تلاميذ وآباء ومربون يشجبون تسريب مواد الامتحان
 

اهتزت مدينة مكناس إثر فضيحة التسريب التي عرفتها مواضيع امتحانات السنة الثانية من الباكلوريا دورة يونيو 2006، حين اكتشف التلاميذ الممتحنون وهم يلجون أبواب مراكز الامتحانات، تسريب المواضيع، وازداد تفاقم تسريبها مع توالي الساعات بعدما فعلت عملية النسخ فعلتها، حتى أصبح ثمن النسخة الواحدة يتراوح ما بين 20 و30 درهما، في الوقت الذي كان ثمنها في البداية محددا في 100 درهم.


تلاميذ بعض الثانويات التأهيلية خضعوا للضغوطات من أجل مواصلة الامتحان والبعض منهم كما هو شأن تلاميذ الثانوية التأهيلية للا أمينة جعل حدا لذلك بمقاطعة الامتحانات في اليوم الثاني، وهو ما أثار حفيظة الجميع، فكانت الوقفات الاحتجاجية هي المعبر الوحيد عن تذمرهم من هذا العمل المشين، الذي جعل الآباء والأولياء يساندون فلذات أكبادهم في التعبير عن سخطهم لما آل إليه التعليم ببلادنا نتيجة سياسة تعليمية لن يرجى منها نفع.

ولتسليط الضوء على تداعيات هذه النازلة، نزلنا للشارع المكناسي لاستطلاع آراء آباء ومربين وتلاميذ، حيث أكد لنا محمد عامر )مدير سابق للثانوية التأهيلية الإمام الغزالي، "أنه إن كان الطرح قد اقتصر فقط على الامتحانات الوطنية، يمكن أن نجزم بأن الأمر عادي، لكن أن يشمل حتى الامتحانات الجهوية فذلك يثير العديد من الشكوك، مما يدل على أن الأمر فيه كثير من الاتهامات الموجهة للجهات المسؤولة عن قطاع التعليم بالجهة"، وبخصوص تصريحات مدير المركز الوطني للامتحانات، أوضح محمد عامر، أنها "عارية من الصحة" ، وعلل ذلك بكونها لم تقتصر على مؤسستين كما ذكر المسؤول الوزاري، وإنما عمت عملية تسريب المواضيع جميع الثانويات التأهيلية، إضافة إلى تأجيل الامتحانات الجهوية، ودعا محدثنا إلى منح الفرص بالنسبة لكل التلاميذ الذين اجتازوا الامتحانات الوطنية وذلك عبرإعادة إجرائها على صعيد جهة مكناس تافيلالت.

هذا ما أكده مصطفى أيت بنعلي )مفتش التربية البدنية متقاعد طوعا(، في تصريحه لجريدة "الصحراء المغربية"، وأضاف أن "ما يخجل النفس، هو موقف بعض الأساتذة بخصوص عدم التنديد بما آلت إليه هذه الفضيحة، وما زاد الطين بلة ـ يضيف مصطفى ـ هو التأجيل الذي عرفته الامتحانات الجهوية"، مشيرا في السياق ذاته، إلى أنه كان من المفروض على الأساتذة "عدم المشاركة في عملية التصحيح، إلا أن طمع البعض منهم في "الدريهمات" القليلة أبان عن ضعفهم متناسين أن مصير فلذات أكبادهم سيضيع".

ومن جهته يرى أحمد اليعقوبي )أستاذ مادة الرياضيات بالثانوية التأهيلية النهضة(، أن تسريب الامتحانات "يعبر بحق عن انعدام روح المسؤولية لدى جهات مجهولة سيكشف عنها التحقيق الذي نأمل أن يكون موضوعيا وشفافا"، مشددا على "عدم التستر على من كانوا وراء هذا العمل الإجرامي اللاوطني، باعتباره فضيحة بكل المقاييس، تكشف على أن أزمة التعليم التي لم تعد تتمظهر فقط في ما اعتدنا مشاهدته، بل تسربت إلى ما هو سري، وهذا أمر خطير ـ يؤكد اليعقوبي ـ يحتم الضرب بقوة على أيدي المتلاعبين بمصير أبنائنا ومستقبلهم".

وشجب مجموعة من التلاميذ في تصريحاتهم لنا، عملية تسريب مواد امتحان الباكلوريا، واعتبروها، ضربا لمبدأ تكافؤ الفرص، مما يمس في الصميم مصداقية الشهادة التي دخلت مواد امتحاناتها سوق "الدلالة"، كما دعوا الجهات الوصية على نظامنا التربوي إلى تحمل مسؤولياتها وإعادة امتحان الباكلوريا برمته سواء على المستوى الجهوي أو الوطني.

ووصف عبد المالك اعبابو، رئيس الاتحاد الجهوي لفيدراليات جمعيات آباء وأولياء التلاميذ ورئيس فيدرالية جمعية آباء وأولياء التلاميذ بمكناس، تسريب الامتحان بالفضيحة ووصمة عار على جبين المسؤولين كيفما كانت مسؤولياتهم، وأوضح قائلا "لأن المشكل في حد ذاته يضرب في عمق المدرسة المغربية وبالتالي يتلاعب بمصير فلذات أكبادنا الذين هم مستقبل البلاد".

وطالب بفتح تحقيق نزيه وشامل للضرب على أيدي المتلاعبين بمصير أبنائنا وتقديمهم إلى العدالة، وتساءل عن سبب التزام وزارة التربية الوطنية الصمت حول الإجراءات المزمع اتخاذها لحل هذه الإشكالية.

وقال اعبابو "نحن كمكتب تنفيذي ندين وبشدة تصرفات بعض الطفيليين والمحسوبين على العمل السياسي وعلى وجه الخصوص نقابة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم بمكناس التي حرض أعضاؤها التلاميذ وأولياءهم على مقاطعة امتحانات السنة أولى باكلوريا، وما وقع بمدينة مولاي إدريس زرهون يندى له الجبين"، وأكد أن بعض أعضاء المكتب العاملين بالثانوية نفسها حرضوا تلاميذ السنة الثانية وطالبوهم باقتحام المؤسسة لمنع تلاميذ السنة الأولى من اجتياز الامتحان الجهوي، معتبرا هذا السلوك لاتربوي وغير أخلاقي.

عن جريدة المغربية بتاريخ السبت 2 يونيو 2007