حيث ======= حيث
لا بدّ أن نعلم حكم ( حيثُ ) في باب الإضافة، حتّى يتبيّن لنا حكم الاسم الواقع بعدها.
- فلا خلاف بين أهل العلم أنّ ( حيث ) تضاف إلى الجمل فعليّة كانت أو اسميّةً، وإضافتها إلى الفعليّة أكثر. فتقول:" ذهبت حيث ذهبَ زيد "* فـ( حيث ) ظرف مكان مبنيّ على الضمّة في محلّ نصب، والجملة الفعليّة بعده مضاف إليه. وتقول:" ذهبت حيث زيدٌ ذاهب "* فالجملة الاسميّة بعد ( حيث ) مضاف إليه. ويجوز حذف الخبر إذا كان كونا عامّا، فتقول: ذهبت حيث زيدٌ – برفع زيد لا بجرّه –* والتّقدير: موجود وكائن. - ولكنّهم اختلفوا في جواز إضافتها إلى الاسم المفرد: أ) فجمهور أهل العلم على أنّها لا تُضاف إلى الاسم المفرد، بل تجب إضافتها إلى الجمل، فلا يقال: ذهبت حيث زيدٍ ! قال ابن مالك رحمه الله في "الخلاصة": وألزموا إضـافةً إلى الجمل *** (حيث)* و(إذ) وإن ينوّن يحتمل ب) وذهب الكسائيّ رحمه الله إلى جواز إضافتها إلى المفرد، فتقول: ذهبت حيث زيدٍ. - واحتجّ رحمه الله بقول الشّاعر: ( ونَطْعنُهُم حَيْثُ الكُلى بَعْدَ ضَرْبهم *** بِبِيض المَواضِي حَيْثُ لَيِّ العَمَائِم ) - وبقول الشّاعر: ( أما ترى حيثُ سهيلٍ طالعا *** نجما يضيء كالشّهاب لامعا ) والرّاجح – إن شاء الله – هو قول الجمهور، لما يلي: 1- أنّ الإجماع انعقد على إضافة ( حيث ) إلى الجمل، فيُستصحَب الإجماع في مسائل الخلاف كما هو مقرّر. 2- أنّ البيتين المحتجّ بهما لا يعرف قائلهما، كما في " شرح ابن يعيش " (4/91)* و" شرح الشّواهد " للعينيّ (2/254)* ومن المقرّر أنّه لا يحتجّ ببيت مجهول القائل. 3- أنّه لو عُلِم قائلهما، لكانا شاذّين كما قال ابن هشام رحمه الله في " أوضح المسالك " (3/125)* وابن عقيل رحمه الله في " شرحه على الألفيّة " (2/54)* ومن المقرّر أيضا: أنّ الشاذّ لا يُقاس عليه. 4- أنّ البيت الأوّل قد روِي على الأصل وهو رفع ( لـيُّ العمائم )* ذكر ذلك الشيخ محي الدّين عبد الحميد رحمه الله في " حاشيته " على "أوضح المسالك". 5- والبيت الثّاني رُوي على الأصل أيضا، فقد قال البغدادي رحمه الله في " الخزانة " (7/3):" وروي: برفع (سهيلٌ) على أنّه مبتدأ محذوف الخبر، أي: موجود، فتكون حيث مبنية مضافة إلى الجملة "اهـ. 6- يلزم من يجرّ الاسم بعد ( حيث ) أن يُعربها، لأنّها ما بُنِيت إلاّ من أجل افتقارها إلى الجملة بعدها، فكيف يجرّ الاسم بعدها ؟! وقد نقل ابن هشام رحمه الله في " المغني " (1/131) عن ابن جنّي رحمه الله أنّه قال في " كتاب التّمام ":" ومن أضاف (حيث) إلى المفرد أعربَها " اهـ ثمّ قال ابن هشام:" ورأيت بخط الضّابطين: ( أما ترى حيثَ سُهيلٍ طالعا ) بفتح الثاء من حيث وخفض سهيل ..."اهـ. وإعراب (حيثُ) لغة لبني فَقعَس. هذا ما تيسّر لنا إيراده في هذه المسألة، والحمد لله ربّ العالمين. ========= |
حَيْثُ
¨ ظرف مكان مبنيّ على الضمّ. يلازم الإضافة إلى الجُمل نحو: [وقفتُ حيثُ وقف خالدٌ، وجلستُ حيثُ الجلوسُ مريحٌ]. فإن تلاها مفردٌ فهو مبتدأ محذوف الخبر نحو: [مكثنا حيث الظلُّ... = مكثنا حيثُ الظلُّ ممدودٌ]. ¨ قد تُجَرّ بأحد حروف الجرّ الآتية: [مِن - إلى - في - الباء]. ¨ إذا اتصلت بها [ما] الزائدة، ضُمِّنت معنى الشرط فجزمت فعلين نحو: [حيثما تجلسْ أجلسْ]. تنبيه: الأصل أن تُكسر همزة [انّ] بعد [حيثُ] فيقال مثلاً: [تنَزّهت حيثُ إنّ الزهر كثيرٌ]، لكنّ فريقاً من النحاة - ولهم حجّتهم - أجازوا الفتح أيضاً، فيقال: [تنَزّهت حيثُ أنّ الزهر كثيرٌ]. * * * نماذج فصيحة من استعمال [حيث] · ]فكُلاَ منها رَغَداً حيثُ شئتما[ (البقرة 2/35) [حيثُ]: ظرف للمكان مبني على الضم، وقد أُضيف إلى الجملة الفعلية [شئتما]. ومثل هذا طِبقاً قولُه تعالى: · ]نتبوَّأ مِن الجنة حيثُ نشاء[ (الزمر 39 /74). وقولُه: · ]وامضُوا حيثُ تُؤمَرون[ (الحجر 15/65) · ]ومِن حيثُ خرجتَ فَوَلِّ وجهَكَ شطر المسجد الحرام[ (البقرة 2/149) [مِن حيثُ]: مِن حرف جرّ، يجوز دخوله على [حيثُ]، فتكون اسماً مبنياً على الضم في محل جرّ بـ [من]، مضافةً إلى جملة فعلية هي: [خرجتَ]. ومثل هذا طِبقاً، قولُه تعالى: · ]سنستدرجهم مِن حيثُ لا يعلمون[ (الأعراف 7/182) · مِن شواهدهم التي يُجمِعون على إيرادها قولُ القائل: حيثُما تَستقمْ يُقَدِّرْ لك اللّـ ـهُ نجاحاً في غابرِ الأيامِ [حيثُما]: اتصلتْ [ما] الزائدة بـ [حيث]، ومتى كان ذلك تضمّنت [حيثُ] معنى الشرط فجزمت فعلين، كما في البيت إذ جزمتْ [تستقمْ + يُقَدِّرْ]. * * * |
الساعة الآن 17:31 |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها