منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية - عرض مشاركة واحدة - بنك معلومات مادة الفلسفة. (لكل الطلاب، المرجو الدخول)
عرض مشاركة واحدة

ayoub mh
:: دفاتري جديد ::
الصورة الرمزية ayoub mh

تاريخ التسجيل: 1 - 9 - 2008
السكن: Béni Méllal
المشاركات: 57

ayoub mh غير متواجد حالياً

نشاط [ ayoub mh ]
معدل تقييم المستوى: 197
هام الفرق بين الفلسفة و التفلسف
قديم 08-03-2009, 22:49 المشاركة 55   

الفرق بين الفلسفة والتفلسف

إن الإجابة على السؤالما هي الفلسفة؟ ليست إجابة سهلة، لأن طرح السؤال إشعار بالتفلسفودخول في حبال الفلسفة. فكما يقولهيدغر Heidegger إن هدف السؤال "هو الولوج داخل الفلسفة والإقامة فيهاوالتصرف وفقها، أي التفلسف"؛ فالسؤال يحتم علينا أن "نتحرك داخل الفلسفة، عوض أن ندور حولها"،لأن السؤال ما هيالفلسفة؟من طبيعته أنه سؤال ماهوي، وسؤال إشكالي. أضف إلى ذلك أن الإجابةالمباشرة على السؤال ما هي الفلسفة؟ تعترضها عدة صعوبات، بعضها يرجع إلى غيرالمتفلسفة، وبعضها يرجع إلى الفلاسفة أنفسهم:

فالأوائل تصدر عنهم آراءمتضاربة، بعضهم يصف الفلسفة بأنها ثرثرة وكلام فارغ، وبعضهم يعتبرها تفكيرا فيالغيبيات، وبعضهم يعتبرها آراء وهمية، إلى غير ذلك من النعوت القائمة على الأفكارالقبلية، والمسبقة، التي لا تستند إلى علم بالموضوع..

أما الصعوبات التييخلقها الفلاسفة فإنها صعوبات تكمن في عدم إجماعهم على تعريف محدد. فحينما يعرفالفيلسوف الفلسفة، إنما يعرف فلسفته الخاصة. وهذا ما يجعلنا أمام زخم هائل منالتعاريف قد يصل عددها إلى عدد الفلاسفة أنفسهم، وذلك يرجع إلى عوامل أربعةرئيسة:

ا) غياب موضوعمحدد: فالفلسفة لا تدرس موضوعا بعينه. فكل موضوع صالح لكي يجلب اهتماماتالفلاسفة مادام يتسم بطابع الإشكالية. لذا يقال إن الفلسفة تدرس كل شيء بما في ذلكنفسها.

ب) غياب منهج موحد: لكل فيلسوف منهجهالخاص، يعتقد أنه موصله إلى اليقين. وقد يتأثر الفيلسوف ببعض العلوم فيقتبس منهامناهجها (ديكارت مثلا). لكن، في غالب الأحيان الفلاسفة مناهجهم الخاصة (المنهجالتوليدي عند سقراط مثلا).

ج)ارتباط الفلسفةبالعصر: إن الفيلسوف مرتبط بقضايا زمانه وعصره، هي التي تملي عليه المواضيعوالإشكاليات، وسبل التفكير، وطبيعة المعارف التي سيستخدمها.. ولما كان عصر أفلاطونليس هو عصر ديكارت، لابد أن نجد اختلافا بين الفيلسوفين سواء في تعريف الفلسفة أوتحديد أهدافها ..إلخ.

د) قناعات الفيلسوفالخاصة: يمكن أحيانا أن ينتمي الفلاسفة إلى نفس العصر (الطبيعيون مثلا) أولعصور متقاربة، لكن هذا لا يمنع وجود الاختلاف بينهم. لأن لكل فيلسوف قناعاتهالفردية تكون مسؤولة عن تميزه وتفرده، واتسام فلسفته بالجدةوالأصالة.

الإشكاليةالتي تضعها الفلسفة من خلال تنوعها، تدفعنا إلى طرح السؤالالتالي: ما قيمة الفلسفة؟يجب أولا أن نعلم أن الفلسفة لا تهتم بالقضاياالتي تدخل ضمن اهتمامات العلم، بلكما يقول برتراند راسل B. Russel – "إن موضوعا ما يكف عن الانتماء إلى الفلسفة ويصبح موضوع علم قائمبذاته، بمجرد ما يكون تحقيق معرفة مضبوطة ومحددة عنه أمرا ممكنا." لكن، هل فسر العلم كل شيء ؟ هل وصلت المعرفة العلمية إلى أوجها؟
إن استقلال العلم عن الفلسفة مكنه من أن يحقق تطورا سريعا؛ لكن، ابتداء منالقرن التاسع عشر ظهرت في العلم قضايا، وإشكاليات، وأزمات (كأزمة البداهة، وأزمةالتجربة مثلا)، أضحى العلم إثرها في حاجة إلى الفلسفة قصد القيام بدراسة نقديةلمبادئه، ومناهجه واستباق نتائجه. وهذا ما أدى إلى ظهور نوع جديد من فلسفة العلوميسمى "الإبستيمولوجيا".

قديما كانت المواضيع التقليدية تنحصر في دراسةالوجود (الأنطولوجيا)، ودراسة القيم (الأكسيولوجيا)، ودراسة المعرفة (الغنوسيولوجيا). وهذا لا يعني أن هذه المواضيع أصبحت متجاوزة، لأن العلم لم يقدمكل الحلول، ولأن العالم سيظل لغزا محيرا للإنسان.


قيمة الفلسفةتكمن في كونها تستطيع أن تدرس قضايايعجز العلم عن حلها، بل قد يحتاج إليها العلم لتفسير تحولاته وأزماته. كما أنالقضايا الفلسفية قضايا أكثر عمومية كالقضايا المصيرية المرتبطة بالوجود الإنساني،كالموت والحرية ..إلخ. وتكمن قيمة الفلسفة كذلك، في كونها فكر إشكالي يرفض ويحاربالاستسلام للأفكار القبلية والاعتيادية؛ لأنها تخضع كل شيء للنقد، وتضع كل شيء موضعتساؤل. ومن ثمة يتبين أن قيمة الفلسفة لا يمكن حصرها في جانب معين، إنها تظهر بقدرما تنجح في تحويل الموضوعات إلى قضايا إشكالية.

إذا كانت قيمة الفلسفةكذلك، فمن أيننبدأالتفلسف؟يؤكد إدموندهوسرل E. Husserl أن التفلسف يبدأ بالرجوع إلى الذات قصد تحطيم المعارف المسلم بهاوالجاهزة، والتي يمكنها أن تكون عائقا إببستيمولوجيا في بلوغ الحقيقة. فعلىالفيلسوف أن ينشئ فلسفة خاصة، قائمة على حدوسه المطلقة، وعلى أسس حجاجية وبرهانيةومنهجية.
وعليه كذلك أن ينزع بفلسفته نحوالكونية. لكن عليه أن يتحلى دائما بالتواضع المعرفي، وأن يؤمن باستمرار بحاجته إلىطلب المزيد من المعرفة. من هذا المنطلق يكون الشك المنهجي – الذي أسسه ديكارتأسوة لكل فيلسوف مبتدئ، وبهذه الطريقة وحدها تولد الفلسفة.

من خلال ما تقدم،يمكن أن نستشف، أن صعوبة تعريف الفلسفة لا تعني بالضرورة، أن الفلسفة فكر متعال عنالواقع، أو فكر يصعب إدراكه وتمثله. إنما يعني ذلك فقط أن للفلسفة بعض الخصوصياتالتي تميزها عن غيرها،وهذه الخصوصيات يمكن اعتبارها في ذات الوقت آليات مشتركة بينسائر الفلاسفة. ويمكن تلخيص بعضها إجمالا في ما يلي:

النسقية:إن مفهوم النسق يفيد النظاموالتأليف، ويشير إلى وجود منظومة من العناصر. ومن هذا المنطلق، نقول إن الفلسفةليست فكرا مرتجلا، وليست شطحات فكرية لا يعرف مصدرها، وليست شذرات من الآراء من هناوهنالك؛ وإنما هي تفكير منظم، وبنية من الأفكار والنظريات. فقد يتناول الفيلسوفموضوعات متعددة، كالوجود، والمعرفة، والقيم، لكن هذا لا يمنع من اتسام فلسفتهبالنظام والتدرج، ولاحتكام إلى صرامة منطقية.

العقلانية والتأمل: إن الفلسفة فكر عقلانيتأملي باعتبارها فكرا بعيدا عن الارتجال، وخصوصا لأن العقل وحده يستطيع أن يبحث فيالقضايا ذات الطبيعة الفلسفية. كما أن الفلسفة تفكير عميق يبتعد عن العواطفالوجدانية حيثيقول هيدغر Heidegger: "فالعواطف، لا تنتمي إلى الفلسفة، والعواطف، كما يقال، هي شيء لاعقلي. والفلسفة، على العكس من ذلك، ليست شيئا عقليا فحسب، بل المدبر الحقيقيللعقل."

الشمولية:إن الفلسفة - على خلافالعلم – تترفع عن الجزئيات، حيث لا تهتم إلا بالقضايا الأكثر عمومية، وتتسمبالتناول الكليللموضوعات..

التجريد: قد تكون الفلسفة وليدة واقع معين، لكنها تحتفظ لنفسها بالمقاربةالتجريدية،لأنها ابتعاد عن الارتباط العضوي والمباشر بالمحسوس والجزئي، خصوصا وأنهاتسعى إلى بناء معارف ذات طابع شمولي وعام.

النقد: إن الفلسفة فكر نقدي لأنها إعادة نظر متواصلة، خصوصا وأنها لا تؤمنبوجود معارف ثابتة ومطلقة. كما أنها تجاوز للاعتقادات الساذجة والبديهية. لذا تتسمبالشك القبلي في وجود معرفة نهائية.

التساؤل: إن الفلسفة فكر تساؤلي باعتبارها فكرا إشكاليا نقديا. فالتفكيرالفلسفي يجعل من كل شيء موضوع تساؤل ومناقشة وسجال. لذا قال كارل ياسبرس Jaspers : "الأسئلة في الفلسفة أهم من الإجابات عليها، وكل جواب يصبح بدوره سؤالا جديدا".

إن الخاصية الأخيرة تدفعنا إلى أن نتساءل : ماهي طبيعة السؤال الفلسفي؟ وما هي خصوصياته؟

يحددها ألانجورانفيل A.Juraville في مايلي:

(
ا) إن السؤال الفلسفي سؤالقصدي، لأنه يروم بناء معرفة تتسم بالشمولية والإطلاقية.

(
ب) إن السؤالالفلسفي سؤال يتضمن شكا قبليا في الجواب، على اعتبار أن ليست هناك معرفة جاهزةونهائية.

(
ج) إن السؤال الفلسفي يوجه بالخصوص إلى أولئك الذين يعتقدونامتلاك الحقيقة (سلوك سقراط مثلا)، ليظهر لهم دونية معرفتهم. فالفلسفة فكر يجندنفسه ضد الوثوقية (الدوغمائية).

(
د) إن السؤال الفلسفي تساؤل، باعتبارهسؤالا يتضمن في الواقع سلسلة متدرجة من الأسئلة: فكل سؤال يستدعي سؤالا آخر؛ وكلسؤال هو بداية لتساؤل جديد (كارل ياسبرس).

إنطبيعة السؤال تتحدد وترتبط بطبيعة الجواب ، وتفسر لماذا تتعدد الخطابات الفلسفية. إن السؤال الفلسفيفي العمق – ليس إلا إشعارا بحدوثالدهشة لدى المتسائل. وكما قال أرسطو : " إن الدهشة هي التي دفعت الناس إلىالتفلسف". فالإنسان هو أكثر الموجودات دهشة، لأن الدهشة تتطلب درجة عالية من العقل. إلا أن هناك اختلافا بين "الدهشة العلمية" و"الدهشة الفلسفية"؛ فكما يرىشوبنهاور Schopenhauer : دهشةالفيلسوف هي دهشة أمام الأمور الاعتيادية والتي تكتسي حلة البداهة، وهي دهشة أمامالأشياء ذات الصبغة الأكثر عمومية، وجعلها موضوع التساؤل، وتحويلها إلى قضاياإشكالية. أما دهشة العالم، فهي دهشة أمام أمور جزئية نادرة ومنتقاة، وهي سعي لربطهابقضايا معروفة لديه سابقا، أو بتعبير أدق هي إرجاع المجهول إلى المعلوم.

ومادامت هناك أمور تؤلم الإنسان كالمرض والموت، والبؤس، والشقاء.. وما دام الوجودالإنساني ووجود العالم يشكلان لغزا محيرا فستستمر الدهشة الفلسفية وسيستمرالتفلسف.