منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية

منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية (https://www.dafatir.net/vb/index.php)
-   دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهني (https://www.dafatir.net/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   الجامعة المغربية : من فضاء العلم والحوار الديموقراطي الى براثن التجهيل والعنف والتطرف (https://www.dafatir.net/vb/showthread.php?t=139151)

التربوية 02-11-2012 13:31

الجامعة المغربية : من فضاء العلم والحوار الديموقراطي الى براثن التجهيل والعنف والتطرف
 
الجامعة المغربية : من فضاء العلم والحوار الديموقراطي الى براثن التجهيل والعنف والتطرف

انغير بوبكر
نشر في أخبار الجنوب يوم 02 - 11 - 2012

كانت الجامعة المغربية في عقود الستينات والسبعينات وحتى قبلهما فضاء للنقاش الطلابي الديموقراطي الذي يعكس الحركية العامة للمجتمع , فكانت الحركة الطلابية منجم ومختبر لإنتاج النخب السياسية المغربية المتشبعة بالفكر العلمي التقدمي الذي يتحول فيقوي الاحزاب السياسية والشارع المغربي ، لذلك لا غرو ان نجد الحركة الطلابية المغربية بفصائلها الديموقراطية التقدمية كانت في قلب جميع الحركات الاجتماعية والسياسية التي عرفها المغرب المعاصر , فأعطت بذلك تضحيات كبرى من معتقلين ومنفيين وحتى شهداء وكان النقاش الطلابي الفصائلي في قمة الديموقراطية مستحضرا الاختلاف في تدبير المقاربات الايديولوجية المختلفة فتعايشت الفصائل الطلابية وكانت مصالح الطلبة فوق كل اعتبار ، لكن مع تراجع المد اليساري في العالم خصوصا بداية التسعينات وبروز فصائل قوى الاسلام السياسي برز معها العنف والاقصاء واصبحت الجامعات المغربية مكان لتصفية الحسابات السياسية بين الفصائل الطلابية ومست احد اعمدة ومكتسبات النضال الطلابي المغربي وهي الاستقلالية السياسية والتنظيمية للحركة الطلابية عن الفعل السياسي خارج اسوار الجامعة ، العنف والاقصاء ورفض الاخر اعطيت له في احيان كثيرة مسوغات فكرية وايدلوجية لتبريره فهناك من يتحدث عن ضرورة إعمال ما يسمونه في الادبيات اليسارية العنف الثوري ضد كل القوى الرجعية التي يقصدون بها بالطبع القوى الاسلامية وهنا مرجعهم الاساسي كتاب حول العنف الثوري لفريديرك انجلز واخر الدولة والثورة لفلاديمير ايتش لينين وهناك من الجهة الاخرى من يبرر العنف بمنطق ديني بدعوى ال**** ضد الافكار الكافرة واصحابها المرتدين فيستندون الى افكار بعض منظري الجماعات الاسلامية قبل ان يقوم معظمهم بمراجعات فكرية ، فكان مريدو الطرفين في صراع مرير ودموي في احيان كثيرة صراع حول شرعية تمثيل الاطار الطلابي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب فتمسك البعض بالفصائل التاريخية واقصى الاخرين الطارئين على الحرم الجامعي فيما تمسك الوافدون الجدد بانتمائهم للاطار .
ولكن في خضم هذا الصراع الايديولوجي البعيد بالطبع عن انشغالات الطلبة ومصالحهم المباشرة ، كان النقاش الفكري قائما وكانت التجاذبات الايديولوجية حافز للقراءة والتكوين الطلابي رغم وجود ممارسات العنف والاقصاء والتي اعطت ضحايا وماسي وغيرها من الكوارث التي لا ترقى بالعلم ولا بالمعرفة التي من المفروض والمنطقي ان تكون الجامعة قد انشئت من اجلهم .
كما كانت الجامعة مكان لتصريف المواقف السياسية اليسارية ضد النظام السياسي حيث رفع شعار لدى الطلبة اليسارين مفاده لكل معركة جماهيرية في الجامعة صداها في الشارع والعكس صحيح ، فأصبحت الجامعة ترمومترا لمعرفة درجة الاحتقان السياسي بين النظام السياسي المغربي ومعارضيه اليساريين في الشارع ، لذلك نجد ان معظم الانتفاضات الكبرى التي عرفها المغرب كانت بتأطير مباشر من الطلبة والتلاميذ سواء في الثمانينات او بداية التسعينات ، لكن مع المصالحات والتوافقات السياسية التي عرفها المغرب انعكس ذلك على الجامعة مباشرة وفقد بعض الفصائل الطلابية التابعة للأحزاب بريقها خصوصا وان احزابها شاركت في حكومة توافقية بشروط غير مقبولة ديموقراطية حسب الفكر والمطمح الطلابي بطبيعة الحال وهناك كانت الحركة الطلابية تنعي كبار مكوناتها التاريخية لتفسح المجال للخطابات الشعارتية الجذابة التي لبست لبوس المعارضة
