم الوجداني و المهني خلال مسارهم المهني : التدريس فعلا صنعة و فن لايصال رسالة عظيمة لكل هذه الأجيال الصاعدة و المدرس قد يجد في الرضى و المتعة التي تغمره بعد كل حصة يقدمها هو الدافع الأساسي من أجل الاستمرار في العملية التعليمية التعلمية و كذلك الأجر المعنوي الذي يؤنسه في تفاعله مع طريقة عمله . التفاعل الايجابي ـأو السلبي ـ يضمن للمدرس أن يبحث عن طرق جديدة , و التعليم في تجدد مستمر .......... شكرا أخي الكريم على الموضوع .

أسعدني حضوركم الوازن
و كلماتكم الطيبة القيّمة الهادفة العميقة

أحسن الله إليكم و حفظكم و بارك فيكم

بتوفيق 22-07-2015 22:40

لقد بدأت في نشر مقالات من الجزء الاول باسمي الحقيقي

في مجموعة من المواقع التربوية و الإخبارية

حتى تعمّ الفائدة


بتوفيق 15-11-2015 19:51


032 لحظة بسنة

إنها لحظة اعلان النتائج النهائية، لحظة تساوي السنة كلها بما واكبها و ما دار فيها و ما تحمل فيها الممارس من متاعب و صعوبات. لحظة يواكبها شعور و إحساس خاص و يستجمع فيها شريط السنة بأكملها


أحرص دوما على الحضور للثانوية لمواكبة اشهار النتائج على جدارها و التقي بتلامذتي لقاء بطابع خاص فيه العفوية و فيه الوداع و فيه العرفان و أتلقى كلمات شكر بأسلوب خاص و بتفاعل خاص و بطريقة متباينة مختلفة حسب تركيبة و طبيعة التلاميذ، قد تكون كلمات و جملا و قد تكون سلاما و تحية و قد تكون نظرة و ابتسامة و قد تكون مراسم على المُحيّا و الوجوه بصفحات من التعابير و التراكيب.

إنها شحنة و طاقة لمتابعة المسار و حافز و مشجع لمزيد من العطاء في السنة الموالية، خاصة عند تحقيق الأهداف و المرام و الوصول للنتائج المرجوة المتوقعة.
إنها متعة من متع التدريس كما أشرنا لذلك في مقال سابق.

يهتم البعض بنسب النجاح لأن التلاميذ عندهم أرقام، بينما الممارس الحي يهتم بكل الممتحنين و كل الناجحين و الراسبين، فقد قضى معهم سنة دراسية كاملة و جمعهم مكان واحد لساعات و ساعات. و يستشعر بعمق إحساس النجاح و الفشل.

إنّ نشوة التوفّق في مشوار العمل و الوصول بالممتحن إلى برّ الأمان لا تقدّر بثمن و هي كنز لا يقدّره إلا من حصل عليه و تذوقه، كما أن
التوفيق و التفوّق في المادة المدرّسة و جعلها صمّام أمان للنجاح و دافعا قويا للحصول على المعدل الجيد يكون أكبر جائزة في نهاية السنة

و هناك نظرة الاعتذار و الخيبة و عدم الرضا في حالات الرسوب أو الفشل في المادة، قد يواكبها التحاشي عن ملاقاة الأستاذ أو الحديث معه و هنا يجب الاتسام بالحكمة و الرزانة في التعامل و محاولة شحذ الهمّة للإعداد للامتحان الاستدراكي و التعامل بلطف و الابتعاد عن التهكم أو الانتقاد أو الاستهجان.

إنه إحساس عايشناه لسنوات و لحظات واكبناها و لازالت حاضرة بتفاصيلها و تجلّياتها لقيمتها المعنوية و ثقلها النفسي تعتبر محكّا حقيقيا لهذه الممارسة للتدريس

بتوفيق 04-12-2015 18:37


033 دون تكلّف
هو من قمة النضج في الممارسة و بلوغ السهل الممتنع و الحصول على الأداء السهل السلس الذي يُشعر المتعلم بالأمان و الاطمئنان و يحيطه بجوّ من الثقة فيمن يدرّس له.
فالابتعاد عن التكلف في الخطاب و في التعامل و في الشرح و في الوصول إلى الهدف و في حل التمارين و تفسير الخاصيات أمور مفصلية في تيسير بلوغ الأداء المميّز أثناء ممارسة التدريس
فقد يعتصر من الجهد و الوقت و الطاقة و الصوت لبلوغ هدف قد يكون قريبا لو سلك له طريقا مباشرا يسيرا دون تكلف أو تعقيد، و التجربة و الإعداد التفكري التمحيصي عوامل مساعدة لذلك، و الانفتاح على الجديد و على تجارب الآخرين عوامل مساعدة لذلك أيضاً.
كما أن التشبع بمرامي المادة المدرّسة و أهدافها و الإحاطة بالمبتغى المنشود تعطي هيكلا عاما يمكن البناء على أساسه.
فإحساس المتعلمّ بتكلّف الأستاذ فيما يقوم به يخلق له اضطرابا في الفهم و المتابعة و قلقا حول الجدوى و الفعالية و انصرافا تدريجيا عن التركيز و الإنصات و بحثا عن بديل أنفع و أسهل و أكثر أماناً.
إن الخبرة الإيجابية المتراكمة و تنويع المستويات و الشعب المدرّسة و تبادل الأفكار مع زملاء المادة أمور إيجابية تفتح أبوابا جديدة و تتيح تيسير و تطوير الأداء و جعله كمن يقود عربة دون تكلف أو يعزف على آلة دون تكلف أو يؤدي مشهدا مسرحيا دون تكلف أو يلقي خطابا دون تكلف و هي أمثلة حيّة تبلّغ المراد، فممارسة التدريس هي كصنعة حِرَفيّ، الأولى أن يكون محترفا سهل الأداء فعّالا و فنّاناً فيه.
إنّ تمثّل قيمة السلاسة في الاداء مع حبّ المهنة يعطيان حافزا للبحث عن أنجع الطرق للوصول لذلك في مختلف الوضعيات مما أشرنا إليه و مما يجدّ من أحوال و ملابسات، و الله الموفّق.

بتوفيق 15-12-2015 16:02

034 الابتسامة

صدقة شرعية و حلّ لكثير من المغالق و أسلوب تواصلي حضاري فعّال و حافز لفتح شهية الفهم، وقاية من التشنج و التوتر و الغليان و قيمة مضافة في الممارسة الاحترافية السعيدة الفعّالة.

قد تكون جواباً كافياً لكثير من أنواع التصرفات و الأفعال و الأسئلة و تعفي من كلام كثير، كما قد تكون فتحاً لشهية الإقبال على الشرح و إعادة الشرح، كما أنها وسيلة تغيير احترافي لمجرى بعض الأحداث العارضة في الحصة الدراسية و خروجاً سلساً من بعض المآزق و المحرجات.

تبعث على الانشراح و تنشر جواً من الألفة و التواصل الإيجابي و الإقبال على تتبع الحصة و التركيز في مضامينها، و تعطي صورة مشرقة مهيبة للممارس و انطباعا إيجابيا عن شخصيته الواثقة الحيّة المحترفة المتأنّية المعتدلة المقتدرة؛ و شاهدها و مثالها شعور المريض عند قصد طبيب منشرح مبتسم أو آخر منقبض عبوس، و كذا البائع أو الصانع أو صاحب المعمل أو الشركة....

و يستحسن الابتعاد عن استعمالها في إطار التهكم أو الاستهزاء، فعواقب ذلك قد تكون وخيمة و قد لا تظهر نتائجها وقتها و إنما في انعكاس العلاقة مع التلميذ التي قد تطفو بعض أيام أو أشهر أو سنوات كما أنها قد تؤثر على كيان شخصيته الذي هو في طور البناء.

قد تكون الابتسامة طبعاً لدى الممارس في تواصله مع الآخرين، و قد تصير ملكة مكتسبة عند من تَبَيَّنَ فائدتها و قيمتها الكبيرة، و لا بدّ لهما معاً ضبط معيارها و مقدارها و زمنها المناسب حتى لا تخرج عن نطاق التوازن المعتدل و تؤدّي دورها المنشود.

بتوفيق 03-01-2016 19:47

035 العقاب


اختلفت الآراء و تضاربت حوله، فهناك من اعتبره منافياً للقيم التربوية و الإنسانية و ذهب إلى تجريمه في التعليم و هناك من اعتبره ضرورياً و لازماً في أداء مهمة التدريس و هناك من وقف موقفا وسطاً و جعل له شروطاً و ضوابط و أحوال معيّنة للجوء إليه و حصر طبيعته في مجال معيّن مرسوم.

كما اختلفت أنواعه من جسدي و كلاميّ و نفسيّ و عمليّ و تعاملي و مادّي و إداريّ و فصلي؛ فالجسدي كالضرب مثلا، و الكلامي كتوصيفٍ بأوصاف سلبية، و نفسي كالانتقاص من الشخصية أو إحباط المعنويات، و العملي كالمطالبة بإنجاز أعمال تأديبية أو كتابة جمل أو خاصيات عدد كبير من المرّات، و تعامليّ كالتجاهل و اللامبالاة، و المادّي كحذف نقط من المعدّل، و الإداري ككتابة تقرير و عرضه على الإدارة أو التوجيه لمجلس تأديبي، و الفصلي كالإخراج من الحصة الدّراسية.

و أغلب ما يثير الجدل و الاستهجان من كلّ هذه الأنواع، هو الجسدي و النّفسي و الكلامي. و هنا لا بدّ من الإشارة إلا أنّ العقاب بأي نوع كان يجب أن يسبقه مبدأ السبب و الجدوى و الهدف، فحينها يُستساغ النوع المناسب حسب الوضعية المعيّنة فهناك القصاص من تلميذ اعتدى على آخر بكلام أو ضرب أو غير ذلك، أو تجرّأ على الأستاذ بشيء من ذلك، و هناك إقرار العدل، و هناك إصلاح السّلوك، و هناك تقويم الإهمال الدّراسي، و هناك ضبط المجموعة بأخذ العبرة، و هناك زجر الغشّ المرتكب...

و هذه كلها أمثلة من وضعيات تستوجب عقاباً ضرورياً حازماً مناسباً في أغلبها و قد يصلح في بعضها عفو فضل و سماح تربية و تعليم.

إن العقاب الجسدي لا جدوى منه في الثانوي التأهيلي و غير مقبول في المراحل الأولى من الأولي و الابتدائي و يمكن قبول اللجوء إليه في فترة السنوات الاخيرة من الابتدائي و السنوات الأولى من الإعدادي في الحالات الضرورية كآخر علاج و وفق ضوابط و شروط محدّدة ( كتجنّب الوجه مثلا ) و لا يصبح عادةً في الممارسة بل يكون رمزيا في مضمونه و رادعاً في التهديد به أكثر من إعماله، على أن القدرة على تجنّبه بشكل نهائي هو أفضل بكثير من اللجوء إليه.بيئة التلميذ و جنسه

أما العقاب الكلامي و النفسي فهو أخطر من الجسدي بكثير و قد تكون له عواقب وخيمة تطال شخصية التلميذ و تمتدّ تداعياته إلى سنوات طويلة تترك عقدا و جروحا غائرة في تركيبة و تكوين المعاقب و قد لا ينتبه لذلك الممارس للتدريس فقد يلقي كلمة لا يلقي لها بالا تنزل كالجمرة على مسامع التلميذ و تبقى متوقّدة كنار من تحت رماد، فإصلاح أي خطأ لا يجب أن يكون بخطأ، و قدْر العقوبة ( إن كانت لازمة ) لا يجب أن تتعدّى حجم الخطأ. فالإهانة و الاحتقار و السب و التعيير بالخلقة أو الوضع الاجتماعي أو الميز العرقي أو الجنسي كلها تدخل في خانة الاعتداء و الجُرْم في حقّ التلميذ و لا يمكن بأي حال إدخالها في حقل ممارسة التربية و التعليم.

يعلو على كل ذلك بناء علاقة احترام و مودة و تقدير، و توازن عادل و ثقة في شخص الممارس، تجعل نظرة عتاب أو تجاهلا أو إعراضا عن سؤال أو تغيّرا في التعامل أو إشارةً ضمنية لمكامن الخلل في السلوك أو الدراسة، تجعلها كافية ( في كثير من الحالات ) كعقاب، يمكن تسميته بعقاب المودة و التقدير. فبقدر ما يكون الشخص عزيزا يكون أيّ تغيير من جانبه أو أيّ إشارة منه كافيا لإبراز المراد، و هذا مجرّب في الممارسة و مجرّب في الأسرة كذلك.

إنها جوانب من موضوع شائك مركّب، صعب معه القطع بطريق واحد و طريقة واحدة، فالبيئة و السن و الطبع و الجنس و مادة التدريس كلها عوامل إضافية أخرى تختلط مع ما أسلفنا الحديث عنه و تؤثر فيه بالضرورة و قد تزيد أو تنقص من مقدار العقاب الضروري و نوعياته. و أتمنى أن تنير جانبا من طريق الممارس الحيّ يتبيّن عبرها ما يلائم و يناسب في كل الأحوال و المستجدات.

abdoutazi 03-01-2016 20:26


بتوفيق 12-01-2016 19:01

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abdoutazi (المشاركة 1045461)


بارك الله فيكم و جزاكم كل خير و فضل عميم

بتوفيق 01-02-2016 17:59

036 جدول الحصص
من أكثر ما يؤثر على تنظيم الحياة اليومية للممارس و له انعكاس كبير على فعالية العطاء و توزيع الجهد و راحة المعنويات.
هناك قيود إدارية و ترتيبات تنظيمية و إكراهات في الموارد و قلة خبرة في التخطيط و قلة اعتبار لقدر الأستاذ و محورية عمله في جميع حلقات التعليم، قد تسبّب بعضها أو كلها في حصول الممارس على جدول حصص لا يناسبه من حيث توزيع ساعات العمل أو من حيث عدد الأقسام و الشعب و المستويات مما قد يؤثر على نفسيته و عطاءه و نجاعة عمله و قد تمرّ عليه السنة الدراسية كلها و هو في كدر و ضيق.
مع الأسف الشديد فجل المذكرات المنظمة و الأعراف المعمول بها تجعل راحة الأستاذ على الهامش و لا ينظر إليها كعامل أساسي ضروري في خلق جو مريح للعمل الناجع المفيد.
من جانب المتعلّمين فنوعية المادة المدرّسة قد تستلزم نطاقا زمنيا محدّدا في ساعات اليوم أو في ترتيب ما يدرسونه في اليوم، فهناك مواد تتطلب جهدا ذهنيا و انبساطا فكريا و يقظة و تركيزا كبيرين و هناك مواد تتطلب مزاجا منفتحا للنقاش و الحوار و المحادثة و هناك أخرى تتطلب جهدا بدنيا مما يستوجب تفكيرا دقيقا لتوزيعها و ترتيبها و القدْر المعتدل الممكن منها في اليوم و على مدار الأسبوع.
إن تدريس نفس القسم في الصباح ليس كتدريسه في المساء، و تدريسه في الحصة الاولى الصباحية ليس كالفترة الثانية، و تدريسه بعد أن مرّ بمادة دراسية مهيّجة ( يكثر فيها التحاور و النقاش أو الشغب ) أو مادّة التربية البدنية مثلا ليس كتدريسه قبلها. إنها ملاحظات هامة يلتفت إليها الممارس و يتبيّنها مع تعاقب السنوات و يتفهّم الفوارق في سلوك المتعلّمين الناتج عنها.

خادم المنتدى 26-02-2016 19:46


abdoutazi 26-02-2016 20:17


بتوفيق 03-03-2016 20:16

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خادم المنتدى (المشاركة 1054061)

بارك الله فيكم

بتوفيق 03-03-2016 20:17

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abdoutazi (المشاركة 1054096)


بارك الله فيكم

بتوفيق 03-03-2016 20:18

037 متعة التعلّم

فُقِدَت أو كادت في جُلِّ أطوار التعليم و تَمَّ إغفال جانبها في بناء جلّ المناهج و المقرّرات، و ذاب مذاقها عند التلميذ و الأستاذ في الغالب الأعمّ، كما أصبح التعلمّ أو طلب العلم كهدف في حدّ ذاته ضرْباً من الخيال أو التصوّر النظري البعيد عن الواقعية و كحكاية من الأزمنة الغابرة.
حبّ الاستكشاف و التعرّف على الجديد فطرة إنسانية طبيعية تبدأ مع سنوات الطفولة الأولى، و المفروض أن تتمّ متابعتها في التعليم بخلق جوّ متعة التعلمّ و تيسير نموّها و تمكين المتمدرس من تذوّقها.

لكنّ الواقع الحاضر في غالبه جعل الدراسة ثقلا كبيرا على كاهل التلميذ بفعل كثرة المواد و طول المقرّرات و كثرة الفروض و الامتحانات و جوّ التنافس الشرس الذي لا يرحم في النتائج النهائية و غير المتكافئ بفعل الغش بجميع أنواعه و أشكاله، و ظروف التعلم المحيطة من اكتظاظ و شغب و قلة مبالاة و مشوّشات كثيرة متنوعة، كلها جعلت متعة التعلم تضمحل و تذبل و تنمحي بشكل شبه تامّ.

و يبقى المقرّر الدراسي في شكله و مضمونه و توجيهات تدريسه و كذا نمطية الامتحانات الإشهادية، من أكبر أسباب اضمحلال متعة التعلم من أساسها، فأصبح التدريس يقترن بالتلقين و أصبح التلاميذ ليس لهم علم و إنما مزودين بمعلومات و لا يفكرون و إنما يطبّقون و لا يحلّلون أو يستنبطون و إنما يعيدون في أحسن الأحوال ما أُعطيَ لهم دون ذنب لهم و لا لقلة كفاءة عندهم لكن لفلسفة التكوين التي خضعوا لها، فكيف سيجدون متعة و مذاقا في التعلم، إلا ما ارتبط بمصلحةٍ بعدية كحصول على نقط جيدة أو نجاح في امتحان أو ما شابه ذلك.

إن البحث العلمي الذي هو من أسس تقدم الأمة و من معالم حضارتها، ينطلق من شغف التعلم و حب البحث و حب العلم في حد ذاته، و الذي يجب أن تبدأ معالمه في الدراسة الأولى، و مبدأ طلب العلم من أجل العلم أصبح أيضا في حكم المنقرض من المعاني و الصّفات بفعل مكاره البطالة و سوق الشغل و تنافس الأدوار و تقلّب موازين النجاح في المجتمع.

إنّ متعة التعلّم توازي متعة التدريس التي تحدّثنا عنها في مقال سابق، و من استطاع إرشاد تلامذته لتذوقها و محاولة استشرافها و لو في مقاطع من الدرس أو الحصة أو المادة أو الدراسة عموما فقد أسدى لهم خدمة كبيرة و أحدث فارقا مفصليا في نظرتهم لمحيطهم الدراسي و فلسفتهم للدراسة بشكل كامل

قد يستجلب الممارس المتعة لتلامذته في أشكال مختلفة، لكن ما نقصده هنا هو متعة التعلم في حد ذاته بشكل صِرْف خالص، و قد يكون حبه لمادته و كذا متعته في تدريسه عاملان مساعدان لفتح هذا البُعد في ممارسة التعلم لدى التلاميذ رغم كل ما أسلفنا من معيقات و مثبّطات فالتوفيق في ذلك مهم و مفيد و له نتائج مجربة ناجعة.

بتوفيق 18-03-2016 15:51

038 التحضير
التحضير للحصة الدراسية أو الإعداد القبلي لها ينقسم لجوانب مختلفة و متعدّدة و يحتل اهتماما متباينا لدى الممارسين حسب نوعية المادة و الدرس و الأقدمية في المهنة و كذا نوعية المتمدرسين.

هناك جانب الوثائق من جذاذات و توزيع دوري و توجيهات تربوية و كتب مدرسية و مقرّر معتمد رسمي و دفاتر نصوص سالفة أو دفاتر تلاميذ لسنة منصرمة و هي أمور ضرورية لبناء هندسة مجريات السنة الدراسية و تصميم عام لطريقة تناول كل محور دراسي و سبل الاستفادة من الزمن الدراسي و تكييفه مع مكونات المقرر الدراسي.

قد يمتدّ هذا التحضير إلى التطرق إلى تفاصيل كل جزئية و البحث عن كل ما يمكن أن يشكل عرقلة في الفهم و إعداد أمثلة مباشرة و أخرى مركبة و أخرى مضادة و هذا له جوانب إيجابية في السنوات الأولى من التدريس حيث يمكّن من استيعاب المقرّر و التشبع به بشكل تفصيلي و معرفة ما يلزم في وضعيات كثيرة لكن الارتباط به بشكل كلي أثناء إنجاز الحصة له جوانب سلبية في تقييد حرية حركية التدريس و الإفهام و طلاقة الممارسة و يستحسن هنا أن يكون تصميم و هيكل الدرس و الحصة حاضرين في ذهن الأستاذ مع إلمام جيد بالمادة الدراسية و يترك المجال لحرية التصرف و الاختيار فيما يستجد من تفاصيل حسب قابلية التلاميذ و تجاوبهم مع ما يُقدّم لهم و حسب إكراهات الزمن و غيره و هذا قد فصّلنا فيه في مقالات سابقة.

تراكم تجربة السنوات يجعل التحضير الذهني و استحضار ما يلزم في كل وضعية و بناء تصميم فوري أمورا ممكنة و فعالة و لو قبل الحصة بزمن يسير أو خلالها و تغني عن الرجوع إلى الوثائق و الأوراق.

هناك مستويات دراسية يكون جانب التكوين و التعلم طاغيا و أخرى يكون فيها الإعداد للامتحان الإشهادي محوريا و هنا تتغير هندسة التحضير و الرؤية العامة له حسب المُراد و قد يتم التعامل مع الدروس على هذا الاعتبار مع ضرورة الانتباه إلى سيرورة التكوين الشامل للمتعلم فهناك دروس لا يتطرق لها الامتحان الإشهادي لكن لها دور في التكوين أو لها مجال استعمال في مقررات دراسية عليا مثلا فلا يجب إهمالها أو تهميشها و إنما التعامل معها في نطاق الضروري اللازم و التفصيل في الدروس الأخرى التي لها استعمال مباشر آني.

كثرت في السنوات الأخيرة الملخصات الدراسية و كذا سلسلات التمارين كوسائل مساعدة لربح الوقت و تبسيط المفهوم و جمع شتات مكونات الدروس و ما يجب التمكن منه فيها و هي تدخل في نطاق التحضير القبلي و الاستفادة البعدية، فإعداد سلسلة تمارين للدرس تمكّن الإلمام بالتفاصيل و ترسّم الأهداف و المبتغيات و الإحاطة بالمفهوم حسب ما يُرتجى منه و هي بصمة خاصة من الممارس تطبع طريقته في التدريس و اختياراته الشخصية لأنواع التمارين من مصادر مختلفة و تتيح له تدبيرا موفقا لمجريات الحصة و الدرس في زمن مناسب و فعالية أكبر. فهي مناسبة لصاحبها و لوضعية تدريسه و قد لا تكون كذلك لمن يستهلكها من غيره من الممارسين دون تبصّر.

قد تتطلب العلاقة الإدارية و التربوية و التعامل مع المراقبة التربوية إعداد التحضير و إحضاره للحصة و هذا إجراء احترازي لحماية الممارس من أي مشاكل و يدخل في شكل الممارسة و ليس في جوهرها كما أشرنا إلى ذلك في مقال سابق و يبقى مضمون التحضير و استبيان ما يفيد منه مما تطرقنا لبعضه هنا هو ما يفيد في الممارسة الصحيحة و الله الموفق

بتوفيق 17-04-2016 20:27

039 تسلّط السلطة


قد يبدو العنوان غريبا عن ميدان التدريس لكنّ مضمونه يتسلّل إلى الممارس للمهنة بنسب متفاوتة قد تكون ضعيفة فلا تبدو آثارها و قد تكبر قيمتها فيصير الممارس أسير ذلك التسلط و تصبح تصرفاته كلها في قالبه، و قد يبدو غريبا كذلك لما يعتري أسرة التعليم حاليا من ضغوط، و ما هو عليه حال مقام الاستاذ من تضعضع في المكانة الاجتماعية و تواري هيبة السلطة المعنوية نتيجة ذلك.

رغم ذلك فيبقى توضيح الآفة مفيدا لاستجلاء مخاطرها و تفادي تداعياتها.

هناك سلطة قانونية و تقديرية و عرفية و مجتمعية و إدارية و هناك سلطة القوامة و القدرة و المعرفة والإقناع و الفارق العمري و تختلف درجات كل ما ذكرنا حسب سلك التدريس و مادة التدريس و بيئة التدريس و طبيعة شخصية المدرس و مع كل واحدة من هذه الأنواع قد تتسلل غريزة التسلط خفيفة في البداية فيستطيبها صاحبها دون قصد مباشر في كثير من الأحيان و حين يجد لها بيئة ملائمة في نفسيته تكبر و تنمو فيغرق فيها و تحيط به من كل جانب.

فالمهنة ليست سلطة للتسلط و إنما رسالة نبيلة فيها نشر العلم و فيها إرساء قدوة و مثال مجتمعي نافع في سلوك الممارس و أفعاله و تصرفاته، فلا يستقيم أن يتسلّط على التلاميذ بحكم قدرته الجسدية أو تحكّمه في نقط الفروض، و لا يستقيم استعمال العقاب الإداري أو الجسدي تسلطا أو رغبة في الانتقام أو راحة نفسية مَرَضية و هذا ما يقع أحيانا للأسف الشديد.

و هناك أيضا التمنّن بالمعرفة و العلم و تصويب الخطأ و بيان التفسير والشرح و الإفادة النوعية و الكفاءة المهنية، فتكون هذه الملكات لدى الممارس سببا في تسلط من نوع فريد هو تسلط التكبر و التحكم و التأفف و التعيير و النظرة الفوقية و الازدراء بالجميع فحين يستفحل هذا النوع من التسلط يصبح الكلام النابي واردا و الكلمات الجارحة متداولة و أسلوب الزجر الكلامي مسترسلا مستمرا و التعالي سمة واضحة جلية في كل المعاملات حتى إن صاحبه قد يستغرب ما آل إليه حاله إن قام بنقد ذاتي.

كما أن التسلط قد يصل إلى المضايقات و التحرشات الجنحية التي لا يستسيغها منطق و تلفظها بحكم الطبيعة أسرة التعليم و مجتمع التعليم

إنها إشارات فقط دون غوص في تفاصيل و لا تدقيق، الهدف منها إماطة اللثام عن هذا المشكل الذي يؤثر بالضرورة على الممارسة النزيهة و يدخل في نطاق الظلم الذي هو ظلمات، و تبقى أنواع أخرى و مراتب أخرى قد تتجلى باديةً لمن اعتبر هذا الأمر مرضا يجب الوقاية منه.

samiroo 17-04-2016 22:11

كما هي يجب الابتعاد عن الساعات الاضافية المؤدى عنها من طرف التلاميد
فهي حرام ادا كان الاستاد يدرس في القسم جيدا فالتلميد لن يحتاج الى الساعات الا
ضافية المؤدى عنها وهدا يبرر عمل الستاد الغشاش

بتوفيق 20-06-2016 21:53

040 الإنصات

هو تحاور حضاري و مَلَكَة الحكماء و وسيلة للأذكياء في التواصل، ميزان لرجحان العقل و نضج التفكير و عمق الإدراك، يتيح فهماً أعمق و هدوءاً مساعداً على التركيز و لُيُونةً في تقبّل الآراء و وقتاً لاستصدار القول الرّشيد الموفّق.

يقود الممارسَ إلى التعرف على مكامن و خفايا عديدة، و يساهم و يساعد في بروز معيقات و مشاكل كثيرة، كما يكسبه هالة المهابة و الحكمة و يُضفي على شخصيته الرزانة و الوقار.

يُستحسن أن يكون من أوائل ما يتعلّمه التلاميذ في بداية السنة الدراسية، إما بالقدوة الفعلية المُشاهدة أو بالتدريب التدريجي، فحين يصل الممارس بتلامذته إلى درجة أن يُنصتوا و يركّزوا فيما يقوله لهما حسّاً و معنى، و ظاهراً و جوهراً، يكون قد قطع بهم شوطاً هاماً في بناء علاقة سويّة و أوصلهم إلى اعتماد منهجية احترافية في طريق التعلم الصحيح.

أثناء إلقاء الدرس و ممارسته ينتبه الممارس إلى الوجوه و يترسّم المُنصت اليَقِظ و الشارد الهائم و المنشغل عنه و بذلك لا يُلقي شرحه و هو لا يترسّم طريقه إلى الآذان و العقول، فالتواصل من جهتين و ليس من طرف واحد فإن لم يتوصل التلميذ و لم ينصت فهنا المشكلة الكبرى، فلا بد من اعتماد أساليب عديدة لمعالجة ذلك أشرنا إلى كثير منها في مقالات من هذه السلسلة كمقال الشرح و مقال قياس الفهم و مقال التسويق و غيرها، فقد يكون الخلل في المُرسِل أو المرسَل له أو فيهما معا أو في مشوشات و معيقات أخرى تقطع الطريق عنهما.

درجة إنصات التلاميذ و إقبالهم على منطوق الممارس و فِعْله هو مؤشر هام لقياس درجة نجاح عمله و ذكاء تفاعله و ثقل شخصيته و توطّد علاقته بهم و بطبيعة الحال توفّقه في إكسابهم هذه الملكة الحضارية النادرة.

إنها أيضا مفيدة للتلاميذ في علاقاتهم البينية و مع المحيط أثناء بناء المشاركات التعلمية في الحصة أو تبادل المعارف و الخبرات فيما بينهم أو العمل الجماعي تربوياً كان أو دراسياً أو نشاطاً موازياً.

لقد كادت أن تُفْقَد هذه الصفة الأخلاقية الحميدة في مجتمعاتنا و أصبح الكل يقول و لا يسمع و يحكي و لا ينصت و يطرح أفكارا و آراء يقف عندها و لا ينفتح لأخرى و لو سماعاً أو إدراكاً فلو أعدناها في مجتمع التعليم و تبنيناها كمنهج في علاقاتنا و مبدأ راسخا يحكم جو القسم لكان ذلك نجاحا و توفيقا من الله ينوّر مسيرتنا.

بتوفيق 30-06-2016 09:19

041 المقرّر الدراسي

مادة الممارسة و هاجس التعرف و التعريف لدى التلميذ و الأستاذ، تحكمه مذكرات و توجيهات و كتب مدرسية، و تحيط به تغييرات و مصطلحات و مسمّيات تتغير حسب الأهواء و الفلسفات المتحكمة في تنظير التعليم من قبيل القدرات و الأهداف و الكفايات و غيرها.

يقع فيه تقليص لمجاراة التقليص في عدد ساعات الدراسة الأسبوعية و يقع فيه تجميع و تضخّم لانعدام رؤية واضحة حول المراد منه، كما تدخل في هيكله الترتيبي و البناء المعرفي التراكمي نقْب و حفْر لسبب من الأسباب يؤدي إلى بَتْر السلسلة المنسجمة المتناسقة الضرورية لبناء معرفة سليمة و تعلّم قوي الجذور محكم الأصول.

يتعرّف الممارس عبر تجربته الخاصة الناتجة عن خبرة السنوات و عن التفاعل العملي معه و متابعته في تفاصيله على نواقصه و عيوبه و نقائصه و تناقضاته إلى جانب مزاياه و غاياته، و كذا على سبل التعامل مع كل وحدة دراسية من حيث التعمق و التفصيل أو الإجمال و التلخيص و من حيث طريقة الشرح و من حيث عدد الساعات العملية المجدية و تبقى المذكرات المنظمة لذلك و التوجيهات المصاحبة فقط للاستئناس لأن واقع الممارس قد يفرض عليه إعادة توزيع و ترتيب للمضامين و الفقرات.

يستحسن أن يبدأ الممارس مشواره بتدريس أولى السنوات في سلكه حتى يتدرج مع المقررات و يتعرف عليها عمليا و تطبيقيا و يدرك ما على التلاميذ معرفته و ما هم مقبلون عليه و ما سيحتاجونه في سنوات دراستهم اللاحقة كمكتسبات ضرورية تُبنى عليها معارف جديدة.

هناك دروس محورية يضعها التوزيع الدوري المعتمد في آخر الدورة أو السنة فلا تنال حظها من الاهتمام الضروري من الطرفين فتضيع مضامينها و يكون التشبع بها مذبذبا و غير كامل، كما أن هناك دروسا يتغافل عنها بعض الممارسين لعدم نفعيتها حسب منظورهم أو عدم امتدادها في الامتحانات الإشهادية و هذا خطأ جسيم لكون التكوين و التعليم شيء و الإعداد للامتحان شيء آخر.

بعض الشعب و المستويات تتضخم فيها الدروس و تتطلب حنكة و مهارة خاصة للقدرة على تدريس مضامينها بالشكل اللازم و الكافي و عدم التيه في التشعبات و الإشكالات و كذا عدم السقوط في مجرى الإسراع و الابتذال و التقصير و التفريط، و هنا لا ضير من الاستشارة و طلب العون من أصحاب التجربة و الخبرة و كذا الاستعانة بالمراجع العملية النافعة الفعالة و منها دفاتر لتلاميذ سابقين أو دفاتر نصوص.

يعتمد بعض المدرسين للأقسام الإشهادية إتمام المقرر الدراسي قبل شهر أو شهرين من السنة الدراسية بحجة ضرورة الإعداد و المراجعة و التمرّن على المضامين الكلية للسنة كلها و استعادة أنماط الامتحانات السابقة و التعوّد على التعامل معها، و هذه الطريقة لها منافع و مخاطر فالمدة الطويلة للإعداد لا تكون دائما جيدة و مفيدة و كذا المرور السطحي على بعض أجزاء المقرر يؤدي إلى فقدان أثره من الذاكرة، و عدم التأني لإعطاء الوقت الكافي للتشبع بالمفاهيم خاصة الجديدة و المركبة لا تجعل التعلم راسخا فتصعب المراجعة معه لأنه لم يأخذ مكانه في المكاسب و الملكات. و لذا يستحسن الاعتدال في ذلك فإتمام المقرر قبل أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع للمراجعة و الدعم الإعدادي للامتحان أمر جيد و ضروري و ملح و كاف، و هنا لا بد من الإشارة إلى الضغط و التوتر الكبيرين الذين يعايشان من يدرّس الاقسام الإشهادية من ذوي الضمائر الحية لتوافر عاملين أحدهما إتمام المقرر بحذافيره و ثانيهما الإعداد و التدريب على الامتحان.

المقرر الدراسي يدخل في بناء الشخصية و تطوير ملكات العقل و اكتساب المعارف و المهارات و الكفاءات و المعلومات و هو قاطرة لتطبيق فلسفة التكوين و التعليم فعلى واضعيه أن يترسموا خطورة ذلك و قيمته و أن يتبينوا سبيل الرشاد في المناهج التي يفرضونها فهي تعود عليهم منتوجا مجتمعيا صالحا أو طالحا، مريضا عليلا أو سليما معافى، و الله الموفّق لما فيه الخير.

تلميذ 30-06-2016 21:00

شكرا جزيلا لك ...
ما قدّمته لنا يعكس مدى يقظتك المهنية ...
تحياتي.

بتوفيق 02-07-2016 17:15

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تلميذ (المشاركة 1074803)
شكرا جزيلا لك ...
ما قدّمته لنا يعكس مدى يقظتك المهنية ...
تحياتي.


بارك الله فيكم على كلماتكم الطيبة و متابعتكم للموضوع

بتوفيق 14-08-2016 17:38

042 التركيز

مَلَكةُ المحترفين و الحكماء الكيّسين، و أدب في التحاور الراقي، يساعد على الفهم و الاستيعاب و تنظيم الأفكار و المعلومات و ترتيب المفاهيم و المعارف و حُسْن توظيفها في الوقت و المكان المناسب في يُسْرٍ و سرعة، يتيح الغوص في أجواء الدراسة أو الحصة أو المراجعة و تنقية و تصفية الذهن من كل المشوّشات الأخرى الخارجية كيفما كان نوعها، عامل محوري في سلاسة الحفظ و تقوية الذاكرة و استحضار ما يلزم وقت ما يلزم، و يزيد من سرعة البديهة و قوة الملاحظة. ينمّي تطبيقه الصحيح الصفاء و الهدوء النفسي ويقلّل من الشعور بالقلق و إ**** التوتر و الاكتئاب.

*** بالنسبة للممارسين للتدريس هو أحد أعمدة تملّك صنعة التدريس و الكفاءة في ممارستها، و هو ضروري لمعايشة أجواء الحصة الدراسية و مجرياتها و التحكم في أحداثها و إدارتها بالشكل السليم و ربح الوقت في تسلسل المقرّر و مواكبته. كما أنه يساهم في التفاعل الإيجابي مع كل الإشكالات الطارئة أثناءها و كل تساؤلات التلاميذ التلقائية الواردة دون توقّع.

يصبح ملكةً دون تكلّف أو تصنّع مع توالي السنوات و مع استحضار أهميته و ضرورته، فتنتفي عن المُحَيّا و عن الذهن و عن المزاج بشكل تدريجي و بنسب متفاوتة عوارض المشاكل و المشاغل و المتاعب و حتى الأفراح بمجرد الشروع في الحصة و البدء فيها، فالمحترف يعيش أجواء الحصة كما لو أنها حياته اللحظية و يتجلى هذا جيدا كمثال في العرض المسرحي و عند الممثل المحترف.

عملية تصحيح الأوراق و إنجاز الفروض و حراستها و إعداد الدروس و ما يتعلق بها كلها تتطلب تركيزا لازما مفروضا بطبيعتها و نوعيتها و كلما كان هذا التركيز متوازنا و سليما كلما ساعد على إنجازها بشكل أفضل و في ظروف أفضل.

*** بالنسبة للمتعلّمين فهو قاطرة نجاح و تفوق و وسيلة تحصيل و إعداد جيد و رزين، فإلى جانب ما أوضحناه في بداية المقال يُعدّ التركيز المتوازن ملكةً لا محيد عن إجادتها و التمكن منها للدراسة الناجحة و للتغلب على كثير من المعيقات الأخرى خاصة منها الحفظ أو الفهم أو استحضار الخاصيات أو المعلومات وتوظيفها أو التفاعل مع المستجدات أو تتبّع مجريات الحصة الدراسية و التفاعل معها.

عند اقتراب الامتحان الإشهادي تجتمع على التلاميذ مواد و دروس كثيرة تغطي واحدة على الأخرى و تُنسي واحدة الأخرى فيقع التوتر و القلق و الاضطراب، و يكون التركيز كملكة حاضرة من بداية السنة و خلال هذه الفترة الحرجة وقاية ناجعة من كل ذلك و يكون له فعالية كبيرة في التغلب على كل تلك المشاكل.

إنّ الاستعمال المفرط و الارتباط غير الموزون بوسائل الاتصال و بالشبكة العنكبوتية و ما يدور فيها و في فلكها و كل الأنشطة المرتبطة بها أو بغيرها هي ضياع للتركيز و شغْل للبال و للذهن لا تستقيم معه دراسة و استيعاب سليمين خاصة عندما يتم استعمالها أو الارتباط بها خلال الحصة الدراسية أو أثناء المراجعة، فالخلط بين أمرين متباينين في وقت واحد لا يجعلهما يستقران بشكل جيد متين فيغلب ما تشتهيه النفس و تميل إليه و يبعد جانب الدراسة و لا يبقى مجال لاستيعاب و لا فهم دقيق و لا استقرار للمعارف و تنظيم لحيّزها. كما أنّ الإدمان عليها لساعات و ساعات يضيّع على المتعلّم حتى وقت استراحته الفكرية و الجسدية و جهد تركيزه العقلي الذي يستهلكه فيها فلا يجد متّسعا لغيرها.

خلال فترات الاعتكاف و الاستعداد للامتحانات الإشهادية يجب إفراغ الذهن و العقل من كل ما يفقد التركيز و يشغل الفكر حتى من الأنشطة الرياضية و الثقافية و الهوايات الأخرى و الارتباطات في العلاقات البينية و المشاكل و الأحداث العائلية لأن كما أسلفنا القول فالوعاء لا يشغله و يملؤه شيئان متباينان متباعدان فكل زيادة في نسبة أحدهما هي نقصان في نسبة الأخرى، و الوعاء المقصود هنا كمثال هو وعاء العقل أو الذهن أو الذاكرة.

***إن التشتت الحاصل للكثيرين في حياتهم و تواصلهم و علاقاتهم و فعالية عملهم و جودة منتوجهم من أهم مسبباته عدم الاهتمام بالتركيز كملكة مكتسبة يمكن تنميتها و توظيفها بشكل معتدل بعيد عن الإفراط و التفريط، تجعل توحيد الجهد و الانتباه في الشيء الواحد الذي له الأولوية مما ييسر النجاح فيه و في التفاعل معه كيفما كان نوعه أو كانت طبيعته، و هذا محور المقال و هدفه و الله الموفّق.

ادريس فاضل 31-08-2016 20:47

شكرا على المجهود المفيد

بتوفيق 03-10-2016 11:25

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ادريس فاضل (المشاركة 1078200)
شكرا على المجهود المفيد


لا شكر على واجب

بدوري أشكركم على المتابعة و التشجيع

بتوفيق 17-11-2016 15:04

043 المعنويات


كثُرَ التعبيرُ عنها حديثاً و عن وقْع تأثيرها في المردودية و الفعالية و العطاء عموماً و ارتبط مفهومها بالمزاج و النفسية و مناعة الإيمان، مقياس حرفية المدرّبين و نجاعة أسلوبهم في الترويض و التمرين و الإعداد، لها وقْع كبير على الإنجاز البدني و الحضور الذهني و مقاومة الإ**** و التعب و مواصلة المشوار و تجاوز العثرات. يُذكي مؤشرها المرتفع جذوة الشجاعة و الثقة في النفس و طموح الإقدام و الإصرار و الصمود و بعْث الأمل.

** تحتاج لحرفية و حنكة من طرف الممارس للتدريس لتدريب التلاميذ على التحكم فيها و رفع مستواها في الوقت المناسب و معالجة تداعيات هبوط مستواها لأي سبب كان، خاصة في ظروف تلُفّها ضغوط مركّبة مختلفة كالتي تواكب فترات الامتحانات أو الإعداد القبلي لها. و هذا يتأتى في إنجاز محاكاة لهذه الظروف أو بعضها على مدار السنة الدراسية في الفروض المنجزة و في المشاركة الحية الشفهية في القسم، و خاصة في السبورة و أمام الجميع، و التحاور البيني بين التلاميذ و في التفاعل مع التعثرات التي تصاحب التعلم، سواء في الفهم أو إنجاز التمارين أو استنباط الحل أو توقّف الإدراك الظرفي الذي قد يستتبعه هبوط حاد في المعنويات مما قد يؤدي إلى ردود فعل غير متوقعة، و قد فصّلنا في هذا في مقال سابق بعنوان: بعث الأمل.

** يختلف مؤشرها و تأثيرها من شخص لآخر، و قد تكون مفرطة الحساسية لاستفزاز معين خاص تغلي معه نحو الهبوط و الإحباط أو الارتفاع و التحدي و الحماس، و هذا الاستفزاز قد يكون بكلمةٍ جارحة أو مادحة، أو موقفٍ أو حالة طارئةٍ أو ضغطٍ أو تعثُّر أو توتر أو خوف أو غضب ...
فكُلّما عُرِفَت المؤشرات أو بعضها كلما كانت المعالجة ممكنة و التحكم أكبر، و كمثال متواتر على ذلك ما يقع من شبه شلل لبعض التلاميذ و عدم قدرة على إتمام الفرض المحروس بالفعالية المرجوة عند أوّل تعثر أو إشكال في تمرين معيّن فهنا لا بدّ من طلب إعادة استحضار مجريات و تفاصيل أحداث حصة الفرض المحروس من طرف التلميذ فيما بينه و بين نفسه، واستجلاء مصدر التعثر لمعالجته و إعادة إنجاز التمارين المستعصية.

** هناك من استطاب تحطيم المعنويات كمنهجية في التدريس و التعامل بشكل مباشر متعمّد أو بطريق غير مباشر و أصبحت عنده كطبع مكتسب نستهجنه و نعتبره غير ذي جدوى بل يدخل في خانة ظلم المتعلمين. و قد يكون بالتفاوت الجائر في التعامل أو الكلمات الجارحة المؤذية أو التقليل من القيمة و إبراز كل سلبي في أي إنجاز دون الإيجابي منه و تكسير النفسية عند كل خطأ أو تعثر إلى غير ذلك من الأمور.

** إن متابعة تحصين المعنويات و تقويتها، بشكل فردي حسب نوعية الشخصية أو بشكل جماعي لزمرة القسم، على مدى السنة الدراسية، تعتبر من الأدوار الهامة لمُمَارِس التدريس و لها وقْع كبير على الأداء و الفعالية و المردودية و على نجاح الحصة الدراسية و نجاح وصول رسالة التدريس بشكل سليم، و بناء متين منيع متوازن لشخصية المتعلم يكون معه قادرا على مجابهة الطوارئ و الصعاب و خوض التجارب الجديدة بقوة إيمان و صلابة مراس و حُسْن تفاعل.

**هناك جانب معنويات الممارس للتدريس و التي تتأثر بكثير من العوامل و تؤثر بطبيعة الحال فيمن حوله و قد كانت عدة مقالات سابقة مجالا فسيحا للتفصيل في بعضها كمقال الجحود و مقال أذى المسار و مقال لحظة بسنة و غيرها، و قد يكون الممارس الحيّ المرهف الحسّ عرضة لكلمة واحدة طيبة كفيلة بنسيان التعب الجسدي و كفيلة بإعطاء شحنة إضافية مقوّية في العمل و العطاء و العكس بالعكس و قِسْ على ما أكثر منها، و الله الموفق.

بتوفيق 29-11-2016 16:00

044 حراسة البكالوريا
مهمة صعبة ثقيلة ينفر منها كثيرون و يعتبرها آخرون من أَمَضِّ و أقبحِ أيام السنة الدراسية كلها ، تكليفٌ و أمانةٌ على عاتق ممارس التدريس و مهمة تربوية انقرض أو كاد هذا الجانب منها، استشرى هاجس الغش فأصبح محورَها الرئيسي و غاص المنظرون لها في الجوانب التقنية و التنظيمية و الإدارية، و الإجراءات التأديبية الزجرية دون الوصول إلى لبّ الموضوع و جوهره و دون حتى التمكن من ضبط و إنجاح ما غاصوا من أجله إلا في بعض مظاهره الخارجية السطحية.

* * استشرى جانب الغش و أصبحت أساليبه تتطوّر و تتجدّد بوثيرة كبيرة وصلت لحد تسريب المواضيع على نطاق واسع، حتّى أصبح القيّمون على تنظيم الامتحانات و حراستها يكادون يعتبرون الجميع متهمين إلى أن تثبت براءتهم، و هذا في حدّ ذاته خلل في التنظيم و الهيكلة و الرؤية الشمولية العادلة و بالتالي في المنظومة التربوية ككلّ لأن المفروض هو العكس، و قد فصّلنا في جانب الغش في المقال 20 الذي عنوانه " الغش " في جوانبه العامة و تغلغله في مناحي كثيرة و تقبّله من كثيرين كردّ فعل عما يعايشونه من تناقضات و مظالم.
* * يواجه الممارس للتدريس أسبوعَ الحراسةِ بعد أن خاض سنة دراسية منهكة، و يكون هذا الاسبوع ( يتبعه آخر في الدورة الاستدراكية ) في شهر يتّسم بالحرارة المرتفعة، و تكون ساعات الحراسة طويلة و قد تشمل حصتين أو أكثر في اليوم دون وسائل مريحة مساعدة، كل هذا في ظلّ جوّ مشحون مكهرب و نفسية مضطربة لدى أغلب المتدخلين ممّا يتطلّب استعدادا خاصاً و نَفَساً احترافياً و سعَة صدْر و تحمّل كبيرين، و يقظةً و حذراً في التعامل مع الأحداث و المستجدات و الوثائق الإدارية و أوراق التحرير و التسويد و مواضيع الموادّ، و إحاطةً بالمذكرات و القوانين المرتبطة بإجراءات الحراسة و المراقبة و المداومة و غيرها، لأن أخطاء تبدو صغيرة أو هامشية قد تكون لها عواقب وخيمة و غير متوقّعة.
* * يتكلّف بالحراسة مراقبان في كل قاعة، يكون الانسجام بينهما في العمل مساعداً، و التنافر مشكلاً، و الحديث الثنائي مزعجاً، و الاتكال و التواكل لأحدهما على الآخر تقصيراً في الأمانة و شذوذاً عن أخلاق المهنة.
* * التعامل مع الممتحَنين يتطلب خبرةً و حذراً و حيلةً و بُعْداً عن الأحكام الجاهزة و الاتهام المجاني و العبارات المستفزة و الكلام الكثير و الجدال العقيم و الضغط النفسي و التجوال الكثير بين الصفوف، وقد أفضنا و تطرقنا لهذا و لغيره في المقال 18 بعنوان " حراسة الفروض "، يبقى أنّ نوعية الممتحنين و طريقة التفاعل معهم تختلف بين المُمَدرسين و الأحرار و الذين سبق تدريسهم، حيث لكلٍّ ما يلائمه و يناسبه.
* * يتداخل عند المكلّف بالحراسة جوانب تكافؤ الفرص و ظروف التعلم و قساوة بعض المناهج و صعوبتها و القيام بالواجب و الضمير المهني و الوازع الأخلاقي و الديني و رسالة المربّي و شجاعة القيّم على العدل و التخوف من الانتقام و الابتعاد عن المشاكل و سريان الغش في كثير من الأوردة و الشرايين و التعب و ظروف العمل الصعبة و غياب الحماية الحقيقية و غياب الجانب التربوي و غياب التعويضات، تتداخل كل هذه الجوانب و غيرها بنسب متفاوتة و تؤثر في تدخله في الحراسة و شكل تسييره لها و ينبني لديه تصور ينعكس نمطاً و نموذجاً في التفاعل مع الأحداث و المعطيات سلباً أو إيجاباً و هي التي تجعل أيام الحراسة شاقّةً و عسيرةً في ممارستها و في انعكاساتها النفسية كما أسلفنا القول.

إن نمط الامتحانات و طريقة إدارتها و نوعية مضامينها و وسائل و تقنيات حراستها و تأطيرها و تنظيمها تتطلب إعادة هيكلة شمولية في المضمون و زاوية الرؤية، تراعي التطورات المتسارعة في المجالات المختلفة بما فيها بنية المجتمع، و تعطي الأدوار الصحيحة للجميع و يكون تحكّمها و ضبطها و عدالتها كفيلةً بجعل الزجر و العقوبة علاجاً وقائياً رادعاً للآخرين و حمايةً لأصحاب الضمائر الحية.

بتوفيق 23-12-2016 17:04

045 الذاكرة و الحفظ

مَلَكَتانِ منفصلتان لكنّهما منسجمتان، ضروريتان للمعلّم و للمتعلم، كانتا و لا تزالان من ركائز التعلم الناجح و التبحّر الأصيل الغزير في مجالات العلوم و ضبط تفاصيل المعلومات و حُسْن استحضارها و التصرّف فيها، تساعدان على بناء قوّة الملاحظة و سرعة البديهة و جرأة الإقدام و المبادرة، تغنيان نسبياً عن الارتباط اللّصيق بالمراجع و تتيحان حرية أكبر في التصرف و تعطيان نفَسَاً و طلاقةً في الاسترسال و الارتجال و الإلقاء.

* كان التدرّج على الحفظ الكثيف في سنوات الدراسة الأولى عاملاً على تقوية الذاكرة و تنشيطها و زيادة قدرة الاستيعاب و سعته و هذا كان من مكامن قوة التعلم في المناهج القديمة و وسيلةً للنقش الرّصين للمعارف و العلوم، إلا أن ذلك بدأ يقلّ و يضمحلّ مع فلسفة المناهج الجديدة القائمة على تنشيط الفهم و استعمال المراجع و الرجوع إليها، و هذا أدّى إلى ضُعفٍ شبه عام أصاب ملكة الذاكرة عند كثيرين و أصاب كذلك القدرة على الحفظ و على تخزينٍ رشيد للمعلومات، يُضاف إلى ذلك تشتّت الانتباه و قلة التركيز و هذا فصّلنا في جوانب منه في المقال 42.

* يحتاج الممارس للتدريس لذاكرة قوية حاضرة منظّمة جاهزة: تفيده في النجاح في ضبط القسم و في إلقاء الدروس و شرحها و في التفاعل مع الطارئ و غير المتوقّع، و في التعرف على التلاميذ و أسمائهم و أحوالهم و مستواهم و شخصياتهم. و هناك تقنيات للتمكن من ذلك و تيسيره كربط اسم التلميذ بصفته أو صورته أو مجموعة قسمه أو ردّ فعلٍ له أو مكان يعتاد الجلوس فيه أو مستوى دراسي لافت أو أيّ رابط آخر يساعد على التذكر اللحظي في الوقت المرجوّ فقط لأنه لا يُستساغ الحفظ الآلي لمئات الأسماء و استحضارها جميعا بشخوصها و كل ما يتعلق بها في وقت واحد، و لا يمكن ذلك مع توالي سنوات التدريس و التقدم السالب للقوة في السن، و لا فائدة من ذلك في المُراد لنا من استحضاره لهم.

* كما يحتاجها الممارس للتدريس في استحضار ما راكمه من تجارب في طرق الشرح و طرق التفاعل مع فقرات الدروس بنواقصها و إيجابياتها حتى ينقّح عمله و يزيد من جودته.

* شخصياً لا أحبّذ حفظ الدروس من أجل إلقائها بشكل آلي، و أعتبر ذلك عناءً و تكلّفاً لا فائدة منه بل قد يؤثر سلبا على الفهم السليم للتلاميذ و قد تحدّثنا عن هذا في المقال 33 بعنوان "دون تكلف" و في المقال 38 بعنوان " التحضير "

* لا يستغني المتعلّمون عن الحفظ، إما لفقرات و دروس كاملة أو لصيغ علمية أو لقواعد منهجية، و يُستحسن للممارس للتدريس أن يعلّمهم طرق و تقنيات تيسّر الحفظ و تساعد على الاستحضار حسب المراد و حسب التخصّص و حسب المادّة الدراسية: فهناك الملخصات العامة التي تسهّل الإحاطة بالمضمون و هناك الملخصات الشخصية التي يهيئها كل تلميذ بخطه و أسلوبه و طابعه الخاص و هناك الحفظ الذي يربط الشيء بصورة أو حدث أو مكان أو غير ذلك لتيسير تذكره و هناك الحفظ الذي يحصل بكثرة الاستعمال و التداول و الاستخدام كما في الصيغ العلمية، و هناك قراءة النص المُراد حفظه لمرات عديدة قبل النوم مباشرة و إعادة ذلك عند الاستيقاظ فيكون قد أخذ مكانه الراسخ في الذاكرة، و هناك الاستظهار المباشر لتلميذين فيما بينهما مما يساعدهما معاً على الحفظ و المراجعة و هذه جملة من الوسائل المعينة على الحفظ مما عرفناه من تقنيات مجربة ناجحة.

* إن عدم القدرة على الحفظ و التقاعس عنه و الارتكان و الاتكال على المراجع بشكل كلّي يشكل عائقا في التعلم السليم و عاملا لإشاعة الغش و إعاقةً لبناء ذاكرة قوية، و بالمقابل فإنّ اعتماد استظهار منتجات جاهزة في بعض امتحانات بعض المواد و مناهجها يعتبر تبليداً و تهميشاً للعقول و إعاقةً لبناء شخصية ملهمة منتجة.

بتوفيق 31-01-2017 16:51

046 الحصة الأولى
تشويق و إثارة، حبّ استكشاف و استشراف، تخوّف و توجّس، ارتباك و ارتجاج، حيرة و قلق، تركيز و تدبّر، بحث عن صفاء الذهن و ترتيب الأفكار، تشوُّف و تطلُّع للجديد، ثقة و مراسة، استعداد و حماس أو رتابة و ملل،.... كلها أحاسيس و مشاعر مركبة و متباينة إلى درجة التناقض قد تكتنف الممارس للتدريس قبل و أثناء مُباشَرَة الحصة الأولى سواء كانت الأولى في مشواره المهني أو الأولى في سنة دراسية جديدة. تُبرِزُ الحصة الأولى معالم ما بعدها في بناء العلاقة مع التلاميذ و ترسم صورةً و انطباعاً في ذهن الممارس عن تلامذته و في ذهنهم عن شخصيته، قد يبقى راسخاً لمدة طويلة و لا ينمحي مع توالي الأيام إلا بصعوبة.
* يُستحسن أن تكون الحصة الأولى تمهيديةً في جلّ أطوارها تخصّص للمراجعة و الدعم و التعرف على معالم المقرر الجديد و المستوى الدراسي الجديد و كيفية مباشرته، و التوجيهات و الإرشادات و النصائح لتسهيل المهمة، فيها تعارف و استئناس بالصوت و الإلقاء و الأسلوب و طريقة التعبير و السلوك و التموضع و الحركة و الشرح و إدارة الأمور، كما يمكن عبرها توضيح معالم الطريق و خط السير و أسلوب و منهجية عمل الممارس للتدريس حسب المادة و الشعبة و المستوى و خاصة بالنسبة للمتبوعة بامتحان إشهادي.
* لا ضرورة لكلام كثير و لا إبهار مفرط و لا تجهّم أو تبسّط متكلّفين، و لا تنبيهٍ و تحذيرٍ و تخويفٍ و تهديد مضحك مستفزّ، و إنما الاعتدال و الاقتصار على المفيد لبلوغ المقصود و هو كسب الثقة التي هي مفتاح لتيسير الأمور كما فصلنا في المقال الخامس.
* محاولة ملاحظة سلوك التلاميذ و مُعايَرة مستواهم الدراسي بشكل غير مباشر عبر ردود أفعالهم المباشرة و مشاركتهم الشفوية و تفاعلهم مع تمارين المراجعة المقدَّمة لهم.
* قد يكون عند بعض التلاميذ فتور و عدم استعداد ذهني للدراسة و شرود عما يدور في الحصة و حنين لمزيد من العطلة و قلة جاهزية للتفاعل، و هي أمور عادية و متوقّعة و لا يجب أن تُؤخذ كصورة ثابتة حقيقية و لا يجب أن يستتبعها ردّ فعل حاد، كما من المتوقع أن لا يحضر الجميع في الحصة الأولى، و إن حصل هذا فتأخير جزء كبير من جوانب النصح و الإرشاد و تحديد منهجية العمل و التعاقد المشترك يكون ملائماً و أكثر فاعلية.
* هناك من يبدأ الدرس الأول من الحصة الأولى بعد تقديم مختصر و يعتبر أن ممارسة التدريس هي المحدّدة لطريقة العمل و هي تُغني عن الكلام الكثير و فيها يظهر السلوك و التصرف و المستوى بالفعل و بالملموس، كما تشدّ الهِمم و تحفّز على البدء الحقيقي في السنة الدراسية و تفيد في إقبال المتغيبين عنها في الحصص الموالية. لها وقْع الهيبة و تعطي هالةً لقوّة المادة و جدية صاحبها، وسيلة تعليمية موفّقة في ظروف معينة و مناسبة خاصة و في إطار ملائم للمادة و الشعبة و المستوى و لشخص الأستاذ في حدّ ذاته، و هنا جانب التحضير مهم و قد تحدثنا عنه في المقال 38 و كذا جانب التركيز و قد تحدثنا عنه في المقال 42.
* قد يكتنف الحصة الأولى إرهاق و تعب كبيرين ناتجين عن عدم تعوّد الجسم بعد على ممارسة التدريس و هذه أمور معروفة بالبديهة و لا تستدعي قلقاً أو تخوفاً.
* لا يُفترض إبراز جميع المقدرات التعليمية و الميزات الشخصية في ممارسة التدريس من الحصة الأولى بل المقدار المناسب في الزمان و المكان المناسبين.
* هناك رصيد مكتسب من سمعة الأستاذ في مقر عمله يحمل تلامذته الجدد معهم تصوُّراً و تمثُّلاً عن طبعه و سلوكه و طريقة تدريسه و شرحه و غير ذلك، فيها جوانب سلبية و أخرى إيجابية قد تساهم في تسهيل المأمورية و تيسيرها، كما قد تؤثر سلباً و تتطلب جهداً إضافيا لمحو ما طُبع بسواد في الصفحة البيضاء.
* لا توجد قاعدة موحدة و نمط قارّ في مناولة الحصة الأولى بشكل صحيح سليم، حيث يبقى لكلٍ بصمته الخاصة، و ما أسلفنا التفصيل فيه هو تجربة و معاينة قد توافق البعض و تناسبه بشكل كلي أو جزئي و قد تكون غير ذلك لآخرين و لا ندّعي فيها الإحاطة الشاملة بكل الأساليب الناجعة و إنما هو اجتهاد شخصي و الله الموفّق.


بتوفيق 30-12-2017 18:00

047 الأستاذ ( ة )



حاضر بتصرفاته و أفعاله و صفاته و انفعالاته و سماته في كل المقالات السابقة، هو أساس العملية التعليمية و محرّكها الرئيسي، بدونه لا حياة للأقسام و لا للمؤسسات التعليمية و لا للمديريات والنيابات و لا للأكاديميات و غيرها. تطوّرت المناهج و التقنيات و أساليب التعلم عبر العالم دون أن تمسّ ضرورة وجوده في ممارسة التعلم و الحاجة إليه لتحقيق ذلك.
* اعترى واقعه و كرامته و مقامه و دوره في حاضرنا مساس عميق زاد من أزمة القيم في المجتمع و من ترهّل هيكل و بناء التعلم و التعليم.
* همّشته كلّ برامج و مخطّطات الإصلاح في تحضيرها و التخطيط لها، و أنيطت به مسؤولية نجاح تنفيذها دون إشراك و لا مواكبة و لا تدريب و لا حتّى إخبار رسمي بحيثياتها و تفاصيلها خاصة عند تغيير المقررات و مناهج التدريس و لغة التدريس.
* مطالب بمسايرة كل التغيرات المتسارعة في كل مجالات الحياة و هو على حالته التي بدأ بها مشواره المهني فليس هناك تكوين مستمر متجدّد و لا تدريب فعال خلاّق و لا تأطير حيّ مُجْدٍ و لا مواكبة حقيقية للمستجدات و التطورات من طرف القيّمين على قطاع التعليم، إلا ما كان من مجهوده و اجتهاده الشخصي و هذا يشمل المادة المدرّسة من حيث مكوّناتها و يشمل طرق و مناهج التدريس و يشمل طرق و مناهج التعامل و التفاعل الإنساني و التربوي مع مجتمع التلاميذ و عالمهم.
* أزيح عنه دور المربّي و القدوة و هامش التأطير الأخلاقي و النفسي و دور المعلّم و الباني لعقل و شخصية التلميذ و جانب التفكير و البحث و الاستنباط و التحليل و أصبح منوطاً به التلقين و التدريب المضبوط على تقنيات و أنماط محدّدة في كل مجال و محور دراسي و هذه هي الفلسفة الحقيقية التي تلخص محتويات المناهج الدراسية المعتمدة المقرّرة في جل المستويات و الشعب و المواد و كذا مكوّنات الامتحانات الإشهادية الموحّدة رغم ما قد يخالف ذلك في ظاهرها و مقدماتها و ديباجتها.
* تهميش دور الأستاذ هو من أهم أسباب فشل أي تجربة تروم إصلاح منظومة التعليم، و هذا التهميش فعليّ و عميق انطلق من هضم حقوقه المادية و الوظيفية و التماطل في سدادها و من الظلم الذي اعترى فئات عديدة في مجال الترقية و الانتقال و في شكل و مضمون الامتحانات المهنية، كما أنّ اعتبار كتلة الأجور مستنزفة للميزانية هو تحليل مغلوط مقلوب فبناء الإنسان هو أهم مصنع اقتصادي محوري في الأمة، و استتبع هذا التهميش مجال التكوين و التأطير و المواكبة كما أسلفنا القول، و كذا سياسة الترقيع في التوظيف و التكليف و الإدماج و كذا حملات التشهير التي تظهر بين الحين و الحين التي تطال كل العاملين الممارسين في القطاع دون ميز و لا توقير و لا تحديد و وصلنا إلى تدريس عدة مستويات في حجرة واحدة و تدريس عدة مواد في نفس السنة و التدريس بلغتين و التدريس في مؤسستين و غير ذلك من المهازل المتجددة. و يبقى جانب التهميش في الممارسة هو أهمها على الإطلاق حيث أصبح دوره تنفيذياً محضاً و تطبيقاً حرفياً لأوامر المذكرات و المراسلات و ما يُصاغ من إجراءات و طغى جانب التعامل الإداري الشكلي عن المضمون الحقيقي لممارسة التدريس.
* الأستاذ يتفاعل و يتعامل مع العقول و الأفهام فعمله مركّب معقّد و لا يوزن بالكمّ، فمنتوجه لا ثمن له عند من يقدّر الإنسان و كرامة الإنسان، لكن مع الأسف الشديد فهو في منظومتنا التعليمية رقم استدلالي و أداة لسد الفراغ و لقب سهل جاهز لجميع أنواع الفشل الذي يحيط بقطاع التعليم.
* غطت جوانب من الواقع المرير أموراً أخرى عن الأستاذ في هذا المقال لكنها حاضرة في عناوين المقالات السابقة ( كالغش و الصحة و أذى المسار و الجحود و بين الشكل و المضمون و غيرها ) و فيما يليها إن شاء الله و الله الموفّق.

بتوفيق 10-04-2019 19:08

048 الرياضيات
29/01/2017
ذ: توفيق بنعمرو

يميل إليها و يعشقها كثيرون و ينفر منها و يبغضها أو يهابها و يتخوف منها آخرون. مقياس النجاح الدراسي و التميز العقلي و نضج الذكاء عند بعض المنظرين التربويين و مادة دون روح عند بعض الأدباء و الشعراء. اقترنت بالفلسفة و تقاطعت معها في عصور قديمة، و لا زالت مشتركة معها في أبواب منها حيّز المنطق و الاستدلال. تطوّرت و تشعبت مجالات استخدامها و تداولها في العلوم الأخرى و أصبحت ركيزة لا مَحيدَ عنها في جلّ مناحي الحياة الحديثة.
* لها أدوار في التعلم تخرج عن إطار محتواها كمادة دراسية مقرّرة فحسب، إلى أبعاد و عوالم فسيحة، فهي تنمي ملكات عديدة و تطوّر قدرات و كفايات هامة و أساسية في بناء شخصية وازنة سليمة رشيدة منها: التحليل و التجريد و الحدس و التخمين و التمثّل و الاستنباط و التخيّل و الاستدلال و الاستنتاج و البرهان و التأويل و الترميز، و التسلسل المنطقي المنظم، و الحساب و بناء التصور و تشكيل و قولبة المفاهيم و المسائل و البنيات، و متعة التعلم و متعة التمرّن و متعة البحث و متعة الوصول للحل و متعة استعمال العقل و الفطنة و الذكاء و متعة تذوّق حلاوة العلم.
* اختلفت طرق ومناهج و مقررات مناولة المادة في التدريس بين الإغراق في التجريد و البناء التسلسلي النظري، و بين التركيز على تقنيات الحساب و التطبيق و تقريب الاستعمالات و الاستخدامات المباشرة في الميادين العملية. و للأسف الشديد وقع تخبّط في الموازنة بينهما و الأخذ منهما لأهميتهما معاً، فتَمَّ حذْفُ مقاطعَ من هذا و إضافة مقاطع من ذاك دون رؤية شمولية واضحة و لا فلسفة عميقة بيّنة الأهداف و المرامي، فأصبح البناء هشّاً بهندسة عشوائية و هيكل مترهّل، أساساته غير عميقة و لا صلبة، و طوابقه غير متوافقة و لا متطابقة، و نوافذه مُشْرَعة في اتجاهات متداخلة مشوّهة، و هذا تشبيه و توصيف واقعي لحالة تعلّم الرياضيات الآن.
* تدريس الرياضيات يتطلب جُهْداً بدنياً و عقلياً مُضْنِيين و تركيزاً و إعداداً كبيرين و حرفية و مهارة بارزتين، يواكب كل ذلك ميل و حب داخلي لها، و إلمام متين بدواخلها و بناءها النظري الأساسي و استشعار حقيقي و واقعي بقيمة المادة و دورها الكبير في تكوين شخصية المتعلم، و هي أمور فارقة في تحديد النجاح في ممارسة تدريسها و التفوق فيه.
* هي حاضرة في كل مراحل التعلم و لا تخلو شعبة و لا مسلك منها، بل تختلف عدد ساعات التدريس و معاملها و مقرّرها فقط. و هنا تبرز قيمة الممارس و مهارته في تدريس و مقاربة و مناولة نفس المفهوم لشعبتين مختلفتين بمرامي متباينة، عليه أن يَتبيَّنَها و يستجليها قبل تدريس ذاك المفهوم، فمثلا درس نهايات الدوال عنوان مشترك بين شعبة الآداب و العلوم الإنسانية و العلوم التجريبية و العلوم الاقتصادية و العلوم الرياضية لكن بتفاصيل و مضامين مختلفة و الأهم من ذلك بأهداف غير متطابقة: فالمتعلّم في كل شعبة له نطاقه الفكري الخاص و طريقته في اكتساب المعرفة، و الشعبة في حد ذاتها لها فلسفتها الخاصة في التكوين و القدرات المنتظرة المستهدفة من المادة ككلّ، فالتدريس بنفس الأسلوب و نفس الطريقة لكل تلك الشعب و المستويات عمل غير سليم و يجافي الصواب.
* يَحسُنُ بالممارس لمادة الرياضيات أن ينوّع في مساره المهني الشعب و المقرّرات المدرّسة و لا يكتفي بالاختصاص في واحد أو اثنين، فسيجد في التنويع مجالاً لصقل الخبرة و التعرف على جمهور من المتعلمين مختلف و متباين، و سيظهر له مدى يُسْر الفهم عند البعض و صعوبة التعلم عند البعض و مجال التعثر عند آخرين في كل وحدة دراسية، يقيس عندها ما يصلح لكل نوع من التلاميذ و يتيسّر له التفاعل مع أنماط مختلفة من الإدراك فلا يحكم على الجميع بتدنّي المستوى أو ضعف الذكاء أو قلة كفاية الفهم، و إنّما يعطي لكلٍّ ما يصلح له بالقدر الذي يصلح له و في الوقت و المدى الذي يصلح له و هذا ما سيكون أنفعَ له. و على العموم فكلّما كانت المادة ضعيفةَ المُعاملِ في شعبةٍ كلما كانت الطاقة الإبداعية في التدريس ضرورية لكسب التجاوب و جلب الاهتمام و الإقبال على التعلم و هذا و إن كان يبدو عسيراً فهو في حد ذاته تحدّي في الممارسة له متعته الخاصة و الله الموفّق.


الساعة الآن 16:37

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها