منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية - عرض مشاركة واحدة - ملخص كتاب جدد حياتك لمحمد الغزالي
عرض مشاركة واحدة

الشريف السلاوي
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية الشريف السلاوي

تاريخ التسجيل: 5 - 1 - 2014
السكن: المغرب الحبيب .
المشاركات: 10,966

الشريف السلاوي غير متواجد حالياً

نشاط [ الشريف السلاوي ]
معدل تقييم المستوى: 1249
افتراضي
قديم 31-05-2014, 20:35 المشاركة 3   


(19) نقاءُ السرّ والعلانية

علاج الأمور بتغطية العيوب وتزويق المظاهر لا جدوى منه ولا خير فيه، وكل ما يُحرزه هذا العلاج الخادع من رواج بين الناس أو تقدير خاطئ لن يغيّر شيئاً من حقيقته الكريهة.
ومن هنا لم يحفل الإسلام بالظواهر إذا كانت ستاراً لتشويه مَعيب، أو نقص شائن، فما قيمة المظهر الحلو إذا كمن وراءه مخبر مرّ؟!
من أجل ذلك لم يعتدّ الإسلام بتكمُّل الإنسان وتجمُّله إلا إذا قام هذا التسامي على نفس طيّبة، وصحيفة نقيّة، وفؤاد ذكيّ، وضمير أُضيء من داخله، فله سناً يهدي صاحبه إلى الصراط المستقيم.
الجمال عمل حقيقي في جوهر النفس، يصقل معدنها، ويُذهب كَدَرها، ويرفع خصائصها، ويعصمها من مزالق الشرّ، وينقذها من خواطر السوء، ثم يبعثها في الحياة كما تنبعث النسمة اللطيفة في وقدة الصيف، أو الشعاع الدافئ في سَبْرة الشتاء.
وانزل سورة كاملة تدعو إلى الوقاية من الهواجس الوضيعة والخواطر المظلمة، وتحفظ على المرء إشراقَ روحه ونقاوة جوهره. وإليك السورة الكاملة:
"قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ، مَلِكِ النَّاسِ ، إِلَهِ النَّاسِ ، مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ" وطريق رياضة النفس تقوم على عزيمة حرة. صبر كبير. نفس قوية. استحسان العافية. كره ألم المعصية. حفظ المنزلة عند الله. إيثار لذة العفة وعزتها. الفرح بالتغلب على العدو. استحضار عظم ما خلق له. الترفع أن يكون كالحيوان. تأمّل عواقب الهوى. تخيّل حاله بعد المعصية. تصور حكمه على من يقع في مثل معصيته. التفكير في حقارة جدوى المعصية. الترفع عن ذل طاعة الهوى. حفظ سلامة دينه وعرضه. الأنفة أن يقهره عدوه. العلم أن الهوى مفسد. العلم أن مدخل الشيطان إليه من باب الهوى. تذكر ثمار مخالفة الهوى.

(20) بين الإيمان والإلحاد

أن الإيمان بالله بديع السموات والأرض لم يزل – كما كان – قائماً بالأنفس، ولم يزل صوت الفطرة العالي، وإن أخفَتَه أحيانا ما يحيط به من إضافات ضالّة.
والواقع أني استقصيت حالات كثيرة جداً لعلماء الغرب ومفكّريه، فاستيقنتُ أن في نفوسهم إيماناً حسناً، وأن معرفتهم بالله تجري في نسق أبعد من ضيق اليهودية وتعقيد النصرانية وأدنى إلى سماحة الإسلام وبساطته.
ولكن هؤلاء يكرهون الإسلام والمسلمين مع ذلك!!
وهم معذورون في هذه الكراهية إلى حدّ ما، فأهل الإسلام حجاب غليظ دون تعاليمه.
وتقهقرهم البالغ في كل ميدان يصدّ عامة الناس عن إحسان الظن به.
ورسالة محمد نفسها – من الناحية العلمية البحت – لم تُعرض عرضاً يُري الناس جوهرها كما جاء من عند الله
يقول الله تعالى – في حديث قدسي - : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين. فإذا قال: الحمد لله رب العالمين، قال: حمدني عبدي. وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثنى عليّ عبدي. وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجّدني عبدي. وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال الله،هذا عهد بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم، قال الله: لعبدي ما سأل)احمد).
إن الركض في ميادين الحياة بقدر ما يجلّل البدن بالغبار والعرق يجلّل الروح بالغيوم والأكدار.
إننا نربط أنفسنا – حين نصلي – بالقوة العظمى التي تهيمن على الكون، ونسألها ضارعين أن تمنحنا قبساً منها نستعين به على معاناة الحياة، بل إن الضراعة وحدها كفيلة بأن تزيد قوتنا ونشاطنا، ولن تجد أحداً ضرع إلى الله مرة إلا عادت عليه الضراعة بأحسن النتائج
وهذا الكلام هو عندي خير تفسير لقول الله عز وجل: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"
البقرة - 186
وقال صلى الله عليه وسلم : (سلوا الله من فضله، فإن الله يحب أن يُسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج) الترمذي

(21) روحانية الرسول صلي الله عليه وسلم


وقد اقتضت حكمة الله أن يختار حَمَلة الوحي الأعلى من الصفوة المنتقاة بين هؤلاء الخاصة، وهي صفوة مبرّزة في كل شيء. إن الأنبياء رجال لا يُدانون في ذكائهم، وصلابة عزائمهم، وبُعد هممهم، وسَعة فطنتهم، وإدراكهم الشامل لحقائق النفوس وطبائع الجماعات..
وقد أومأ القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة في قوله
 (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ، إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الـدَّارِ، وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ)
إنهم مستخلَصون من أجيال الدنيا، كما تستخلص أطايب البستان النضر في هدية مستحبة، قد يُترك فيها الجميل إلى ما هو أجمل منه ذاك هو معنى الاصطفاء
إنساناً استغرق في التأمّل العالي، ومشى على الأرض وقلبه في السماء كما يعرف في سيرة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم إنه خير من حقق في نفسه وفي الذين حوله حياة الإنسان الكامل الإنسان الرباني المستخلَف في ملكوت الله لينقل إليه أطرافاً من حقيقة هذه الخلافة الكبيرة
وفي هذه المواريث العقلية والعاطفية التي تركها هذا النبي الكريم ترى كل العناصر التي يستطيع بها أيّ إنسان أن يقوم بوظيفته الصحيحة في هذه الحياة.

(22) بقدر قيمتك يكون النقدُ الموجّه لك

رذيلة الحسد قديمة على الأرض قِدَم الإنسان نفسه
ما إن تكتمل خصائص العظمة في نفس، أو تزداد مواهب الله لدى إنسان حتى ترى كل محدود أو منقوص يضيق بما رأى، ويطوي جوانحه على غضب مكتوم، ويعيش منغصاً لا يريحه إلا زوال النعمة، وانطفاء العظمة، وتحقق الإخفاق.
إن الدميم يرى في الجمال تحدّياً له، والغبي يرى في الذكاء عدواناً عليه، والفاشل يرى في النجاح إزدراءً به، وهكذا!!
فماذا يفعل النوابغ والمبرزون ليستريحوا هذه الطبائع المنكوسة؟
إن الحال في كل زمان تحتاج إلى أمدادات سريعة من المساندة أو العزاء لتعيد إلى الموهوبين ثقتهم بأنفسهم، وتشجعهم على المضي في طريقهم دون يأس أو إعياء
قال (ديل كارنيجي): كثير من الناس يجدون تشفّياً في اتهام شخص يفوقهم ثقافة أو مكانة أو نجاحاً،
ولستُ أعرف منظراً أشوه ولا أقبح من كاهن أو واعظ يتحدث عن الله بلسانه، ومن وراء أرديته الفضفاضة ووظيفته الدينية نفسٌ ترتع فيها جراثيم الأنانية الصغيرة والتطلع الخسيس.
(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) البقرة109
(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا)النساء54
(23) كن عَصيّاً على النقد
إن أحسن ما قيل في إدراك الجماهير للصواب هو ما جاء في الآية الكريمة
"وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ
الانعام116
إن أصحاب الحساسية الشديدة بما يقول الناس، الذين يطيرون فرحاً بمدحهم، ويختفون جزعاً من قدحهم، هم بحاجة إلى أن يتحرروا من هذا الوهم، وأن يسكبوا في أعصابهم مقادير ضخمة من البرود وعدم المبالاة، وألا يغترّوا بكلمة ثناء أو هجاء، لو عُرفت دوافعها ووُزنت حقيقتها ما ساوت شيئاً.
وهبْها تساوي شيئاً ما، فلماذا يرتفع امرؤ أو ينخفض تبعاً لهذه التعليقات العابرة من أفواه المتسلّين بشؤون الآخرين؟!

(24) حاسب نفسك

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم( حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا وزنوا أعمالكم قبل تُوزن عليكم)الترمذي
وقال: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع هواه وتمنّى على الله)المنذري
فإذا شئت الإفادة من ماضيك، بل من حياتك كلها، فاضبط أحوالك وأنت تتعهّد نفسك.
اضبطها في سِجلّ أمين يحصي الحسنات والسيئات، ويغالب طبيعة الإنسان في ذهن الإنسان
لا بدّ من حساب دقيق يعتمد على الكتابة، والمقارنة، والإحصاء، واليقظة
اضبطها في سِجلّ أمين يحصي الحسنات والسيئات، ويغالب طبيعة الإنسان في ذهن الإنسان
ويرى ابن المقفّع أن يسجل الإنسان ما يصدر عنه جاعلاً الصفحة اليمنى للحسنات واليسرى للسئاتوقد كتب هؤلاء العلماء فصولاً مطوّلة في المراقبة والمحاسبة يمكن الرجوع إليها

الخاتمة
لكي تصون الحقيقة وتضبط حدودها، يجب أن تعرف هذه الحقيقة، وأن تعرف غيرها معها .

لماذا؟
والجواب أن الصورة الكاملة لا بد لها من حدود تنتهي إليها، وعند النهايةالصورةالمرسومة لهذه الحدود تبدأ حقائق مغايرة
قال عمر: (إنما ينحلّ الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية!)
من هنا كان لزاماً على كل مشتغل بعلوم الإسلام أن يدرس الحياة كلها، وأن يتعرف وجوه النشاط البشري، ومراميه القريبة والبعيدة
وكلمة أخيرة إلى علماء المسلمين
إن قصر باعهم في علوم الحياة هو أبشع جريمة يمكن أن ترتكب ضد الإسلام
هذا القصور إن أمسَوْا به في هذه الدنيا متخلّفين، فهم عند الله ورسوله أشد تخلفاً وأسوأ عقبى
إن أنفسنا وبلادنا وحياتنا وآخرتنا في ظمأ هائل إلى مزيد من المعرفة والضياء.

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