حديقة الوزارة

















في مثل هذا اليوم من الأسبوع الماضي، طرحت السؤال على وزير محمد الوفا: ألم يحن الوقت لفرقعة رمانة الفساد بوزارة التربية الوطنية؟ ابتسم من خلف خطوط الهاتف وأجاب: «قريب..غادي تسمع خبار الخير».

نتمناه موعدا قريبا السيد الوزير، وقد أحسسنا، بالفعل، أنكم بدأتم تقتربون من جحور الدبابير بالكشف عن السكنيات /الفيلات الوظيفية، ثم التلويح بفضح أوجه تبذير الغلاف المالي المخصص للمخطط الاستعجالي (حوالي 34 مليار درهم)، ثم كشف المستور في مؤسسة الأعمال الاجتماعية، لكن تعلمون، بالتأكيد، أن أفق انتظار المغاربة أوسع بكثير من مجرد مبادرات رمزية، أو مجرد «إشارات» بلغة السياسة والسياسيين هذه الأيام.

إن المغاربة الذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع، في نونبر الماضي، واختاروا التصويت على أحزاب التحالف الحكومي، ضمنهم حزب الاستقلال الذي ينتمي إليه وزير التربية الوطنية، فعلوا ذلك من أجل جهاز حكومي شرس ووزراء أكثر جرأة على النظر في عيني الأسد والصراخ في وجهه دون وجل: «إن رائحة فمك كريهة جدا».

بمعنى أن الأحزاب التي وصلت إلى الحكومة، محمولة على شعارات محاربة الفساد والاستبداد، عليها أن تظهر «حنة يدها» في فضح مكامن هذا الفساد، بكل أشكاله وتعبيراته، وإرجاع الأموال المنهوبة إلى صناديق الشعب والقطع إلى غير رجعة مع اقتصاد الريع والامتيازات والتعويضات الخيالية واعتبار المغاربة سواسية في الاستحقاق والكفاءة وتكافؤ الفرص.

إن أحد أوجه أزمة التعليم في المغرب لا تتعلق، فحسب، بعقم المقاربات البيداغوجية والتربوية واختلالات مشاريع الإصلاح، بل، أساسا، برغبة البعض في استدامة قطاع التعليم مرادفا لبقرة حلوب تدر على الماسكين بضرعها تعويضات بـ»الهبل» عن النقل والسكن والمهام، وفيلات وظيفية تحولت إلى ملكيات خاصة وسط الأحياء الراقية بالمدن الكبرى، وسفريات خمس نجوم مدفوعة الثمن، وريع مالي بلا حدود في شكل «مساهمات» في إعداد برامج ومخططات وبيداغوجيات وتأطير تكوينات، تصرف في شكل أوراق «زرقاء»، بدل نتائج حقيقية تنقذ المنظومة التعليم من الحضيض.



الفساد مثل نبتة شريرة تنمو على هامش الحدائق «الجنانات»، فإما أن نحرص على استئصالها من الجذور دون رأفة، أو تمتد سيقانها وغصونها لتتلوى على الورود والأزهار وداليات الفواكه..والنتيجة خراب مطلق.

لقد لاحظتم السيد الوزير كيف غفرت لائحة محتلي السكنيات الوظيفية كل «أخطائكم» وغطت على فلتات لسان غير محسوبة، إذ لم يعد الكثير من المغاربة يتذكرون لكم غير هذه الحسنة..في انتظار «حسنات» أخرى تشذب حديقة وزارة التربية الوطنية من طفيليات الريع والاغتناء غير المشروع على حساب أموال تلاميذ الشعب.
نحن في الانتظار.




الصباح