منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية - عرض مشاركة واحدة - الشيخة خربوشة.. امرأة هزمت جبروت السلطة بالكلمات
عرض مشاركة واحدة

خادم المنتدى
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية خادم المنتدى

تاريخ التسجيل: 20 - 10 - 2013
السكن: أرض الله الواسعة
المشاركات: 17,180

خادم المنتدى غير متواجد حالياً

نشاط [ خادم المنتدى ]
معدل تقييم المستوى: 1868
افتراضي
قديم 27-08-2019, 22:42 المشاركة 2   




حكاية خربوشة التاريخية
مع القائد عيسى بنعمر بعبدة اقليم اسفي


ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
شكلت سيرة الشيخة حويدة الغياثية العبدية المعروفة بخربوشة ، ملحمة صمود أسطوري لامرأة عادية حشدت قواها وابرزت صمودها فيما كانت تنسجه من تعبير صادق لاحداث عاشتها مع قبيلتها ، حيث تغنت بصوتها شعرا فاضحا لطغيان واستبداد عيسى بنعمر الذي نكل بأهلها وقبيلتها، فأصبحت بذلك ثراتا شعبيا ، رغم انه لم يدون على صفحات الورق ولا في أسفار ومجلداتالكتب ، بل ظلت نصوص قصائدها تحفر تاريخها في أذهان العامة عن طريق الرواية والتداول والتلقين، واعتبر فن العيطة الذي تغنت به حويدة حسب الباحثين والمهتمين وعاء يدون فيه المجتمع تجاربه في الحياة بواسطة الرواية وعن طريق قوة الابتكار لدى المخيلة الشعبية، كما ينم عن شخصية المجتمع ومدى قوة إبداعه وإنتاجه الفكري، باعتباره حسب المصادر ذاتها وعاء حافظ للحكاية للشعبية ، كان المجتمع يعتمد نشرها وبثها في أذهان الناشئة من أجل بقائها وحفظها على مر الزمان

وانطلاقا من هذه التوطئة يمكن القول أن جانبا كبيرا من بسالة ثوار أولاد زيد، واستماتتهم في حرب عيسى بن عمر، يعود إلى ما كان يهز مشاعرهم من تحريض وتحميس، مصدره شاعرتهم الشيخة حويدة الغياثية العبدية، والتي يظهر من بعض ما يتداول من أوصافها، أنها كانت غير ذات جمال، فهي"خربوشة" و"كريدة"،, الشاعرة والمغنية الشعبية التي عاشت نهاية القرن19 في إقليم عبدة, وخلفت رصيدا من الأشعار يشكل حتى اليوم رافدا هاما لتراث "العيطة" بمختلف ألوانه، وتوثق هذه السيرة حسب العديد من المصادر لملحمة صمود أسطوري لامرأة عادية تشحذ كبرياءها وتجهر بصوتها شعرا فاضحا لطغيان واستبداد عيسى بنعمر الذي نكل بأهلها وقبيلتها، الذين يمثلون أكثر سكان فخضة البحاترة تضررا وتذمرا من بطش القواصم الطبيعية، ومن الاعتصار الضريبي المخزني، فقد كانوا أفقر سكان عبدة ، فأرضهم صخرية لا تترك إلا بقعا محدودة لا تصلح للزراعة بل يكتفون بتربية الماشية بحيث كانوا يجدون عنتا ومشقة ومزاحمة، من جراء ضرر تلاحق سنوات الجفاف والجراد ، وتخصيص قسم كبير من الاراضي الخصبة كمراعي للقايد وأكثر من ذلك أن القائد عيسى كان بحكم العرف يحوز لنفسه أفضل المراعي بأولاد زيد وبغيرها من أراضي ، وأمام ضنك المعيشة ، لم يجد معه قسم من أولاد زيد، سوى الهروب خارج ديارهم عـشـية سـنة 1895، التي تؤرخ لانتفاضتهم، حتى سمي عامها "بعام الهربة"، الشيخة حويدة الغياثية المعروفة بخربوشة لم تكن في غاية من الجمال ، ولعل هذه الدمامة كانت ترفع عنها الحرج في مخالطة الرجال، ولذلك كانت في حماة ثورة بني قومها، تجلس إلى مقاتلي أولاد زيد ليلا، حين يخلدون للراحة بعد عودتهم من معارك الكر والفر، فتنشدهم قصائد (عيوط)، كلها " تحميس لهم وتحريض على متابعتهم القيام (الحرب) ضد السي عيسى"، تحثهم فيها على الصبر والثبات والمبادأة في الهجوم والطعان، وبتشبتها بقبيلتها كانت تقول: وخ قتلوني ، وخ خلوني، ما اندوز بلادي، رانا زيدية، في نفس الآن كانت تكيل للقائد هجوا قاسيا وبذيئا، ولم يكن نظم الشيخة حويدة وغناءها يبقى حبيس رواة أولاد زيد وصدى مرابطهم، بل كانت تشيع قصائدها وتنتشر بين قبائل عبدة بل تتسرب حتى إلى قبائل الجوار، فكان الناس يرددونها "فرادى وجماعات"، مما أعطى لـهـذه الثورة دعما معنويا كبيرا، قلما ظفرت به فتن قبيلة أخرى، وجعل منها ملحمة شعبية، تنطق في حكم بعض الباحثين، بكثير من الدلالات والقيم والآمال، كانت تقول :ضربة على ضربة حتى لبكشور، ضربة على ضربة حتى لباب سي قدور، وبعدما سحق القائد عيسى ثورة أولاد زيد، هربت حويدة عند أخوالها بأولاد سعيد في الشاوية، فأرسل القائد في طلبها، لكن قائد أولاد سعيد، المدعو أبو بكر بن بوزيد، رفض تسليمها له، وأعلم السلطان بخبرها، فأمره بنقلها إلى دار المخزن، وصادف يوم تنفيذ الأمر السلطاني وجود جماعة من أصحاب القائد عيسى بمجلس ابن بوزيد، يبدو أنهم جاءوا لتجديد طلب تسليمها، وحين خرجت الشيخة المطلوبة رفقة مخزني قاصدة دار المخزن، لحق بها أفراد جماعة القائد عيسى، "فرافقوهما مسافة، فلما انفصلت الطريق عمدوا إلى مركوب المرأة، وساقوه لغير طريق المحلة السعيدة، وحالوا بينها وبين المخزني، وأعلمهم بأنه متوجه للمحلة السعيدة، وأراهم الكتاب الذي بيده فلم يلتفتوا إليه...ولم يقدر على مقاومتهم لأن عددهم اثنا عشر فارسا"، وعند وصولها إلى عيسى بن عمر، زج بها فـي سجن قصبته، ويفصح بعض محفوظ آخر قصائدها أنها كانت تقاسي تعذيبا، وتذكر الروايا الشعبية نهاية الشيخة احويدة، أنها ما تركت بابا يمكن الولوج منه إلى قلب القائد عيسى بن عمر إلا طرقته، طلبا لصفحه ورحمته: - فمرة استعطفته بواحدة من أعز بناته ، قائلة : آ السعدية طلبي بوك علي ,,,إلى اوتيت يسامح لي ,,,واخا قتلني واخا خلاني ,,,مندوز بلادي راني زيدية ,,,على كلمة خرجت البلاد ،،،،واخرجت لحكام ,,,,ا سلامة ليك آ اليام، ومرة أخرى استرحمته بأولياء الله الصالحين ، قائلة :نسألك بالمعاشي سيدي سعيد مول الزيتونة، ,,,,والرتناني سيدي احسين جاء بين الويدان, ,,,,والغليمي سيدي احمد العطفة يا ابن عباد,,,,والقدميري سيدي عمر مولى حمرية ,,,,والتجاني سيدي احمد مول الوظيفة ، ويذكر الصبيحي أن القائد عيسى حبسها "مدة مديدة"، وخلالها كان يحضرها بين وقت وآخر، للسخرية منها بمرآى من بطانته، "فيركبها ناقة، ويأمرها أن تغني، وهو في وسط إخوانه، الغناء الذي كانت تغنيه لأولاد زيد"، وبعد أن أشفى غله منها بإهانتها "قتلها"، رغم استرحامها له ، وتذهب الرواية الشعبية إلى القول بأن استرحام احويدة فعل فعله المنشود في قلب القائد، فاستمهل النظر في أمرها، ولما طلبها من سجانها المدعو "الشايب"، أجابه هذا الأخير بأنه فتك بها بعدما أغاضه هجوها لسيده وقائده، ومن شدة غضبه على فعلة سجانه وحسرته المريرة على احويدة، أمر القائد بأن يجلد "حتى يعجز عن الكلام"، انتقاما واقتصاصا منه.
-*********************************-