الجديدة ففقد اليسار المغربي معقله الطلابي مفسحا المجال للإسلاميين بأنواعهم التوحيد والاصلاح والعدل والاحسان ، وربما سيعيد التاريخ نفسه ، وسيفقد تيار التوحيد والاصلاح بريقه وشعبيته بفقدان العدالة والتنمية السند الشعبي مع تراكم الاخطاء السياسية وضعف المردوية امام كبر المطامح والامنيات وستفسح المجال للإسلاميين المتطرفين واليسار الراديكالي ولمظاهر العبث والفوضى والعنف التي ستجد لامحالة فصيلا لها ان لم تكن قد مهدت لنواته الان .
منذ بداية الالفية
الجديدة اندحر النضال الطلابي الفصائلي واندحرت معه كل ما تمثله الجامعة من فضاء للعلم والمعرفة وانمحت صورة الجامعة التي تخرج الاطر الفكرية والسياسية المشبعة بقيم الحداثة والديموقراطية ، واصبحت الجامعة مكان للعنف المناطقي وللممارسات اللاأخلاقية واصبحت النضالات الطلابية بعيدة كل البعد عن روح الفكر والعلم واصبحت الجامعة المغربية امتدادا للشارع بكل سلبياته فاندحر المستوى المعرفي والتكوين العلمي للطلبة و اصبحت الجامعة لا تخرج سوى العاطلين الذين لا افق سياسي ولا عملي لديهم ، وتسابق الطلبة في استعمال الاسلحة البيضاء من سكاكين وخناجر لمجابهة الطلبة الاخرين ، وتحولت الجامعة الى تكتلات طلابية مناطقية لكل منطقة طلبتها وفقد الحس الطلابي الجمعي رونقه وتميعت الحياة الطلابية ,تجاوز العنف في الجامعة يقتضي عدة تدابير منها ماهو اني كتجريم العنف وملاحقة مرتكبيه ومنها ماهو استراتيجي ويعتمد اساسا على مراجعة مكان التربية على الديموقراطية والاختلاف في المنظومة التربوية والتعليمية المغربية ، فضعف الحركة التلاميذية وانعدام فضاءات الحرية والنقاش الديموقراطي داخل المؤسسات الثانوية والتقييدات الكبيرة المفروضة على ارتياد دور الشباب زيادة على ضعف التأطير السياسي الحزبي والجمعوي للشباب المقبل على الجامعة يجعل الجامعة غير مهيئة لوحدها لتلقي صدمات اللاتكوين واللاتاطير السائدة لدى الطلبة ، كما ان وسائل الاعلام مطالبة بتسليط الضوء على ظاهرة العنف الطلابي والتنديد بمرتكبيه وذلك لكي لا يبقى الشأن الطلابي معزولا عن الشأن المجتمعي العام ، فالحركة الطلابية والجامعة اتجاه نحو العنف والاقصاء عندما اتخذت الاحزاب السياسية قرار البعد عن الجامعة ولم يعد القرار الحزبي مرتهنا بالنخب المكونة والمتعلمة ، كما ان تدخل القوى الامنية وتشجيعها للفصائل الاسلامية في فترة من الفترات التاريخية المعروفة في المغرب من اجل لجم المد اليساري وبذلك تغاضى الامن عن جرائم الاسلاميين شجع رد الفعل ، كذلك نفس الشئ يتكرر عندما يشجع الامن الاتجاهات والتصنيفات الاثنية والمناطقية ضدا على الوحدة الطلابية والنقاش الطلابي الديموقراطي ،ان المجتمع المغربي مطالب كل قواه الحية من احزاب ونقابات وجمعيات مدنية الى فتح حوار وطني حول العنف في الجامعة المغربي ومحاولة التفكير في تأطير الطلبة وتنظيمهم سواء في اطارات نقابية تعددية وديموقراطية او بتأسيس اطارات للحوار الفصائلي مع اشراك الجميع على ان يتم احترام الميثاق الطلابي الذي يجب ان يصاغ ويكون ملزما ويكون الحوار السلمي التعددي الديموقراطي احد اعمدته وشروطه الرئيسية , كما ان التفكير في حل ازمة الحوار في الجامعة المغربية لا يجب ان ينسينا مسؤولية الدولة في اصلاح المنظومة الجامعية وعدم الاكتفاء بإجراءات تقنية او تدابير مؤقتة الهدف منها التفكير كل التفكير في تدبير الخصاص والاكتظاظ وعدم الارتكاز على حقوق الطلبة ومحتويات المواد المدرسة وغياب اوقات التكوين والتأطير الضروريين لخلق ثقافة طلابية جديدة .


الساعة الآن 00:19

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها