منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية

منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية (https://www.dafatir.net/vb/index.php)
-   القصص والروايات (https://www.dafatir.net/vb/forumdisplay.php?f=75)
-   -   هيفاء (https://www.dafatir.net/vb/showthread.php?t=82416)

lamgharir11 13-04-2009 21:35

هيفاء
 
باتت ليلتها الربيعية تتقلب ذات اليمين وذات الشمال ؛ لم يغمض لها جفن تلك الليلة ؛ ولم ير الكرى سبيلا إلى عينيها ؛ باتت تقلب صفحات مستقبلها المجهول صفحة صفحة...وقلبها باتت نبضاته متسارعة...والليل بدا لها طويلا طويلا ..ويا ليت الفجر يبتسم...ما أطولك يا ليل ...وأنت أيتها النجوم..هل أصابك الشلل ؟
باتت هيفاء تحتضن رقمه بين دراعيها...ورقة صغيرة كُتِبَتْ عليها تسعة أرقام مذيلة باسم عماد...قرأتها مئات المرات بل آلاف المرات...قرأت الأرقام يمينا وشمالا...وقرأت اسمه من اليمين إلى اليسار طورا وتارة من اليسار إلى اليمين..هكذا باتت هيفاء ليلتها قارئة للأسماء...وكم تندهش لما تقرأ اسمه من اليسار إلى اليمين فيبدو لها (دامع )عوض (عماد )..ما لنا والدموع...لا يهم ..هذه البداية .. فلتكن بداية سعيدة..بعيدة عما يدرف الدموع...وبين الليل والنجم...وبين عماد ودامع قضت هيفاء ليلة لا كالليالي...
استيقظت من فراشها باكرا لما سمعت أباها يغادر المنزل كعادته بحثا عن لقمة عيش لها ولإخوانها الذين لازالوا نياما...لقمة عيش يبحث عنها والدها بالكاد من بزوغ الفجر إلى وقت آذان العشاء..يدفع أمامه عربة بعجلتين حاملا بضائع المسافرين...عربة طالما ركبت فيها وهي صغيرة...عربة أصبحت اليوم في نظر هيفاء شيء متلاشي يجب التخلص منها..عربة عند أبيها شرف وكرامة ..نبل وطهارة...عجلتين صغيرتين من المطاط أوصلتا هيفاء إلى منتهى السلك الثانوي...وأوصلت إخوانها بعدها إلى الابتدائي فالاعدادي..وهيفاء عند أبيها رمز السعادة والهناء..ينتظر حصولها على الباكالوريا للانخراط في سلك التعليم أو الجندية..هذه أمنيته في الحياة ..يدعو لها بالنجاح والفلاح عقب كل صلاة ..وأمها كذلك تدعو وتدعو..لا يهم أن يدفع عربته أمام الناس..فذاك عمل شريف..كل ما يهمه أولاده..وبنته هيفاء...والمسكين لا يعلم أن بنته مقبلة على أول مغامرة في بحر الحب ...وهي لا تعرف من الحب إلا ما تشاهده في أفلام المكسيك...وما تقرأه في الكتب..وما تتناقله الصبايا بينهن من أحاديث...هيفاء لا تعرف الفخاخ التي ينصبها بعض الرجال في طريق الفتيات..كانت تعيش عيشة بسيطة جدا إلى درجة أنها لا تملك الهاتف النقال كباقي الصديقات بالقسم...
أخذت هيفاء حماما رغم أنه تقليدي جدا..ولبست سروالها الأزرق الوحيد ..وارتدت قميصا أبيض شفافا..فلاحت فاتنة حسناء تسر الناظرين..تعطرت بعطر..ففاحت منها رائحة تثير فضول المارين...مشطت شعرها ووضعت لمسات عليه..فبدت هيفاء جميلة غاية الجمال..أنيقة جدابة وزاد من أناقتها قامتها وشعرها الأسود...وغادرت المنزل في اتجاه الثانوية بعد أن تأبطت كتابا واحدا...وبدت هيفاء يومها إنسانة أخرى..حتى أن أحد الأساتذة في الطريق بادر لأول مرة بمصافحتها ورغبته في فتح حديث معها ؛ تجاهلته واكتفت بابتسامة حلوة في وجهه...واكتفى أستاذنا بتنهيدة ..تنهيدة حب خرجت من الأعماق...وأردفها بنظرات ونظرات...وأشعل سيجارة..علها تطفئ نارا أشعلتها تلميذته في قلبه..ما أجمل أن نطفئ النار بالنار...
رن جرس الدخول...ومعه رن الهاتف في يد عماد : '' أنا في انتظارك..في المخدع الهاتفي .خلف الثانوية ".وقُفِلَ الخط..
وقفت سيارة من النوع الفاخر سوداء اللون...فتح الباب وامتطت هيفاء السيارة...وتحركت في اتجاه المجهول..وانطلقت بسرعة فائقة ..وانطلقت معها موسيقى شاعرية خفيفة..تمايلت لها هيفاء ...واشتبكت الأيادي..وبدأ الحديث..الحديث عن الاسم والدراسة والعمل وظروف العمل بالخارج ...فبدا الخارج لها جنة من جنات عدن...وبدا عماد يكبر في عينيها شيئا فشيئا..وبدأ التخطيط للخطوبة...
لم تشعر هيفاء أن الأيادي لم تبق متشابكة...ها هي يده فوق فخدها الناعم المكتنز لحما..لقد استسلمت وهو يحدثها عن أمواله بالبنك..عن مشاريعه بالبلد..عن مشروع زواجه..عن هيفاء الذي اختارها أن تكون شريكة حياته..وهي استمعت كثيرا واستمتعت بأحاديثه كثيرا..وحلمت كثيرا نعم حلمت ولم تفق من حلمها إلا بعد أن كان ما كان..لقد فقدت شرفها في ساعة أسلمت نفسها له..ففعل بها ما فعل..فقدت كرامتها وعذريتها في لحظة شاعرية...لحظة كان فيها جسمها الناعم خريطة يبحر فيها عماد من نقطة لأخرى..وقد كان يجيد الإبحار ...فقدت كل شئ في بيت لم تذكرمنه إلا الضوء الأحمر الباهت..والموسيقى الهادئة..لم تدرك كيف دخلته ومتى ومع من ؟ بكت كثيرا وكثيرا..واستجمعت أنفاسها..وغسلت أطرافها..وخرج بها عماد إلى المدينة...وهناك أهداها هاتفا نقالا..وساعة يدوية..وقارورة عطر..وخاتم ذهب تبين فيما بعد أنه مزور ومزيف...ودار بها أرجاء المدينة ...واشترى لها أقراص منع الحمل من الصيدلية...واسترجعت بسمتها وتبادلا القبلات داخل السيارة...وعاد بها إلى البلدة..وقدم لها ورقةمالية زرقاء..ووعدها باللقاء...فأومأت له برأسها ....وتابعت طريقها إلى المنزل وسط التلميذات..ويا لخيبتها عندما رأت عربة أبيها أمام المنزل وهو يصلح إحدى عجلاتها...
استمرت اللقاءات وتكاثرت القبلات..وتواصلت الغيابات وتناقصت النقط في سجل هيفاء...وأُثِير موضوعها بين الصبايا كما أثير بين الأساتذة..ووصلت الأخبار إلى الأم المسكينة...نبهتها كثيرا و كثيرا..لكن ذلك لم يزدها إلا تقربا من عماد الذي وعدها بالزواج...ولم يجد عماد هروبا منها وهي التي أصبحت تبحث عنه...
غادر عماد المغرب في اتجاه إيطاليا...لم تتلق هيفاء أي مكالمة منه...حاولت الاتصال به عبر رقم أعطاه إياها ذات يوم...لكن دوما جواب بنفس الكلمات بلغة لاتفقه فيها شيئا..حاولت ثم حاولت..وأخيرا ذات أصيل استغرقت في حلم عميق..أدرفت الدموع حتى جفت..وبكت كثيرا..واستفاقت على صدى زغاريد آتية من بيت الجيران..هرولت إلى الثانوية...بحثت عن اسمها...لم تجده ...رجعت إلى البيت حزينة كئيبة لا تدري ما تفعل ...أقفلت عليها باب حجرتها وخلدت للبكاء....

assif10 13-04-2009 22:05

السلام عليكم
أخي lamgharirهي فعلا قصة من قصص واقع مفروض مرفوض..قلت قصة لأنها تتضمن أحداثا و أشخاصا و عقدا وأسلوب السرد الجميل حاضر بقوة ..ترتيب الأفكار كان جيدا بحيث جاءت أحداث القصة منسابة و متسلسلة..
فعلا دخولك للأدبي أعطاه شحنة إضافية .
لك مني كل التقدير و السلام

lamgharir11 14-04-2009 06:00

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة assif10 (المشاركة 590694)
السلام عليكم
أخي lamgharirهي فعلا قصة من قصص واقع مفروض مرفوض..قلت قصة لأنها تتضمن أحداثا و أشخاصا و عقدا وأسلوب السرد الجميل حاضر بقوة ..ترتيب الأفكار كان جيدا بحيث جاءت أحداث القصة منسابة و متسلسلة..
فعلا دخولك للأدبي أعطاه شحنة إضافية .
لك مني كل التقدير و السلام


فعلا أستاذي الكريم..هي قصة من الواقع المعيش...وما أصبحت تعيشه بعض التلميذات اللواتي ينجرفن وراء المهاجرين ...والنتيجة دائما واحدة...هي دعوة مني لأخذ الحذر من هؤلاء الذين يرتادون المؤسسات التعليمية...وما أكثرهم...
شكرا على ملاحظاتك القيمة أستاذني...شكرا للقراءة...

soulama 14-04-2009 14:52

السلام عليكم....
جميل يا أخي "لمغارير11"...ما خطته أناملك في جرد لواقع ...مؤلم يلعب فيه ضعاف القلوب..والنيات السيئة دورا رئيسيا..لا يفرقون بين الخير والشر فيستغلون براءة بناتنا وأولادنا...
شكرا مرة أخرى على هذه التحفة التي تنضاف الى جواهر ما قرأت لك أيها المبدع...
أشكرك باسم كل من يلمس هذا التصرف في الشارع ...والمؤسسات التعليمية...و...و...ويستنكره بشدة...
كل الشكر ...والتقدير...والاحترام الواجب لأمثالك...


imane25 14-04-2009 15:06

قصة جميلة لانها تحدثنا في موضوع خطير يهم كل التلميذات المراهقات


الساعة الآن 16:33

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها