[التربوية]

"شعب الأموي" ينتفض ضد بنكيران
الأموي: بدأ العد العكسي لحكومة العدالة والتنمية والمسيرة أول الغيث
يوسف الساكتالصباح : 28 - 05 - 2012

غابة من الأعلام الصفراء والسوداء والوردية، هكذا بدت ساحة النصر بدرب عمر بالدار البيضاء، في الساعات الأولى صباح أمس (الأحد)، وهي تتهيأ لانطلاق المسيرة الوطنية السلمية التي دعت إليها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل بدعم من الأحزاب اليسارية والتقدمية والديمقراطية، وحضور قوي لتنسيقيات العاطلين وحملة الشهادات العليا وأعضاء 20 فبراير.
عشرات الحافلات والسيارات الشخصية تتخذ مكانها في الأزقة المتفرعة عن شوارع محمد الخامس ورحال المسكيني ولالة اليقوت وزنقة خريبكة، يترجل منها ممثلو فروع المركزيات النقابية من مختلف مناطق المغرب.
حركة سريعة بشارع لالة يقوت، حيث ظهرت البشائر الأولى للوفد الرسمي يتوسطه محمد نوبير الأموي، الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بملامح متعبة، يقبض على ذراع عبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، وحولهما عدد كبير من أعضاء المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (الحبيب المالكي، عبد الحميد جماهري، وحسن طارق، وفتح الله ولعلو، ومحمد الزايدي وعبد الهادي خيرات...) إلى جانب أعضاء المجلس الوطني للحزب نفسه، ما اعتبره البعض إشارة كافية للدعم السياسي الذي يوفره حزب القوات الشعبية لمسيرة "الكرامة أولا" التي تعتبر أول رد فعل حقيقي للشارع المغربي بعد مرور مائة يوم على تنصيب حكومة عبد الإله بنكيران التي رفض الحزب المشاركة فيها، مفضلا العودة إلى المعارضة.
ولم يكن الاتحاد الاشتراكي وحده إلى جانب الكونفرالية والفدرالية، بل أحزاب تحالف اليساري الديمقراطي يتقدمهم الأمناء العامون للحزب الاشتراكي الموحد (نبيلة منيب) والمؤتمر الاتحادي (عبد السلام العزيز) والطليعة الاشتراكي الديمقراطي (عبد الرحمان بنعمرو) وحزب النهج الديمقراطي (عبد الله الحريف)، وحزب اليسار الأخضر (محمد فارس)، كما حضرت جبهة القوى الديمقراطية، وعبد الكريم بنعتيق، الكاتب العام للحزب العمالي، كما ظهر خلف الصفوف الأولى سعيد السعدي، القيادي في حزب التقدم والاشتراكية المشارك في حكومة بنكيران، كما ظهر وسط المسيرة صلاح الوديع، القيادي في الأصالة والمعاصرة.
وكان لحضور المناضل والمجاهد، محمد بنسعيد أيت يدر، رمزية كبيرة، باعتباره أحد صناع مرحلة ملتمس الرقابة والاحتجاجات النقابية والسياسية ذات الصدى الكبير في أواسط الستينات، التي أرغمت الملك الراحل على القبول بمشاركة المعارضة الديمقراطية السابقة في الحكم في إطار حكومة التناوب الديمقراطي.
ساحة النصر مازالت تلتهب، الأعلام الصفراء والسوداء ترسم لوحة في السماء تشبه مشاهد الضاحية الجنوبية ببيروت، حين ينزل حزب الله بلونيه المميزين إلى الساحة في إطار استعراض القوة بين الكيانات والفصائل اللبنانية. الموكب الرسمي يقترب في زحام شديد، إلى المنصة الرسمية، حيث فتح المنظمون ثغرة وسط الأجساد لمرور الشخصيات السياسية والنقابية المشاركة.
بجهد، يصل الأموي إلى المنصة محاطا بعبد الرحمان العزوزي وعلال بلعربي والعربي الحبشي، القيادات في المركزيتين، حولهم أعضاء من اللجنة التنظيمية بصدريات برتقالية. الأموي يطلب من "شعبه" بعض الهدوء. لا أحد يسمعه وسط الضجيج والتزاحم للوصول قرب المنصة. يأخذ جهاز الميكروفون، ويخطب دون ورقة هذه المرة، ويرتجل كلمة حملت الحكومة مسؤولية التدهور الذي تعيشه الطبقة العاملة.
يصمت الأموي لحظة حين يسمع شعار "الشعب يريد نقابة واحدة"، يلتفت إلى العزوزي ويواصل "إننا على العهد باقون مهما طال الزمن وتغيرت الأحوال، سنواصل الكفاح دون توقف..إن غدا لناظره قريب".
وقال الأموي إن هذه اللحظة التاريخية رسالة قوية إلى الحكومة واستهتارها بالملف المطلبي للشغيلة المغربية والملف الاجتماعي للعمال على كافة المستويات، مؤكدا أن بداية العد العكسي بدأت للتو".
وخاطب الأموي جموعا غفيرة من العمال والعاملات يمثلون قطاعات انتاجية مختلفة بالقطاعين العام والخاص حجوا من مناطق مختلفة، قائلا إن مسيرة اليوم ستكون البداية لحركات احتجاجية قادمة في المستقبل، "إنها البداية وليست النهاية"، مؤكدا أن الكونفدرالية خاضت نضالات مختلفة على واجهات مختلفة خلال أربعين سنة الماضية، و"سنواصل الطريق رغم التضحيات التي اخترناها عن طيب خاطر".
من جهته، شدد عبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام للفدرالية، على اللحظة التاريخية وعلى وحدة الصف النقابي الذي يعبر عن إرادة قوية للنقابتين للتحالف من أجل الضغط لحمل الحكومة على تنفيذ الالتزامات السابقة خاصة اتفاق 26 أبريل 2011 بنقطه المعلقة إلى حد الآن. وقال العزوزي إن المركزيات النقابية أعطت مهلة زمنية طويلة لحكومة بنكيران لحل المشاكل والملفات العالقة، دون أن تتوفر لها الإرادة السياسية لفعل ذلك"، مؤكدا أن التنسيق بين الفدرالية والكونفدرالية لا يحمل أي خلفية سياسية أو انتخابية، بل هو تعبير موضوعي عن الحاجة إلى توحيد الصوت النقابي دفاعا عن الكرامة والحرية والحقوق الكاملة للشغيلة النقابية.
ينتهي العوزوي من كلمته، وتعم الفوضى المنصة الرسمية من جديد، إذ وجدت القيادات النقابية صعوبة في المرور للإلتحاق برأس المسيرة، وفي الوقت الذي غابت القيادات السياسية والحزبية بين الحشود، وصل الأموي والعزوزي إلى رأس المسيرة، بعد الالتفاف من الجهة الأخرى لشارع رحال المسكيني. وانطلقت المسيرة، رسميا، في حدود الساعة الحادية عشرة وربع، إذ تحركت الوفود من شارع محمد الخامس وخريبكة المطلين على ساحة النصر وعبرت شارع رحال المسكيني، ثم شارع مرس السلطان، وشارع الحسن الثاني، قبل أن تلتف من جديد على شارع لاقة الياقوت، لذلك أطلق عليها بعض الظرفاء "مسيرة شعب الأموي بسبع شوارع".