منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية

منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية (https://www.dafatir.net/vb/index.php)
-   دفاتر الأخبار الوطنية والعالمية (https://www.dafatir.net/vb/forumdisplay.php?f=112)
-   -   مسؤولية من لا مسؤولية لهم - الفيضان والحكومة (https://www.dafatir.net/vb/showthread.php?t=59723)

أشرف كانسي 31-01-2009 11:53

مسؤولية من لا مسؤولية لهم - الفيضان والحكومة
 
الأمطار الطوفانية تعصف بالقرى وتستنفر السلطات وتؤجج غضب السكان


بعد سنة حافلة بالأحداث والتطورات على تعيين الحكومة المنبثقة عن اقتراع 27 شتنبر 2007، جاءت أمطار الخريف هذا العام على المحك، لتضع المنجزات التي حققها المغرب خلال العقود السابقة. وتفتح الباب لتساؤلات لا نهاية لها حول متانة وجودة تلك المنجزات، ومدى تحمل المسؤولين في الحكومة والإدارة بأمانة وشرف للمهام الملقاة على عاتقهم، وكذا فعالية مراقبة الأموال التي صرفت على تلك المشاريع.


بدت أولى تعاليق الصحف الوطنية على هطول القطرات الأولى من المطر، لهذا الموسم، شبيهة ومتطابقة مع عناوين وتعاليق السنوات السابقة، فكلما هطلت الأمطار، اختنقت البلوعات وقطعت الشوارع وغرقت أحياء ومدن بأكملها، وانهارت جسور، وكتبت الصحافة بالعناوين ذاتها، "أمطار الخير والبركة تكشف هشاشة البنيات التحتية"، و"الأمطار تفضح تهاون المسؤولين"، و"الفيضان يدمر حيا صفيحيا"، و"الفيضانات تعزل قرى بأكملها".

لكن أمطار هذا الموسم اكتست صبغة خاصة، واستطاعت أن تخرج مسؤولين من مكاتبهم في العاصمة، وتلقي بهم إلى مواقع الحدث بعدما أغرقت أحياء بأكملها في الناظور ووجدة والحسيمة وطنجة.

أمطار هذا الخريف فتحت الباب للنقاش حول مدى جاهزية الجهات المسؤولة على مواجهة كوارث، من قبيل الفيضانات والزلازل والأعاصير، ومدى قدرة الدولة على حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم وتأمين سلامتهم في مواجهة قوى الطبيعة في حال إعلان غضبها.

حسب خبير في المناخ : التساقطات الأخيرة والكوارث التي تسببت فيها، أكد أنها أمطار عادية، رغم أن المغرب لم يشهد سقوطها لأزيد من 30 سنة الماضية، مضيفا أن سبب الخسائر التي نجمت عنها، يرجع أساسا إلى أن السكان شيدوا بنايات فوق الأنهار وبجوار المستنقعات خلال سنوات الجفاف.

فحسب الخبير، لا تتحمل الأمطار أي مسؤولية عما حدث للمغاربة المنكوبين، ومن هنا تنتقل المسؤولية إلى الإنسان، وتحديدا إلى المسؤولين، الذين سمحوا ببناء أحياء ومدن وقرى فوق مجاري الأنهار والوديان وفي المنعرجات والأمكنة غير الصالحة للتعمير، ووقعوا على رخص البناء دون الاستعانة بأي دراسة أو خبرة في مجالات الجيولوجيا والبيئة والمناخ، كما تفعل عادة الجهات المسؤولة في الدول، التي تخطط لبناء التجمعات السكنية، واضعة في حسبانها مصالح شعوبها على مدى مائة عام أو ما يزيد.

كما أن الخسائر الناجمة عن أمطار الخير والبركة، لم تغرق المناطق المأهولة بالقرب من الأودية أو في المستنقعات، بل أغرقت مدنا، والسبب أن قنوات تصريف المياه اختنقت إما بسبب كثرة الأزبال أو بسبب صغر القنوات، التي كان من المفترض أن تكون بمقاس محدد، إلا أنها شيدت بنصف المقاس، فيما ذهب نصف المقاس الآخر إلى جيوب آكلي المال العام.
ويضاف إلى خسائر أمطار هذا الخريف، انهيار الجسور والطرقات، وهي كارثة لا دخل للطبيعة فيها، لأن جسورا وطرقا تعود إلى عهد الحماية، بالمناطق ذاتها، ظلت سليمة وثابتة في مكانها، فيما بدت جسور حديثة العهد كأنها تعرضت إلى *** جوي، وليس إلى أمطار الخير والبركة.

إن هذا الواقع لا ينفي مسؤولية الحكومة، وتحديدا مسؤولية وزارة التجهيز والنقل، التي يقع على عاتقها تشييد الطرق والجسور والبنيات التحتية للمدن والقرى، فهي مجبرة على تتبع الأشغال ومراقبة صرف الميزانيات المرصودة، والتأكد من جودة الأعمال المنجزة، ومعاقبة المسؤولين المتلاعبين بمصالح الوزارة. وهذا ما لم يحدث طيلة الأربعين عاما الماضية التي غابت فيها الأمطار.

كما تتحمل وزارة السكنى والتعمير نصيبها من المسؤولية، فهي ملزمة بوضع استراتيجيات للبناء، تقاوم الزلازل في المناطق المهددة بالزلازل، وتتجنب الفياضان في الأماكن المعرضة للفيضان، وتضمن للسكان الأمن والسلامة وحقهم في المساحات الخضراء وتحميهم من الزحف الأعمى للأسمنت، وهو ما لم يحدث كذلك خلال الأربعين عاما الماضية.

وتتحمل وزارة الداخلية المسؤولية عن انتشار البناء العشوائي، فهي تتوفر على كافة وسائل مراقبة التراب الوطني، فلا ترفع صخرة من مكانها ولا توضع في مكان آخر إلا بعلم "المقدمين" و"الشيوخ" و"القياد" والباشاوات والعمال والولاة، فكيف جرى تشييد دواوير ومدن صفيح وأحياء عشوائية من شمال البلاد إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها.
ويأتي في الأخير دور وزارة الصحة، فهي بعد وقوع الكوارث مجبرة على تجنيد الأطباء والممرضين في حالة الطوارئ، وإرسال الفرق الطبية إلى عين المكان، لمعالجة المصابين وإسعاف الجرحى، وهو الأمر الذي لم يحصل، إذ شاهد الرأي العام مغاربة عزلهم الفيضان في أماكن متفرقة من تراب الوطن، بعدما قطعت الأمطار أوصال الطرق الرديئة وكسرت الجسور المغشوشة، فأصبحوا في عداد المنكوبين.
منقول من جريدة المغربية


الساعة الآن 05:10

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها