ثلاثة تلاميذ
 

كانت نهاية زيارة تفقدية في آخر السنة ، وكان المدير والذي يشرف على مجموعة مدارس متفرقة في قرى وواحات المنطقة يسجل نقاطا وملاحظات على أوراقه وهو جالس على مكتبها في فترة الفسحة الصباحية
حدثته عن مستوى التلاميذ المتدني ، عن ضعف مكتسباتهم القبلية في وسط بدوي لا يعرف معنى التعليم الأولي ، حدثته عن عدم ملاءمة الكتاب المدرسي لتلاميد يكتشفون لأول مرة الحروف والأرقام ، وتبدو صوره غريبة عن عالمهم ، عن بيوتهم الطينية وخيامهم ، عن نخيل واحاتهم
حدثها عن رهان تعميم التعليم ومحو الأمية ، عن التزامات المغرب الدولية ، عن الخريطة المدرسية ، عن الأرقام ، عن الإحصائيات
أكدت له أن ثلاثة تلاميذ .. ثلاثة فقط أمكنهم بالكاد النجاح والإنتقال للمستوى الثاني
وهو يجمع أوراقه ويكدسها في محفظته مغادرا اخبرها بصرامة قاطعة أن ثلاثة تلاميذ .. ثلاثة فقط سيكررون السنة بينما ينتقل الآخرون للمستوى الثاني
حين غادر الفصل وامتطى دراجته النارية ... أدخلت التلاميذ وتخيلت أنها بدأت تفهم تصرف ذلك المعلم الذي جاءه المفتش ذات زيارة واكتشف انه علم التلاميذ الحروف الأبجدية بالمقلوب بحيث صارا تصحيح مفاهيمهم ضربا من ضروب المستحيل وقد ظلوا لسنوات يقرؤونها مبعثرة
نظرة إلى الأطفال يدخلون الفصل وسؤال يطاردها كذبابة لاسعة :
- فين غاديين بيكم ؟

القصتين الأوليتين من كتاباتي القديمة وهما من وحي الواقع المعيشي والعملي بالطبع

القصتين الثانيتين من كتاباتي الحديثة فيهما تأثر بنوع من الأدب غير منتشر (أو نادر الوجود) بالمغرب .. وهو أدب الخيال العلمي .. ولن اكرر طبعا أم مصر رائدة في هذا النوع من الأدب لا كما ولا كيفا ( هل كررت ؟؟)

لعله مقتطف منقح من مذكرات منسية أكثر منه نص قصصي مشذب منمق كسابقيه ...لكن لا تكترتث فلقد صرت من أكبر المعجبين بأدبك *المخدوم*دمت موفقا كهؤلاء الثلاثة ......؟؟المنجحين طبعا.