منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية

منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية (https://www.dafatir.net/vb/index.php)
-   دفاتر مقالات الرأي والتقارير الصحفية التربوية (https://www.dafatir.net/vb/forumdisplay.php?f=339)
-   -   المهارات والميزانيات تنسج فوارق التعليم بين المغرب وكندا وألمانيا (https://www.dafatir.net/vb/showthread.php?t=219536)

nasser 27-01-2018 12:32

المهارات والميزانيات تنسج فوارق التعليم بين المغرب وكندا وألمانيا
 
https://t1.hespress.com/files/2017/0..._606112797.jpg محمد الراجي
السبت 27 يناير 2018
تعاني المنظومة التعليمية المغربية تردّيا ما فتئ يتفاقم مع مرور السنوات، بشهاد المؤسسات الرسمية. وفي خضمّ النقاش الدائر حول السبل القمينة بإخراج التعليم المغربي من عنق الزجاجة، تفتح هسبريس المجال لتربويين مغاربة يدرّسون في بلدان ذات نظام تعليمي متطوّر، للمقارنة بين النظام التعليمي المغربي، والأنظمة المعتمدة في البلدان التي يشتغلون بها.

التجربة الألمانية

تعزو خديجة بنعياد، الأستاذة المختصة في إدماج التلاميذ والطلبة الأجانب في المؤسسات التعليمية الألمانية، نجاح منظومة التعليم الألمانية إلى جُملة من الأسباب؛ أهمّها الاهتمام الكبير للدولة بهذا القطاع الحيوي، وتخصيص ميزانيات ضخمة له، إذ إنّ قطاع التعليم في ألمانيا يستحوذ على أكبر حصة ضمن الميزانية السنوية العامة للدولة.

تخصيص ميزانية كبيرة للتعليم وحده لا يكفي، بل إنّ الأهم بالنسبة إلى المسؤولين الألمانيين هو طريقة وأوْجُه صرْفها. وفي هذا الإطار، تشير خديجة بنعياد إلى أنّ ميزانية التعليم في ألمانيا تُصرف بالدرجة الأولى عَلى الموارد البشرية وبناء المؤسسات التعليمية وتجهيزها وشراء الكتب المدرسية التي تُعطى للتلاميذ مجانا مع إرجاعها نهاية الموسم الدراسي.

وفيما طغى على ساحة النقاش العمومي المتعلق بالتعليم في الآونة الأخيرة موضوع انخراط الحكومة في توظيف الأساتذة بالتعاقد، مع ما يطرح هذا التوظيف من أسئلة حول جودة التعلّمات التي سيلقّنها هؤلاء الأساتذة للتلاميذ، في ظل عدم استفادتهم من تكوين كاف يؤهّلهم لمزاولة مهنة التعليم، تتشدّد ألمانيا في هذا الجانب، وتحرص على أن يتوفر الأساتذة على مؤهلات بيداغوجية متينة للقيام بأداء رسالتهم على النحو المطلوب.

وأوضحت خديجة بنعياد أنّ الاهتمام بالعنصر البشري يشكّل إحدى أولويات القائمين على تدبير النظام التعليمي بألمانيا؛ ذلك أنّ المدرّسين الذين يتمّون خمس سنوات في الجامعة يخضعون لتكوين لمدة سنة ونصف السنة في إحدى المؤسسات الخاصة بالتكوين، ويتم التركيز على الجانب البيداغوجي، إضافة إلى الجانب المهاراتي، حيث إن كلّ أستاذ يجب أن يكون قادرًا على تدريس مادّتين، وهو ما يؤهّلهم التكوين الذي يتلقونه للقيام به.

وإلى جانب الاهتمام بالموارد البشرية، تولي ألمانيا اهتماما خاصا للجانب التربوي للتلاميذ منذ سنّ مبكرة، أي منذ ما قبل التعليم الأوّلي، حيث يتوجّب على المربّيات والمربّين المشتغلين في الحضانة أَن يتوفروا على تكوين بيداغوجي يتناسب مع حاجيات الطفل؛ ويتم التركيز خلال مرحلة الحضانة على فسح المجال أمام الأطفال للعب والأعمال اليدوية من أجل تحفيزهم على الإبداع وتكوين وصقل شخصياتهم.

وبخلاف ما هو معمول به في المغرب، فإنّ التلاميذ لا ينتقلون من مستوى دراسي إلى آخر إلى غاية إتمام دراستهم، بل يتمّ إلحاقهم بالمستويات التي تتناسب ومع دراتهم المعرفية، بعد قضاء أربع سنوات في التعليم الابتدائي، حيث يتم تقسيمهم إلى مستويات في المرحلة الإعدادية، إذ يلتحق المتفوقون مباشرة بالثانوية، في حين يُلحَق التلاميذ الضعفاء بصفوف المرحلة الأساسية.

خلال المدة التي يستغرقها التلميذ الضعيف في المرحلة الأساسية، تضيف خديجة بنعياد، يتعلم الأشياء المهمة، حسب قدراته، ثم يتعلم حرفة أو صنعة. ومن خلال التقييم العام لأدائه خلال هذه المرحلة، يتقرر ما إن كان سيلتحق بالتعليم الإعدادي، ثم الثانوي.

وتضيف بنعياد أنّ من أسباب نجاح النظام التعليمي الألماني أنّ المقرّرات الدراسية متنوعّة وتخضع لدراسة عميقة من لدن خبراء التربية قبل أن تصل إلى أيدي التلاميذ. كما أن الدراسة لا تقتصر، فقط، على ما هو نظري؛ بل إن التلاميذ يقومون بأعمال تطبيقية، مثل الأشغال اليدوية، وحتى الطبخ، حيث يلزم كل مؤسسة، منذ التعليم الابتدائي، إن تتوفر على مطبخ مجهَّز.

في ألمانيا يتم تكوين شخصية التلميذ منذ الصغر، حيث تُدرَّس العلوم السياسية منذ مرحلة التعليم الإعدادي، بهدف تمكين التلميذ من معرفة كيف يدبّر المسؤولون شؤون المجتمع.

ويبقى أهم عنصر في نجاح النظام التعليمي الألماني، حسب خديجة بنعياد، هو الشراكة بين المؤسسات التعليمة والإدارية، من جهة، وبين الشركات والمؤسسات الصناعية، من جهة أخرى، حيث تتيح هذه الأخيرة للتلاميذ فرصة الاستفادة من دورات تدريبية منذ الصف التاسع، لتمكين التلميذ على الاطلاع على كيف تعمل الشركات، واكتساب خبرة تساعده في ولوج سوق الشغل.

التجربة الكندية.. الاهتمام بالمهارات

تجربة أخرى رائدة في مجال التعليم، هي التجربة الكندية، يعزو عبد الرحيم لخويط، وهو أستاذ جامعي مغربي بكندا، سبب نجاحها إلى النظام التعليمي الكندي يقوم على تنمية مهارات التلاميذ، منذ التحاقهم بالمدرسة، عكس ما هو معمول به في المغرب، حيث يتمّ التركيز على إكساب التلميذ المعرفة النظرية؛ وهو ما يؤدّي به إلى افتقاده إلى مهارات تطبيق ما تلقاه من معارف، على أرض الواقع.

"حْنا بْنادم عْندنا كيْعرف غير يهضر، ولكنّه لا يملك أيّ مهارات"، يقول لخويط، معتبرا أنَّ هذه السياسة المتّبعة في مجال التعليم، والتي يتمّ تكريسها في عقلية التلميذ، منذ التحاقه بالمدرسة، خاطئة، حيث يَنظر التلميذ إلى الأستاذ على أنه هو وحده مالكُ المعرفة، في حين أنّه النظام التعليمي الكندي يفتح المجال أمام التلاميذ للوصول إلى المعرفة، بالاعتماد على مهاراتهم، وعدم الاكتفاء بتلقيها فقط من لدن الأستاذ.

واعتبر لخويط أنَّ المشكل الرئيس الذي يعاني منه النظام التعليمي المغرب هو غياب تصوّر واضح حول "نموذج المواطن الذي نريده"، مضيفا "في المغرب لا نعرف كيف نريد أن يكون المواطن المغربي، بينما في كندا وغيرها من الدول المتقدمة هناك نموذج للمواطن الذي يريده المجتمع".

وفيما لا يزال المسؤولون المغاربة يبحثون عن حلَّ لإخراج التعليم المغربي من أزمته الراهنة، ووضع الاستراتيجيات والخطط، اعتبر لخويط أنَّ المسؤولين الحكوميين الذين يدّعون أنهم قادرون إلى إصلاح التعليم في ولاية حكومية واحدة "إما أنها لا يفهمون شيئا، أو أنهم يضحكون على ذقون المواطنين"، لافتا إلى أنّ ورش إصلاح التعليم يحتاج إلى وقت طويل، ويجب أن يسبقه نقاش موسع، لتحديد نموذج المواطن الذي يريده المجتمع.

من جهتها، ترى خديجة بنعياد أنَّ إصلاح النظام التعليمي المغربي يقتضي، أوّلا، توفّر إرادة حقيقية، وتخصيص ميزانية كافية لتحقيق الأهداف المسطّرة، والاهتمام بالعنصر البشري عبر تحفيزه ومراقبته في الوقت نفسه، وتعزيز قدراته بالدورات التدريبية، ووضع برامجَ تعليمية تتماشى مع العصر، والتشجيع على القراءة والتفكير، وليس الحفْظ، مشيرة في هذا الإطار إلى مسالة أساسية، وهي تنمية مهارات التلاميذ منذ سن مبكرة، من قبيل تشجيعهم على تقديم عروض داخل الفصل.
هسبريس


الساعة الآن 19:43

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها