منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية

منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية (https://www.dafatir.net/vb/index.php)
-   دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهني (https://www.dafatir.net/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   " سياسة إعلامية" تهدف إلى ضرب "المدرسة العمومية" (https://www.dafatir.net/vb/showthread.php?t=100538)

آثار على الرمال 30-05-2009 18:09

" سياسة إعلامية" تهدف إلى ضرب "المدرسة العمومية"
 
سمية شعرة

تحدثت ـ وبكثرة ـ في الآونة الأخيرة، مصادر الإعلام المغربية البصرية منها والسمعية، عن تنامي ظاهرة العنف بين التلاميذ داخل المؤسسات التعليمية - خاصة في المؤسسات العمومية -، ورصدت لذلك برامج عديدة، واستطلاعات كثيرة، وصورا مهولة، أوهمت العديد منا أن المدرسة، وخاصة المؤسسة العمومية، باتت مكانا مصدرا لكل أصناف العنف، سواء منه (الجسدي – أوالنفسي – أوالجنسي..)، محاولة بذلك نشر الفزع بين الآباء والأمهات، حتى بات الكثير منا يردد "المؤسسات العمومية غير آمن، نفضل نقل أبنائنا إلى المدارس الخاصة، فهي فضاء آمن ".. سياسة أخرى تنهجها الدولة من أجل ضربالتعليم العمومي، وتشجيع التعليم الخاص.
والواقع أنه لا أحد يشك في أن المجتمع، هو الوعاء والميدان الأكبر، الذي يلقن العنف. ذاك المجتمع الذي تتشكل بداخله شخصية أطفالنا، ويملي عليهم أنماط سلوك معينة، تيسر لهم عملية الاندماج فيه، مباشرة بعد خروجهم من البيت، أو المدرسة.
لهذا، ولأهمية هذا المحيط الخطرالممتد حول الطفل، طرحنا السؤال التالي، نحاول من خلال الإجابة عنه نزع الشبهة عن مؤسساتنا العمومية:
ما أثر لغة المجتمع (الشارع) على أطفالنا ؟
من خلال هذاالسؤال، يتضح لنا أن هناك مثلث علائقي، يتألف على الشكل الآتي(الشارع – الطفلاللغة)، إلا أن المقصود باللغة هنا، ليس ذاك المعجم اللفظي، أو الكلامي في تواصلنا فحسب، بل اللغة كنظام تركيبي لمجموع من السلوكيات الدلالية، والتي تعبر عن مجموع التفاعلات داخل هذا المجتمع.
إذا تأملنا المجتمع المغربي، وجدناه شارعا قلقا، يفتقر إلى التوازن السياسي، والفكري، والاقتصادي، والإنساني، مفكك البنية، مليء بالثغرات، وبالتناقضات، وبالمفارقات.. رافق هذا الاضطراب، تنامي لغة العنف التي أضحت منظمة في إطار العلاقات الاجتماعية المتفسخة، تجلت أساسا في انعدام الأمن، وانعدام سلاح المجابهة، وحماية الذات، والتحكم في المصير.. أصبحت لغة التسلط والقهرهي المهيمنة.. لغة تعبر عن الفوضى، عن العشوائية.. شارع عنيف، لا يمكنه في ظل هذه المظاهر أن يحقق أدنى استقرار وتقدم؛ بل يحافظ ـ بأسلوبه ذاك ـ على الوضع السائد الذي يعتبر كل تغيير بدعة، أو هرطقة.. أسلوب يأبى التقدم.
أصبحت هذه اللغة العنيفة الموجودة بشارعنا، تشكل تهديدا فعليا لسلامة هذا الطفل، الذي يعجز أمام هذه اللغة عن المجابهة، مما يجعله نهبا للاعتباط والقلق، وما يتبعهما من انعدام جذري بشعوره بالأمن، فتتأثر شخصية الطفل التي تبلغ درجة عالية من التوتر الانفعالي، ويدخل في مرحلة من الغليان الداخلي، قد يدفعه إلى القيام بأعمال عدوانية، تنفجرعنده عدوانية شديدة، تزداد وطأتها تدريجيا بمقدار تراكمها الداخلي، فيصبح ضحية لغة الشارع؛ في حين، يطلب منه وباستمرار ـ داخل البيت والمدرسة ـ أن يكون مهذبا ولطيفا .. يلام على خشونته، وعناده، وتوتره .
فنحن لا ندرك أن الطفل داخل هذا الشارع،وكجزء منه، لا يمكنه أن يفهم لغة الشارع الممزوج بالقوة والعنف، ولا يمكنه أنيتجاوب ويندمج فيه إلا إذا استعمل بدوره لغة القوة؛ إذ تصبح هذه القوة تمده بنوع من الإحساس بالذات، وتصبح رمزا، وأسلوبا، يمكنه من فهم محيطه، وإلا سيظل عاجزا عن ملامسة الواقع، وعاجزا عن الغوص فيه، والسيطرة عليه، لهذا نجد من أنواع الأطفال قسمين:
هناك أطفال يختارون لغة التقوقع، والهروب مما هو مفروض داخل الشارع من علاقات عنيفة، وهذا السلوك كأسلوب دفاعي، يسير بهم في اتجاه الانزواء، بدل مجابهة الشارع، يصحب هذا التقوقع إحساس داخلي بالعجز والفشل، كفشل الطفل في انتزاع إعجاب والديه أو معلمه، والحصول على مكانة مرموقة، إذ يتعلم أن يدير ظهره للعالم.. أن يقمع رغبته، حتى لا يشعر بآلام الإحباط، وانعدام القيمة.. فالطفل الذي يعجز عن إثبات ذاته، ينزوي منطويا على نفسه، متبلدا في ركنه، يحد من طموحه، ويتقبل مصيره، بل يلجأ إلى الحلول الخرافية متأثرا بعقلية مجتمعه، والنتيجة أنه يخلط الواقع بالخيال، والحقائق بالرغبات، والصعاب المادية بالمخاوف الذاتية؛ فيطلقون عليه وصفا يزيده عقدا "تلميذ فاشل باستحقاق".
وهناك قسم من الأطفال، غالبا ما يفجر هذاالتراكم السلبي حقدا داخليا، سرعان ما يتفجر، ذلك هو"العنف"، وهو اللغة التي قد يختارها الطفل، ويجعلها وسيلة وحيدة لكي ينفلت من مأزقه، ويعتبرها السلاح الوحيد الذي سيعيد له ولنفسه شيئا من الاعتبار المفقود لذاته، فيصبح العنف عنده لغة التخاطب مع الآخرين، لا يؤمن بالحوار العادي، يعجز عن إقناع الآخر، دون الاعتمادعلى العنف واستعمال القوة، فينخر العنف وجوده، وهو عبء آخر يهدد توازن شخصيته، ودافع للإقدام على العديد من التصرفات تدمر ذاته، وطفولته، وغالبا في الخارج نراهم يتكونون في مجموعات، أو "عصابات" تجمع إما أطفال شارع واحد، أو أطفال حي واحد.. تكون هذه الزمرة نفسها تكوينا حرا، كصورة تعبيرية مصغرة لهذا المجتمع وعلاقاته.. تؤسس لنفسها تاريخا مليئا بالعنف.. تفتخر به .. تنقله إلى ا لمدرسة؛ فنسميه" تلميذا منحرفا عنيفا"؛ غير أن الأب والأم يصرخان وباستمرار في وجه الجميع"ابننا ربيناه أحسن تربية..." وتتجه أصابع الاتهام إلى المؤسسة التعليمية التربوية، ولتظل المدرسة، وخاصة العمومية، بلا مناصر، ذاك المشجب الذي تعلق عليه كل من ( الأسرة، والمجتمع، والدولة) فشل سياساتهم التربوية والتعليمية.
يجب إدراك أن تحررالطفل، لا يمكن أن يتم إلا في إطار تحرير المجتمع ككل، وسلامة سلوكه، لا يمكن أن تتحقق إلا في إطار مجتمع متوازن في كل الأصعدة.. متوازن سياسيا، واجتماعيا، وثقافيا.

بواسطة: وجدة نيوز
بتاريخ : السبت 30-05-2009 04:42 مساء

choumn 30-05-2009 19:12

شكرا على الموضوع

younesserraoui 30-05-2009 19:48

شكرا على الموضوع المتميز

NGADI 30-05-2009 19:56

ظاهرة العنف وسببهاالتعاطي للمخدرات والتدخين بنسب عالية بين التلاميذ والتلميذات،ورصدت كاميرا الجزيرة تلميذات يدخنون الشيرا قبل دخولهم حصة الرياضيات،يا لها من ظاهرة خطيرة لم نألفها في مجتمعاتنا.

ziyada 31-05-2009 00:03

موضوع مثير ينبغي ان يطرح للنقاش وحبدا لو تدخل للنقاش اخصائيون اجتماعيون ومحللون نفسانيون

لاثراء الموضوع واغنائه


الساعة الآن 08:41

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها