غزة تعيد سؤال: "من هو الإرهابي؟" في فرنسا
هادي يحمد
الرسم الكاريكاتيري بالصحيفة الفرنسية
باريس– صور ضحايا المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة التي علت المظاهرات الحاشدة في العديد من الشوارع الفرنسية أعادت السؤال مجددًا حول "من هو الإرهابي؟"، فبعدما كان المسلمون وحدهم هم المقصودون بهذه الصفة لسنوات، تحولت صورة الإسرائيلي على كونه رمز الدماء والمذابح وآخرها مذبحة مدرسة الفاخورة قبل يومين التي استشهد فيها 40 من المدنيين. وبرغم أن الإعلام الفرنسي بشكل عام لم يتناول الحرب على غزة بشكل محايد وانحازت في الغالب لوجهة النظر الإسرائيلية، فإن العديد من الصحف ووسائل الإعلامية لم تر بدا من إظهار صور الضحايا من الأطفال والنساء والوضع المأساوي في قطاع غزة.
هذا الأمر دفع إحدى الصحف الفرنسية وهي جريدة "سنيبي" الهزلية إلى نشر -وعلى صفحتها الرئيسية أمس الأربعاء 7-1-2009- صورة كاريكاتيرية لنجمة داود المشكلة للعلم الإسرائيلي مركبة بالعظام الآدمية في إشارة ضمنية إلى أن دولة إسرائيل بنيت على المجازر، وهو الأمر الذي أثار موجة احتجاج وسط الجالية اليهودية بفرنسا.
طالع أيضا: تبادل الاتهامات
فقد اعتبر المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية بفرنسا أن الأمر يذكر بموجة العداء للسامية التي اجتاحت أوروبا في الثلاثينيات من القرن الماضي.
واتهم المجلس اليهودي "اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا" بكونه يغذي هذا التوجه ببياناته التحريضية لمسلمي فرنسا من أجل مساندة غزة.
وفي رده على اتهامات الهيئة اليهودية، قال التهامي إبريز رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا في تصريحات خاصة لـ"إسلام أون لاين.نت": إن الحرب الإسرائيلية الهمجية أعادت السؤال "من هو الإرهابي؟".
وقال إبريز: "ما تتناقله وسائل وخاصة العربية يثبت هذا الطابع الإجرامي للدولة الإسرائيلية عن طريق سياسة القتل المنظم للأطفال والنساء والهدم للبيوت".
وأوضح إبريز قائلا: "الأحداث الأخيرة في غزة عدلت البوصلة في ذهن الرأي الأوروبي بشكل عام حول من هو الإرهابي الحقيقي؛ لأن ما هو أخطر من إرهاب الأفراد الذي ندينه والذين قد ينتمون إلى تيارات دينية مسلمة متشددة، هناك إرهاب دولة منظم وممنهج".
ومنذ أحداث 11 سبتمبر وما لحقها من تفجيرات مدريد ولندن وتهمة الإرهاب تلاحق المسلمين والمنظمات المسلمة بأوروبا بشكل سن فيه أكثر من قانون يضيق على الأقلية المسلمة في أوروبا وممارستها.
إرهاب ممنهج
من جهتها قالت كريستينا هومفير الناشطة في حركة أوروبا فلسطين في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت": الجموع الغفيرة من الفرنسيين الذين شاركوا في المظاهرات التي تعم كافة المدن الفرنسية وفي أنحاء أوروبا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة دلت على أن الرأي العام الفرنسي والأوروبي بشكل عام يفرق بين إرهاب الأفراد الذي لا يعبر إلا عن إحباط ويأس وبين إرهاب الدولة الممنهج الذي مارسته وتمارسه إسرائيل طوال الخمسين الأخيرة وأحداث غزة إلا محطة في هذا المفهوم".
وتضيف الناشطة في منظمة أوروبا فلسطين "الرأي العام الفرنسي وخاصة النخبة السياسية والثقافية الفرنسية محكوم بإرهاب آخر وهو إرهاب تهمة العداء للسامية وهي تهمة من يتجرأ على نقد إسرائيل وممارساتها الإجرامية في فلسطين المحتلة".