منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية - عرض مشاركة واحدة - دروس و عبر.. في ذكرى الهجرة النبوية الشريفة .
عرض مشاركة واحدة

nadiazou
:: مراقبة عامة ::

الصورة الرمزية nadiazou

تاريخ التسجيل: 19 - 10 - 2013
المشاركات: 12,032

nadiazou غير متواجد حالياً

نشاط [ nadiazou ]
معدل تقييم المستوى: 1386
افتراضي
قديم 25-10-2014, 21:04 المشاركة 4   

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
في ذكرى الهجرة النبوية الشريفة

محمد عبده يماني

إن الوقوف عند المناسبات العظيمة في تاريخ أمتنا الإسلامية، يعطينا الفرصة لأخذ العبرة، وترسيخ جوانب هذا التاريخ العظيم في نفوسنا ونفوس أولادنا، وفي مثل هذه الأيام، تمر بنا ذكرى الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، و كان صلى الله عليه وسلم محبا لمكة المكرمة شديد التعلق بهذه المدينة الطيبة الطاهرة، التي ولد فيها، وعاش ونشأ وترعرع في جنباتها، وتنزل عليه الوحي من الله عز وجل في بقاعها وأول مانزل في غار حراء، وقال عنها ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يخرج منها مهاجرا قولته المشهورة: "اللهم انك أخرجتني من احب البقاع إلي، فأسكني في أحب البلاد إليك" فأسكنه الله المدينة.
وهذا إبن عمر رضي الله عنهما يقول: حدثني الضحاك بن عثمان، أخبرني عبد الله بن عبيد عن عمير قال سمعت عبد الرحمن بن الحارث إبن هشام عن أبيه قال: "رأيت رسول الله صلى عليه وسلم في حجته، وهو واقف على راحلته وهو يقول: والله إنك لخير الأرض، وأحب الأرض إلى الله، ولولا اني أخرجت منك ما خرجت. قال فقلت: ياليتنا نفعل فارجع إليها فإنها منبتك ومولدك، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إني سألت ربي عز وجل فقلت: اللهم إنك أخرجتني من إحب أرضك إلي، فأنزلني أحب الأرض إليك، فأنزلني المدينة".
لقد كانت الهجرة إلى المدينة بأمر الله وباختيار الله، وهو سبحانه الذي أكرمه وحماه وحفظه من المخاطر التي أحاطت به، والمؤامرات التي حاكها أعداء الله له وأخذوا يتربصون به.
ومما لا ريب فيه أن الله عز وجل أكرم حبيبه صلى الله عليه وسلم بالهجرة من حرم إلى حرم، فكلا المدينتين ذات فضل وبركة، وهما أحب البلاد إلى الله تعالى، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم.. ففي الأولى كانت نشأته، وفى الثانية كانت الهجرة والدعوة والدولة وفيها كان المضجع الأخير، ومنها يبدأ الحشر، والنبي صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض.

"وقد إختار الله تعالى الأولى لمكان بيته، واختار الثانية لمسجد رسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وجعلها حرماً آمناً، أمر الناس بالحج إلى الأولى، وبالهجرة إلى الثانية، وكانت الهجرة في حياته صلى الله عليه وآله وسلم قبل الفتح واجبة، ثم صارت بعده مندوبة.دعا للأولى إبراهيم عليه السلام، وللثانية أكرم ولده ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وجعل القلوب تهوي إليهما.
مدينتان اضطربت الجبال فيهما تحت قدمي رسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وصديقه الصديق، وحن في الثانية الجذع شوقاً إليه، وسلم الحجر والشجر والجبل في الأولى عليه، صلى الله عليه وآله وسلم، وأشبع العدد الكثير فيهما القليل من الطعام.
مدينتان ضوعف أجر الصلاة فيهما، وشدت الرحال إليهما، وفي ماء الأولى وتراب الثانية وتمرها الشفاء، وبعض أجزائها من الجنة، ويئس الشيطان أن يعبد فيهما، وجعل رزقهما من ثمرات الأرض، وحرم دخول الكفار إليهما، ومنع الدجال منهما.
مدينتان تشرفتا وأهلهما برسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ خرج من الأولى إلى الثانية مهاجراً، ثم عاد الأولى فاتحاً، وقد حث على الموت فيهما، وقد علمنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن من مات فيهما بعث من الآمنين، وأهلهما أول من يحشر مع النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وأول من يشفع لهم صلى الله عليه وآله وسلم.
مدينتان جعلهما الله تعالى حرماً آمناً، فحرم الصيد وتنفيره فيهما، وحرم قطع الشجر والكلأ البري فيهما، وحرم إلتقاط لقطتهما، وحرم حمل السلاح للقتال فيها، لا يختلي خلاهما، ولا ينفر صيدهما، ولا تلتقط لقطتهما، وجعل مكة حرماً آمنا وكان الناس يتخطفون حوله.وجعل للملحد فيهما أشد العقوبة، ولمن آذى أهلهما النكال الشديد، فأهل الأولى هم أهل الله تعالى، وأهل الثانية جيران رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وحق على الأمة: إكرام جيرانه صلى الله عليه وآله وسلم.
حرم على غير المسلمين دخولهما، ومنعهما من الجبابرة، فتناثر أصحاب الفيل بالطير الأبابيل، وغرقت الحملات الصليبية في البحر الأحمر قبل وصولهما، وسيخسف بالجيش الذى يفزو الكعبة في آخر الزمان " .
وجعل المدينة مدخل صدق، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو يخرج من مكة مهاجرا: {وقل ربي أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا}.
ولا شك أن الهجرة النبوية الشريفة لم تكن عملا مرتجلا، ولم تكن هروبا، ولكنها كانت نقلة إستراتيجية عظيمة أراد المولى عز وجل بها حماية الدعوة بعد أن إشتد الأذى، وصمت الآذان، وعميت الأعين، وازدادت المؤامرات على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى أتباعه في مكة المكرمة، وأمعنت قريش في الظلم والتعدي والتعرض له صلى الله عليه وسلم، ولصحابته الكرام، فجاء الإذن بالهجرة التى كانت نقلة عظيمة إنتقلت بالإسلام إلى مرحلة إقامة المجتمع المسلم وبناء الدولة الإسلامية، وكان لها كثير من العبر والدروس من أهمها:
1. إن الحق هو القوة، وأن الباطل هو الضعف، وأن الظلم والبطش والتعذيب والإضطهاد لا يمكن أن تنال من قوة الإيمان إذا تمكن من قلوب المسلمين.
2. أن الأمور تحتاج إلى تخطيط، ثم توكل على الله سبحانه وتعالى حق التوكل.
3. الإيمان الكامل بنصرة المولى سبحانه وتعالى وتوفيقه لمن يترك عشيرته وأهله في سبيلـه {.. فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما فى الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا..} (وما ظنك باثنين الله ثالثهما).

4. الهجرة كانت درسا في الصبر على الإبتلاء والأرزاء واحتساب الأجر عند الله عز وجل وكيف إحتسب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأجر من الله عز وجل.
5. تهيأت الأسباب ليسحق قريشاً حين جاءه ملك الجبال وعرض عليه أن يطبق عليهم الأخشبين ولكنه آثر الصبر ليعلم الأمة كيف تصبر على البلاء لأن الله عز وجل قد بعثه رحمة للعالمين، ,لم يبعثه ليعذب به الكافرين، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } وقد جاءه الملك وعرض عليه هلاكهم ليظهر صدق قوله عز وجل: { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } وإنه رحمة للعالمين.
6. حسن اختيار الرجال للمهمات الجسيمات، في اختياره أبا بكر للصحبة في السفر، واختياره عليا لينام مكانه، ويؤدي الأمانات إلى اهلها، وهم الذين هموا بقتله، واحكموا الخطة ولكن الله عز وجل حفظه ونصره..
7. الإلتزام بأوامر الله في كل ما فيه وحي منه، فعند وصوله إلى المدينة النبوية فقد ترك الناقة وقال دعوها فإنها مأمورة حتى بركت من تلقاء نفسها.
8. الدرس العظيم يوم عاد إلى مكة فاتحا فعفا عمن ظلموه وأخرجوه وأصحابه وأخذوا أموالهم، ولم يبطش بهم ولم ينتقم منهم، وقال: "إذهبوا فأنتم الطلقاء".
9. لم يدخل دخول القائد المنتصر، بل دخل متواضعا ولم يسل سيفه ليقتلهم بل دخل صلى الله عليه وسلم ورأسه يكاد يلامس الرحل تواضعا لله عز وجل وشكرا.
10. وضعه الرجل المناسب في المكان المناسب وذلك في إختياره القادة من الصحابة، ,حدد لكل قائد جنده، والمكان الذي يدخل منه إلى مكة المكرمة، وكذلك عندما طلب من سيدنا بلال أن يصعد وان يؤذن فوق الكعبة ولم يطلب ذلك من غيره.
11. موقفه في الطواف وما اوحى الله اليه عندما أراد (فضالة بن عمير بن الملوح )ان يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت، فلما دنا منه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفضالة؟ "قال: نعم، فضالة يا رسول الله. قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " ماذا كنت تحدث نفسك به؟ " قال: لا شيء، كنت أذكر الله. فضحك صلى الله عليه وسلم ثم قال له: " استغفر الله مما حدثت به نفسك " ثم وضع يده على صدره، فسكن قلبه، وكان فضالة يقول: والله ما رفع يده عن صدري حتى ما خلق الله شيئا أحب إلي منه.
12. الهجرة درس عظيم للأمة الإسلامية في إعادة الثقة في الله عز وجل، وصدق التوكل عليه والإقبال على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم والإقبال على الطاعات والبعد عن المحرمات، وال**** الحق في سبيل الله بالكلمة الطيبة والعمل الصالح.
13. نظافة اللسان ونظافة اليد حتى إذا رفعنا أيدينا وأخذنا ندعو الله نرجو أن يسمع منا لأن السنتنا نظيفة، وأيدينا طاهرة وقلوبنا صادقة. هذه لمحات من الهجرة النبوية المباركة ولا شك إن من الواجب أن نحرص كل الحرص على أن نستفيد من هذه المناسبة ونعود إلى الله بالتوبة النصوح، والعمل الصالح إقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يجأر إلى الله بالدعاء قبل كل معركة، ويكثر من الإستغفار والتوبة إلى الله، وعملا بقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون} وفي الحديث الصحيح الذي يروى عنه صلى الله عليه وسلم انه كان يتوب إلى الله كل يوم اكثر من سبعين مرة، ويقول: التائب من الذنب كمن لا ذنب له، كل هذا لنتعلم العبودية الخالصة لله عزوجل، وأن نتعلم أن الأخذ بالأسباب شيء مهم ، ولكن الأساس في الأمر هو العزيمة والتوكل على الله عز وجل حق التوكل ومن الواجب الأخذ بالأسباب في كل عمل نقوم به وفي كل معركة تنوي الأمة الإسلامية القيام بها، ولا بد في كل الأحوال أن نعود إلى مثل هذه الأحداث لنتعلم من معلم هذه الأمة كيف تتصرف وكيف فعل وكيف خطط وكيف نظم، وكيف كان في كل أحواله يلجأ إلى الله ويخافه رغم ما وعده الله سبحانه وتعالى من النصر المبين وكيف كان في كل أحواله قريبا من الله عز وجل، ويعلمنا أهمية التوبة وإخلاص العبادة لله عز وجل وصدق التوكل عليه والإيمان الكامل والصادق بأن الأمور كلها بيد الله، وأن تتعلم ونحن نتابع هذه الدروس والأحداث أن الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يبدأ من الإتباع والالتزام بكل ما جاء به صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل وهذا التوجيه الرباني الواضح في أن حب الله عز وجل يبدأ ويتحقق بإتباع الرسول الكريم والنبي العظيم صلى الله عليه وسلم {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} الآية.
ولا شك أن العودة إلى مراجعة قصة الهجرة ودراستها وتعليم الناشئة دروسها من الأمور المهمة حتى يطلعوا على جوانب من هذه السيرة العطرة واالتاريخ المشرق للرعيل الأول من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فأعزهم الله في الدنيا، وآتاهم حسن ثواب الآخرة، جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل